لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الكوارث الطبيعية وأثرها في سُلُوكِ وَذِهِنيَّاتِ الإِنسَان في المغرب والأندلس ( ق ٦ - ٨ هـ / ١٢ - ١٤م ) pdf تأليف د. عبد الهادي البياض

 كتاب الكوارث الطبيعية وأثرها في سُلُوكِ وَذِهِنيَّاتِ الإِنسَان في المغرب والأندلس ( ق ٦ - ٨ هـ / ١٢ - ١٤م ) - تأليف د. عبد الهادي البياض - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF







معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : الكوارث الطبيعية وأثرها في سُلُوكِ وَذِهِنيَّاتِ الإِنسَان في المغرب والأندلس ( ق ٦ - ٨ هـ / ١٢ - ١٤م ).


تأليف : د. عبد الهادي البياض.


الناشر : دار الطليعة للطباعة والنشر بيروت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"لا مراء في أن الأمراض والأوبئة التي ابتلي بها المغاربة والأندلسيون في حقبة الدراسة خلفت مشاكل اجتماعية واقتصادية وعاهات عضوية ونفسية، تفاوتت حدتها بتفاوت المناطق المستهدفة، كان آخرها وأشدها فتكاً الوباء العظيم العام، الذي أظهر عجز الدول المركزية عن النهوض بأعباء الرعاية الاجتماعية والصحية ولا غرابة فقد ترافق الوباء مع تدهور عام في المجال المدروس، ذلك ما فطن إليه ابن خلدون مؤكداً أنه جاء للدول على حين هرمها».


وفي ظل هذه الظروف الحرجة الناتجة عن المضاعفات الصحية للطاعون الأسود، أبدى سكان الأندلس تضامناً مع المصابين رعاية وإسعافاً، وأوعزوا إلى شيخ ابن الخطيب أبي عبد الله الطنجالي الإشراف على مهمة إدارة أدوار التكافل والرعاية المستعجلة للموبوئين. وخير من نقل إلينا ظروف انتدابه لهذه المهمة التكافلية الشعبية النباهي بقوله : وقد نجمت به بواكي الوباء الأكبر وذلك صدر عام ٧٥٠هـ/ ١٣٥٠م بعد تمنع منه وإباية، فلم يوسعه الأصحاب عذراً في التوقف وشرطوا عونهم إياه». علماً أنه في هذه الأحوال أفتى العلماء بأن القيام بحقوق المسلمين من التمريض والغسل والدفن فرض لا يجوز إهماله وكذلك عيادة المرضى، فما رغب الشرع فيه وحض عليه فلا ينبغي ترك ذلك ). ولهذا تكاثفت جهود أهالي مالقة وشكلوا خلايا. عمل تطوعي، فجمعوا المساعدات المادية ووثقوا وصايا المرضى في رعايتهم، وصرفوها في الوجوه التي حددوها بعد موتهم، منها رعاية اليتامى والأرامل والإحسان للضعفاء والمحتاجين وإعالة من لا عائل له ، كل ذلك تحت إشراف القاضي الطنجالي الذي أظهر من النزاهة والعدالة ما يناسب منصبه، ففزع الناس إليه في كائنة الوباء العظيم بأموالهم وقلدوه عهود صدقاتهم.


ونظراً لعجز الطب عن الحد من خطورة الوباء واستفحاله، بدليل أن «علاج هذا النوع المذموم لم يذكر أبقراط فيه أنه أحد بری من ذلك، فما عسى أن يصنع الطبيب وما عسى أن يقول في ذلك». ومما يقوم حجة على محدودية الطب عصرئذ ما ذهب إليه ابن زهر بقوله: «قد يكون وباء من غير سبب معلوم».


هذا العجز الظاهر دفع الأندلسيين عامة والمالقيين خاصة إلى بذل الصدقات والهبات، لتخفيف مضاعفات الوباء على المصابين ومواراة الذين ماتوا بسببه. فجمع القاضي الطنجالي من الأموال واستقر لنظره من الذهب والفضة والحلي والذخيرة وغير ذلك ما تضيق عنه بيوت أموال الملوك، فأرفد جملة من الطلبة وفقراء البلدة وتفقد سائر الغربة، وصار يعد كل يوم تهيئة مائة قبر حفراً وأكفانهم برسم من يضطر إليها من الضعفاء. فشمل النفع به الأحياء والأموات، بقي هو وغيره على ذلك زماناً مشاركة بالأموال ومساهمة في المصايب النوازل إلى أن خف الوباء، وقل عدد الذاهبين به والمسالمين بسببه، فأخذ بالجد التام في صرف الأوقاف إلى مكانها، ووضع العهود في مسمياتها، فانتعش بذلك الفل وذهب على أكثرهم القل (...). ولما من الله سبحانه برفع ما كان نزل بالناحية المالقية من الطاعون واستروح من بقي بها من الخلائق روح الحياة، وكادت النفوس أن ترجع إلى مألوفاتها، وتقوم ببعض معتاداتها، نهض بنفسه القاضي أبو عبد الله إلى أمير المسلمين السلطان المؤيد أبي الحجاج (...) وطلب منه الإنعام عليه بالإعفاء من القضاء (...) فوصله الجواب بإسعاف غرضه».


ونظراً لمحدودية مرافق العلاج في البوادي، وصعوبة التنقل إلى الحواضر حيث البيمارستانات، فإن أساليب الوقاية لم تكن تستجيب إلا لفئات محدودة من أفراد المجتمع بحيث لم يستفد منها العوام نظراً لارتفاع تكاليف التطبيب من جهة، والتخوف من استفحال خطر العدوى عبر التنقل بين البوادي والحواضر من جهة أخرى. فازدادت معاناة المرضى من ضغط العلل وقلة الرعاية الصحية، فاتجه معظمهم نحو رباطات التصوف اعتقاداً منهم في صلاحية وصفات العلاج الكرامي، لا سيما وأن الأولياء ادعوا عبر كراماتهم إبراء كافة العاهات والأمراض الميؤوس منها، باستثناء وباء الطاعون الذين استسلموا لفتكه لارتباطه في مخيالهم الروحي بمقام الشهادة. ولا أدل على شيوع هذا الفهم من اقتران وفيات بعض أعلام الحقبة المعنية بالدراسة في الطاعون بالشهادة.


بينما اقتصر تدخل بعض الصلحاء زمن الوباء بما يخفف عن المصابين ويقوي صبرهم، وفي هذا الصدد كان الشيخ أبو عبد الله الحلفاوي (محمد بن موسى توفي ٧٥٨هـ / ١٣٥٨م) يقدم لهم سواء في إشبيلية أو في فاس - عندما انتقل إليها، وفيها أدركه محتوم أجله - الأطعمة التي تميل إليها نفوسهم كشكل من أشكال المواساة، بحيث تذكر المصادر أنه كان يتفقد بالفواكه (...) من تميل إليها نفسه (...) ويبعث العيون للبوادي فيعاني بها المرضى ويلين لهم خشن العيش».


 وعلى غرار ذلك استفحلت في أرجاء البوادي وأحواز المدن طرق الاستشفاء الخرافي، ففي بوادي المغرب ذكر صاحب الاستبصار أنه من بين العادات الاستشفائية السائدة في عهده أن العليل إذا اشتد سقمه يذهبون به إلى بئر غامضة في منبع وادي مجهول، ثم يلقونه فيه بعد أن يقوموا بطقوس وشعوذة، زاعمين أنها تبين لهم علامات موته أو شفائه ثم يخرجونه فإن خرج على فمه دم يستبشرون بحياته، وإن لم يخرج من فمه دم أيقنوا بهلاكه وهذا عندهم متعارف عليه لا ينكر !!). وذكر الإدريسي أن المرضى وأصحاب العاهات المختلفة كانوا يترددون على شواطئ بحر الظلمات لالتقاط أحجار كثيرة ذات ألوان شتى وصفات مختلفات يتنافسون في أثمانها ويتوارثونها بينهم ويذكرون أنها تتصرف في أنواع من العلاجات الطبية."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب