كتاب مسارات التحول السوسيولوجي في المغرب - تأليف د. عبد السلام حيمر - أونلاين بصيغة إلكترونية online pdf
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : مسارات التحول السوسيولوجي في المغرب.
تأليف : د. عبد السلام حيمر.
الناشر : جريدة الزمن.
عدد الصفحات : 143.
حجم الملف : 14.79 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"المدرسة والمجتمع: أي علاقة؟
ملاحظات بصدد علاقة المدرسة المغربية بمحيطها السوسيوثقافي
من البديهي القول إن المدرسة (بمفهومها الشمولي) هي إحدى المؤسسات الاجتماعية الأساسية التي تنتظم في نسق كلي هو المجتمع وفق قواعد محددة (يلعب فيها التاريخ واللغة والدين والجغرافية وأنماط الإنتاج السائدة ونسبة القوى الطبقية والجهوية دوراً كبيراً. إنها إحدى مؤسسات المجتمع المدني في مقابل المجتمع السياسي وقد تخصصت في مجال الممارسة التربوية الثقافية. ولذلك تلتقي المدرسة في وظيفتها وتتكامل مع مؤسسة اجتماعية أخرى تلعب دوراً كبيراً في التنشئة الاجتماعية والثقافية هي : الأسرة. ولا غرو في ذلك فالكل يعلم أن المدرسة إنما نشأت تاريخيا في المجتمع البشري الذي دلف إلى عتبة الحضارة وعرف تقسيم العمل الاجتماعي وتشكل الدولة، لتكون رديفا للأسرة في الوقت الذي استحال فيه على العائلة فالأسرة أن تلقن للنشيء مختلف المعارف والخبرات التي تراكمت في الحقل الثقافي للمجتمع بفضل حفظها عبر أجيال كثيرة متتالية لا بالرواية الشفوية والقدوة فقط بل بالكتابة أيضا ... ومن هنا تخصصت المدرسة، علاوة على مشاركتها للأسرة في التنشئة الاجتماعية وفق سلم القيم والقواعد السائدة، في نقل وتلقين ونشر كل المعارف والعلوم والخبرات التقنية التي تراكمت عبر الزمن في مجتمعها، بل وفي المجتمعات الأخرى عبر. ما يسمى بالمثاقفة، وتفاعل وحوار الحضارات، وتبادل القيم الحضارية بين بلدان العالم وشعوبه ... إلخ؛ بل إنه أصبح مطلوبا أيضاً من المدرسة في الأزمنة الحديثة أن تكون مجالا متخصصا في الإبداع الثقافي والاكتشاف العلمي والابتكار التقني المتواصل.... ومن جهة أخرى فإن المدرسة، وإن كانت أحد مكونات المجتمع المدني، تؤدي وظائفها تلك سواء كانت عمومية أو خاصة تحت هيمنة الدولة، والطبقة السائدة أو تحالف الفئات والطبقات السائدة، فهي إحدى أجهزة الدولة الإيديولوجية في مجال الفعل التربوي بحيث إن تهذيبها ،السلوكي، وتكوينها وتأهيلها المعرفي، العلمي والتقني للنشيء منظوراً إليه كقوة عمل منتجة لا تتم إلا في إطار إخضاع إيديولوجي)؛ إذ أن إعادة إنتاج وتأهيل قوة العمل لا تتم إلا تحت أشكال من الإخضاع الإيديولوجي، أو من ممارسة تلك الإيديولوجيا التي هي إيديولوجيا الطبقة السائدة... وهكذا تلعب المدرسة دوراً أساسيا في إعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع محققة هيمنة الدولة وسيادتها بواسطة الإقناع والتراضي بتعبير غرامشي، أو بواسطة عنف وإكراه وقسر يختلف عن عنف الدولة المادي بكونه عنفا رمزيا حسب بيير بورديو. بيد أن المدرسة، بسبب طبيعتها تلك، لا تخلو من انعكاس تناقضات الدولة والمجتمع على بنيتها وأدائها لوظائفها. فكل الصراعات والائتلافات التي تنشأ بين القوى الاجتماعية، بسبب مواقعها المتفاوتة في بنية الإنتاج المادي والروحي للمجتمع، تخترق فضاء المدرسة وتثوي في مضامين مقرراتها وكتبها المدرسية ومناهجها وطرق التلقين السائدة فيها وتحدد علاقات العاملين بها من مدرسين وإداريين وطلاب أو تلاميذ.. هذا يعني أن المدرسة، في الأحوال الطبيعية شديدة الارتباط بمحيطها الاجتماعي والثقافي بالدولة والمجتمع المدني وإن كل «انوميا» بتعبير دوركهايم، أو خلل وظيفي يطرأ في المجتمع لهذا السبب أو ذاك ينعكس على شكل أزمة حادة في المدرسة يكون لها أوخم العواقب بدورها - على إعادة إنتاج الدولة لذاتها، بل على إعادة إنتاج النظام الاجتماعي برمته وما إن تخترق الأزمات الزوج المهيمن (المدرسة الأسرة داخل بنية أجهزة الدولة الإيديولوجية حتى يتعرض الوجود الاجتماعي كله لخطر التفكك والانهيار.....
ولذلك تجد الدولة كيفما كان شكلها ومحتواها الاجتماعي ذات حساسية خاصة لما يطرأ من أزمات وتناقضات في عمل المدرسة في أدائها لوظائفها المختلفة، فيكثر الحديث عن إصلاح المدرسة وتحديثها وإعادة ربطها بمحيطها الاجتماعي والثقافي ... إلخ.
في ضوء هذه المقدمات النظرية، نقول إننا اعتدنا في السنوات الأخيرة سماع حديث عن فوات المؤسسة المدرسية المغربية وعقمها وأزمتها المتفاقمة ولا جدواها وتناقض عملها التكويني مع حاجيات محيطها الاجتماعي الذي يُخْتَزل عادة في سوق الشغل، وهو التناقض الذي يبدو صارخا في حياة الأسر المغربية على شكل بطالة الخريجين لا من الجامعات فقط، بل من مختلف أسلاك وأطوار التعليم في بلادنا بما فيها مؤسسات التكوين المهني والتقني المستحدثة خلال الثمانينات."
رابط تحميل الكتاب