كتاب بداية الفلسفة - تأليف هانز جورج غادامير - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : بداية الفلسفة.
المؤلف : هانز جورج غادامير.
ترجمة : علي حاكم صالح وحسن ناظم.
الناشر : الكتاب الجديد.
حجم الملف : 4.53 ميجا بايت.
عدد الصفحات : 216 صفحة.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"النفس بين الطبيعة والروح
لنعد إلى النصّ الأفلاطوني الرئيس محاورة فيدون. يبدأ الجزء الأهم من المحاورة بإجابة سيبيس التي يقدمها بعد صمت طويل، وفي الحقيقة تتحول المحاورة الآن إلى مسألة مبدأ عام للمعرفة ويصدق الأمر على المعرفة برمتها، المعرفة التي تتعلق بالصيرورة والفناء التي يجب أن نبحث دائماً عن سببهما.
هذه هي اللحظة التي يبدأ فيها سقراط بالكلام على كيفية ارتحاله بنفسه مع هذا الألم (ألمه، وتجاربه المؤلمة) من أجل المعرفة. فقد درس علوم عصره باهتمام بالغ. ومن الواضح أن هذا الوصف يشير إلى الفهم المعاصر للطبيعة والطب. وطبقاً لسقراط، فإنه حاول أن يفهم «النفس» بموجب تلك العلوم التي ناقشناها بوصفها تمثل المذهب الطبيعي؛ فكيف نشأت النفس، وهل الدماغ مركز الإحساسات، وكيف نشأ منه التذكر والذاكرة ومن ثم تكوين الآراء، وكيف نشأت المعرفة من تأسيس التذكر والذاكرة وتكوين الآراء. وإذا فكرنا الآن في حقيقة أن التذكر هو القدرة على الإمساك بشيء ما لكي نحضره بقوة ويبقى في ومن ثم تكوين الآراء، وكيف نشأت المعرفة من تأسيس التذكر والذاكرة وتكوين الآراء. وإذا فكرنا الآن في حقيقة أن التذكر هو القدرة على الإمساك بشيء ما لكي نحضره بقوة ويبقى في الذاكرة، وأن تكوين الآراء هي شيء ء ما يبقى ثابتاً باستمرار وفعالاً، فإننا هنا نجد التلميح الأول للمشكلة الأفلاطونية؛ فكيف يمكن لأي شيء ثابت بإطلاق أن يظهر من مجرى الخبرات الحسية، وكيف يمكن لقصدية التفكير أن تتطور ضمن إطار الكائن العضوي المادي وأن تبقى مشكلة محيرة حتى بالنسبة لنا. هنا يشير أفلاطون للمرة الأولى، إلى هذه الحيرة بموجب تعارض الحركة والثبات وبهذا فهو يشير إلى الموضوعة الرئيسة لمحاورة ثياتيتوس Theatetus.
في النهاية، يعترف سقراط بأن جميع جهوده بصدد المعرفة ذهبت سدى؛ وفي الحقيقة فإنه حتى النهاية القصوى لم يفهم شيئاً عنها على الإطلاق، بل حتى حينما تعلق الأمر بأشياء اعتقد من قبل بأنه عرف شيئاً عنها، مثل كيفية نمو الكائنات الإنسانية. وهو يوضح هذا المثال بمعونة حجة رياضية كمية تنطوي على صعوبة منطقية. يقول سقراط إنه فكر من قبل في أن سبب نمو الإنسان يكمن في حقيقة أن العناصر المادية أضيفت إلى الكائن الحي عن طريق الطعام. لكن المستتر وراء هذا هو مشكلة كيفية تشكل الثنائية - قاصداً في الوقت نفسه الاثنين في علاقتهما بالواحد - وفيما إذا كانت تتحقق من خلال الإضافة إلى الوحدة أو من خلال تقسيم الوحدة وهنا، نكون بمواجهة مفارقة مؤداها أن تشكيل الاثنين يمكن أن يكون إما بسبب الإضافة أو الانفصال. ويمثل هذا تناقضاً بحد ذاته. فكيف يكون هذا ممكناً؟
وبالنسبة لنا يبدو من الواضح أن الإجابة يجب أن تكون كالآتي : حينما نتحدث عن الزيادة والنقصان فإننا لا نتعامل مع عملية فعلية. بالأحرى، يجب أن يُنظر إلى المشكلة ببعد أنطولوجي مختلف تماماً وليس في ضوء ارتباطها بمشكلة ما يُسبب وجود شيء ما وفناءه. ومع الخطوة التالية التي يتخذها سقراط، نبدأ فعلاً في التغلب على النوع الأول، وغير المناسب، من الأسئلة التي تتعلق بسبب الصيرورة والفناء. بمعنى آخر، يخبرنا سقراط كيف إنه عثر، في أثناء بحثه عن هذا السبب، على نص أنكساجوراس وآمن بأن هناك، أي في العقل، وجد حلاً لمشكلة السببية أخيراً، ومعها مشكلة كيف يخرج اثنان إلى الوجود من واحد لكن هذا الأمل يتعرض للخيبة هو الآخر في نهاية المطاف والشذرة مشهورة جداً، والسبب الذي يجعلني أنوه بها هنا أن هو بوسعنا أن نجد فيها إثباتاً لمنظورنـا الـتـأويـلـي الـخـاص. إن أمل سقراط، نقده لأنكساجوراس، ووظيفة العقل يدلان على الافتقار هنا إلى الجهاز المفهومي الذي يستجيب لما هو مطلوب. وعندما يتحدث أنكساجوراس عن «العقل»، فمن الواضح أن سقراط يريد أن ينسب لكلمته معنى مثل «التفكير»، و«النظام»،
و«التخطيط»، وفي النصّ المتلقى الذي ندين به لحماسة سمبلقيوس) يقدّم أنكساجوراس العقل أولاً كمبدع للنظام في العالم، - يقدمه بمعنى نظرية في نشأة الكون تقريباً ـ ولكنه بعدئذ، وفي وصفه لهذه العملية، يشير، فقط وبشكل أساسي، إلى التأثيرات المادية للعقل في عملية تشكيل العالم.
وحينما نريد أن نلخص تأويلنا للنصّ مرة أخرى، نجد أن سقراط يرد على هذا بالقول إن الأصل الحقيقي لكلّ شيء، فضلاً عن بعده الداخلي، هو الخير. وبصدد هذا الزعم، ينتقد سقراط النظريات المختلفة التي تناولت مكان الأرض في الكون، ومنها : النظرية التي تكون الأرض طبقاً لها محفوظة في مكان لأنها مطوّقة بحركة العالم وأنها مطوقة بإناء هائل الضخامة، أو النظرية التي تتخيل أن الأرض محمولة على الهواء وكأنها في مركب أو حتى النظرية التي ترى أنها مستندة إلى [كتفي] أطلس. ومن وجهة نظر ،سقراط، فإن كل هذه الأفكار تشبه إلى حد كبير الخرافة الهندية المشهورة التي ترى أن العالم محمول على فيل يقف على قمرية [طائر]؛ وهنا لا يمكننا أن نفهم كيف أن تلك القمرية ليس لها موضع راحة على شيء آخر. وإذا أردنا أن نتفادى مثل هذا الارتداد اللانهائي لابد من أن نبحث عن الإجابة عن سؤال السببية في شيء آخر غير الشيء المادي، مثل الخير."
رابط تحميل الكتاب