كتاب رحلة اليوسي (1101 - 1102 ه / 1690-1691م) تأليف محمد العياشي بن الحسن اليوسي - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : رحلة اليوسي (1101 - 1102 ه / 1690-1691م).
تأليف : محمد العياشي بن الحسن اليوسي.
تحقيق : احمد الباهي.
الناشر : المجمع التونسي للعلوم و الاداب و الفنون (بيت الحكمة).
الطبعة الاولى، قرطاج 2018م
تونس
عدد الصفحات : 228.
حجم الملف : 24.52 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
رابط تحميل الكتاب:
"من فاس إلى الغرفة
ثُمّ لما أن قَضَى وَطَرَهُ وتَمّ أمره، رحل منه يوم السبت الرابع عشر من جمادى الثاني، وهو أوّل من خَرج من القاصدين لهذا الشأن في سَنَتِنا هذه. وبثنا معه عند أولاد الحاج بالخليج المُسمّى بمَطِيرَة العَجُوز بولْجَة المَطَامِير على حاشية وادي سَبُوا.
وصبيحة الأحد، ذَهَب من عندهم فبات بالحَجَرِ المَثْقُوب بالكُور. ثم بات من غَدِهِ بعَيْن تُودَة ، ثمّ بسيدي بويدو ببلاد التُسُول وأقام هنالك أربعة أيام لماء نزل مَنَعَهُ من المسير.
واليوم الخامس رَحَلَ من عندهم، وبات عند أهل الواد بموضع يُقال له الغُرْفَة.
رجوع المؤلف إلى الدار ثم لقاؤه بوالده عند أهل الواد
وقد كُنت أنا رَجَعْتُ للدّار يوم بثنا عند أَوْلَادِ الحَاجّ لأخذ ما بَقي بها (من أُهْبَة الطريق)، فخرجتُ منها يوم الجمعة لعشرة بقيت من جمادى الثانية، وبتنا عند مُحبّنا في الله تعالى سيدي عَبْد الخَالِق بن الولي الصالح سيدي أبو طَيِّب بن عِيسَى).
وغدا رحلنا من عِنده في يوم شاتٍ وبَرْد قوي، ما رأيتُ أشدّ من ذلك اليوم تعباً ولا أقوى منه نَصَبا. وعبرنا وادي سَبُوا من تحت قَصَبَة لُوَّاتَة.
[70ظ] وسرنا اليوم كله في مطر غزير ووَحْل كثير، وبثنا بمَطْمَطَة.
وغدا كذلك أيضاً أو أَشَدّ، وبثنا بعَيْن تُودَة عند بَنِي خَلِيفَة، ووجدنا إناوَن يمنعُ من العُبور. وأقمنا عليه يوماً ليَنْقُص ماؤه ويَقِلّ عَناؤه.
ثم جئناه صبيحة الثلاثاء ويَمَّمْنا مَشْرَع الثلاثاء، وقطعناه بعد الإياس واصفرار وجوه الناس، واجتمعنا مع الوالد عند أهل الواد.
من مكناسة إلى الفخامة
ويوم الأربعاء، بات عند مِكْنَاسَ بوادي قَنْصَرَة.
ورحت أنا لمدينة تَازَة، ولم أكن رأيتُها قبل ذلك، فرأيتُ منظرًا رائقًا وحُسناً فائقاً، تُريقُكَ أنهارها وتُعجبُكَ أزهارها، إذ كنا وافيناها في فصل الربيع فوجدنا ما يُعجب الفطيم والرّضيع. غير أنا لم نمكث فيها حتى نعرف الظاهر والباطن، إذ كنا على جناح طائر. وأقمنا فيها الخميس والجمعة.
ورحلنا يوم السبت، وبثنا بالفحامة في وادي بُلَجْرَاف بالوِلْجَة البَيْضَاء عِند أَوْلَاد عَامِرٍ بن طَلْحَة، فَخْذُ قبيلة مكناسة، فهناك من صاح غُراب البين وقاسَيْنا الآبين، وودعنا الأحباب والاخوان، وتوجهنا لأداء فريضة الرّحمان وانصدع القلب وانقطع عنّا خَبَر الغَرْب.
من وادي أملل إلى شعبة بني مطهر
ورحنا لوادي أَمَلَّل، ثمّ بعَيْن الفَريطسَة بملوية، وهنالك رأينا هلال رَجَب ليلة الثلاثاء.
ثم بفم وادي دبدو، وأقمنا [71 و] به يوماً كاملا في خصب وسعة وراحة ودعة. وماؤه حلو عجيب.
ثمّ رُحنا بَلْزُوز قريباً من سيدي عَلِيّ بن سامح،وماؤه عجيب أيضاً، ومن ثم رجع بقية المودعين، جمعنا الله معهم آمين.
وغدًا بلغنا ماء غدير وادي الرتم، وحملنا منه الماء وهو أول ماء حمل. وبثنا على رأس شعبة بني مطهر، واسْتَقَيْنا وشربنا وذلك ضُحى. ولَقِيتُ هنالك رجلا صالحا عليه سيمة الخير، وسألته عن نسبه فزعم أنه هندي وهو أسود اللون، وقلتُ له: ما اسمك فقال: أبا الخَيْر بن مَسْعُود. وطلبت منه الدُّعاء وقال لي: جَعَلَكَ الله كالرُمَّانَة وكلّ جهة مَلانَة، ورَدّكَ الله سالما إلى وطنك ومهد لك في مَسْكَنِكَ، إلى آخر ما ذَكَر.
وحملنا الماء، وهذا أوّل الظهر، فيا لها من خالية قفرا، كثيرة الوحوش قليلة الأنيس، حتى كنا نتمنّى أن نرى آدميا فلا نراه.
من أبيار مولاي الرشيد إلى جبل عنتر وبثنا بلا ماء. وغدًا بلغنا أبيار مَوْلاي الرَّشِيد وَقْتَ الظهر، وحملنا منها الماء، قبيح مُرّ، وبثنا عليه. وهناك بئر يُقال لها العَكِيلَة الحَمْرَاء، لا يُعَوّل على مائها أيضاً، مُنْتِن مالح، وهي أرض سباخ.
وغدًا بثنا بماء يُقال لهُ بُلدْرَاس، مُنتن أشدّ من الأوّل وأقبح، ومع هذا، فلا تنال منها الماء - أعني الأبيار المُتقدّمة - إلّا بالحبال الطُّوال والدلاء.
وغدا سرنا بموضع يقال له السطح، وأدركتنا فيه رياح عاصفة شديدة قاصفة، حتى غيّر الرّحال ومثل بالرجال.
ويثنا عند أشجار قبالة جبل [71 ظ] عنتر، وبثنا على القِرَب، ومن لا قِرْبَة له لم يشرب، إلّا إِذا أَكْرَى وتَطفْل وبَكَى وَعَوّل.
وغدًا بلغنا عينا خارجة من وسط جبل عَنْتَر مُستقبلة، ووجدنا ماءً طيبا أفضل ممّا قَبْلَه وذلك ظُهرا. ومِنْ بني مَظْهَر لا تجد ماءً طيبا إلى هنا أربع مراحل، وحملنا الماء وذهبنا إلى اليل وبثنا به.
من المشرية الخالية إلى المشرية
وغدًا بلغنا المَشْرِيَّة الخَالِيَة، ويُسمّونه اليوم عَيْن الحَمِير لكثرة الحُمُر الوحشية بها، وماؤها يُساغ. وحملنا ماءها، وبثنا بالكارة ولا ماء.
وغدًا بلغنا عين الكبش ضُحى، ويُقال لها عين الحَجَر ثم بلغنا. المَشْرِيَّة ظهرا ، وشربوا وسَقوا من احتاج، وهي آخر أرض الظهرا، وهم أحياء كأموات، ما رأينا منهم خيرًا ولا شرا، ولا نَفْعًا ولا ضَرًا، وهي أوّل عمارة تلقاك.
وحملنا منها الماء الطيب العجيب وبثنا بين الجبلين المشرفين على وادي الغاسول، وفيه عين في موضع ماء عجيب لمن يعرفه، وليس بمعروف عند جميع النّاس. ورُحنا للنَّخِيل، وفيها عين من عُيُون فَزَاز تحت القَصَبَة الحالية إلى ناحية المشرق.
وبها اجتمعنا إلى الرّكب السجلماسي، ووجدناهم نازلين بها، وكبيرهم مَوْلَاي عُمَر بن هَاشِم، ونِعْمَ الرّجل. وأصابنا بها ريح وأهوال وبرد ما لا يصف الواصفون ولا يُكَيفه المُتكلّمون، ما رأيت مثله في جبل جيان في فصل حيان.
ورحلنا في ذلك اليوم ونحن مشرفون على الهلاك."
رابط تحميل الكتاب