لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب بنية العقل العربي: دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية - PDF تأليف د. محمد عابد الجابري

 كتاب بنية العقل العربي: دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية - تأليف محمد عابد الجابري - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : بنية العقل العربي: دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية.


تأليف : محمد عابد الجابري.


الناشر : مركز دراسات الوحدة العربية.


حجم الملف : 11.59 ميجا بايت.


عدد الصفحات : 603.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"مَشرُوع إعادة التأسيس


عندما كان الجويني (ت ٤٧٨ هـ) أستاذ الغزالي، يحاول انقاذ علم الكلام الأشعري من المأزق الذي وقع فيه مع الباقلاني ومع مشكل الأحوال، وبينما كان يواصل من جهة أخرى عملية تأصيل أصول الفقه على الطريقة الأشعرية، وبينما كان القاضي عبدالجبار ت ٤١٥ هـ) يعمل من جهته على تقرير الكلام المعتزلي وجمع شتاته والتخفيف من حدة الخلاف داخله، وفي نفس الوقت يواصل هو الآخر تأصيل أصول الفقه على طريقة الاعتزال، وهو التأصيل الذي سيكمله بصورة أكثر تنظيماً تلميذه أبو الحسين البصري ت ٤٣٦ هـ)، ثم إنه بينما كان ابن سينا (ت) (٤٢٨ هـ يحاول احتواء علم الكلام في إلهياته والتوفيق بين ثوابت العقيدة الإسلامية وثوابت الفكر اليوناني ويطمح في نفس الوقت إلى تشييد فلسفة مشرقية تحتوي التصوف وتؤسس العرفان على البرهان وبينما كان القشيري ت ٤٦٥ هـ) يعمل من جهته على إضفاء المشروعية السنيّة الأشعرية على التصوّف بتأكيد التزام المتصوفة بمبادىء وأصول المذهب الأشعري وأخيراً وليس آخراً بينما كان عبدالقاهر الجرجاني (ت ٤٧١ هـ يحلّل أسرار البلاغة العربية ودلائل الإعجاز القرآني ويشرح مكمن المزية والفضيلة في المجاز والاستعارة والكناية والتثميل، بينما كان هؤلاء الكبار المعاصرون لبعضهم بعضاً يتوجون كل في ميدانه البناء الثقافي العام الذي انطلق في عصر التدوين الذي كانت تفصلهم عن بداياته أزيد من ثلاثة قرون كان هناك في الأندلس معاصر آخر لهم يرفع صوته بإلحاح وحدة وبإصرار وثقة ضدّ ما انتهى إليه «التدوين» في المشرق من مذاهب وآراء ونتائج مبرزا التناقضات والمحالات واضعاً أصبعه على مظاهر الأزمة ومكامنها، الأزمة التي كان أولئك الكبار من معاصريه في المشرق يعملون على التخفيف من حدتها. إنه أبو محمد علي بن حزم الظاهري (٣٨٤ - ٤٥٦ هـ ).


نعم جرت العادة في التأريخ للثقافة العربية الإسلامية على النظر إلى ابن حزم على انه فقيه من اتباع المذهب الظاهري الذي أسسه في المشرق داود الاصبهاني (٢٠٢ هــ ٢٧٠ هـ) وعمل هو، أي ابن حزم على الترويج له في الأندلس. والحق أن اختزال فكر ابن حزم إلى مجرد «تابع أو حتى إلى مجرد صاحب مذهب «ظاهري» في الفقه عمل ينطوي ليس فقط على ظلم شخصية علمية كبيرة بل أيضاً، وهذا أخطر على تشويه مسيرة الثقافة العربية الإسلامية وتعتيم بداية لحظة جديدة فيها مما انعكس أثره على اللحظة بأكملها. لقد سبق أن أبرزنا في الجزء الأول من هذا الكتاب كيف أن ظاهرية ابن حزم، منظوراً إليها على ضوء الملابسات السياسية التي أطرت تفكيره هي مشروع إيديولوجي مضاد لإيديولوجيا الدولة الفاطمية وايديولوجيا الدولة العباسية اللتين كانتا ،تتنافسان في عداء تاريخي، على الأندلس وتحاربان، بالسلاح الإيديولوجي خاصة، الخلافة الأموية هناك التي كان ابن حزم ينطق باسمها ويحمل مشروعها الثقافي المستقبلي، وأنها أي ظاهرية ابن حزم، منظوراً إليها من الزاوية الايبيستمولوجية المحض، هي مشروع فكري فلسفي الأبعاد يطمح إلى إعادة تأسيس البيان وإعادة ترتيب العلاقات بينه وبين البرهان مع إقصاء العرفان إقصاء تاما. لقد سبق أن أبرزنا ملامح المشروع الثقافي الحزميّ ككلّ وسلطنا الأضواء على امتداداته في الفكر الأندلسي ) ككل ، ولذلك سنكتفي هنا بالتركيز على جانب واحد من فكر أعلام التجديد في الثقافة العربية الإسلامية في المغرب والأندلس الجانب الذي برز فيه الواحد منهم . كَمَعْلَمة من معالم لحظة «النقد التجاوزي، الذي أرادوا به تأسيس البيان على البرهان، وبالتالي تجاوز أزمته الداخلية.


أما بالنسبة لابن حزم الذي امتد خطابه النقدي التجاوزي إلى جميع فروع الثقافة العربية الإسلامية من فقه وأصول وكلام ونحو ومنطق وفلسفة فإننا سنقتصر على الميدان الذي ركز فيه خطابه النقدي ذلك، ميدان الأصول أصول الفقه وأصول الدين (= علم الكلام).


بخصوص أصول الفقه يجب التذكير بأنّ هذا العلم الذي أسسه الشافعي كان قد نضج واكتمل عندما ظهر ابن حزم وتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى أنّ ثلاثة . من الكتب الأربعة الأمهات في هذا العالم كتاب العمدة للقاضي عبد الجبار وكتاب البرهان للجويني وكتاب المعتمد لأبي الحسين (البصري كانت قد ظهرت في ذات الفترة التي عاش فيها ابن حزم . أما الكتاب الرابع وهو المستصفى فإنّ أهميته ترجع إلى أنه يلخص الكتب الثلاثة المذكورة تلخيصاً منظماً واضحاً وبأسلوب تركيبي يمتاز به الغزالي مؤلفه . وإذن فيجب النظر، بادىء ذي بدء، إلى كتاب الأحكام في أصول الأحكام لابن جزم على انه من جيل هذه الكتب الأمهات، ولكن لا بوصفه واحداً منها يقرر نفس الأصول والمسائل كما قررها الأصحاب»، انطلاقاً من الشافعي أو من أبي حنيفة أو من مالك، بل بوصفه يقع خارجها يشجب التقليد، تقليد الأيمـة حتى ولو كانوا من الصحابة، ويقترح طريقة جديدة تماماً في إعادة تأسيس الأصول وتأصيلها.


 لقد حصر الشافعي الأصول كما رأينا في أربعة هي القرآن والسنة والإجماع والقياس ودشن القول في تأسيس هذه الأصول، وهذا ما سينكب الأصوليون من بعده على تعميقه وتفريعه من خلال آرائهم ومناقشاتهم حول طرق دلالة الألفاظ وأنواعها وشروط الخبره وأنواعه وحجّية الإجماع وصوره وأركان القياس وإشكالية التعليل فيه، وهي الآراء والمناقشات التي أجملنا القول فيها في الفصول الأربعة الأولى من قسم البيان من هذا الكتاب. ويأتي ابن حزم ليعود بعلم الأصول هذا العلم الذي نما وترعرع ونضج واكتمل، إلى نقطة البداية ليستأنف النظر لا فيما قرره الشافعي وحسب، بل فيما قرره أساتذة هذا الأخير وتلامذته.

 ‏

وهكذا ينطلق ابن حزم لا من تفضيل العمل بالحديث و الأثر»، ولا من إيثار الاعتماد على «الرأي ولا من الجمع بينهما بتقنين الرأي على أساس ولا يقاس إلا على مثال سبقه، بل ينطلق ابن حزم من إثبات حجج العقول، وذلك بإبطال القول بالإلهام والقول بالإمام والقول بضرورة التقليد تقليد أيمة المذاهب الفقهية والقول بأنه لا يدرك شيء إلا من طريق الخبر»، إنه يطرح على القائلين بهذه الأقوال سؤالاً يقول فيه: «باي شيء عرفتم صحة ما تدعون إليه وصحة النبوة والتوحيد، ودينك الذي أنت عليه؟ أبعقل ذلك على صحة كل ذلك أم بغير عقل؟ وبأي شيء عرفت فضل من قلّدت أو صحة ما ادعيت أنك الهمته؟ وبأي شيء عرفت صحة ما بلغك من الأخبار؟ وهل لك عقل أم لا عقل لك؟. فإن قال: عرفت ذلك بلا عقل ولا عقل لي، فقد كفينا مؤونته ... ولزمنا السكوت عنه وإلا كنا في نصاب من يكلم الشكارى والطافحين والمجانين المتعرين على الطريق. فإن قال لي عقل وبعقلي عرفت ما عرفت فقد اثبت حجة العقل وترك مذهبه الفاسد ضرورة. وبعد أن يلتمس ابن حزم لدعواه القائلة بضرورة العمل بحجج العقول تأييداً من القرآن والسنة ينتهي إلى القول: «فقد صح أن المرجوع إليه حجج العقول وموجباتها ).


يقرر ابن حزم اذن أن المنطلق هو حجة العقل ذلك لإنه ولا طريق إلى العلم أصلاً إلا من وجهين: أحدهما ما أوجبته بديهة العقل وأوائل الحس»، ويضيف: «وقد بينا كل ذلك في غير هذا المكان فأغنى عن ترديده وقد بينا أيضاً أن بالمقدمات الصحاح الضرورية المذكورة علمنا صحة التوحيد وصحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصدقه في كل ما قال وان القرآن الذي أتى به هو عن الله تعالى إلينا علمنا ذلك كله بـ حجج العقل»، فلماذا لا نعتمد «العقل» أيضاً في الشريعة؟


كيف؟ والشريعة نصوص منقولة. هل نحكّم العقل في النقل ونسوّده عليه ونجعل منه مشرعاً؟"


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب