كتاب محمد الخامس واليهود المغاربة - تأليف روبير أصراف - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : محمد الخامس واليهود المغاربة.
المؤلف : روبير أصراف.
حجم الكتاب : 9.63 ميجا بايت.
عدد الصفحات : 382 ص.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"حدث تاريخي غير مسبوق : يهودي على رأس وزارة
أراد سيدي محمد تجسيد مسألة المساواة في الحقوق بين اليهود والمسلمين. تلك المساواة التي طال ما نادى بها. ولتحقيق جسيد عين يهوديا على رأس وزارة البريد ن إلا أن العملية كادت تنقلب إلى كابوس، من جراء الانقسامات التي كانت تشق وحدة زعامة الطائفة. وكما يحدث دائما في مثل هذا الصنف من القضايا، اختلط المبدأ بالأشخاص فأسفر الأمر عن أوضاع ساخرة فأما قضايا المبدإ فقد تمثلت في التساؤل التالي : أكان صائبا، من الوجهة السياسية، أن تفرد طائفة بإسناد وزارة إليها، علما بأنها. وكما هو معروف طائفة ليس لها وضع قانوني بصفة أقلية عرقية ؟ عدا أن هذه الطائفة لم يكن لها أي وزن سياسي من حيث أنها ظلت على إحساسها بالقرب من المستعمر السابق. وكان القرار الملكي يرمي بالخصوص إلى هدفين، أولهما؛ نفساني بيداغوجي : إقناع أقلية بأن لها مستقبلا طيبا في أرض الإسلام. وثانيهما عملي : تشجيعها على وضع كفاياتها في خدمة وطنها الجديد. على أنه لم تكن مسألة اختيار شخصية يهودية لتقلد المنصب مسألة سهلة. على عكس ما كان احتمل : فالشخصية المرشحة لنيل هذه الخطوة لا تستطيع تمثيل الطائفة بصفتها الطائفية هذه؛ وأقل من ذلك إمكانا أن يحوز رضاها وتزكيتها. إذ الشخص المرشح للوزارة لم يكن مقبولا منه أن يكون ممثلا لزعامة الطائفة؛ ولا أن يكون يهوديا مدجنا. لا مفرط " الفرنسة "؛ ولا مفرط " المغربة ".
هذه المعادلة السياسية التي استعصى حلها بعد في حينه، زادها، من بعد ذلك، تعقدا نشوب تنازعات شخصية سيئة الذكر. فالمرشحون لمنصب وزير البريد بلغت جملتهم اثنين وثلاثين مرشحا في أدنى تعداد !. كان الواحد منهم ما إن يبدو أنه موشك على أن يتم اختياره حتى يتعرض لحملات مناهضة. وأحيانا مجرحة. تلك الحملات التي كانت تتعب السي البكاي الرجل الطيب الخدوم، الذي عهد إليه باستكشاف " العنصر النفسي ". من ثم أدرك السي البكاي سريعا أنه لا شيء مما هو خاص باليهود يمكن أن يكون سهلا. ذلك أن احتمال شغل منصب وزاري صار عندئذ يطير صواب كل اليهود الطامحين، ويكذب كلية الأسطورة الزاعمة بوجود تضامن يهودي. ولا يمكن القول بأن الطائفة أنجحت عملية ولوجها ساحة السياسة. وهاهنا كارلوس نيسري، يعرض وصفا ممتعا لهذا الطور من اللعبة :
.
" أصيبت اليهودية المغربية، بفعل انعكاس، بأول أزمة وزارية لها حصل ذلك لدى تشكيل أول حكومة مغربية. وكانت الأزمة عاصفة، وغير مشرفة، في آن واحد، وظلت هي الشاهد الأبرز على تفاقم الحمى السياسية التي طبعت عملية عودة انسلاك اليهود المغاربة في دواليب الدولة. وكان المتطلعون إلى الوزارة اليهودية متعددين متبايني الأوصاف. كان منهم المتوفر على كفايات لا بأس بها؛ لكن كان منهم أيضا من لم يكن يتوقع تطلعه ذاك سوى القليل؛ وهو الأمر الذي جعل عملية المبارزة هذه تتصف بكل من : التراجيدية. الكوميدية؛ والصرامة التي لا ترحم."
