كتاب الفلسفة الغربية: من التنوير إلى العدمية - تأليف د. علي حسين الجابري - أونلاين بصيغة إلكترونية online pdf
معلومات عن الكتاب :
عنوان الكتاب : الفلسفة الغربية: من التنوير إلى العدمية.
تأليف : د. علي حسين الجابري.
الناشر : دار مجدلاوي للنشر والتوزيع.
عدد الصفحات : 286.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"النزعة التاريخية ماهيتها وسيرورتها
اتجهت الفلسفة في البحث الحضاري والتاريخي إلى منهج يلجأ إلى سجل منجزات الأمم الماضي)
(للاعتبار) منه في فهم الواقع (الحاضر) ورسم آفاق (المستقبل)، بعد ذلك (التراث الاصالة معينـا لا يخلو
من فوائد (تجريبية) و(واقعية) تعيننا على معرفة القواعد التي يرتكز عليها التاريخ في حركته والدوافع التي تسوقه بهذا الاتجاه دون غيره والانعطافات الكبرى التي مر بها، وعلاقة ذلك (بالسبب أو الأسباب) التي تكمن وراء تلك الحركة وذاك الاتجاه، وذلك المال.
لقد استغرقت النزعة التاريخية سلسلة من المنجزات رصدها ابن خلدون (ت 808 H /1406= M ) في المقدمة وتابعه الدلجي أحمد بن علي (ت 835 / 1433 M) ومدرستها ممثلة بأبن الأزرق في بدائع السلك في طبائع الملك والسخاوي في الاعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، بعد أن ورثت جهود 5000 شخصية فكرية وتاريخية اجتمعت بـ 15000 عنوان عمراني تاريخي / سياسي / حضاري مع الألف الهجري الأول والقرن الخامس عشر للميلاد السادس عشر منه وحين انتقل مسار البحث، وتحولت رياح العلم والمعرفة إلى أوروبا، كانت هذه الابحاث حاضرة كفعل أو رد فعل عند كل من (ميكافيلي) و(فيكو) وغيره من الباحثين عن السياسة والحضارة في الماضي والتاريخ، والدولة، كما ظهرت لاحقا عند كانط (ت 1804) وهيجل (ت 1831) وماركس (ت 1883) في المباحث الانسانية، وسبنسر ودارون ونيتشه في مباحث البيولوجيا التطورية، ومباحث شبنجلر وتوينبي وجارودي في الدراسات الحضارية، مع ما رافق هذه النزعة التاريخية من تفسيرات ونظريات عند كارليل وفرويد وكروتشة ،وهسرل، كل بحسب منطلقه الإنساني وموقفه من محركات التاريخ ودوافعه ) وهكذا إذن نشأ خطان داخل الحركة التاريخية) تنويري تقدمي يرى الأمل بالمستقبل ولولبي حلزوني دوري، يرى الحضارة تجربة إنسانية محكومة بظروفها ومولداتها تجيء وتذهب على اختلاف مناهج أصحابها.
كما اختلفت بالفلاسفة السبل عِبَر (مراحل التاريخ ومسيرته ووجهته ومحركاته لكن المناخ الميتافيزيقي هو الذي كان يضع الفكر الفلسفي تحت ظلال (الله أو المطلق) أو الروح أو العامل الخارجي، ولم تستقر على مسار واحد، بعد أن دفعت الثقة العالية بالعلم، و (العقل) بعض الفلاسفة، ومنهم نيتشة على سبيل المثال لا الحصر، إلى اطلاق صيحته المعروفة: (لقد نما الإنسان الخارجي على حساب الانسان الداخلي) بعد أن اختنق ذلك الانسان بدخان المصانع) (الفصل الرابع).
وكان الحل عنده عدميا بعد الخروج من تحت المظلة الإلهية حينما أعلن على لسان زرادشت ان الاله قد مات، اختنق بحبل رحمته).
بهذه الكيفية اخرج الإنسان (تحرر) من مظلة الروح إلى (صحراء) الحياة وهجيرها من غير غطاء سوى أسلحة العلم وظلاله معتمدا على (ذاته) و (علمه) و (عقله) على أن يكون (خارقا-سوبر مان) كما أراده نیشته ودارون و (سايبورغا) كما سيريده أنصار النزعة (اللاتاريخية) ولا سيما كارل بوبر.
ومع تصاعد مؤشرات التضخم والانتاج الرأسمالي والتفاوت الطبقي، بقيت محنة الانسان بلا حل، وسخر العلم لصالح الأثرياء.
وتتابعت أزمات ذلك المجتمع وراح البعض يفكر بحتمية السقوط المنتظر للحضارة الغربية مع إطلالة القرن العشرين الذي شهد مولد الحركة الصهيونية في مؤتمرها الأول في بازل سنة 1897) لذلك انعقد أطول منتدى علمي لجامعتي لندن وباريس خلال السنوات (1905-1907) لتدارس سبل الحفاظ على سيرورة الحضارة الغربية وتجنبا للسقوط الذي سيتحدث عنه اشبنجلر (ت 1936) في كتابه (تدهور الغرب)، وعلى وفق التفسير الحيوي للتاريخ الذي سبق أن تحدث عنه الصديق الدكتور محسن محمد | الأربلي.
نعم دخلنا القرن العشرين مع حشد من التفسيرات عن الصراع السادة والعبيد الأنواع الطبقات كان إصرار ماركس فيها أكثر صدى بين الطبقات المسحوقة، في حديثة عن الصراع الطبقي، وإن الخلاص سيأتي حين تقصى البرجوازية من السلطة، بصعود الطبقة العاملة وإمتلاكها الجنة الأرضية ) على وفق الايقاع الذي رسمه بليخانوف لاحقا.
لهذا السبب وغيره، بقي الانسان في هجير الرمضاء وهمومها وسمومها على الرغم من انتعاش الذاكرة بشعارات الثورة الفرنسية عن الحرية، والاخاء والمساواة ونداءات الاشتراكيين إلى عمال العالم للاتحاد في وجه غول الراسمالية.
ومع احتدام الصراع، وتصاعد إيقاع الحروب الكونية في أوروبا بسبب أزمات الرأسمالية المتكررة احتل التفسير الحضاري مكانة متقدمة في أعمال الفلاسفة، فكان توينبي ( في التحدي والاستجابة) وجارودي في (حوار الحضارات)، يخرجان بالفكر الفلسفي التاريخي، من المركزية الأوروبية) إلى المحيط الإنساني الأوسع، الذي يضم إسهامات الأمم والشعوب ذات الأدوار الحضارية المعروفة في التاريخ.
إن (الحوار) هو المدخل السليم لإقامة حياة سعيدة للإنسان الحائر بين العلم والإيمان) الذي جاءت الثورة البولشفية) سنة (1917) لتكون ملاذا للفقراء، والأكثرية المعدمة والمؤمنة، التي كان حقد نيتشة عليها وراء دعوته للاستقراطيين لكي يبطشوا بها من خلال فكرة إرادة) (القوة) والسوبرمان وما زالت إصداء الانفجارات والموت والدمار، تتردد في أذهان الناس وهم يعيشون حياة الحروب المدمرة بالأسلحة الجديدة التي أنتجها (العلم) و (العقل) لتحصد الملايين بدلا من ثمار الحياة الإنسانية السعيدة في ظل السلام والأمن التي وعد بها على لسان الذين أخرجوه من (تحت مظلة الروح)."
رابط تحميل الكتاب