لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الموضوعية في العلوم الإنسانية: عرض نقدي لمناهج البحث PDF تأليف د. صلاح قنصوه

كتاب الموضوعية في العلوم الإنسانية: عرض نقدي لمناهج البحث - تأليف د. صلاح قنصوه - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : الموضوعية في العلوم الإنسانية: عرض نقدي لمناهج البحث.


تأليف : د. صلاح قنصوه.


الناشر : دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع.


عدد الصفحات : 333.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"الموضوعية في الماهية


تحليل ونقد


لا ريب أن البحث في العلوم الإنسانية كان فى حاجة إلى تجلية العلاقة بين الباحث و موضوع بحثه وهى العلاقة التى تجنب الوضعيون دراستها لأن موقفهم من العلوم الإنسانية ومنهجهم في بحثها لا يثير بحكم طبيعته مشكلة من هذا الطراز فنوعية الظاهرة الإنسانية والاجتماعية، ومنهج علومها لا يختلفان جوهريا عما هو قائم فى العلوم الطبيعية، فما حاجتنا إذن في إضاعة الجهد والوقت في درس مشكلة لا وجود لها اللهم إلا حين يفقد الباحث نزاهته واستقامته أو يتراخي في الالتزام بشروط المنهج العلمى وهى نقائص وعيوب لا تخص عالما دون آخر وعلما دون علم. وهكذا تم حل مشكلة العلاقة بين الباحث وموضوع بحثه، أو مشكلة الموضوعية بعبارة أخرى، بإلغائها واستبعادها من قائمة المشكلات.


وإذا ما كان ثمة قطبين هما الباحث من جهة والموضوع من جهة أخرى، فإن أصحاب موقف الواقعة قد دمجوا بينهما لحساب الموضوع، على حين اتخذ أصحاب موقف الماهية المنحى المضاد، فدمجوا بين القطبين ولكن لحساب الذات.


 ورغم سخط معظم أصحاب موقف الماهية على المذهب المثالي بصورته التقليدية، فإنهم يتفقون معه فيما يسلم إليه من الوجهة المنهجية وما يفترض من مصادرات، فالإنسان الذى يتحدثون عنه سواء كان ذاتا خاضعة للدراسة، أو باحثا فيه هو إنسان أو صورة إنسان بالمعنى الأرسطى، قد استقرت معالمها وتحددت قسماتها وماهيتها فهى الإنسان العاقل الرشيد الذي وهبت له قدراته ومشاعره وتصوراته دفعة واحدة. وهو الإنسان الذي يعرفه كل منهم في نفسه، أو فيمن يخالطهم في مجتمعه وعصره، على أن تكون هذه الصورة عن الإنسان الراشد المتمدين السوى خارج الزمان ولا صلة له بالتاريخ، ولم يتدرج اكتسابه لفاعلياته وقدراته ومشاعره على النحو الذى تحقق لأصحابنا خلال محاولات النجاح والإخفاق فى تجاوز المطالب العضوية والنفسية والاجتماعية، والتفوق على توزعها ونسبيتها والتجربة المعاشة أو الوعى حاضر مستمر لا ماض له ولا مستقبل.


ومن هذا التصور الضمنى للإنسان باحثا أو موضوعاً للبحث، جاء افتراضهم لليقين المطلق لأفكارهم ومناهجهم، فالأمور جميعا تكاد ماهياتها أن تكون محددة وليس علينا إلا أن نعود إلى الذات في صفائها، أو العقل في نقائه، لنستلهمها المعرفة الصادقة الموضوعية ولا يتركنا أصحاب موقف الماهية وحيدين مع الذات بل يطمتنوننا قبل كل شيء، بوجود ضمان يكفل الموضوعية واليقين، فمثلما يكون الصدق الإلهي عند ديكارت هناك العقل الموضوعی عند دیلتای والأنا الترنسند نتالية عند هوسرل ويضيفون إلى هذا الضمان الثقة بالحدس، الذي لا يأتيه الباطل، ولا تجوز عليه أغاليط التجارب الطبيعية و انحرافات الحواس. غير أننا لا يمكن أن نسلم معهم بما يفضي إليه الحدس من يقين فهو يقين لا شأن له بالعلم لأنه لا يعين لنا الطرائق التي نتحقق بها من صحته لأن ما جاء بالحدس لا يثبته إلا الحدس كما يقول هوسرل، ومن ثم فهو يقين فردى لا يمهد سبيلاً نحو الموضوعية العلمية وكيف نضمن صحة ما كتبه أصحابنا وهم جالسون إلى مكاتبهم، ونتثبت من صدقه خارج غرفات المكاتب؟ لا شك أن ما كتبه هؤلاء جاء نتيجة لتعمقهم في معنى تجاربهم المعاشة، ولكن ما هي الطريقة التي بمقتضاها نسلم معهم بأن تجاربهم هي عينها، أو هي النموذج الذى يمكن أن يتكرر لدى غيرهم من البشر خارج مجتمعاتهم وعصورهم؟ فهناك خلط بين مسألتين : كيف نفکر؟ وفيم نفكر والمنهج الذاتى قد تكون له أهميته في التحليل المستقطب أي بمعنى تحليل وتقويم أو نقد عناصر الذات العارفة، وليس موضوع المعرفة. ولا يكون له بموجب ذلك الأهلية أو المشروعية في بناء أو إنشاء المعرفة التي قد تزعمها هذه الوجهات من النظر. فهو تحليل مستقطب لأنه ينجذب فقط إلى أحد مكونات الموقف العرفانى ويغفل الجانب الآخر رغم محاولته اغراقنا في مصطلحات تبدو عليها مسحة الموضوعية مثل التجارب والوقائع القصدية والمقابل الموضوعي والتقوم (أو) (التكوين وغيرها. فهو اعتراف بالقطب الآخر ولكن ريثما يتم الحاقه وضمه إلى القطب الأول وهو الذات. فهل هي مضى إلى الأشياء أم ترى هى عودة إلى رحم الذات؟


إن المجتمع والتاريخ عند أصحابنا مؤلف في التحليل الأخير من ذوات ووقائع فردية ولا خلاف حول هذا، ولكن ثمة طرق متعددة لتناولهما، الفن أولاها وهو الذى يحتفظ بهذه الفردية العينية لا يعدوها، والفلسفة تتناولها على أساس منظور شمولی قائم على افترضات واسعة لا تقبل التحقق المباشر، والعلم هو الذي يبدأ بها ليتجاوزها إلى التعميم الذى يقبل التحقق من صحته. هنا تختلط الأمور عند أصحابنا فيضعون الفن و الفلسفة والعلم في سلة واحدة هي العلم أو الفلسفة بوصفها علما. فوصفهم لتجاربهم المعاشة (فن) يقوم على أساس من وجهة نظر شاملة للإنسان فى العالم (فلسفة) حيث يستخلصون قضاياهم العامة التي يعدونها تأسيسا وتحقيقا للمشروع العلمى فى العلوم الإنسانية. وبذلك نواجه مرة أخرى مازق الخلط بين المستوى الانطولوجي والمنهجي، على النحو الذي يعجزنا عن قبول وجهة نظرهم وآرائهم فى العلم إلا إذا سلمنا منذ البداية بمصادراتهم الفلسفية. ومازلنا إذن إزاء عقبة حقيقية في وجه تحقيق الموضوعية العلمية. فالموضوعية عند معظم أصحاب هذا الاتجاه ليست شرطا ومطلبا بقدر ما هي هدف محقق بالفعل في نظرهم فالقول بأنها "ما يصدق دائما" لدى الجميع تعريف وشرط ومطلب يحثنا على إنجازه كهدف، ولا يكفى أن يقال إن الناس جميعا ودائما يصنعون كذا وكذا فى تجاربهم المعاشة، ويفكرون على هذا النحو أو ذاك لكي يلتقى طرفا الدائرة بين المطلب، وتحقيقه فما زلنا حيث بدأنا نرفع أقدامنا ونخفضها دون أن نتحرك خطوة. 


ولننظر في التفهم وما يقترن به من "مشاعر" وابتعاث, Nacher leben Reliving و انتساخ Reproduction - Nachbilder وهو ما يزعمون أنه المنهج الملائم لنوعية الظاهرة الإنسانية. ولا شك في أهمية هذا الأسلوب في تناول الظواهر الإنسانية إذا ما حددنا مهمته وإمكاناته. فليس فيه من جديد إلا ما يمكن أن نصوغه في عبارة فظة هي أن نضع أنفسنا موضع الآخرين. وفي هذا افتراض مسبق بأن الآخرين يشعرون ويسلكون مثلما نشعر ونسلك. وهو افتراض لا ينبغي أن نبدأ به بل الأحرى أن نبدأ باثباته.


ورغم بساطة هذا المنهج" فقد ارتدى عند الكثير من علماء النفس والاجتماع اثوابا كثيفة من الاصطلاحات فزنانيكي Znanieki يتحدث عن الخبرة بالإنابة Vicarious Experience مصدرا للمعطيات السوسيولوجية المتعلقة بما يسميه  بالمعامل الإنساني Humanistic coefficient كما يتحدث "ماكيفر" Maciver عن عملية إعادة البناء" الخيالية Imaginative reconstruction كما يلح سوروكين" Sorokin على أهمية استخدام ما يسميه بالمنهج المنطقى المشمول بالمعنى -Logico Meaningful Method ) كذلك يسميها فرانز الكزاندر بالقياس الانفعالي" Emotional Syllogism."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب