لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب العقل الأخلاقي العربي – دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية PDF تأليف د. محمد عابد الجابري

كتاب العقل الأخلاقي العربي – دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية - تأليف محمد عابد الجابري - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : العقل الأخلاقي العربي – دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية.


المؤلف : محمد عابد الجابري.


الناشر : مركز دراسات الوحدة العربية.


الحجم : 13.43 Mo.


عدد الصفحات : 642.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 


 




مقتطف من الكتاب :


"أيهما يؤسس الأخلاق : العقل أم النقل؟


من المسائل الأساسية التي يهتم بها "مبحث الأخلاق" في الفكر الفلسفي الحديث والمعاصر ما يعبر عنه بـ "المشكلة الأخلاقية"، وتتلخص في السؤال التالي: "على أي أساس تقوم الأخلاق"؟ وبعبارة أخرى ما الذي يؤسس الحكم الأخلاقي؟ علام نستند عندما نحكم على هذا السلوك أو ذلك بأنه خير أو شر حسن أو قبيح ؟ هل على مجرد كونه يحقق لنا لذة أو منفعة أو يسبب لنا ألما أو مضرة؟ هل لأنه يتفق أو لا يتفق مع ما تجري به العادة والعرف الاجتماعي؟ هل لأن الدين يأمر به أو ينهى عنه ؟ هل لأن العقل يستحسنه أو يوجبه أو يستشنعه أو يمنعه؟ هل لأن "الضمير" يقبله أو يرفضه، يرتاح له أو ينفر منه؟


كل هذه "العناصر" (اللذة العرف الدين العقل الضمير ...) تصلح، بهذه الدرجة أو تلك، لأن تعتبر أساسا ومحددا للأخلاق والقيم. وقد عرف تاريخ الفكر الأخلاقي "مدارس" تعتمد هذه الأسس : مدرسة سيكولوجية تفسر السلوك الأخلاقي بالعوامل النفسية وفي مقدمتها اللذة والألم، ومدارس اجتماعية ترى أن السلوك الأخلاقي هو كغيره من أنماط السلوك الأخرى عبارة عن عادات اجتماعية، عن أعراف وتقاليد الخ. وهناك بالمقابل من يرى أن أصل الأخلاق هو الدين، وآخرون يرون أن "العقل" هو الذي يقف وراء الحكم الأخلاقي، بينما يقرر فريق آخر أن "الضمير" هو منبع الأخلاق.


ومن القضايا المرتبطة بـ"المسألة الأخلاقية" مسألة نسبية الأخلاق": ذلك أن من المشاهد عبر التاريخ أن السلوك الواحد قد يعتبر حسنا أو حلالا أو واجبا أو مرغوبا فيه) في زمن ومكان، بينما يعتبر بالعكس من ذلك قبيحا أو حراما أو ممنوعا أو مكروها في زمان آخر أو مكان آخر. هذا إضافة إلى أن الفضائل التي تعتبر إنسانية تعلو على الزمان والمكان. قد يختلف مضمونها قليلا أو كثيرا من مكان أو زمان إلى آخر أو أنها قد تتبادل المواقع مع أضدادها في ظروف خاصة : أليست هناك حالات يكون فيها "الكذب" مباحا أو مطلوبا أو ربما واجبا؟ هل من الأخلاق الفاضلة مثلا أن يصدق الطبيب مريضه الذي يسأله عن حالته فيجيب بأنه "ميت"، من الناحية الطبية بعد يوم أو يومين؟ فإذا كانت الأخلاق نسبية إلى هذا الحد فما الذي يبرر إضفاء الطابع الكلي الكوني على موضوعاتها كالفضائل والرذائل.


تلك هي أهم القضايا التي تتكون منها ما يعبر عنه في الفكر الفلسفي بـ "المشكلة الأخلاقية". وإذا كانت هذه القضايا إنما تبلورت بهذه الصورة وصارت موضوعا لنقاش فلسفي واسع عريض في الفكر الأوروبي الحديث، فإن ذلك لا يعني أنها لم تكن موضوعا للتفكير في العصور القديمة والوسطى. ويهمنا هنا أن نتعرف على الكيفية أو الكيفيات التي طرحت بها. في الفكر العربي الإسلامي القضية المركزية في هذه المشكلة : قضية "أساس الأخلاق". فهي ألصق بموضوعنا هنا سنختم هذا القسم الأول الذي خصصناه للقضايا النظرية العامة. لنبدأ بطرح السؤال المحوري الذي سيدور النقاش حوله : ما الذي يؤسس الأخلاق في تراثنا العربي الإسلامي : العقل أم الدين؟


لا بد من القول بداية بأن الدين في نظر فقهاء الإسلام يغطي من الناحية المبدئية جميع مظاهر الحياة بتشريعاته وأحكامه، صراحة أو ضمنا. أما صراحة فلأنه شرع لعدد من المسائل، ولو أنها محدودة جدا، معظمها يخص العبادات وقليل منها يخص المعاملات بما في ذلك الأحوال الشخصية. وأما ضمنا فلأن كل ما ليس فيه نص يخضع ، أو يجب أن يخضع في نظرهم للحكم الشرعي عن طريق الاجتهاد انطلاقا من نص. ومن هنا كان الدين والمقصود هنا الشريعة- أشبه ما يكون بـ"القانون المدني والجنائي الذي على أساسه يحكم القاضي في النوازل التي تعرض عليه في المجتمعات المعاصرة. ومعلوم أن مجال حكم القانون محدود جدا بالقياس إلى المجالات الأخرى المتروكة للعرف والعادة وحكم العقل الخ. وهذا نفسه يصدق على الشرع الإسلامي ولكن هذا مع الفارق، وهو أن الدين في الإسلام عقيدة وشريعة، وبالتالي فما لا يطاله حكم الشرع، يجد شرعيته. أو لا شرعيته، على مستوى العقيدة، وبالتالي على مستوى التأويل والمقصود بالشرعية في هذه الحالة هو الشرعية الأخلاقية.


 ومن هنا وقع التمييز داخل الفكر الإسلامي، ومنذ وقت مبكر. بين "أحكام الشريعة" ومكارم الشريعة". الشيء الذي انعكس في وقت لاحق على بنية الفقه الإسلامي نفسه، إذ صار يميز فيه بين الأحكام الشرعية والآداب الشرعية. ومع ذلك فقد بقي الفقه الإسلامي مشغولا، طوال عصور مديدة من تاريخه بالأحكام وأدلتها وكيفية استنباطها ووجوه تطبيقها الخ، بينما اعتبرت "آداب الشريعة" كملحق أو فصل إضافي . يكرر اللاحقون فيه ما ذكره السابقون بدون مناقشة أو اجتهاد. نعم لقد خصصت في العصور المتأخرة مؤلفات لـ "الآداب الشرعية" ولكنها لم تكن تختلف عن الجوامع" أي الملحقات بكتب الفقه إلا في الكم، أما المضمون فواحد، وأهم من هذا أنها لم يكن ينظر إليها كبديل للمؤلفات في الأخلاق. بل لقد تجوهلت تماما عندما حصل الوعي لدى بعض الفقهاء بضرورة كتابة مؤلفات في الأخلاق من منظور إسلامي تكون بديلا للمؤلفات الأخلاقية التي تنتمي إلى الموروثات الوافدة.

 ‏

نريد أن نخلص من هذه الإشارة السريعة إلى طبيعة العلاقة بين الفقه والأخلاق إلى النتيجة التالية. وهي أن النص الديني في الحضارة العربية الإسلامية، ولو أنه يغطي من الناحية المبدئية، جميع مظاهر الحياة فإنه ترك مع ذلك للأخلاق مجالها الخاص. الواسع العريض. وهذا الوضع ينتج عنه أن الدين في الإسلام ليس هو أساس الأخلاق. والذين لا يقبلون هذه العادة، لكونها تقلق الضمير الديني يقبلون بدون قلق التصريح بأن الدين في الإسلام ليس وحده أساس الأخلاق، ليس وحده مصدر الحكم الأخلاقي. بل هناك. بالمقابل، إجماع على أن مصدر الحكم الأخلاقي هو العقل. أما سألة علاقة العقل بالنقل في هذا المجال وكيف يجب أن ترتب فهذا موضوع نقاش واجتهاد؟


والقول بكون العقل هو أساس الأخلاق ينتج عنه بطبيعة الحال استبعاد الجانب النفسي والاجتماعي. ومع أن جميع ا الذين تناولوا المسائل الأخلاقية في الفكر الإسلامي يعترفون لـ "اللذة" بدور ما في السلوك البشري كما سنبين في حينه - فإن هناك إجماعا على أن مصدر الرذيلة هو الهوى هوى النفس ، ومنه اللذات والشهوات)، وأن الفضيلة تعتمد حكم العقل. أما العرف والعادة فالجميع يعترف بهما كموجهين للسلوك، ولكن الفصل في أخلاقية هذا السلوك (أعني كونه فضيلة أو رذيلة يرجع أولا وأخيرا لـ "العقل". والعقل بهذا الاعتبار لا يتناقض مع الشرع، وإن بدا هناك تناقض ظاهري فإن التأويل يرفعه. 


يمكن القول إذن من الناحية المبدئية على الأقل إن الأساس الذي يقوم عليه الحكم الأخلاقي في الثقافة العربية الإسلامية "العالمة" هو العقل. هذا من الناحية المبدئية. كما قلنا. ولكن بما أن نظم القيم في الثقافة العربية متعددة ومختلفة وأحيانا متنافسة ومتصارعة. وبما أن العقل في هذه الثقافة تحكمه النظرة المعيارية التي تستمد مقوماتها من نظام القيم الذي تنتمي إليه وسنرى كل هذا بتفصيل فمن المنتظر إذن أن تختلف القيمة التي تعطى للعقل من نظام في القيم إلى آخر وفيما يلي عرض موجز لـ "الوضع" statut الذي يخص به العقل. بوصفه أساس الأخلاق في كل واحد من الموروثات الخمسة المكونة للثقافة العربية. وسيكون ذلك فرصة لتسليط أضواء أولية على خصائص كل واحد من هذه الموروثات.


مشغولا، طوال عصور مديدة من تاريخه بالأحكام وأدلتها وكيفية استنباطها ووجوه تطبيقها الخ، بينما اعتبرت "آداب الشريعة " كملحق أو فصل إضافي يكرر اللاحقون فيه ما ذكره السابقون بدون مناقشة أو اجتهاد. نعم لقد خصصت في العصور المتأخرة مؤلفات لـ "الآداب الشرعية" ولكنها لم تكن تختلف عن "الجوامع" أي الملحقات بكتب الفقه إلا في الكم، أما المضمون فواحد، وأهم من هذا أنها لم يكن ينظر إليها كبديل للمؤلفات في الأخلاق. بل لقد تجوهلت تماما عندما حصل الوعي لدى بعض الفقهاء بضرورة كتابة مؤلفات في الأخلاق من منظور إسلامي تكون بديلا للمؤلفات الأخلاقية التي تنتمي إلى الموروثات الوافدة.


نريد أن نخلص من هذه الإشارة السريعة ) إلى طبيعة العلاقة بين الفقه والأخلاق إلى النتيجة التالية . وهي أن النص الديني في الحضارة العربية الإسلامية، ولو أنه يغطي من الناحية المبدئية، جميع مظاهر الحياة فإنه ترك مع ذلك للأخلاق مجالها الخاص. الواسع العريض. وهذا الوضع ينتج عنه أن الدين في الإسلام ليس هو أساس الأخلاق والذين لا يقبلون هذه العادة لكونها تقلق الضمير الديني يقبلون بدون قلق التصريح بأن الدين في الإسلام ليس وحده أساس الأخلاق، ليس وحده مصدر الحكم الأخلاقي. بل هناك. بالمقابل، إجماع على أن مصدر الحكم الأخلاقي هو العقل. أما مسألة علاقة العقل بالنقل في هذا المجال وكيف يجب أن ترتب فهذا موضوع نقاش واجتهاد؟"


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب