كتاب هكذا تكلم زرادشت، كتاب للجميع ولغير أحد - تأليف فريدريش نيتشه - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : هكذا تكلم زرادشت، كتاب للجميع ولغير أحد.
تأليف : فريدريش نيتشه.
ترجمة : د. علي مصباح.
الناشر : الجمل.
حجم الكتاب : 9.18 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"عن العلم
هكذا أنشد الساحر العجوز، وإذا كل الجالسين هناك ينساقون جميعهم دون شعور منهم ليقعوا مثل العصافير في شراك رغبته الماكرة الكئيبة. وحده رجل التدقيق والتمحيص العقلي لم يدع نفسه ينساق إلى ذلك الخداع ؛ وبسرعة اختطف القيثارة من يد الساحر وصاح: شيئا من الهواء! دعوا هواء منعشا يدخل إلينا لتدع زرادشت يدخل! إنك تسمم هواء هذه المغارة وتجعله ثقيلا أيها الساحر المشؤوم !
إنك تغوي أيها المزيف اللبق وتجرّ إلى رغبات غامضة وأحراش مجهولة والويل لنا إن غدا أناس أمثالك يتشدقون بالحقيقة من وينسبون أنفسهم إليها!
الويل لكل العقول الحرة التي لا تحذر مثل هؤلاء السحرة وعلى حريتهم السلام؛ فأنت داعية يغوي ويستدرج إلى العودة إلى السجون.
- أيها الشيطان العجوز الكئيب في شكواك يرن صفير الغواية، وإنك لشبيه بأولئك الذين يدعون إلى الشبق فيما هم يمتدحون العفّة».
هكذا تكلم رجل التدقيق والتمحيص ؛ غير أن الساحر العجوز ظل ينظر من حوله مستمتعا بلذة انتصاره متغاضيا عن النغص الذي كانت تسببه له كلمات رجل التدقيق والتمحيص التسكت! قال بنبرة فاترة إن الأغاني الجيّدة بحاجة إلى رجع جيّد؛ وبعد الأغاني الجيدة على المرء أن يصمت طويلا.
وذلك ما يفعله هؤلاء الناس الراقون جميعا. أما أنت، أتراك لم تفهم الكثير من نشيدي؟ لأن لا شيء ذا بال لديك من روح السحر».
إنك لتطري علي بأن جعلت فارقا بيني وبينك، أجابه رجل
التدقيق والتمحيص وليكن كذلك لكن ما هذا الذي أرى فيكم أيها الرجال الآخرون؟ إني أراكم تجلسون جميعا بأعين تلتمع شهوة - :
أين هي حريتكم، أيتها العقول الحرّة؟ إنني لأكاد أعتقد أنكم مثل أولئك الذين شاهدوا للتو مشهد رقصة طويلة فاحشة لفتاة عارية ؛ وأرواحكم أيضا غدت ترقص هي الأخرى!
أيها الناس الراقون يبدو لي أن فيكم الكثير من ذلك الذي يدعوه الساحر بروح السحر والمغالطة لا بد أننا مختلفون كثيرا.
وحقا لقد تحادثنا وتفكرنا معا بما فيه الكفاية قبل أن يعود زرادشت إلى مغارته، كيما أظل جاهلا بهذا الأمر : إننا حقا مختلفون.
نحن لا نطلب نفس الغاية حتى هنا فوق الجبل. أنا أبحث عن مزيد من الأمان، لذلك جئت إلى زرادشت لأنه ما يزال القلعة الحصينة والإرادة الأكثر ثباتا،
اليوم، حيث كل شيء يترنّح والأرض بكليتها ترتج. أما أنتم وكما أرى من نظرات عيونكم فتبدون لي كما لو أنكم تبحثون عن مزيد من اللا أمان،
- مزيدا من الارتعاد مزيدا من الخطر، ومزيدا من الزلازل. وإنه ليخيل إلي تقريبا، ولتغفروا لي خيلاء وثوقي هذا أيها الناس الراقون -
- يخيل إلي أنكم تشتهون الحياة الأكثر سوء وخطرا، تلك التي لا شيء يوحي إلي بالخوف أكثر منها، إلى حياة الحيوانات الوحشية وإلى الأدغال والمغاور والجبال الوعرة ومتاهات الأودية السحيقة.
وليس أولئك الذين يقودونكم خارج المخاطر هم أحب الناس إليكم، بل الذين يحيدون بكم عن كل السبل ؛ الغواة والمضلّلونَ تحبون أكثر من أي أحد. لكن، حتى وإن كانت هذه الرغبة واقعا وحقيقة فيكم، فإن هذا يظل يتراءى لي أمرا مستحيلا مع ذلك.
ذلك أن الخوف هو الشعور الفطري والأساسي في الإنسان؛ في الخوف تجد الكثير من الأشياء تفسيرا لها الخطيئة الأصلية والفضيلة الأصلية. ومن صلب الخوف نمت أيضا فضيلتي التي إسمها : العلم.
لأن الخوف من الحيوان الوحشي هو ما لقنه الإنسان منذ أبعد العصور، بما في ذلك الخوف من الحيوان الذي يخبؤه في داخله ولا يطمئن إليه : - ذلك الذي يسمّيه زرادشت الدابة الداخلية».
هذا الخوف القديم الضارب بعيدا في الزمن وقد غدا مهذبا
روحانيا وعقليا ؛ ذلك هو الذي يسمّى اليوم في ما يبدو لي علما.
هكذا تكلم رجل التدقيق والتمحيص العقلي؛ لكن زرادشت الذي عاد إلى مغارته للتو وكان قد سمع وحزر هذه الخطبة الأخيرة قذف إليه بقبضة من الورود وهو يضحك من حقائقه». «ماذا؟ ما هذا الذي كنت أسمعه هنا؟ قال صائحا حقا أقول لك إنه ليبدو لي أنك أحمق، أو أنني أنا الأحمق؛ أما «حقيقتك فسأقلبها على رأسها حالا ودفعة واحدة.
فالخوف ـ هو الاستثناء لدينا. لكن الشجاعة والمغامرة والنزوع إلى ارتياد المجهول وإلى كل ممتنع بعيد المنال، - الشجاعة هي التي تكون مجمل التاريخ القبلي للإنسان في ما يبدو لي.
هو الذي استهوته كل فضائل الوحوش الكاسرة وأكثرها شجاعة فاسترقها منها بعدها فقط تحوّل - إلى إنسان."
رابط تحميل الكتاب
