لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب بحث في التاريخ - الجزء الثاني PDF تأليف أرنولد توينبي

كتاب بحث في التاريخ - الجزء الثاني تأليف أرنولد توينبي - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF









معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : بحث في التاريخ.


الجزء : الثاني.


تأليف :  أرنولد توينبي.


ترجمة : طه باقر.


الناشر : الوراق للنشر.


حجم الكتاب : 8.5 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"الفيلسوف المقنّع بقناع الملك:


أما واسطة الخلاص التي لا تلجأ إلى مساعدة «ماكنة الزمن» ولا إلى السيف فيقدمها لنا في الجيل الأول من زمن الشدائد الهليني (أفلاطون)، أقدم وأعظم البارعين الهلينيين في فن «الانعزال» إذ يقول :


لا أمل بانقطاع الشر في دول اليونان (هيلاس)، وباعتقادي لا أمل كذلك بالنسبة إلى البشر - ما عدا طريق الاتحاد الشخصي بين السلطة السياسية وبين الفلسفة وبتعطيل تلك الطبائع المشتركة الاعتيادية قسراً مما هي مقتصرة الآن على أتباع إحدى المهنتين دون الأخرى ويمكن أن يحقق ذلك الاتصال والجمع بأحد سبيلين : إما أنه ينبغي للفلاسفة أن يصيروا ملوكاً في دولنا، أو أنه يلزم على من يدعون الآن ملوكاً وحكّاماً أن يمتهنوا الفلسفة امتهاناً حقيقياً تاماً».


يجهد أفلاطون باقتراحه هذا الدواء أن يجرد مقدماً نقد الإنسان العادي من سلاحه. فهو يعرض اقتراحه على أنه نوع من المفارقة التي قد تثير السخرية من غير المتحلين بالفلسفة. ومع ذلك فإذا كانت «وصفة» أفلاطون يصعب قبولها على العوام - ملوكاً وسوقة على السواء - فهي صعبة القبول على الفلاسفة أيضاً. أفليس هدف الفلسفة الانعزال من الحياة؟ أليس اتباع الانعزال الفردي ونشدان الخلاص الاجتماعي ضدين لا يتفقان أبداً؟ فكيف يأخذ امرؤ على نفسه تخليص (مدينة) الهلاك التي يكافح ليتحرر ويهرب منها ؟


إن تجسّد تضحية النفس - الممثلة بالمسيح المصلوب ـ ليبدو في نظر الفيسلوف تجسداً للحمق. ومع ذلك فإن القليل من الفلاسفة ممن كانوا على شيء من الشجاعة جاهروا بهذا الاعتقاد، وكان أقل من هؤلاء من عمل بموجبه، لأن الماهر في فن الانعزال يجب أن يبدأ بهيئة رجل أتعبته الأحاسيس والمشاعر البشرية الاعتيادية إنه لا يستطيع أن يتجاهل مصائب جاره التي يحس قلبه بشدّتها وقوتها، أو يتظاهر أن سبيل الخلاص الذي حبّذته تجاربه لا يفيد جاره لو وصف له فهل يجشم فيلسوفنا نفسه بمد يد المساعدة لجاره؟ إنه في هذه الأزمة الأخلاقية يكون من العبث إذا التجأ إلى المبدأ الهندي الذي يرى في العطف والحب رذائل أو المبدأ «الفلوطيني الذي يعتبر العمل أو الفعل صورة ضعيفة واهنة من التأمل والتفكير، ولا هو بمستطيع أن يقف متهماً بالتناقض العقلي والأخلاقي كذلك الذي اتهم به شيوخ الفلسفة الرواقية «فلوطر الذي يورد نصوصاً مقتبسة نجد فيها أمثال خريسفوس» (Chrysippus) وهو يحكم على حياة الفراغ والكسل الأكاديمي بالضلال في جملة ويحبّذه في عبارة أخرى في نفس المقالة الواحدة». وأفلاطون نفسه أراد ألا يسمح للوذعيين الذين مهروا في فن الانعزال فيما بعد بالتمتع إلى الأبد بنور الشمس الذي شقوا إليه طريقهم بالصعاب. وهو يحكم بقسوة قلب على فلاسفته إن هم هبطوا كرة أخرى إلى «الكهف» من أجل مساعدة إخوانهم البشر التعساء ممن لا يزال مصفداً بالأغلال والبؤس». وإنه لمن المؤثر حقاً أن نرى هذه الوصية الأفلاطونية وقد أطاعها «أبيقور» إطاعة مخلّصة.


إن الفيلسوف الهليني الذي كان مثله الأعلى رباطة الجأش أو الهدوء الذي لا يكدّره شيء كان على ما يبدو الفرد الوحيد الذي حصل قبل عيسى الناصري على اللقب الإغريقي المخلّص». وقد كان هذا المجد أو الفخر في الغالب امتيازاً وقفاً على الأمراء وجزاء على الخدمات السياسية والحربية. وإن ما خص به «أبيقور» من الامتياز الذي لم يسبق له مثيل إنما كان نتيجة غير متوقعة لإطاعة ذلك الفيلسوف إطاعة معتدلة باردة لنداء القلب الذي لا يغالب. وإن ما أصابته تعاليم أبيقور الخاصة بالخلاص من الحماس والشكر والإعجاب مما أشادت بها أشعار «لوقريشيوس تجعل ذلك اللقب، وفي هذه الحالة على الأقل، ليس من الشكليات الفارغة بل كان تعبيراً عن شعور عميق حي ينبغي أن يكون قد وصل إلى هذا الشاعر اللاتيني بسلسلة من المآثر المتواترة المتحدرة من معاصري أبيقور ممّن عرفه وأعجب به وهو على قيد الحياة.


ويظهر لنا تأريخ «أبيقور الملغز المتناقض فداحة العبء الذي يتحتم على الفلاسفة أن يحملوه على عواتقهم لو التزموا العمل بموجب وصفة أفلاطون متبعين السبيل الآخر بصيرورتهم ملوكاً، ولذلك فليس من المستغرب أن نجد رأي أفلاطون الثاني - في تحويل الملوك فلاسفة ـ قد كان جذاباً غاية الجذب لكل فيلسوف ذي ضمير أو وجدان اجتماعي، ابتداء من أفلاطون نفسه. فقد خرج أفلاطون ما لا يقل عن ثلاث مرات من ملجئه الأتيكي» متطوعاً وإن لم يكن مشتاقاً، وعبر البحر إلى سرقوسة آملاً بأن يحوّل «طاغية» صقلية إلى اعتناق فكرة الفيلسوف الأثيني بالنسبة إلى واجب الأمير الحاكم. وقد كوّنت نتائج هذا الاتصال فصلاً غريباً في التأريخ الهليني ولكنه غير مهم مع الأسف. وظهرت سلسلة متنوعة من الملوك في التأريخ ممن شغل فراغه إشغالاً جدياً بالاستماع إلى مشورة الفلاسفة والأمثلة المألوفة أكثر لدى المطلعين من الغربيين أولئك الحكّام الذين سمّوا بـ «الطغاة المتنورين» في العالم الغربي في القرن الثامن عشر، الذين كانوا يسلون أنفسهم بالنقاش والمناظرة مع جماعات متنوعة من الفلاسفة الفرنسيين من «فولتير» فما بعد. بيد أنه يصعب علينا أن نجد مخلّصاً مرضياً في أمثال فردريك الثاني صاحب بروسيا أو كاترين» الثانية ملكة روسيا.


وتوجد أيضاً أمثلة على حكّام مشهورين اكتسبوا الفلسفة الصحيحة من معلمين ماتوا قبل أجيال سبقت فيعترف مثلاً مرقس أوريليوس» بفضل معلميه عليه وهما روستيكوس (Rusticus) و سيكتوس (Sextus). ولكن مما لا مراء فيه أن هذين المعلمين المجهولين لولا ذلك الاعتراف لم يكونا إلا مجرد واسطة لنقل فلسفة أعاظم الرواقيين» في الماضي وبوجه خاص فلسفة «فنيتيوس (Panaetius) الذي عاش في حدود القرن الثاني ق.م.، قبل زمن مرقس بثلاثمائة عام. وكان الإمبراطور الهندي (أصوكا» حواري «بودا» الذي مات قبل اعتلائه العرش بمائتي عام. وإن وضع العالم الهندي تحت حكم «أصوكا» وحال العالم الهليني تحت حكم مرقس ليمكن عدهما برهاناً على دعوى أفلاطون في قوله تكون الحياة الاجتماعية في أشد سعادة وأعظم انسجاماً حين تقع أعباء الحكم على أولئك الحكّام الذين يكونون آخر من في العالم ممن يختار أن يكون حاكماً بيد أن ما أنجزاه قد مات معهم. فقد عمل مرقس على القضاء على جهوده الفلسفية بانتخابه خليفة له ابنه الذي كان من صلبه، مخالفاً بذلك العادة الدستورية التي تدور على التبني والتي اتبعها أسلاف (مرقس من الأباطرة بأمان ،وصدق مثمرة نجاحاً مطرداً طوال قرن تقريباً. أما عن القدسية الشخصية التي تحلّى بها «أصوكا» فإنها لم تجدِ نفعا في تخليص الإمبراطورية المورية) من الانهيار في الجيل التالي بالضربة التي وجهها «بوشيا مترا»، الدعي الغاصب."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب