لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب تاريخ الفلسفة اليونانية PDF تأليف د. يوسف كرم

كتاب تاريخ الفلسفة اليونانية - تأليف د. يوسف كرم - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : تاريخ الفلسفة اليونانية.


تأليف : يوسف كرم.


الناشر : مؤسسة هنداوي.


حجم الكتاب : 7.55 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"ديموقريطس


(أ) ولد في أبديرا من أعمال تراقية، وكانت مدينة غنية بناها فريق من الإيونيين بالقرب من مناجم ذهب، وقد ذكر عن نفسه «أن أحدًا من أهل زمانه لم يقم بمثل ما قام من رحلات ولم يَرَ مثل ما رأى من بلدان ولم يستمع إلى مثل ما استمع من أقوال العلماء، ولم يتفوق عليه في علم الهندسة حتى ولا المهندسون المصريون.» وفي مقدمة الذين استفاد بعلمهم رجل اسمه لوقيبوس يرجح أنه ولد في ملطية ورحل إلى إيليا، وأخذ عن زينون ثم جاء أبديرا وأنشأ فيها مدرسة، وهذا كل ما نعرف عنه، لذلك لا يفرد له مكان في تاريخ الفلسفة، وأرسطو نفسه يقرن اسمه دائمًا باسم ديموقريطس تلميذه وصديقه، ويضيف إليهما مذهبًا واحدًا، وعُرف هذا المذهب في القديم من كتب ديموقريطس، وكانت تؤلف موسوعة كبرى في أسلوب تعليمي تناولت أصناف العلوم والفنون — الأخلاق والطبيعة والنفس والطب والنبات والحيوان والرياضيات والفلك والموسيقى والجغرافيا والزراعة والصنائع — ولم يبقَ لنا منها سوى شذرات متفرقة.


(ب) ويلوح أن أصل المذهب محاولة التوفيق بين الإيلية والتجربة، وأن لوقيبوس وديموقريطس كانا مقتنعين من جهة بقول الإيليين: إن الوجود كله ملاء، وإن الحركة ممتنعة بدون خلاء، والخلاء لا وجود، من جهة أخرى بأن الكثرة والحركة لا تنكران، ودلتهما التجربة على وجود ذرات مادية غاية في الدقة كالتي تتطاير في أشعة الشمس، وكالذرات الملونة التي تذوب في الماء، والذرات الرائحية التي تتصاعد مع الدخان أو الهواء، ودلتهما التجربة أيضًا على أن اللبن والخشب يرشح منهما الزيت والماء، وأن الضوء يخترق الأجسام الشفافة، وأن الحرارة تخترق جميع الأجسام تقريبًا، فبدا لهما أن في كل جسم مسامَّ خالية يستطيع جسم آخر أن ينفذ منها، وكانت طريقتهما في التوفيق أن قَسَّمَا الوجود الواحد المتجانس عند الإيليين إلى عدد غير متناهٍ من الوحدات المتجانسة غير المنقسمة غير المحسوسة لتناهيها في الدقة، ووضعاها في خلاء غير متناه تتحرك فيه فتتلاقى وتفترق فتحدث بتلاقيها وافتراقها الكون والفساد، وقالا: إنها قديمة من حيث إن الوجود لا يخرج من اللاوجود، وإنها دائمة من حيث إن الوجود لا ينتهي إلى اللاوجود، وإنها متحركة بذاتها، وواحدها الجوهر الفرد، فإنها جميعًا امتداد فحسب أو ملاء غير منقسم، فهي متشابهة بالطبيعة تمام التشابه، وليست لها أية كيفية ولا تتمايز بغير الخصائص اللازمة من معنى الامتداد وهي الشكل والمقدار، أما الشكل فمثل Λ وΝ ومنها المستدير والمجوف والمحدب والأملس والخشن إلى غير ذلك، وأما المقدار فيتفاوت مع إبائه القسمة وخلوه عن الثقل، كذلك يتميز الخلاء الفاصل بينها بالمقدار والشكل، وليس الخلاء عدمًا ولكنه امتداد متصل متجانس يفترق عن الملاء بخلوه من الجسم والمقاومة، ويسمي لوقيبوس وديموقريطس الملاء وجودًا والخلاء لا وجودًا، ويعتبرانهما علتين مادتين على السواء؛٤ ذلك أنهما ظنا أنه لولا الخلاء لما تمايزت الجواهر، ولما كانت الكثرة، ولامتنعت الحركة، وأن القول بالحركة والكثرة يقتضي حتمًا القول بالخلاء واعتباره مبدأ حقيقيًّا إلى جانب الملأ.


(ﺟ) وتفصيل القول في الكون والفساد أن الحركة تعصف بالجوهر منذ القدم وتوجهها إلى كل صوب في الخلاء الواسع، فتتقابل على أنحاء لا تحصى، وتتشابك بنتوآتها في مجاميع هي الموجودات، وإنما تختلف الموجودات باختلاف الجواهر المؤلفة لها شكلًا ومقدارًا ثم باختلاف الجواهر المتشابهة الشكل ترتيبًا ووضعًا بعضها من بعض: الترتيب مثل Λ Ν وΝ Λ والوضع مثل Ι وΗ أو Ζ وΝ٥ بحيث يمكن القول: إن الأشياء هندسة وعدد، ولما تتكون المجاميع تكتسب الثقل والخفة، فالأثقل هو الأكبر حجمًا، والأقل خلاءً يستقر بسهولة في المركز ويتحرك ببطء، والأخف هو الأصغر حجمًا، والأكثر خلاء ينتثر بسهولة نحو محيط المجموع سواء أكان هذا المجموع عالمًا أو شيئًا جزئيًّا في العالم الواحد، وتكتسب سائر الكيفيات المحسوسة من لون وطعم وحرارة وغيرها، فإن هذه الكيفيات تابعة من ناحية لتركيب الأشياء ومسافتها ووضعها، ومن ناحية أخرى لتركيب الأشخاص وتغيرهم من حال إلى حال والشواهد كثيرة،٦ لذلك يقول ديموقريطس: إنها «اصطلاح» أي نسبة حادثة بين الجواهر في الأشياء وفي الحواس، وإنها موضوع معرفة غامضة، أما الجواهر والخلاء فإنها موجودة حقًّا وهي الموضوع الوحيد للمعرفة الحقة.


(د) والنفس مادية طبعًا مؤلفة من أدق الجواهر وأسرعها حركة من حيث إن النفس مبدأ الحركة في الأجسام الحية، ومثل هذه الجواهر هي المستديرة التي تؤلف النار ألطف المركبات وأكثرها تحركًا، فالنفس جسم ناري، وهذه الجواهر منتشرة في الهواء يدفعها إلى الأجسام فتتغلغل في البدن كله وتتجدد بالتنفس في كل آن، وما دام التنفس دامت الحياة والحركة،٧ وهي أوفر عددًا في مراكز الإحساس والفكر؛ أي في أعضاء الحواس والقلب والكبد والمخ، فإنها تكتسب الحساسية إذا توافرت، وما دامت حاصلة كلها في البدن دام الشعور، فإذا ما فقد بعضها كان النوم واللاشعور، وإذا فقد معظمها كان الموت الظاهر، وإذا فقدت جميعًا كان الموت الحقيقي أي فناء الشخص، وتحقيق الإدراك الحسي أن بخارات لطيفة تتحلل من الأجسام في كل وقت محتفظة بخصائص الجسم المتحللة منه، فهي صور وأشباه تفعل في الهواء المتوسط بين الشيء والحاسة فعل الخاتم أو الطابع في الشمع، وتتغلغل في مسامِّ الحواسِّ فتدرك، وإنما يختلف انفعالنا بها لاختلاف الجواهر المؤلَّفة للأجسام، فالخشنة منها تؤلف الأجسام الحامضة والمرة، بينما الملساء تؤلف الأجسام الحلوة وهكذا، وأما الفكر فهو الحركة الباطنة التي تحدثها الإحساسات في المخ ليس غير، أو هو الصور المحسوسة ملطفة؛ فإن الإحساس هو المصدر الوحيد للمعرفة، ولم نخرج عن المادة وإذن فليس للإنسان أن يرجو خلودًا، وإنما سعادته في طمأنينة النفس وخلوها من الخرافات والمخاوف، وتتحقق هذه الطمأنينة بالعلم والتسليم لقانون الوجود والتمييز بين اللذات والتزام الحد الملائم فيها — فإن تجاوز الحد يجر الألم — واجتناب الانفعالات العنيفة.


(ﻫ) فديموقريطس قد مضى بالمذهب الآلي إلى حده الأقصى ووضعه في صيغته النهائية فقال: إن كل شيء امتداد وحركة فحسب ولم يستثنِ النفس الإنسانية كما رأينا ولم يستثنِ الآلهة، فذهب إلى أنهم مركبون من جواهرَ كالبشر إلا أن تركيبهم أدق، فهم لذلك أحكم وأقدر وأطول عمرًا بكثير، ولكنهم لا يخلدون؛ فإنهم خاضعون للقانون العام؛ أي للفساد بعد الكون واستئناف الدور على حسب ضرورة مطلقة ناشئة من «المقاومة والحركة والتصادم» دون أية غائية أو علة خارجة عن الجواهر مثل المحبة والكراهية ودون أية علة باطنة مثل التكاتف والتخلخل ودون أية كيفية، فالمذهب غاية في البساطة ولكنه حافل بالصعوبات، فما هي الضرورة التي يزعمها ديموقريطس لاجتماع الجواهر وتفرقها على نظام مطرد وأنواع ثابتة؟ أليس الأصح أن عالمه عالم اتفاق ومصادفة؟ بل ما هي علة الحركة منظمة كانت أم مضطربة؟ ونحن نفهم أن الثقل غير لازم بالذات من الكمية ولكن سلبه عن الجواهر يسلب عنها الحركة فتبقى في سكون مطلق، ثم كيف تتفاوت الجواهر بالمقدار وتتفق في عدم الانقسام؟ بل كيف يمكن أن يكون عدم الانقسام خاصية أصلية للجوهر، والجوهر امتداد بحت خلو من كل مبدإ يرده للوحدة؟ وما هو الخلاء وكيف يوجد امتداد غير مقاوم؟ وديموقريطس يعتبر المعرفة الحسية نسبية، ويقول: إن المعرفة الحقة في العقل، ولكنه يجعل العقل صدى الحس، ولا يفسر كيف يرتفع العقل فوق الحس ويدرك اللامحسوسات مثل الجواهر والخلاء، وكيف يتفق الإحساس والعقل للطبيعة المادية بما هي مادية؟"


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب