لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب في التاريخ.. فكرة ومنهاج PDF تأليف سيد قطب

 كتاب في التاريخ.. فكرة ومنهاج تأليف سيد قطب - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب : 


العنوان : في التاريخ.. فكرة ومنهاج.


المؤلف : سيد قطب رحمه الله – 1385هـ.


الناشر : دار الشروق.


الطبعة : الثامنة 2001.


عدد الصفحات : 76.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 



 



مقتطف من الكتاب :


"التاريخ ليس هو الحوادث، انما هو تفسير هذه الحوادث، واهتداء الى الروابط الظاهرة والخفية التي تجمع بين شتاتها، وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات، متفاعلة الجزئيات، ممتدة مع الزمن والبيئة امتداد الكائن الحي في الزمان والمكان.


ولكي يفهم الانسان الحادثة ويفسرها، ويربطها بما قبلها وما تلاها، ينبغي أن يكون لديه الاستعداد لإدراك مقومات النفس البشرية جميعها : روحية وفكرية وحيوية ومقومات الحياة البشرية جميعها : معنوية ومادية. وأن يفتح روحه وفكره وحسه للحادثة ويستجيب لوقوعها في مداركه ولا يرفض شيئاً من استجاباته لها إلا بعد تحرج وتمحيص ونقده ما فأما إذا كان يتلقاها بادىء ذي بدء وهو معطل الروح أو الفكر أو الحس عن عمد أو غير عمد - فإن هذا التعطيل المتعمد أو غير المتعمد، يحرمه استجابة معينة للحادثة التاريخية أي أنه يحرمه عنصراً من عناصر إدراكها وفهمها على الوجه الكامل. ومن ثم يجعل تفسيره لها مخطئاً أو ناقصاً.


هذه الاستجابة الناقصة هي أول ظاهرة تتسم بها البحوث العربية عن الموضوعات الاسلامية، ذلك أن هناك عنصراً ينقض الطبيعة الغربية - بصفة عامة - لادراك الحياة الشرقية بصفة عامة والحياة الاسلامية على وجه الخصوص.. عنصر الروحية الغيبية - وبخاصة في العصور الحديثة بعد غلبة النظريات المادية، والطريقة التجريبية على وجه أخص - وكلما كانت هذه الموضوعات الاسلامية ذات صلة وثيقة بالفترة الاولى من حياة الاسلام كان نقص الاستجابة إليها أكبر في العقلية الغربية الحديثة.


وقد ذكرت عنصر الروحية الغيبية على وجه التخصيص لانه أظهر ما يبدو فيه هذا النقص في الطبيعة الغربية، وفيه تكمن معظم أوجه الاختلاف بين الطبيعتين وهي شتى وكثيرة.


هذه المقدمة الصغيرة لا بد منها لبيان ما في تناول المؤرخين الغربيين للتاريخ الاسلامي من نقص طبيعي في الادراك، ونقص طبيعي في الفهم، ونقص طبيعي في التفسير والتصوير، فانعدام عنصر من عناصر الاستجابة للحادثة أو ضعفه، لابد أن يقابله نقص في القدرة على النظر الى الحادثة من شتى جوانبها. وضياع عنصر من عناصر التقويم والحكم، لا يؤمن معه سلامة هذا الحكم. أو على الأقل لا يسلم على علاته.


هذا النقص يعد عيباً في منهج العمل التاريخي ذاته، وليس مجرد خطأ جزئي في تفسير حادثة أو تصوير حالة. ومن ثم فالمنهج الأوربي في البحث يسبب تعطيل أحد عناصر الاستجابة سواء كان ذلك ناشئاً عن الطبيعة الغربية ذاتها وملابسات حياتها البيئية والتاريخية، أو ناشئاً عن تعمد المؤرخ الأوربي تعطيل هذا العنصر، استحابة لمنهج معين في الدراسة. هذا المنهج غير صالح لتناول الحياة الاسلامية بل لتناول الحياة الشرقية على وجه العموم. ولكن عدم الصلاحية يتجلى في جانب الدراسات الاسلامية أوضح وأقوى.


وثمة سبب للشك في قيمة الدراسات التاريخية الغربية للحياة الاسلامية.


ذلك أنه لا يخفى ان كل مرئي يختلف شكله باختلاف زاوية الرؤية. وكذلك الشأن في الأحداث والوقائع. والأوربي بطبيعته ميال إلى اعتبار أوروبا هي محور العالم، فهي نقطة الرصد في نظره، ومن هذه الزاوية ينظر إلى الحياة والناس والاحداث. ومن هنا تتخذ في نظره اشكالاً معينة ليس من يملك الجزم بأنها أصح الأشكال، وهو يدركها في هذه الأوضاع ويفسرها ويحكم عليها كما يراها.


وإذا كان بديهياً أن أوربا لم تكن هي محور العالم في كل عصور التاريخ، وكان الاوربي لا يملك اليوم ان يتخلص من وهم وضعها الحاضر حين ينظر الى الماضي.. أدركنا مدى انحراف الزاوية التي ينظر بها الأوروبي للحياة الاسلامية التاريخية، ومدى اخطاء الرؤية التي يضطر إليها اضطراراً، ومدى اخطاء التفسير والحكم الناشئة من هذه الرؤية المعينة.


ذلك كله على افتراض النزاهة العلمية المطلقة، وانتفاء الأسباب التي تؤثر على هذه النزاهة، فإذا نحن وضعنا في الحساب ما لابد من وضعه، وما لا يمكن جدياً إغفاله من أسباب ملحة قاهرة عميقة طويلة الأجل، متجددة البواعث تؤثر في نظرة الاوربي للإسلام، وللحياة الاسلامية، وللعالم الاسلامي. من اختلاف في العقيدة، الى كراهية لهذا الدين وأهله، الى ذكريات تاريخية مريرة في الاندلس وفي بيت المقدس وفي الأستانة، وفي سواها، الى صراع سياسي و اقتصادي واستعماري، الى نزوات شخصية والتواءات فكرية.. الى آخر تلك البواعث القديمة المتجددة أبداً.


إذا نحن وضعنا في الحساب ذلك كله - ولا بد أن نضعه لنضع الأمور في نصابها وأضفنا إليه خطأ الرؤية.. أمكن أن نقدر قيمة الدراسات الاوربية في الحقل الاسلامي وبخاصة في التاريخ قدرها الصحيح، وأن نتحرز التحرز العلمي الواجب لا من قبول هذه الدراسات على علاتها، بل من قبول المنهج الذي قامت عليه، أو محاولة اتباعه في دراساتنا الاسلامية على وجه خاص.


ان التاريخ الاسلامي يجب أن تعاد كتابته على أسس جديدة وبمنهج آخر.


ان هذا التاريخ موجود اليوم في صورتين : صورته في المصادر العربية القديمة، وهذه من التجوز الشديد أن تسمى تاريخاً. بل هي لا يمكن أن تحمل هذا الاسم. فهي نثار من الحوادث والوقائع والحكايات والاحاديث والنتف والملح والخرافات والاساطير والروايات المتضاربة والاقوال المتعارضة على كل حال.. وان كانت بعد ذلك كله غنية كمصدر تاريخي بالمواد الخامة التي تسعف من يريد الدراسة ويوهب الصبر ويحاول الغربلة.. بالمواد الأولية اللازمة له في بناء هيكل التاريخ."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب