كتاب الدولة فلسفتها وتاريخها من الإغريق إلى ما بعد الحداثة - تأليف محمود حيدر - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : الدولة فلسفتها وتاريخها من الإغريق إلى ما بعد الحداثة.
مؤلف الكتاب : محمود حيدر.
سلسلة : مصطلحات معاصرة.
ناشر الكتاب : المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية.
طبعة الكتاب : الطبعة الأولى 2018.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"دولة المدينة الفاضلة
تنوعت روايات المؤرخين بصدد الحقبة الزمنية التي ظهرت فيها المدينة الفاضلة كمادة سجال في المجتمع الفلسفي اليوناني القديم. ومع أن كثيرين منهم رأوا أن معالم المدن الفاضلة أخذت في الظهـور مـع صدور ملهاة الشاعر المسرحي كراتينس المسماة «الثراء»، إلا أن المدينة الفاضلة لم تتخذ كيانًا متكاملاً إلا في جمهورية «أفلاطون». ومما تجدر الإيماءة إليه أنّ البحث عن المدينة الفاضلة هو فكرة راودت أفلاطون، يوم أخفق في ممارسة السياسة عمليا، وقد عافتها نفسه - كما يذكر المحققون - لما شهد وشهدته أثينا من ا أحداث الثورة والثورة المضادة. لقد انصرف إلى الأكاديمية لإعداد جيل من السياسيين النجبـاء مـن «أصحــاب المعرفة الحقيقيين ، مهمتهم كمهمّة «أرباب الأسر» إذا ما تولوا السلطة السياسية يتبعون الفلسفة عن حق وحقيقة أو يصبحوا فلاسفة حقيقيين». ومن هنا انطلق أفلاطون يشيد الدعامة الأولى في التمهيد لنشأة علم السياسة بروائعه السياسية الثلاث الجمهورية» «القوانين» «السياسة».
وفي الواقع كانت مدينة «كاليبوس»، وهي المدينة الفاضلة التي ابتكرها فكر أفلاطون، قياسًا للمدينة النموذج من جهة، ومن جهة ثانية جاءت ردًا، إن لم تكن نقدا، لسياسة الدولة - المدينة في أثينا.
الغاية العليا لهذه الدولة عند أفلاطون هي تحقيق العدالة. ولكي تنجز هذه الغاية لا بد من رسم الهندسة المعرفية الدقيقة لبلوغها. وهكذا تضمن كتاب «القوانين الإجابات المنشودة حول قيام الجمهورية الفاضلة.
في كتاب «الجمهورية» يأتي نظام كاليبوس (مدينة أفلاطون الفاضلة) في الدرجة الأولى من الكمال. ثم يليه النظام التيمقراطي، وهو صورة عن النظام المثالي لحظة انحلاله. ثم يتلو ذلك النظام الأوليجاركي أو نظام حكم الأغنياء، وهو يتمثل في النظام التيمقراطي حين فساده، ثمّ يتطوّر النظام الأوليجاركي إلى النظام الديمقراطي، فإذا انحط هذا الأخير كان نظام الطغيان وهو أسوأ الأنظمة.
وفي كتاب «السياسة» نجد تقسيماً آخر : هناك الدولة ذات النظام المثالي يرأسها الحاكم الفيلسوف وتتمتع بالمعرفة الكاملة، فلا تحتاج إلى القوانين، ولكن هذه الدولة لا يتيسر وجودها في الدنيا. ثم تأتي طائفة الدول الزمنية وهي ستة ثلاث منها تتقيد بالقوانين: حكم الفرد المستنير، حكم الأقلية الأرستقراطية، حكم الديمقراطية المعتدلة. أما التي لا تتقيّد بالقوانين فهي حكم الفرد الاستبدادي، حكم الأقلية الأوليجاركية، حكم الديمقراطية المتطرفة. وقد فضل أفلاطون الدول التي تتقيّد بالقوانين، ولذا سيقترح في كتاب «القوانين فكرة الدولة المختلطة، وهي تجمع بين حكمة النظام الملكي وحرية النظام الديمقراطي.
تتخذ السياسة مكانتها المركزية في إدارة المدينة الفاضلة والوصول بها إلى غايتها القصوى. فالمدينة هي الهدف الأعظم للحكمة الأفلاطونية التي تتخذ دائماً أفقًا لأبحاثها القائمة بكثير من التأملات والطريقة الأفضل لحكم الحياة المشتركة. ولكي تؤدّي المدينة إلى حياة سعيدة، وجب أن تحقق الوحدة الشاملة التي يقدمها أفلاطون كأنها من الروح ومن شيء تقني ثم من كائن حي، تبقى المسألة السياسية دائماً هي المجال الذي تبحث من خلاله التقاربات المتلاحقة عن إجابة متماثلة. على هذا النحو يعتبر أفلاطون المدينة كأنها عمل تقني ينظم علاقة الجيرة والعيش في مدينة المواطنين ذات الطبائع المختلفة.
وبناءً على ذلك، ستكون المدينة في المستقبل محصلة رؤية ووسيلة تميّزان وتكونان التشريع، وتنتجان آراء مشتركةً وصفات مختلفةً وأجسادًا (السياسة، 306 - 308) . هذا ما يناسب علم السياسة، وقانون علم الأجساد وحركاتهم حكم توزيع المواطنين والأشياء على أرض محدودة، كل واحدٍ منهم ينجز الحركات والوظائف وبعض التحضيرات كالسكن وأماكن الوظيفة على المخطط المدني المحدد. وما يتعلق بإظهار النصوص السياسية الأفلاطونية الأخيرة (كريتياس ـ خاصةً (القوانين الذين يصنعون المدينة الحقيقية مبينين كيف أن فضاءهم الأرضي والمدني يجب أن يكون مدركًا بطريقة تجعل السكن ممكنًا والتقاء المواطنين بطريقة تجعل المدينة حيةً فعليا: الجسد المتوازن والروح فيهما يكون الذكاء حكومة عالمةً - مناهج الجمهورية / مدرسة المدينة قوانين 12-960 ب- 968».
أصبحت السياسة نشاط الصناعة الفنية للعالم، حيث تبقى الوظيفة هي التي تصنع تنظيم المدينة وتكون بعكس الحقيقة العاجلة التي لم يتوقف أفلاطون عن تسميتها. فهي إطار الحياة للكائن الإنساني، لم يكن فيها حياة إنسانية حقيقية إلا في الوحدة الوطنية، كما عبّر عن ذلك أرسطو الذي كان مخلصا لمعلمه في هذه المسألة بالذات)."
رابط تحميل الكتاب