كتاب الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون - تأليف محمد بن أحمد المكناسي - أونلاين بصيغة إلكترونية online pdf
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون.
تأليف : أبي عبد الله بن أحمد بن محمد بن غازي العثماني المكناسي.
تحقيق : د. عطا أبو دية - د. سلطان بن مليح الأسمري.
الناشر : مكتبة الثقافة الدينية - القاهرة.
الطبعة : الأولى 2006.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"أوضاع المغرب الداخلية
في الوقت الذي وقع فيه المغرب الأقصى فريسة للاستعمار، كانت ظروف البلاد عامة في حالة سيئة؛ حيث التفكك الداخلي من نواح:
الناحية الاقتصادية:
لم تلعب الزراعة دورها المنشود ؛ حيث ساعدت الاضطرابات الداخلية على قلة الإنتاج، وهروب الفلاحين وترك أراضيهم؛ بسبب الضرائب الكثيرة من قبل الدولة المرينية والوطاسية والمستعمر الأجنبي، كما ساعد الاحتلال على شل حركة التجارة، وازدياد نفوذ رؤساء القبائل وأكابر السكان؛ حيث قاموا باستخلاص الرسوم الجمركية لأنفسهم، كما حرصت الدولة على تحصيل ما تبقى لها من ضرائب؛ فقامت بنقل جمرك سلا إلى فاس الجديدة لمزيد من الأمن؛ حيث كانت سلا مهددة بالغزو البرتغالي نفسه، الأمر الذي حصل لباقي الأنشطة الاقتصادية، حتى أصبح النظام المغربي نظاما مغلقا، الأمر الذي زاد من مساوئ الحالة الداخلية للبلاد؛ فعمت الفتن والاضطرابات وازدادت أعمال السلب والنهب مما شل الحركة الاقتصادية.
ولم يشذ عن ذلك إلا المدن الساحلية، والقبائل التي كانت على مقربة من مراكز الاحتلال الأجنبي؛ لأنها أخذت في التعامل مع الأجانب من البرتغاليين وغيرهم؛ مثل يحيى بن تعففت الذي عين من قبل البرتغال لمشيخة أسفى، واستند عليه الحكم البرتغالي، فأدى خدمات ضخمة للمستعمر، وظل يعمل لحسابه حتى قتل عام
ويرجع ذلك إلى ضعف السلطة في فاس وعجزها عن حماية الأمن والدفاع عن البلاد، وكان لذلك أثر كبير في انتشار الفوضى والفتن؛ مما أدى إلى قيام خطيب مسجد القرويين الفقيه أبي فارس عبد العزيز بن موسى الوريالكي شيخ ابن غازي، الذي استطاع أن يترجم مشاعر السخط الجماهيري من السلطان أبي محمد عبد الحق بن أبي سعيد (٨٣١-٨٦٩هـ / ١٤٢٧ - ١٤٦٤م) عندما أراد الانتقام من بني وطاس المسيطرين على الدولة والانتقام من العامة، فعين اليهودي هارون للوزارة وبيت المال، واختار شاويل نائبا له، ولهذا التعيين أكبر الأثر في ازدياد السخط العام؛ حيث ثارت العامة وفتكوا باليهود وخلعوا السلطان وحملوه على بغل إلى فاس الجديدة، وانتزعوا منه خاتم الملك وذبحوه في رمضان ٨٦٩هـ - ١٤٦٥م).
وكان عمر ابن غازي في ذلك الوقت يناهز الثلاثين ربيعا، فرأي بملء عينه ما يجرى في البلاد من أحداث كان لها الدور الكبير في موقفه السياسي؛ حيث تجنب العمل السياسي لدرجة اتهامه بالخنوثة والدليل على ذلك ما يذكره السلاوي: «كان الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن يحبيش التازي يقول: ما غزونا غزوه قط إلا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، ويخبرني بجميع ما يتفق لي ولأصحابي في تلك الغزوة.
وله في شأن الجهاد والرجولية حكاية ظريفة وهى أنه غزا مرة غزوة إلى الثغور الهبطية، ثم قدم منها مع أصحابه فوجد زوجته قد توفيت وصلى الناس عليها بجامع القرويين، وإمامهم الشيخ غازي بن الشيخ أبي عبد الله محمد بن غازي الإمام المشهور، فوصل الشيخ أبو عبد الله ووجد جنازتها على شفير القبر، والناس يحاولون دفنها فقال لهم: مهلا، ثم تقدم وأعاد الصلاة عليها مع أصحابه الذين قدموا معه، فبادر الناس إليه بالإنكار في تكرير الصلاة على الجنازة بالجماعة مرتين فقال لهم على البديهة صلاتكم التي صليتم عليها فاسدة؛ لكونها بغير إمام، فقالوا له: كيف ذلك يا سيدي؟ قال: لأن من شرط الإمام الذكورية، وهى مفقودة في صاحبكم؛ لأن الذي لم يتقلد سيفًا في سبيل الله قط ولم يضرب به، ولا عرف الحرب كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم، ولم يتعبد بالسيرة النبوية، فكيف يعد إماما ذكرًا؛ بل إمامكم والله من جملة النساء».
لذلك لم نلمح إلى ذكر لدور مكناسة الزيتون في حركة الجهاد ضد المستعمرين زمن ابن غازي، إلى جانب غموض الفقرات التي أوردها ابن غازي عن الأوضاع الداخلية رغم كثرتها، سواء في عصر بني مرين أو بني وطاس، وكذلك ظهور الوحدات المستقلة التي أملتها ظروف الجهاد، ومقاتلة العدو المحتل للسواحل المغربية، كما حصل لشفشاون والقصر الكبير وتطوان وبعضها الآخر نتيجة البعد عن مقر السلطة الحاكمة.
وبعد مقتل آخر سلاطين بني مرين قام محمد الشيخ الوساطي (٨٧٦هـ - ١٤٧٢م) الناجي من المذبحة بالدعوة لنفسه في أصيلا ثم في فاس، فكانت له ولأبنائه من بعده سلطة محدودة في الشمال، تقل كلما ابتعدت المنطقة عن المدينة؛ لتصير مجرد سلطة اسمية في حوز ،مراكش بينما تركت بلاد ما وراء الأطلس إلى نفسها هملا، لا أثر لسلطة الوطاسيين فيها، ولم يبرز من بين رؤساء القبائل من يستطيع فرض سلطته على المنطقة كلها، غير أن حركة التصوف - المتمكنة الجذور في البلاد منذ قرون وجدت في تلك الظروف السياسية الصعبة بيئة صالحة لنموها وانتشارها، وقد ظهر على مسرح الأحداث رجال وأعوان - من بين شيوخ الزوايا لعبوا دورا حاسما في الصراع مع الاستعمار."
رابط تحميل الكتاب