كتاب الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين - جزأين - تأليف د. محمد حجي - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين.
عدد الأجزاء : 2.
المؤلف : محمد حجي.
الناشر : دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"طرق التعليم في العصر السعدي
تأثرت طرق التعليم في العصر السعدى بالمدارس القديمة، وتأثرت أكثر بمشكل الاختصار والنظم الذى تفاقم خطره مع مرور الزمن بتضخم عدد الشروح و الحواشى. ورغم تعدد الطرق التعليمية في هذا العصر واختلافها باختلاف وجهات نظر العلماء على ما سنبينه، كانت هناك ظاهرة مشتركة بين جميع الطرق لا تكاد تتخلف، الا وهى انطلاق جميع الدروس من ( نص الكتاب ) يقرؤه اتجب الطلبة بين يدى الشيخ فى بداية الدرس، ويتخذ هذا الطالب الذي تسميه الفهارس ساردا او قارنا مجلسه وسط الحلقة الاولى، ويجلس إلى يمينه وشماله المتقدمون من الطلبة على شكل نصف دائرة تحيط بالاستاذ الجالس على كرسى او المستند الى سارية، ويجلس الطلبة الآخرون في انصاف دوائر خلفية موازية. ولا ينتهى دور السارد عند القراءة الاولى، وانما يظل طوال الدرس حاملا الكراسة مستعدا لقراءة الفقرات او التعليقات التي قد يطلب منه الاستاذ أن يقرأها.
ثم تختلف الطرق التي يسلكها الشيوخ بعد هذه المرحلة الاولى من الدرس. ويمكن ارجاع طرق التعليم في العصر السعدي الى أربع :
1 - طريقة حل المتن
هذه ابسط طريقة تعليمية عرفناها لذلك العصر. يقتصر المدرسون فيها على شرح النص المدروس بعبارتهم الخاصة دون الرجوع الى كلام الشراح والمحشين، ويكون الشرح والامثلة التي يسوقونها هي خلاصة ما عند أولئك الشراح، لكن دون حشو ولا الحاج فى الافتراض والاعتراض.
ولم تستعمل هذه الطريقة مع المبتدئين من الطلبة فحسب، وانما طبقت بنا ببراعة في الدروس العليا حيث ظهرت مقدرة المدرسين واحاطتهم الشاملة بالموضوع.
ولهذه الطريقة مدرستان بالشمال والجنوب :
- مدرسة الشمال
مثل هذه المدرسة آل ابراهيم الدكاليون المشترائيون الذين تسلسل فيهم العلم بفاس أجيالا عديدة. فكانت دروسهم في المدونة والرسالة وغيرهما بالقروبين من أحفل المجالس التي يشهدها الى جانب الشادين من الطلبة جماعة من أعلام المدرسين، لا تسمع فيها تعقيبات الشراح والمحشين وانما هي فروع تلحق بأصولها، ومسائل تضم إلى نظائرها.
وقد اختلفت آراء علماء القروبين في هذه الطريقة ( المباشرة )، نحبذها المتفتحون المنصفون منهم ولو لم يطبقوها، وفي مقدمتهم مفتى ناس وكبير مدرسيها عبد الواحد الونشريسي الذي كان يحضر مجالس أحد هؤلاء المشترائيين « ويعجب من فصاحته ورشانته في ذلك، ويقول في تدريسه : ذلك هو السهل الممتنع ! ) وذمها آخرون اعتبروها مجزا وقصورا. ولم يتورع قاضى الجماعة بفاس عبد الواحد الحميدي عن أن ينتقد يوما في مجلسه العامر بقبة المدرسة المصباحية آل ابراهيم عموما، ويخص أحدهم من معاصريه بقوله : ( وأحمرهم ذلك بلقاسم ).
وتخرج على يد آل ابراهيم عدد وافر من العلماء نشروا طريقتهم المصفاة » في بادية ناس وبلاد الريف.
- مدرسة الجنوب
تزعم الطريقة المبسطة في الجنوب كبير علماء درعة وشيخ الجماعة بها محمد ابن مهدي الجراري الذي كان يقول : ( حقيقة الاقراء تصحيح المتن، وحل المشكل، وايضاح المتفل، وزيادة أخرى غير ذلك ضررها بالمتعلم أكثر من نفعها ) وانتشرت طريقته مع المتخرجين عليه، وهم كثير، في درعة وتقيلالت وسوس، وفى مراكش نفسها.
3 - طريقة المحاضرة
هذه طريقة نخبة المدرسين من المفسرين والمحدثين، والفقهاء والمعقوليين. يعتمدون على تنسيق العرض وحسن الاداء، مع الاشراف على آراء المتقدمين ومناقشتها والترجيح عند الاقتضاء.
يأتي على رأس المحدثين والمعقوليين الامام أحمد المنجور الذى عرف بطول النفس في التدريس وسلاسة التعبير، وقد وصف أحد طلبته درسا من دروسه الحديثية بهذه العبارات : « وقفت ليلة بجامع القروبين والامام المنجور – رحمه الله. يومئذ على كرسيه بين المغرب والعشاء في الشتاء، يقرر في سند من أسانيد متونه ويعرف برجاله، اما في مسلم لو البخاري.. والبحث في أحوال السند بمعرفة رجاله علما ودينا وحفظاً وبلدا وزمانا وغير ذلك مما يتعلق بالسند، حتى تتحقق براعنه من قوادح الربية، ثم يخوض بعدها فيما يخص المتن لفظا أولا، ومعنى ثانيا، وما ليه من الروايات، ومن يوافقه أو يخالفه من أهل الصحاح على ذلك موما أو خصوصا، ثم يأتي بما يعين على فهمه من غيرها كالحسان وما تاريها من الاحاديث، لتقييد أو تعميم، أو جمع بين متعارضين، أو ترج او ترجم أو تزييف أو تبيين أو نسخ لما يشهد لمذهب من المذاهب بارجحية ضدها، إلى غير ذلك من فوائد الاعراب واللغة واستنباط الاحكام »."
تحميل الجزء الأول
