لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب في فلسفة التاريخ pdf تأليف د. خاليد فؤاد طحطح

كتاب في فلسفة التاريخ - تأليف د. خاليد فؤاد طحطح - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF







معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : في فلسفة التاريخ.


الكاتب : د. خاليد فؤاد طحطح.


الناشر : منشورات الاختلاف - الدار العربية للعلوم ناشرون.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"علم التاريخ


يعتبر التاريخ علما من العلوم الاجتماعية، لكن هل للتاريخ قوانين تتحكم فيه وتوجه تطوره بنوع من الضرورة الحتمية؟ وهل من خلال الإحاطة بهذه القوانين يمكننا التنبؤ بسير الأحداث في المستقبل؟


ونقصد هنا بالقوانين مفهومها العلمي الذي يعني ارتباط الأسباب بالمسببات والنتائج بالمقدمات، كما هو الحال في ظواهر الفيزياء والكيمياء والحساب والطبيعة.


لقد ظل الجدل قائما حول هذه المسألة وما يزال، إذ أثار علماء التاريخ والمناهج مسألة مهمة حول ما إذا كان التاريخ علما كالعلوم التجريبية أم لا، وقد استهوى هذا المبحث نفوس كبار المؤرخين، فمنهم من ينفي صفة العلمية عن التاريخ باعتبار أن العلم يفيد المعرفة اليقينية الدقيقة بحقيقة الشيء، ومنهم من يرى أن التاريخ هو تلك المعرفة العلمية بشؤون الماضي، وأنه بالإمكان نقل مناهج العلوم التجريبية إلى حقل العلوم الإنسانية نظرا لأوجه التشابه بين علم التاريخ وعلوم الطبيعة، فالمنهج التاريخي هو نفسه المنهج المطبق في العلوم الحقة الأخرى، أما المؤرخون الذين ينفون صفة العلمية عن التاريخ، فيرون أن علوم الطبيعة وحدها خاضعة للتفسير والتعليل، لأنها تقوم على التجربة والملاحظة والاستقراء والمقارنة، بخلاف العلوم الإنسانية ومن ضمنها التاريخ فإنها لا تخضع إلا للفهم والتأمل، ويقصد هنا بالتفسير النهج التحليلي الذي يقوم على إبراز العلاقات السببية بين الظواهر ، في حين أن الفهم نهج تركيبي يرتكز على معرفة الغير وتأويل النوايا البشرية عبر استعمال أساليب التفكير الفلسفي، باعتبار أن الحقيقة البشرية الماضية ليست معطيات واضحة يستطيع المؤرخ الكشف عنها وعرضها بطريقة تامة وكاملة، بل المؤرخ في الواقع يقوم بمسائلة تلك الحقيقة وإعادة ترتيبها وتنظيمها وبنائها من جديد في إطار تسلسل زمني دقيق وربطها بعلاقات منطقية وسببية، فينتهي بذلك إلى تركيب الأحداث التاريخية.


 ثم إن هذا الجدل استمر بين أنصار علمية التاريخ ومناوئيهم، وقد ظهر ذلك جليا في القرن التاسع عشر، حيث منح مؤرخو المدرسة المنهجية (الوضعانية) للتاريخ صفة العلم، باعتبار أن التاريخ لا يتم إلا بالوثائق، وبما أن الوثيقة هي الشاهد على أحداث الماضي فان التاريخ بالنسبة إليهم علم.


وإذا كان الهدف الأساسي الذي تسعى إليه الكتابة التاريخية هو الوصول إلى الحقيقة التاريخية كما حدثت في الماضي انطلاقا من الوثائق، فان السؤال الذي يطرح نفسه بحدة هو عن ماهية هذه الحقيقة؟ وهل الحدث التاريخي الذي يكتبه المؤرخون يعبر حقيقة عما حدث بالفعل؟ أم أن الواقعة التاريخية من صنع مخيلة المؤرخ وحده؟ وبالتالي فهي تخضع للاختلاف من مؤرخ لآخر.


فإذا كان المؤرخ الوضعاني ينطلق في أبحاثه من الوثيقة فإن المؤرخ الحالي هو الذي يضفي صفة الوثيقة على هذا المصدر أو ذاك، تساؤلاته هي التي تدفعه إلى الاحتفاظ بنوع من الوثائق وترك الأخرى جانبا، فهو لا يحشر نفسه في موقف استقرائي يخرج الأحداث من الوثائق، بل يقوم بجمع الوثائق، ويعمل على تنظيمها وتوزيعها وترتيبها وفرز الملائم منها، ثم يقوم بطبخها، ومن ثم يقدمها بالأسلوب الذي يروق له.


إن المؤرخ أثناء مراحل انجاز عملة يلجأ إلى انتقاء مصادره ووثائقه، فهو يقوم بعملية اختيار مما يطرح أسئلة عديدة حول نوعية الوثائق التي اعتمد عليها، ومدى مصداقيتها، ومن كتبها، وهل هي رسمية أم غير رسمية؟


ثم ألا يقوم المؤرخ باختيار وثائق معينة على حساب أخرى ربما فقط لتعزيز نتائجه لكي تتوافق مع فرضياته المطروحة مسبقا؟ ثم ما هي حدود الذاتية والموضوعية في الكتابة التاريخية؟


إن مثل هذه الأسئلة وغيرها تجعلنا على يقين تـام مـن أن المؤرخ لا يمكنه أن يكتب تاريخا حقيقيا، فثقافة المؤرخ ومنهجيته وتوجهاته الفكرية والثقافية وخلفياته الإيديولوجية والعقدية تلعب في كثير من الأحيان دورا كبيرا في صناعة الحدث التاريخي بطريقة دون أخرى.


يقول البروفيسور أو كشوت مؤكدا هذه الحقيقة «التاريخ هو تجربة المؤرخ، إنه ليس من صنع أحد سوى المؤرخ، وكتابة التاريخ هي الطريقة الوحيدة لصنعه)، فالتاريخ لا وجود له إلا في ذهن المؤرخ، فالماضي زال وانقضى، وأخباره الموجودة في الكتب هي من صنع المؤرخ وحده، ومن ثم لم تعد الوثيقة تلك المادة الجامدة التي يحاول المؤرخ الوصول من خلالها إلى ما تم بالفعل في الماضي، أي أنه يستحيل إدراك الماضي كما كان بكل تفاصيله وحيثياته، لكن كما نتوهم أنه كان )، لأن الحقيقة التي حدثت في الزمن السابق لن تتكرر أبدا، وبالتالي فإن المؤرخ يقوم بإعادة بناء الحدث من زاويته الخاصة به، فالتاريخ إذن هو نتاج عملية بناء جديدة، وعليه فان الحقائق التاريخية لا يمكنها بتاتا أن تصلنا كاملة، ولذلك تختلف الرواية السردية من مؤرخ لآخر، لأنها تعتمد على القاعدة التالية: اجمع وقائعك أولا ثم قم بتحليلها، وأقحم نفسك في خطر رمال التأويل والتفسير ومن هنا ا يتضح لنا جليا أنه لا يمكن عمليا كتابة التاريخ كما تم فعلا، وبشكل مطابق لما وقع في الماضي، ولكن كما نعتقد أنه كان إن الأمر أشبه ما يكون بإعادة مباراة في كرة القدم بين فريقين بنفس الطريقة، وهذا شيء مستحيل، فالتاريخ لا يعيد نفسه مرتين، لأنه محدود في الزمان والمكان، ويتجه دائما إلى الأمام دون تكرار أو رجوع إلى الوراء.


وهكذا يبقى التاريخ دائما ميدانا مفتوحا للبحث والمراجعة كلما بقيت الحياة مجالا للاكتشاف، وكلما بقي العقل البشري قادرا على التنقيب والتفسير والتجديد."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب