لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة - الجزء الأول pdf تأليف د. طه باقر

كتاب مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة - الجزء الأول - تأليف د. طه باقر - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE 







معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة.


الجزء : الاول.


تأليف : طه باقر.


الناشر : دار الوراق.


الطبعة الثانية : 2012.


عدد الصفحات : 738.


حجم الكتاب : 9.73 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 






مقتطف من الكتاب :


"التاريخ ومنهجه :


يحسن بنا ونحن نبحث في تاريخ حضارة وادي الرافدين أن نعرف إلى أي صنف من أصناف المعرفة يرجع موضوع التاريخ. وقد كان هذا الأمر فيما سبق قضية خلاف بين العلماء ولكن الذي عليه ثقات الباحثين الآن أن التاريخ، استناداً إلى مفهوم العلم )، علم من العلوم. بيد أنه ليس من صنف العلوم التي تعتمد على الملاحظة المباشرة كالفلك أو على التجربة والمختبر مثل أكثر العلوم الطبيعية، وإنما هو علم بحث ونقد ونظر. فهو أقرب ما يكون إلى «الجيولوجيا». فكما أن الجيولوجي يبحث في أحوال الأرض فيعرف تاريخها وكيف وصلت إلى ما هي عليه الآن كذلك يبحث المؤرخ في بقايا الماضي وآثاره ليستعين بها على معرفة الحاضر والتاريخ مثل العلوم الأخرى له غرض وموضوع وموضوعه البحث في أعمال البشر التي وقعت في الماضي. أو هو درس المجتمعات البشرية في المكان والزمان.


وإذا كان التاريخ علماً فينبغي أن يكون له مثل العلوم الأخرى منهج أو طريقة للبحث (Method يستطيع بها الوصول إلى مادته وحقائقه. ولكي نعرف شيئاً عن منهج التأريخ بصفته علماً نؤكد ما أشرنا إليه من اختلافه عن بعض العلوم الأخرى ولا سيما العلوم الطبيعية أو العلوم المضبوطة من حيث أنه لا يعتمد على التجربة لأنها مستحيلة في التأريخ، ولا يستفيد من الملاحظة المباشرة ولا من الدليل العقلي المجرد كما في الرياضيات بل إنه يبحث فيما خلفه الإنسان لمعرفة حاضر الإنسان. وإن مصادره ومادته الأولى بوجه العموم ما خلفه البشر مما يمكن الاستفادة منها كالوثائق والسجلات والآثار جميع المادية مما يعيننا على فهم حضارات الأمم وتقاليدها وأديانها ولغاتها وتفكيرها وغير ذلك من مقومات تلك الحضارات، وبعبارة موجزة معرفة البشرية والنفس البشرية، ولكن ليس النفس الفردية أو الشخصية التي هي موضوع علم النفس بل الطبيعة البشرية وإمكانياتها وحدودها وماذا استطاع الإنسان أن يفعل وبالنتيجة ما هو الإنسان.


وإذا كان منهج البحث العلمي الذي أوجده الباحثون في العصور الحديثة قد أكسب التأريخ أهلية ليكون علماً إلا أنه لا يزال أمام المعترضين على كون التأريخ علماً، مجال للاعتراض بأن التأريخ لا يستطيع أن يجاري العلوم المضبوطة (Exact Sciences) في قدرتها على استنباط القوانين والنواميس من درس العلاقات بين الأشياء ومقارنتها، بحيث تستطيع أن تتنبأ بها عن المستقبل تحت شروط وأحوال معيّنة. أما مسألة التنبؤ (Prediction) فلا تقتصر على كونها غير ممكنة في التأريخ بل إنها خارج اختصاص بحثه، لأن دائرة البحث الخاصة بالمؤرخ كما قلنا حوادث البشر وتجاربهم في الماضي. وقد يحاول المؤرخ استناداً إلى خبرته التأريخية أن يقيس عليها فيحدس ما يقع في المستقبل ولكنه حتى لو صدق في حدسه فإن محاولته هذه ينبغي أن لا تكون بصفته مؤرخاً بحسب مفهوم موضوع التأريخ. أما. عن وجود القوانين في التأريخ فيجيب عنه الباحثون المحدثون بأن التأريخ بصفته علماً من العلوم الاجتماعية يحاول جاهداً أن يكتشف القوانين والقواعد الكلية لتفسير حوادث التأريخ، ولكن لما تبلغ هذه القواعد مرتبة قوانين العلوم الطبيعية من | الدقة والإطراد، ذلك لأن قانون العلية أو السببية Law of) (Causality في حوادث التاريخ متناءٍ في التعقيد فإن الحادثة الاجتماعية مهما بلغت من البساطة إنما تقع بفعل سلسلة متشابكة من العلل بخلاف الوقائع الطبيعية التي يبحث فيها علماء الطبيعة حيث يكون واجبهم في درسها والعلاقات فيما بينها أمراً يسيراً لو قيس بواجب المؤرخ الذي يكون موضوعه ليس أشياء جامدة بل أفعالاً صادرة من فاعلين يتصفون بالفكر والقصد والحوافز المعقدة. ولكن مع ذلك فمعظم حوادث التأريخ وأسبابها ليست فوضى أو حوادث فردية لا ضابط لها، وإنما تنشأ من معيشة الإنسان في مجتمعات أو أنظمة اجتماعية تسيطر على أفعالها قواعد الضرورة الاجتماعية والنواميس الاجتماعية العامة، وإلا لما أمكن وجود ما نسميه بعلم الاجتماع أو العمران الذي يدرس المؤسسات والأنظمة الاجتماعية دراسة مقارنة، ويستخرج لها القواعد الكلية التي يستفيد منها المؤرخ.


ثم إننا لعلى أمل وطيد في أن هذا النوع البشري الذي يسمى بالإنسان العاقل» سيبرر أهليته لهذا اللقب فيجد في البحث عن نفسه والكشف عن أسرار المجتمعات البشرية بالدرس العلمي المقارن وعندئذ فستتوطد قوانين التأريخ والعمران البشري على وجه ليس كما يتطرف البعض في تفسير حوادث التأريخ وليس كما يرتئي البعض الآخر من إنكار لإمكان استخراج القوانين فيه.


وبحسب المصادر التي يعتمد عليها التأريخ في جمع. مادته تكون أولى خطوة منطقية في منهج البحث التأريخي جمع المصادر والأصول المتعلقة ببحثه. ويصح أن نطلق على هذه الخطوة اسم جمع الأصول. ومع أن هذه خطوة من خطوات المؤرخ غير أنها المرحلة الأساسية إذ، كما قيل، «لا تأريخ بلا وثائق. فإذا جمع المؤرخ ما يستطيع جمعه من مصادر بحثه وأصول مادته وكان على معرفة تامة بمادته وخبيراً بمصادره كخطوط الوثائق واللغات المكتوبة بها أو أطرزتها وأوصافها إن كانت من الآثار الفنية وبالاستعانة بالعلوم الموصلة، فإنه يبدأ بخطوة ثانية من بحثه وهي مرحلة النقد (Die Kritik أو Criticim) أي نقد ما جمعه في الخطوة الأولى وتمحيص المصادر والوثائق التي جمعها وتحقيقها لمعرفة أصالتها وصحتها من خطئها وتزويرها ومعرفة مؤلفها وزمان كتابتها ومكانها ثم تحري ما جاء فيها من معلومات ومدى مطابقتها إلى الحقيقة والواقع فإن كانت من الوثائق المدونة كالكتب، فيلزم معرفة تأريخها ومؤلفها ومبلغ أمانته وأوهامه. وقد يلزم تصحيح متن الوثائق التأريخية بإصلاح خطئها اللغوي وتكميل ما نقص منها، وذلك بمضاهاة الأصول المختلفة لهذه الوثائق ويلي ذلك تمحيص مادة الوثائق. بتحليل الحقائق الواردة فيها وترتيب موضوعاتها وتصنيف حوادثها. وبالإجمال لا تعدو المصادر المكتوبة أن تكون مثل شهادة الغير. ولذلك وجب على المؤرخ الباحث تمحيص هذه الشهادة وعدم قبولها على علاتها. وبما أن الحوادث التأريخية وقائع حقيقية والحقيقة واحدة لا تتعدد فلا بد أن يصل الباحث، هو بنفسه أو مَنْ يستدرك عليه إلى تلك الحقيقة أو ما يقاربها على الأقل. وجلّ اعتماده في ذلك سبيل التحليل وتقصي الحوادث وموازنتها ومضاهاتها، وبوجه الإجمال يمكننا تحليل عملية النقد، التي هي عماد البحث التأريخي، إلى مرحلتين كثيراً ما تكونان متداخلتين، وهما مرحلة النقد الخارجي (External criticism) وتدور على البحث في المصادر للتأكد من أصالتها وصحتها ومعرفة مؤلفها وزمانه، ومكانه فليس كل الوثائق التأريخية صحيحة بل كثيراً ما يتطرق الشك إلى صحتها وأصالتها ومنشأ ذلك قد يكون التزوير المتعمد أو الأخطاء والأوهام الناشئة من النقلة والنساخ وكذلك من انعدام الخبرة والممارسة التأريخية ومن التسرع والسطحية، كما أن كثيراً من الوثائق تكون مخرومة غير معلوم مؤلفها أو زمان تأليفها فنستعين بطرق النقد الخارجي لتعيين المؤلف وزمانه ومكانه."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب