مقالة "المراتب الاجتماعية بالمغرب قبل الاستعمار (النظريات)" تأليف د. الخطيبي عبد الكبير - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF
معلومات عن المقالة :
العنوان : المراتب الاجتماعية بالمغرب قبل الاستعمار (النظريات).
المؤلف : الخطيبي عبد الكبير.
المصدر : البحث العلمي.
الناشر : جامعة محمد الخامس - المعهد الجامعي للبحث العلمي.
المجلد/العدد : ع48.
تاريخ النشر : 2004.
صيغة المقالة : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من المقالة :
"مجتمع المغرب الكبير ونمط الإنتاج الآسيوي:
في فترة تصفية الاستعمار ببلدان المغرب الكبير استجد النقاش حول نمط الإنتاج الآسيوي، وحول المجتمعات ما قبل الرأسمالية، وساعد في الستينات على ذلك، العثور على نص مهم لماركس في الموضوع لم يسبق نشره ويقول عنه الباحث الماركسي موريس كودوليه Godelier "تأتي الأهمية الاستثنائية للمقتطفات التي يجمعها ماركس ويوضحها في هذا النص، من أنها من خلال محتواها وخارج موضوعة نمط الإنتاج الآسيوي، ترغمنا على أن نعيد بكيفية غير وثوقية طرح المسألة الجوهرية للشروط والأشكال المتعلقة بالانتقال من المجتمعات الخالية من الطبقات إلى المجتمعات الطبقية وأيضا التطور المختلف وغير المتساوي الذي يفضي إلى تكوين مجتمعات معاصرة.
نجد مرة أخرى في كلام كودوليه الالتباس الذي يخيم على التحليل الماركسي لمراتب المجتمعات غير الأوروبية، كما نجد النزعة التطورية المميزة لنمطية مختلف طرائق الإنتاج.
لقد حاول إيف لاكوست أن يبدد هذا الالتباس عن طريق تأويل البنيات المجتمعية الخصوصية لبلدان المغرب مستوحيا ابن خلدون في مقدمته. إلا أن لاکوست يوسع جوانب النقاش فيقابل تحليله الخاص مع الماركسية ومع نظرية ويتفوجل المتعلقة بالمجتمعات المائية. والواقع أن جوابه يتسم بالتردد وبالأصالة في الآن نفسه. ففي رأي لاكوست أن المجتمع المغربي للقرون الوسنى يمثل نوعا من القرابة مع نمط الإنتاج الآسيوي مادام نمط الإنتاج السيطر في المغرب الوسيطي يتميز مثل معظم أجزاء العالم بالخصائص التالية:
1 - إدماج غالبية السكان في مجموعة من العشائر القروية المكتفية بذاتها أو التي على وشك تحقيق الاكتفاء الذاتي.
2 - وجود أقلية محظوظة ينال أعضاؤها أرباحا مهمة دون أن يكون لهم حق الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. ويتعلق الأمر هنا بخاصيتين أساسيتين لما سماه ماركس بنمط الإنتاج الآسيوي"
وإذا كان لاكوست ينصح بالحيطة المتناهية عند استعمال مصطلح الإنتاج الآسيوي فإنه يتحدث ـ وهذا ما يثير الاستغراب - عن "نمط إنتاج اصطناعي" artificiel على اعتبار أن هشاشة الاقتصاد المغربي الوسيطي القائم أساسا على التجارة لم يكتمل ليشكل بورجوازية كان بإمكانها أن تتيح لبلدان المغرب الانتقال من بنية قبل رأسمالية إلى بنية رأسمالية. هذه المقارنة مع التطور الخصوصي لأوربا الغربية، جعلت لاكوست يلغي فرضية لم تكن قابلة للتطبيق بشكلها ذاك منذ البداية. وبإبعاده لنظرية ويتفوجل وصف المجتمع الوسيطي على هذا النحو: "ليس فقط مجتمعا ،قبليا، فدور الأرستقراطية التجارية والعسكرية دور مهم. ولا يتعلق الأمر بمجتمع الرقيق، فالعبيد فيه كثيرون إلا أنهم لا يشاركون البتة في الإنتاج. وليس هناك نظام الأسياد ولا ملكية خاصة للأرض. كما لا توجد في إفريقيا الشمالية طبقة حقيقية للنبلاء ولا محاربون محترفون (باستثناء العبيد)، ولا برجوازية حقيقية ". إلى جانب هذه التحديدات السالبة، يسطر لاكوست جدولا عاما لصنف من أصناف نمط الإنتاج الأسيوي: المجتمع المغربي الوسيطي مجتمع يسوده اقتصاد تجاري والدولة والأرستقراطية التجارية تراقبان طريق الذهب" الشهيرة....
لنفترض صحة الاقتراح الأول، إلا أن على لاكوست أن يبرهن على أن الاسترقاقية كانت ظاهرة محدودة الانتشار ونحن نعرف أن نظاما للفئات المغلقة لايزال موجودا بجنوب المغرب. ورغم أن الإسلام أدمج العبيد الذين اعتنقوا الإسلام فإنه لا مناص من الاعتراف بأن هذه اليد العاملة كانت تشكل قوة اقتصادية وكانت هي نفسها بطريقة ما وسيلة من وسائل الإنتاج، تحتم الاستعانة في هذا المستوى بالأنثروبولوجية الاقتصادية. والقول بهذا معناه أننا نطرح على المؤرخين مسألة الأهمية الفعلية لظاهرتي الذهب والرق ولمدى تأثيرهما على اقتصاد متعدد العناصر تحركه أنماط متباينة من الإنتاج.
كيف تصبح إذن منظومة المراتب الاجتماعية داخل الإشكالية التي يطرحها لاكوست؟ إنه يميز بنية عامة تتسم بما يلي:
1 - دولة ضعيفة نسبيا تعيش خاصة على اقتطاعات مكوس الذهب والضرائب التي قررها الإسلام. وهذه الدولة لا تمتلك وسائل الإنتاج ولو أنه كان هناك (يضيف لاكوست نوع من تملك الأرض سيصبح . علامة على ظهور إقطاع تدريجي.
2 - أرستقراطية تجارية تلعب الدور نفسه الذي تلعبه اليوم البرجوازية في المجتمعات الرأسمالية، إلا أنها ضعيفة بالرغم من الامتيازات التي تمنحها الدولة : تظل أرستقراطية شمال أفريقيا غير مستقرة نسبيا، ولا تتمكن من التبنين ولا من الحفاظ على نفسها بواسطة جماعة وارثة ".
3 - أرستقراطية قبلية وعسكرية مكونة من رؤساء القبائل ومن الأسر الكبيرة التي تعتمد على روابط الدم وعلى نظام الموالي والأنصار للاستيلاء على السلطة. إلا أن مشروعية العنف العسكري ليست مضمونة ما دام لكل فرد الحق في حمل السلاح.
4 - منظومة قبلية عشائرية متساوية في الظاهر ولكنها خاضعة في الواقع للأرستقراطية القبلية أو العسكرية. باختصار، يعتقد لاكوست "أنه لا توجد أساسا في إفريقيا الشمالية سوى مراتب اجتماعية بحكم الواقع لا بحكم القانون، وبين القبائل لا بين الأشخاص ".
إن تحليل لاكوست، مثل تحليلات أخرى، يبقى متحيرا أمام التنظيم المتناهي المرونة للبنيات المجتمعية في المغرب، وهو تنظيم مطبوع بسيرورة حركية اجتماعية مفتوحة وانعدام ترسيخ البنية الطبقية. لذلك يجد صعوبات لتحليل الصراع الطبقي فيجب البرهنة على أن انتفاضات الفلاحين ما هي إلا صراعات بين نظامين المخزن والقبائل. وفي اعتقادنا أن الانقسام الطبقي يتلاءم مع الانقسام القبلي، وأن صراعا طبقيا حقيقيا يمكن أن ينشب بين المخزن والأرستقراطية. يبقى علينا أن نحدد في كل حالة الفئات المحركة المنحدرة من المراتب المتعددة والتي تقود الحركات الاجتماعية.
هذه المشكلة تناولها بدقة أكثر باحث ماركسي آخر في مناظرة مخصصة لدراسة ظاهرة الإقطاعية كتب ر. كاليسو R. Galissot في تدخله "بأن الصراع الاجتماعي في البادية نفسها لا يقل عن صراع الطبقات رغم عمومية التعبير : لذلك فإن عبارة الصراع الاجتماعي أكثر ملاءمة".
وفي تحليله للجزائر ما قبل الاستعمار ، يضع كاليسو النظرية الماركسية في مستوى أكثر تنوعا ومرونة مما فعله لاكوست. فهو يرفض خرافة الديموقراطية البربرية التي تلوح بها السوسيولوجية والإديولوجيا الاستعماريتان لتبرير دخول فرنسا لبلدان المغرب. ففي نظر تلك السوسيولوجية، تكتسب الإمبريالية صفة المشروعية إذ أنها تضع قانونها بدلا من الديموقراطية العتيقة وبدلا من النظام الإقطاعي العربي. ويتنبه كاليسو إلى كون نظام "اللف" ليس هو أساس المشروعية القبلية بل هو مجرد نسق منطقي إلى جانب أنساق أخرى يستعملهغا المخزن والأرستقراطية البدوية للسيطرة على القبائل."
رابط التحميل
