كتاب نقد ملكة الحكم - تأليف إمانويل كنت - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : نقد ملكة الحكم.
تاليف : إمانويل كنت.
ترجمة : غانم هنا
الناشر : مركز دراسات الوحدة العربية - لبنان.
طبعة : 2005م.
حجم الملف : 7 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"حول المذاهب المختلفة في غائية الطبيعة
لم يشك أحد بعد في صواب المبد] [القائل]: يجب أن نحكم على بعض الأشياء في الطبيعة الكائنات المنظمة) وعلى إمكانيتها وفقاً لمفهوم علل غائية، حتى ولو كان ذلك بإرادة منا أن نحصل على خيطهادٍ فقط يُتيح لنا معرفة بنيتها بواسطة الملاحظة من دون التطلّع إلى البحث في أصلها الأول. ومن هنا لا يمكن أن يكون السؤال إلا كالتالي: هل يصلح هذا المبدأ ذاتياً فحسب، أي هل هو مسلَّمة ملكة الحكم لدينا لا غير، أم هو مبدأ موضوعي للطبيعة يأتي لها بموجبه، للطبيعة يأتي لها بموجبه، إضافة إلى آليتها (وفقاً لقوانين الحركة البحتة) نوع آخر من العلية، أعنى علية العلل الغائية، التي تخضع لها تلك من القوى المحركة كعلل وسيطة لا غير.
إننا نستطيع أن نبقي هذا السؤال، أو بالأحرى هذه المشكلة، من دون البت فيها وحلّها نظرياً. وفي الواقع، إننا لو رضينا بالبقاء، مع تفكيرنا النظري داخل حدود معرفة الطبيعة البحتة، فإنه لدينا من هذه المسلّمات ما يكفي لدراسة الطبيعة وتقصي أسرارها الأكثر تخفياً بقدر ما تستطيع القدرات البشرية أن تصل إليه. ثمة إذاً شعورٌ مسبق ما من قبل عقلنا، أو إيماءة - إن صح التعبير - معطاة لنا من الطبيعة، قد نستطيع وفقاً لها أن نصل فعلاً بواسطة مفهوم العلل الغائية ذاك، مباشرة إلى ما وراء الطبيعة ونربطها هي نفسها بالحلقة الأعلى في سلسلة العلل، لو أننا تركنا جانباً البحث في الطبيعة (حتى ولو لم نكن أحرزنا تقدماً كبيراً فيه، أو على الأقل لو أننا نعلقه لبعض الوقت، وحاولنا قبل ذلك أن نستكشف إلى أين سيقودنا ذلك العنصر الغريب في العلوم الطبيعية، أعني مفهوم الغايات الطبيعية.
وهنا، بالتأكيد لا تستطيع تلك المسلمة التي لا جدال حولها، إلا أن تصب في مشكلة تفتح مجالاً واسعاً للنقاشات: هل الربط الغائي في الطبيعة يبرهن على وجود نوع خاص من العلية للطبيعة نفسها [؟] أم إنها هي، إذا اعتبرت في ذاتها ووفقاً لمبادئ ،موضوعية، لا تشكّل بالأحرى كلاً واحداً مع آلية الطبيعة أو تستند إلى الأساس الواحد عينه؟ ولكن بما أن هذه [الآلية] غالباً ما تكون مخبأة عميقاً جداً في بعض ناتجات الطبيعة وعصية على بحثنا لذلك نذهب إلى البرهان بمبدإ ذاتي، أي بمبدإ الفن، وهذا يعني [مبدأ] العلية وفقاً لأفكار، لكي يوضع بالتمثيل في أساس الطبيعة ؛ وقد تساعدنا وسيلة الإسعاف هذه في حالات كثيرة، إنما يبدو أنها تفشل في حالات أخرى، ا لكنها لا تبرّر في أي حال من الأحوال إدخال طريقة خاصة لإنتاج تأثيرات في علم الطبيعة، تكون مختلفة العلية وفقاً عن لقوانين آلية بحتة للطبيعة نفسها. وبإطلاقنا اسم التقانة على طريقة (على علية) فعل الطبيعة وبسبب ما نجده في ناتجاتها مما يشبه غاية، فإننا نريد أن نقسم [تلك التقانة] إلى تقانة قصدية (technica intentionalis) وتقانة غير قصدية (technica naturalis). على أن تعني الأولى أن قدرة الطبيعة المنتجة وفقاً لعلل غائية سوف تُعتبر نوعاً خاصاً من العلية، والثانية وهي في حقيقة الأمر واحدة مع آلية الطبيعة، والتي من الخطإ تأويل توافقها العرضي مع مفاهيمنا عن فن، أنه يجب شرح قوانينها على أنها مجرد شرط ذاتي للحكم، وليس بوصفها نوعاً خاصاً من الإنتاج الطبيعي.
فإذا نظرنا الآن في المذاهب في تفسير الطبيعة من ناحية العلل الغائية، فينبغي أن نلاحظ أنها جميعاً مختلفة فيما بينها حول المبادئ الموضوعية لإمكان الأشياء إما بعلل قصدية، أو بعلل فعالة غير قصدية لكنها في المقابل، لا تختلف حول المسلمة الذاتية التي للحكم فقط على علة مثل هذه النتاجات الغائية وفي هذه الحالة الأخيرة يمكن التوفيق بين مبادئ متباينة، بينما في الحالة الأولى فإن المبادئ المتقابلة بالتناقض يُقصي بعضها بعضاً ولا يمكن أن تتعايش معاً.
والمذاهب المتعلقة بقوة الطبيعة المُنتجة وفقاً لقاعدة الغايات مذهبان إما مثالية الغايات الطبيعية، وإما واقعية الغايات الطبيعية. الأول يزعم أن كل غائية للطبيعة هي غير قصدية، و[يزعم] الثاني أن بعضها (في الكائنات المنظمة غائية مقصودة. وعندئذ يمكن أيضاً أن نستنتج من هنا النتيجة - مؤسسين إياها كفرضية ـ أن تقنية الطبيعة مقصودة، أي إنها غاية حتى في ما يخص ناتجاتها الأخرى كافة بالنسبة إلى الكلية الطبيعية.
1- أما مذهب مثالية الغائية (وأعني هنا دوماً [الغائية] الموضوعية فهو إما مثالية ،الصدفة أو [مثالية] حتمية تعيين الطبيعة في الشكل الغائي لنتاجاتها والمبدأ الأول يتعلق بعلاقة المادة بالأساس الفيزيائي لشكلها أعني قوانين الحركة، والمبدأ الثاني يتعلق بعلاقة المادة وكل الطبيعة بأساسها فوق الفيزيائي. ومذهب الصدفة، المنسوب إلى أبيقوروس وديمقريطس) ـ لو أخذ حرفياً - لظهر بوضوح أنه غير معقول، إلى درجة أنه لا يستحق الوقوف عنده. أما مذهب الحتمية الذي يُعَدُّ سبينوزا مبتدعه، مع أنه من المحتمل أن يكون أقدم منه بكثير)، وهو الذي يهيب
بشيء فوق محسوس، لا يستطيع عقلنا ،بلوغه، فليس من السهل تفنيده، لأن مفهومه عن كائن أصلي غير مفهوم. ومن البين في هذا المذهب، أن الارتباط الغائي في العالم يجب أن يُعَدُّ غير مقصود (لأنه يستنبط من كائن أصلي وليس من فهمه، وبالتالي ليس من قصد ،له بل من ضرورة طبيعته ومن وحدة العالم المستنبطة منه) وبالتالي إن حتمية الغائية هي في الوقت نفسه مثاليتها.
2- كذلك مذهب واقعية الطبيعة فهو أيضاً إما فيزيائي وإما فوق فيزيائي والأول يؤسِّس الغايات في الطبيعة على أساس التمثيل مع قوة تفعل وفقاً لقصد وعلى القول بحياة المادة ([حياة خاصة بها أو بواسطة مبدإ باطن واهب للحياة، أي نفس للعالم، وهذا ما يسمى مذهب حيوية المادة. والثاني يستنبط الغايات من الأساس الأول للكون من حيث إنه كائن عاقل (حي أصلاً) يُنتج عن قصد؛ وهو مذهب التأليه."
رابط تحميل الكتاب