ولولا أن جاك دحان. الذي كان إذاك هو الكاتب العام لمجلس الطائفة، والشخصية اليهودية الأولى التي أخبرها الملك بقراره. لولا أنه سبق له أن كان مقربا من الإقامة العامة لكان هو المرشح الطبيعي. لكن ذلك أبعد ترشيحه فسيدي محمد يتمسك بالأخلاقية وينادي بها، برغم نزوعه إلى نسيان الماضي عندئذ برز اسمان اثنان دفعة واحدة : جو أوحنا؛ وماير طوليدانو.
.
أما الأول فهو تاجر ثري من الدار البيضاء، أسس سنة 1955 حزبا صغيرا وطنيا يحمل أسس سنة 1955 حزبا صغيرا وطنيا يحمل اسم :" الحركة الوطنية المغربية " ويستهدف سوق النخبة المثقفة اليهودية إلى خوض معركة الاستقلال. وهذا العمل هو ما جعل جو أوحنا أول شخص يهودي يعرض
أمر الاستوزار. لكن ترشيحه أثار كما هائلا من الأصوات المعارضة في أوساط الطائفة - وهو الرجل الذي كان، إلى ذلك الحين، متعاليـا؛ مما اضطر السي البكاي إلى الإسراع بالعدول عن سعيه ذاك. هكذا تمت تنحية الرجل؛ إذ اعتبر أن " مغربيته " غير كافية.
وأما المحامي ماير طوليدانو. الذي كان رئيسا للتحرير بالجريدة اليهودية الوحيدة " nor " ومؤسسا مشاركا لجمعية الصداقات المغربية "؛ ومعروفا بموقفه الشجاع المؤيد للنضال من أجل الاستقلال. فقد كان يدعمه كل من زعيم حزب الاستقلال المهدي بن بركة، الذي كان تعرف عليه يوم فاتح ماي 1955 من خلال فلكس نطاف؛ ومجموعة شبان يهود متأثرين بالنزعة الوطنية. إلا أن مجرد دعم الزعيم الاستقلالي إياه كان أمرا كافيا لأن يقصيه حزب الشورى والاستقلال. وعندئذ، رد حزب الاستقلال على هذا الموقف الشوري بأن رفض ترشيح صامويل بنازراف. رئيس ديوان وزير المالية : عبد القادر بنجلون، أحد القادة الشوريين، إذ ذاك.
وإذ صار السي البكاي يتهمه الكل بالتردد والعجز عن البت، فإنه اتجه إلى التنقيب، بعيدا عن كل من الأوساط السياسية؛ والطائفية. وأسفر ذلك عن وقوع اختياره على الدكتور بنزاكن، مؤسس " الرابطة الإسرائيلية لمكافحة السل." وقد ترك لنا فليكس نطاف، في مؤلفه : استقلال المعرب " وصفا ممتعا لمتاعب هذا البحث عن شخصية يهودية يكون استوزارها موفقا :
" مرت الأيام، ثم الأسابيع، دونما وقوع اختيار. وبدأ يهود المغرب يتململون. وهو الذين اعتادوا التريث والتصبر، وأخذوا على الحكومة تلبثاتها، دافعين بأن هذه التلبثات ربما أسفرت عن تدمير الرأي العام منها.
وكان أن أخبرني، ذات يوم، الرئيس البكاي بأنه ينوي استدعاء جميع اليهود الممكن إستوزارهم وسؤالهم واحدا واحدا في محاولة لاستخلاص اسم يحظى بأكبر قدر من التأييدات : وكنت مقتنعا بأن لاشيء سينجم عن هذا الصنف من المواجهة؛ التي تتطلب من الإيثار فوق طاقة الحاضرين المستطلع آراؤهم. وابتسم الرئيس، وقال لي : بالفعل، قام البارحة باستقبال هذه الشخصيات، وأنه مع الأسف لم يتأت له من ذلك اختيار أي أحد. وتركته على هده الحال. لكن ما إن مضت ساعات حتى وجدت نفسي بديوانه من جديد، في قضية أخرى. فسارع للعودة إلى المسألة التي تشغل باله أكثر، وقال لي : أرى أنه لا بد من إقناع الدكتور بنزاكن بالرجوع عن رفضه. فهل تتفضل أنت بحمل هذا العبء ؟ "
رابط تحميل الكتاب