لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب المغرب والأندلس في عصر المرابطين: المجتمع – الذهنيات – الأولياء PDF تأليف د. ابراهيم القادري بوتشيش

كتاب " المغرب والأندلس في عصر المرابطين: المجتمع – الذهنيات – الأولياء " للمؤلف ابراهيم القادري بوتشيش - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF

 




 



معلومات عن الكتاب :

 


العنوان : المغرب والأندلس في عصر المرابطين: المجتمع – الذهنيات – الأولياء.


المؤلف : د. ابراهيم القادري بوتشيش.


الناشر : دار الطليعة للطباعة والنشر – بيروت.


الطبعة الأولى : أبريل 1993. 


عدد الصفحات : 199 ص.


حجم الكتاب : 3.79 ميجا بايت.


 صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 



 



مقتطف من الكتاب :


"القيم الاجتماعية السائدة


نقصد بالقيم الاجتماعية بعض أشكال السلوك والقواعد الأخلاقية التي وجهت مشاعر الناس وتصرفاتهم واختياراتهم، وحددت مواقفهم من بعض الأمور الحياتية، ونظمت علاقتهم بالواقع وبالآخرين ولا سبيل إلى الشك في أن البيئة حددت مجموعة من القيم كما أن الوضع الاقتصادي صقلها، وأعطاها وجهها الحقيقي.


ويمكن التمييز بين بعض القيم السائدة في البادية كقيم الشجاعة والفروسية وكرم الضيافة والأخذ بالثأر والبساطة والفطرة والخشونة والصبر والحياء والحشمة والتمسك بالروح الجماعية ثم القيم السائدة في الحواضر والمتمثلة في الجري وراء الربح والكسب المادي وطغيان النزعة الفردية

والانتهازية، دون إغفال سيادة بعض القيم البدوية داخل الحواضر نفسها، لكن بشكل شاحب.


 فمن أهم القيم السائدة في بوادي المغرب والأندلس كرم الضيافة. وحسبنا دليلا على ذلك شيوع مبدأ إكرام الضيف ثلاثة ايام. وقد اعتبر الحضرمي أن الجود ساتر العيوب، غارس المحبة في القلوب. وتبرز عادة الكرم خصوصاً في بعض الحالات الخاصة كحالة المعلقين الذين يضطرون إلى بيع اثاثهم المنزلي، أو رهن بعض الأشياء من أجل إطعام الضيف. ذكر ابن الزيات ان رجلا باع سريره وانفقه على ضيوفه، وأن آخر رهن غزل امرأته في سمن يأتدم به ضيفه. كما ان بعضهم اشترى أضحية ثم تصدق بها رغم فقره.


أما بالنسبة للطبقة الموسرة في البوادي فتكثر اخبار بعض المحسنين الذين وهبوا أموالهم وثمة طريقة أخرى استعملت للتكهن بأحداث المستقبل، وهي ما يعرف بالزايرجة التي يكشف ابن خلدون عن كيفية استعمالها ناسباً إياها إلى المتصوف أبي العباس السبتي. وهي عبارة عن قصيدة تتألف من عدة ابيات نسب أحدها لمالك بن وهيب وهو البيت المتبادل عندهم في العمل لاستخراج الجواب من السؤال في هذه الزايرجة وغيرها.


كما عرفت المرحلة الأولى من بداية الدولة المرابطية ما يعرف بالملاحم، وهي ايضاً عبارة عن قصائد شعرية أو نثرية تكتب في حدثان الدول وما يتوقع من تحولات وفي هذا الصدد اشتهرت ملحمة ابن مرانة التي تنبأ فيها باستيلاء المرابطين على سبتة وضمهم الأندلس.


وشاعت كذلك طريقة أخرى لمعرفة الغيب وتتجلى في إمعان النظر في كتف الشاة وقراءة ما فيها من رموز وهي طريقة برع فيها ابن تومرت كذلك.


كما وجدت لدى قبائل بني ورسيفان معتقدات غريبة تصب في هذا الاتجاه، ويتمثل أحدها في أنهم إذا أرادوا مباشرة الحرب، تقربوا بذبح بقرة سوداء للشماريخ التي تعني عندهم الشياطين فإذا صاروا للقتال، توقفوا حتى يروا زوابع الريح، فيعتقدون أن الشماريخ جاءت لنصرتهم فينتصرون بزعمهم.


ورغم تبني الدولة المرابطية للمنجمين والكهنة، فقد اعتبرت بعضهم زنادقة.


ومما يسترعي الانتباه أن الحقبة المرابطية عرفت كذلك بعض الأشخاص الذين انتحلوا النبوة. وفي هذا الصدد يخبرنا ابن عذاري أن رجلاً بنواحي سبتة ادعى أنه الخضر سنة ٥٢٠ هـ، وتبعه خلق كثير اعتقاداً منهم أن الخضر لا زال على قيد الحياة، لكن السلطة المرابطية تمكنت من إلقاء القبض عليه وصلبه في مراكش والتنكيل بأنصاره.


ونعلم من خلال بعض النصوص أن أثر نبوة حاميم في القرن الرابع الهجري استمر في القرون اللاحقة إذ صار ابنه عيسى من مهرة السحرة والمنتحلين للنبوة، ولو أنه لم يصل إلى المستوى الذي وصل إليه أبوه، والشيء نفسه يقال عن جميل بن عاصم اليزدجومي.


ومن الأكيد كذلك أن المهدوية ذات النزعة الشيعية ظهرت في هذه الحقبة ضمن المعتقدات الشعبية في المغرب والأندلس. ويرجع الفضل إلى ابن تومرت وابن قسي في الترويج لها في أواخر العصر المرابطي. وقد أكد ابن خلدون ان العامة أكثر الشرائح الاجتماعية تقبلا لفكرة المهدوية كما للفقراء، أو خلفوا وصايا للتصدق بأملاكهم على الضعفاء والمحتاجين.


وعلى الرغم من وجود قيم الكرم بالمدينة أحياناً فإنها عمت البوادي بنسبة أكبر، وهي مسألة لا يمكن تفسيرها إلا بالظروف المعيشية داخل البادية، إذ هي ظروف غير مأمونة بسبب الكوارث والمجاعات والعزلة وانعدام ظروف الأمن، لذلك يرغب البدوي أن يجد الكرم أينما حل وارتحل فالكرم الذي ساد في البوادي المغربية والاندلسية هو في نهاية التحليل حماية من الضياع، ونوع من التعاون المتبادل بين أهل البادية.


وبالمثل، سادت قيم الشجاعة والفروسية والبسالة والاعتزاز بالسلاح والخيل والرجولة والكبرياء. وقد اعتبر الحضرمي الشجاعة من محاسن الاخلاق وغرائز الكرام. وفضلها على الدهاء والحيلة. ووصف الزناتيون بالفروسية والإباية عن الانقياد كما نعت ابن حوقل قبيلة مسوفة بأن فيهم البسالة والجرأة والفروسية.


ولا يخامرنا شك في أن لقيم الفروسية علاقة بتطويع ظروف المعيشة وتأمينها. كما كان لها أثر بعيد الغور لا في حروب العصبيات فحسب، بل في انتصار العصبية اللمتونية، وتوحيد محطات تجارة العبور وتأسيس الدولة المرابطية.


وارتبطت بهذه القيم كذلك عادة الثأر التي مارسها الأفراد والجماعات، فبين أهل تارودانت وأهل تيويوين القتال والفتنة وسفك الدماء وطلب الثأر، كما لاحظ ذلك الإدريسي. ولم يخرج أبو بكر بن عمر عن هذه المنظومة العامة فرجوعه إلى الصحراء وترك ابن عمه على رأس الجيوش المرابطية في المغرب لم يكن إلا بهدف الأخذ بالثأر ممن اعتدوا على قبيلته وحرموها من ارتياد الطريق التجاري الصحراوي. النغمة نفسها نلمسها في رسالة كتبها ابن أبي الخصال عن صديق لـه يخاطب شيخاً قتل ولياً من أوليائه ويحضه على طلب الثار.


فارتباط عادة الثأر بالبادية يفسر بانعدام سلطة تنصف المظلوم، وسيادة اعراف تكرس هذا الاتجاه. أما في المدينة فتقل نزعة الثأر لوجود مؤسسات قضائية.


إلى جانب ذلك، سادت قيم اجتماعية أخرى كالخوف من العار، والحياء والحشمة. فقد عرف يوسف بن تاشفين بكثرة حيائه، وهو ما جعل البعض يفسر ظاهرة اللثام لدى المرابطين بكثرة حيائهم كما أسلفنا القول. والبدو عموماً مجبولون على الحشمة. ولما كانوا شديدي الحفاظ على تقاليدهم فقد لازمهم الحياء حتى بعد تحضرهم.


كما ظهرت في الحقبة المرابطية أصوات نادت بالزهد والقناعة والتقشف في العيش، ويمثل المتصوف هذا الاتجاه. وفي الوقت نفسه برزت قيم التسامح. وعلو الهمة والانفة والابتعاد عن الذل. فضلاً عن القيم كإجارة اللاجىء للقبيلة، والوفاء بالقول والعهد والصبر على : المكاره والثبات في الشدائد. وبر الكبير وتوقير الأولياء وبيع النفوس من أجل نصرة الدين كما. لاحظ ذلك ابن حوقل بخصوص بربر المغرب الأقصى.


مقابل ذلك سادت في الوسط الحضري وعلى الخصوص في أوساط الخاصة والوجهاء قيم مغايرة أساسها التهافت على تكديس الأموال والتعلق بالأمور الدنيوية وتحقيق الربح بكل الوسائل كما لاحظنا ذلك بالنسبة للتجار والسماسرة والجلاسين. لذلك غالباً ما حل البخل محل الكرم. فسكان فاس لا يطرق الضيف حماهم ولا يعرف اسمهم ولا مسماهم لقد كان الفرد في. المدينة يسعى - في ظل الفوارق الاجتماعية الفاحشة - إلى تحسين وضعيته الاجتماعية في المقام الأول، ويهدف بكل الوسائل والطرق إلى كسب الجاه والنفوذ دون الاهتمام بالقيم والفضائل، لذلك بات بديهيا أن تسود الروح الانتهازية والوصولية بشتى الطرق، وتشيع روح الطرق، وتشيع روح الحسد وتدبير المكائد. كما سادت كذلك النزعة الفردية محل النزعة الجماعية. لذلك عبر المعاصرون للحقبة المرابطية عن تذمرهم من عصرهم، فصوروه تصويراً يعكس حدة الأزمة الاجتماعية، ويكشف عن انقطاع الأمل في الناس، ومن ثم الدعوة إلى الانعزال.. ولعل هذا النفق المسدود الذي وصل إليه المجتمع هو ما جعل قطاعاً من الرعايا يخرجون عن صمتهم ليعبروا عن موقفهم منه: إنهم الأولياء والمتصوفة وهو موضوع الفصل التالي."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب