لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب إختلاق الميثولوجيا - PDF تأليف مارسيل ديتيان

كتاب إختلاق الميثولوجيا للمؤلف مارسيل ديتيان - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : إختلاق الميثولوجيا.


المؤلف : مارسيل ديتيان.


ترجمة : د. مصباح الصمد.


الناشر : مركز دراسات الوحدة العربية.


حجم الملف : 7.84 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 


 




مقتطف من الكتاب :


"الأسطورة اللاموجودة


لو قضوا علينا حكاية جلد الحمار فهل كنا سنشعر فعلاً بمتعة قصوى، نحن الذين أصبحنا قرّاء أساطير؟ ألا تختلط تلك المتعة، منذ زمن بعيد باللامتعة لكوننا حُكم علينا بالاستماع إلى الكلام وهو منفي في حقل الكتابة، وبجعل أعيننا تكتشف حكايات لم تعد تُروى إلا في سطور الكتب؟ يوجد في الغرب إدراك محزن للميثولوجيا، منذ أن اقتنع الرومانسيون بأن التجربة الأولى للفكر اقتضت لغة بدائية هي لغة الأسطورة لغة كلام وغناء انبثقا في آن معاً من الألفة والاتصال المباشر مع العالم. وسرعان ما اصطدمت بالميثوغرافيا الآتية من العالم الإغريقي - الروماني؛ الميثولوجيا الفريدة المغلفة بشوائب نصوص المقالة التي يرتبط نوعها الثقافي بتقليد أدبي يمتد منذ العصر الهليني حتى القرن الثامن عشر، مروراً بكل من بوكاسيو ونويل كونتي في عصر النهضة. ومنذ أن وجد الكلام الحي لشعب أو أمة ما كماله ووحدته في اللغة الميثولوجية، بدا أن كل طابع كتابي يفرض عليه يصاب بالتشويه. ذلك أن التعبير الخطي يشوه أو يفسد بريق الكلام الكبير، فهو يشوه صوت الأسطورة، ويُحرّف الإلهام الأسطوري. وبين حال التعبير الشفهي الأولي والشكل المكتوب للميثولوجيا المسماة كلاسيكية - للأسف - حان الوقت للبحث عن التصدعات ولاحتساب الفوارق لكن أيضاً لاكتشاف العقبات ورسم خريطة الدروب الخفية ؛ أعمال تطلبت الكثير من الصبر وشغلت مؤولي القرن التاسع عشر ما إن اختفى أولئك الذين كانوا يأملون مع هولدرلین بنشوء ميثولوجيا جديدة من أعمق أعماق الروح».


وبالنسبة إلى مؤيدي التاريخ الذي يثمّن آثار الكتابة وحدها، أصبح خطاب التعبير الشفوي الأصلي، في بلاد الإغريق، غير مسموع لدرجة أنه من المستحيل تقريباً قراءته حين يُعرض من خلال إشارات مكتوبة. لم تعد الميثولوجيا المتعذر إدراكها تسمح إلا برؤية القناع المتحجر الذي شكله لها حرفيو الميثوغرافيا الغامضون بتحنيطها في كتب، خلال عصر الحضارة الإسكندرية. كتابة موت عاجزة على كل حال عن إخفاء تناقضات ما ليس سوى بقايا أو سوى جثة هامدة. وتبدو هذه التنافرات مربكة بالنسبة إلى العلماء المحدثين كما بالنسبة إلى مفكري العصور القديمة المتشددين أمثال كزينوفانيس أو هيرودوتس أو أفلاطون. لقد أثبت الإغريق على ما يبدو انتصار العقل (logos)، بالفعالية نفسها التي هدموا بها النظام الفكري القديم لدرجة أنهم لم يبقوا منه إلا نتفاً وجُملاً مبهمة. ولا يمكن عبور المسافة التي تفصل بين كلام الأسطورة المعاش والتقليد المكتوب. 


وبالنسبة إلى البعض الآخر، وهم الأكبر عدداً والأكثر نشاطاً بكل وضوح ليست كل سبل الوصول مقطوعة. وهنالك دروب منسية أو سبل مغمورة تقود إلى تخوم بلاد الأساطير وهنالك استراتيجيات ترشح نفسها لتقليص الفارق بيننا وبين الكلام الأسطوري الأصلي. أركيولوجيا اللغة هي إحدى هذه الاستراتيجيات الأولى : إذ يقدم النحو المقارن علماً ناجعاً للميثولوجيا. في نظرية فرديريك ـ ماكس مولر، يتجذر نظام الإمالات الصوتية الذي تنظمه أوالية الإعراب، في الصوت البشري الذي تولّد رناته الأولى الصادرة تحت تأثير منظر الطبيعة المدهش، سلسلة من الأنواع الصوتية، قوية لدرجة تؤثر على فكر البشرية الأولى، فتخدعه وتجعله يتوه. هنا تبرز الميثولوجيا : تولد وكأنها سراب، وتنمو في فائض من المعنى يتخطى إمكانية الكلام، وتنشأ فيه جمل غريبة غير متسقة وغير لائقة دائماً. تفسر القواعد الدقيقة لعلم اللغة تكون الخطاب الأسطوري. إن الميثولوجيا الأولى، في جوهرها، هي عاقبة مرض طفيلي للغة تبقى آثاره ظاهرة على سطح الكتابة في المجتمعات الأكثر عقلانية. ويقود علم النحو المقارن مباشرة إلى بلاد الأساطير، لكنه يكتشف فيها السرابات الغريبة التي تثيرها اللغة في الفكر ؛ أشباحاً وخيالات تراود الناطقين الأوائل، وسرباً من الأوهام بدل الحقيقة الشفافة لبدايات الفكر.


هناك استراتيجية أخرى صيغت في الحقبة نفسها وسلكت بدورها الطريق الخاصة بعلم الوراثة لكن بواسطة التاريخ والجغرافيا. بالنسبة إلى كارل أو تفريد مولر (1797) - 1840)، وهو مكتشف في هذا المجال، الميثولوجيا هي إنتاج أساسي للعقل البشري، وضروري، ولا واع. إنها شكل من أشكال الفكر يُنسب إلى سذاجة وبساطة الأزمنة الأولى، لكنه يُبنى ببطء تحت تأثير أحداث - وظروف معينة منها الخارجي ومنها الداخلي. إن إدراك الميثولوجيا يعني العثور على المشهد الأول والاعتراف بصيغ تعبيره في قطاع محدد، والاكتشاف - بواسطة عمليات متوالية - لمخزون الواقع الذي أخرج العقل من سباته بين قمتين جبليتين أو في منطقة كثيرة الأودية، وأدى به إلى إرساء ومفصلة علاقات لها شكل أفعال منظمة في قصة يكون مركزها غالباً اسم علم. ويسمح التاريخ بتعيين حد دقيق جداً للملكة الأسطورية - الشعرية التي بدت عليها علامات الوهن، نحو العام الألف قبل عصرنا، بالرغم من أن حمى الاستعمار أضفت عليها مزيداً من النشاط. ولقد بدأ التهافت مع الكتابة، خاصة كتابة النثر التي ساهمت في محو وجوه الموروث البدائي وفي تفتيت الانتماءات المحلية وليس ظهور الكتابة بحد ذاتها، سوى مظهر لحركة أوسع شكلت مع الفلسفة والأبحاث عن الطبيعة ويقظة الحس التاريخي حاجزاً، إن لم يكن أمام خلق الأسطورة، فأمام إعادة إنتاجها في سياق تقليد ما لكن الكتابة تضطلع بدور مزدوج؛ في كل مكان تدخل إليه، يضعف الخلق الأسطوري - الشعري، وتكون الأراضي البعيدة والمناطق الجبلية، والمحمية بعزلتها، هي وحدها التي ساعدت على استمرار حكايات توضح مقارنتها بنسخ أخرى أقدميتها على الفور. وفي الوقت نفسه، تجمّد الكتابة التقليد الذي تغطيه، فتسجل بذلك سمات ما محته للتو، وتعرض للقراءة المعالم - أسماء العلم والملامح الجغرافية - التي يقدم تركيبها المضني لعالم الأثريات الرحالة رمز المشهد الأولي. هكذا تكونت حركة تأويلية طلبت من دراسة أسماء الأعلام أن تقول لها حقيقة المعنى الكامنة في حكاية ما، ليس باتباع نهج علم الاشتقاق، بل بإعادة كتابة القصة التي تتوالى أحداثها في حيز موجه ثم انتهى البحث عندما ظهر في نهاية الرحلة مسقط رأس خطاب أسطوري استعادت أخيراً مزاياه الأصيلة امتيازاتها."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب