لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب بحث في التاريخ - الجزء الأول PDF تأليف أرنولد توينبي

 كتاب بحث في التاريخ - الجزء الأول تأليف أرنولد توينبي - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF









معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : بحث في التاريخ.


الجزء : الأول.


تأليف :  أرنولد توينبي.


ترجمة : طه باقر.


الناشر : الوراق للنشر.


حجم الكتاب : 13 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 






مقتطف من الكتاب :


"التأريخ والعلم والقصة :


يوجد ثلاثة أساليب متباينة للنظر في أغراض تفكيرنا والتعبير عنها وعرضها، ويدخل ضمن هذه الأغراض ظواهر الحياة البشرية. فأول هذه الأساليب تمحيص الحقائق وتدوينها والثاني توضيح هذه الحقائق بقوانين عامة يتوصل إليها بالبحث في تلك الحقائق بحثاً مقارناً، والأسلوب الثالث «إعادة خلق هذه الحقائق أو تجديدها تجديداً فنياً على هيئة قصة خيالية . والمفروض عموماً أن تمحيص الحقائق وتدوينها هو أسلوب التأريخ، وأن الظواهر الداخلة ضمن هذا الأسلوب هي الظواهر الاجتماعية من الحضارات. وإن استخراج القوانين العامة وتفسيرها هو أسلوب العلم، وأن العلم المختص بدراسة الحياة البشرية هو «الأنثروبولوجيا»، أما الظواهر الداخلة في منهجه العلمي فهي الظواهر الاجتماعية في المجتمعات البدائية. وأخيراً فإن الخيال هو منهج «الدراما» والقصة أو الرواية، وأن الظواهر الداخلة ضمن هذا المنهج هي العلاقات الشخصية بين الكوائن البشرية. إن كلّ هذا موجود بأسسه في مؤلفات «أرسطو».


ومع ذلك فإن توزيع هذه الأساليب بين دوائر البحث الثلاث  هو أوهى تماسكاً مما يظن. فالتأريخ مثلاً لا يعنى بتدوين جميع الحقائق الخاصة بالحياة البشرية فهو يترك حقائق الحياة الاجتماعية في المجتمعات البدائية ليستخرج منها علم الأنثروبولجيا قوانينه ويتخلى إلى فن السير أو التراجم عن الحقائق الخاصة بحياة الأفراد - على الرغم من أن حياة الأفراد جميعاً تقريباً مما تتصف بالأهمية والقيمة اللتين تجعلانها تستحق التسجيل، لم يكن أصحابها قد عاشوا في المجتمعات البدائية بل في أحد المجتمعات المتحضرة التي تعد، كما هو المتعارف ضمن دائرة التأريخ. وهكذا فإن التأريخ يعنى ببعض حقائق الحياة البشرية وليس كلها ومن الجهة الثانية فإن التأريخ بالإضافة إلى تدوينه الحقائق، يلجأ إلى الخيال وينتفع من القوانين.


لقد نشأ التأريخ، مثل «الدراما والقصة من «الميثولوجيا» (الأساطير)، وهي شكل بدائي في التعبير والإدراك يكون فيه الحدّ بين الحقيقة والخيال مختلطاً غير واضح ـ كما في السوالف الأسطورية التي يصغي إليها الأطفال أو الأحلام التي يراها الكبار الراشدون. فمثلاً لقد قيل إن من يشرع في قراءة «الإلياذة» على أنها تأريخ يجدها ملأى بالخيال ولكن يصح القول أيضاً أن من يشرع في قراءتها على أنها خيال يجدها ملأى بالتأريخ. وتشبه جميع التواريخ الإلياذة إلى الحد الذي لا تستطيع فيه هذه التواريخ أن تستغني عن عنصر الخيال بالمرة. وأن مجرد اختيار الحقائق وتنظيمها وعرضها لهو أسلوب يعود إلى حقل القصة والخيال وأن رأي الجماهير مصيب في تمسكه بأنه ما من مؤرخ يستطيع أن يكون مؤرخاً عظيماً إذا لم يكن كذلك «فناناً» عظيماً . وإن المؤرخين من طراز «جيبون» و«مكولي لهم مؤرخون أعظم من أمثال «در ایسدصت» الذين اجتنبوا عدم الدقة في الحقائق أكثر من أولئك الملهمين من أترابهم ودرايسدصت» اسم اخترعه السير ولتر سكوت» الذي كان هو نفسه مؤرخاً في بعض رواياته أعظم منه في أي تأريخ من تواريخه). ومهما كان الحال فإنه يكاد يكون من المتعذر كتابة سطرين متتابعين من رواية التأريخ بدون إقحام تشخيصات مجردة وهمية مثل إنكلترا أو فرنسا أو حزب المحافظين أو الكنيسة أو الصحافة أو الرأي العام». وقد عبر المؤرخ «نوسیدایدز». عن الشخصيات التأريخية تعبيراً روائياً (دراماتيكياً) بأن نسب إليهم محاورات وكلاماً. ولكن حين نجد طريقته في نقل الكلام المحكي» (أو المقتبس) أمتع وأكثر حيوية، فهي إلى ذلك ليست أكثر وهماً أو خيالاً من طريقة «الكلام غير المحكي» (أو المقتبس)، وهي الطريقة التي يعرض بها المحدثون صورهم المركبة المختلطة للتعبير عن الرأي العام.


ومن الجهة الثانية فإن التأريخ استخدم عدداً من العلوم المساعدة التي تضع القوانين العامة ليس عن المجتمعات البدائية بل عن الحضارات، مثل علم الاقتصاد وعلم السياسة وعلم الاجتماع.


وبوسعنا أن نبرهن، وإن يكن ذلك غير ضروري لنقاشنا، على أنه كما أن التأريخ غير بريء في استعمال مناهج البحث الخاصة بالعلم والرواية، فإن العلم والرواية لا يقتصران في أسلوبهما أبداً على المنهج المفروض أنه خاص بهما . فإن جميع العلوم تمرّ في مرحلة يكون فيها تمحيص الحقائق وتدوينها العمل الوحيد الممكن لها . فهذا علم الأنثروبولوجيا» لم يبدأ بالخروج من تلك المرحلة إلّا منذ زمن .حديث وأخيراً فإن «الدراما» والقصة لا تعرضان لنا في أمر العلاقات الشخصية أخيلة صرفة فقط، دون أي شيء آخر سوى الخيال. ولو أنهما اقتصرتا على ذلك لكان قوام نتاجهما صرف هذيان وأوهاماً لا تحتمل ولما استحقتا ذلك المدح والتحبيذ من أرسطو حيث رأى فيهما «أنهما أصدق من التأريخ وأكثر فلسفة منه. وإننا حين نسمي قطعة من الأدب نتاجاً من القصة الخيالية فلا نعني بذلك أكثر من أن أشخاص الرواية لا يمكن تعيينهم وتشخيصهم بأفراد معيَّنين نعرفهم، وأن حوادث الرواية لا يمكن تعيينها بحوادث معيّنة بالذات فإن ما نعنيه في الواقع أن ذلك النتاج يستند في فكرته إلى شيء خيالي من ناحية الأشخاص، وأننا إذا لم نذكر أن أساس الرواية حقائق اجتماعية صحيحة فإنما ذلك لأنه أمر بديهي نعده المسلمات. من والواقع أننا نقر بأن أحسن ثناء نمتدح به نتاجاً روائياً قولنا عنه إنه «من صميم الحياة وإن «المؤلف أظهر فهماً عميقاً للطبيعة البشرية». وبوجه التخصيص : إذا عالجت قصة ما شؤون عائلة خيالية من أهل الصناعات الصوفية في يوركشاير» فإننا نثني على المؤلف بأن نقول عنه : إنه يعرف المدن الغربية الصناعية معرفة تامة متقنة.


ومع ذلك فإن تمييز أرسطو بين أساليب التأريخ والعلم والرواية يبقى صحيحا بوجه العموم. ولعلنا سنرى لماذا يكون الأمر كذلك إذا فحصنا هذه الأساليب مرة أخرى، لأننا سنجد أنها تختلف بعضها عن بعض في مسألة قابلياتها على البحث في حقائق مختلفة الكم. فإنَّ تمحيص حقائق معينة وتدوينها هو كل ما يمكن عمله في حقل من البحث يتفق أن تكون فيه الحقائق قليلة. أما استخراج القوانين وصياغتها فهما أمران ممكنان وضروريان متى ما كانت الحقائق من الكثرة بحيث يتعذر وضعها بجداول أو أثبات مبسطة، بيد أنها ليست من الكثرة بحيث يتعذر فيها الاستعراض والتمحيص. أما الإبداع الفني أو أسلوب التعبير الذي يسمى خيالاً ورواية فإنه المنهج الوحيد الذي يمكن استخدامه أو إنه يستحق الاستخدام عندما تكون الحقائق كثيرة لا تحصى، وهنا كما بيّن الأساليب الثلاثة يكون لدينا فرق كمّي جوهري . فتختلف هذه الأساليب في فائدة استعمالها لمعالجة كميات مختلفة من الحقائق. فهل بوسعنا أن ندرك فرقاً مماثلاً في كميات الحقائق التي نجدها في كل حقل من حقول دراساتنا الثلاثة؟"


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب