لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب في عالم الفلسفة pdf تأليف د. أحمد فؤاد الأهواني




معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : في عالم الفلسفة.


تأليف : د. أحمد فؤاد الأهواني.


الناشر : مؤسسة هنداوي.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"الغزالي


ذكرنا نظرية المعرفة عند إخوان الصفا، وهم فريق من الفلاسفة أرادوا أن يُقرِّبوا الفلسفة إلى أذهان الجمهور. وانتهينا من النظر في رسائلهم إلى أن الرأي عندهم أن المعرفة مكتسبة وليست فطرية. ثم ذكرنا طرقًا من الوسائل التي يرونها مُؤدِّيةً إلى كسب المعرفة.


ونذكر الآن رأي الغزالي في المعرفة. وقد وقع الاختيار على أبي حامد الغزالي دون غيره؛ لأنه يُمثِّل طائفة المتصوِّفة.

وحُجة الإسلام الغزالي من أعلام المسلمين وأئمة فقهائهم، تستطيع أن تعتبره فقيهًا، وله في أصول الفقه كتاب «المستصفى» يُعتبر عمدةً في هذا الباب. وتستطيع أن تعده من الأشاعرة وهم فريق من علماء الكلام. غير أن ما يجعلنا نضعه في قائمة المتصوِّفة أنه هو نفسه اعتبر نفسه متصوِّفًا؛ وذلك في كتابه «المنقذ من الضلال» الذي سجَّل فيه تاريخ حياته ذاكرًا أنه طاف بجميع المذاهب في علم الكلام والفلسفة، فلمَّا لم يجد فيها بغيته، انصرف عنها إلى التصوُّف.


وقد اعتنق الغزالي مذهب التصوُّف عن روية وتفكير، لا عن اتباع وتقليد؛ فالغزالي يُمثِّل عصر ازدهار التصوُّف. أمَّا متأخِّرو المتصوِّفة، بل وبعض المتصوِّفة في عصر الغزالي، فقد زعموا أن الانصراف عن الدنيا أصلًا، والابتعاد عن التحصيل سواء في ذلك تحصيل العلم أو تحصيل المعاش، ثم الإقبال على ذكر الله في الخلوات أو الحلقات التي يعقدونها في مجالسهم؛ كل هذا يوصل إلى معرفة الله. ولكن الغزالي يقول بصراحة طاعنًا في هذه الطريقة: «وجانب العمل متفق عليه من الصوفية، فهو محو الصفات الردية، وتطهير النفس من الأخلاق السيئة، ولكن جانب العلم مختلف فيه؛ فإن الصوفية لم يحرصوا على تحصيل المجاهدة بمحو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها، والإقبال بكل همة على الله. وأمَّا النظار فلم يُنكروا وجود هذا الطريق وإفضاءه إلى المقصد، ولكن استوعروا هذا الطريق … فالاشتغال بتحصيل العلوم أولى؛ فإنه يسوق إلى المقصود سياقةً موثوقًا بها.»

وأفضل المعلومات وأعلاها وأشرفها هو الله الصانع، المبدع، الحق، الواحد. وهذا العلم ضروري واجب تحصيله على جميع العقلاء كما قاله ﷺ: «طلب العلم فريضة على كل مسلم.» وهذا العلم لا ينفي سائر العلوم، بل لا يحصل إلَّا بمقدِّمات كثيرة لا تنتظم إلَّا من علوم شتَّى. وهذه المقدِّمات التي تجري منه مجرى الآلات كعلم اللغة والنحو. ومن الآلات علم كتابة الخط.


وإلى جانب ذلك فالعلم فضيلة في ذاته وعلى الإطلاق من غير إضافة، فإنه وصف كمال الله سبحانه. وتُعرف فضيلة العلم بثمرته، وهي القرب من الله تعالى. أمَّا فضيلة العلم في الدنيا فالعز، والوقار، ونفوذ الحكم على الملوك، ولزوم الاحترام في الطباع.


والعلم الذي هو فرض عين على كل مسلم اعتقاد وفعل وترك؛ أي اعتقادٌ بالله، وفعل بما أمر الله، وترك لما نهى عنه.

والعلم الذي هو فرض كفاية فهو كل علم لا يُستغنى عنه في قوام أمور الدنيا؛ كالطب إذ هو ضروري في حاجة بقاء الأبدان، والحساب فإنه ضروريٌّ للمعاملات، وقسمة الوصايا، والمواريث.


فالغزالي يُقسِّم العلم إلى فرض عين وفرض كفاية، وهذا التقسيم لم يكن معروفًا عند الفقهاء في صدر الإسلام، ولا في المائة الثانية أو الثالثة، ولكنه أصبح تقسيمًا مقبولًا بعد القرن الخامس.


والمهم عندنا أن نتبيَّن رأي الغزالي في تحصيل العلوم، ومنه نستخلص رأيه في نظرية المعرفة. والطريق إلى تحصيل العلوم على وجهين:


(١) التعليم الإنساني: وهو التحصيل بالتعليم من خارج.

(٢) التعليم الرباني: وهو الاشتغال بالتفكُّر من داخل.


والتعلُّم الإنساني واضح لا إشكال فيه. أمَّا التفكير فهو «استفادة النفس من النفس الكلي. والنفس الكلي أشد تأثيرًا وأقوى تعليمًا من جميع العلماء والفضلاء.» إلى أن قال: «والعلوم مركوزة في أصل النفوس بالقوة كالبذر في الأرض، والتعلُّم هو إخراجه من القوة إلى الفعل.» هذا المذهب في غاية الأهمية؛ لأنه يُوضِّح لنا أن المعرفة فطرية، مركوزة في النفس. وليس ما يقوله الغزالي مبتكرًا؛ فهذا مذهب ابن سينا أخذه عن الأفلاطونية الحديثة.


وقد مزج الغزالي هذه الآراء الفلسفية بما يقوله المتصوِّفة وبما لا يخرج عن ذلك، وإنما بأسلوب آخر: «وقال قوم من المتصوِّفة إن للقلب عينًا كما للجسد. فيرى الظواهرَ بالعين الظاهرة، ويرى الحقائقَ بعين العقل.»


«والإنسان لا يقدر أن يتعلَّم جميع الأشياء والكليات وجميع العلوم، بل يتعلَّم شيئًا، ويستخرج بالتفكُّر شيئًا. وإذا انفتح باب الفكر على النفس علمت كيفية طريق التفكير، وكيفية الرجوع بالحدس إلى المطلوب.»


وهذا المذهب في اكتساب المعرفة عن طريق الحس أولًا، ثم بالفكر والقياس والحدس، هو مذهب ابن سينا كما هو موجود في الشفاء والنجاة وغيرهما من الكتب.


أمَّا التعليم الرباني فعلى وجهَين؛ إلقاء الوحي بأن يُقْبِلَ الله تعالى على تلك النفس إقبالًا كليًّا، وينظر إليها نظرًا إلهيًّا، ويصير العقل الكلي كالمعلِّم، والنفس القدسية كالمتعلِّم، فيحصل جميع العلوم لتلك النفس من غير تعلُّم وتفكُّر.

والوجه الثاني الإلهام، وهو تنبيه النفس الكلية للنفس الجزئية الإنسانية على قدر صفائها وقَبولها، وقوة استعدادها. والعلم الذي يحصل عن الإلهام يُسمَّى علمًا لَدُنِّيًّا، وهو يكون لأهل النبوة والولاية."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب