لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب دراسات في الفلسفة المعاصرة pdf للمؤلف زكريا ابراهيم




معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : دراسات في الفلسفة المعاصرة.


المؤلف : د. زكريا ابراهيم.


الناشر : مكتبة مصر.


حجم الملف : 8.88 ميجا بايت. 

 ‏

عدد الصفحات : 542 صفحة. 

 

صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"فلسفة التاريخ في صورتها الوجودية


وأخيرًا لا بد لنا من أن نضع بين يدى القارئ لمحة سريعة عن فلسفة التاريخ عند يسبرز. وهنا نجد أن الفيلسوف الوجودي الألماني قد تأثر في هذه الفلسفة ببعض آراء ماكس فيبر Weber، كما أنه قد خضع في حكمه على التاريخ لنزعته السياسية الليبرالية. ولكن من المؤكد أن اتجاه يسيرز الوجودي هو الذي أملى عليه اعتبار الهدف النهائى للتاريخ البشرى هو تحقيق «الوجود الأصيل» من خلال التزايد المستمر والتعمق التدريجي للشعور بالذات والإنسان ــ في رأى يسبرز هو أكثر دائما من أية فكرة من أفكاره، بل من مجموع أفكاره ؛ وهو إذا تناسى هذه الحقيقة، فإنه سرعان ما يقع ضحية لأيديولوجية ضيقة متعصبة. وإذا كان فيلسوفنا قد حمل بكل شدة على التفكير المنحصر في نطاق الأيديولوجيات)، فذلك لأنه قد لاحظ أن الأيديولوجيا هى مركب من الأفكار أو المعاني التي تظهر للمفكر بصورة الحقيقة المطلقة الكفيلة بتفسير العالم وتحديد مكانة الإنسان منه. وليس من شك فى أن مثل هذا الزعم الأيديولوجي لا بد من أن ينطوى على خيانة فاضحة للحقيقة البشرية، بوصفها مجرد حقيقة متناهية ناقصة تحيا على الحوار المستمر والتواصل الدائب. ولعل هذا هو السبب في أن حرب الأيديولوجيات لا بد من أن تتخذ طابع الصراع الأليم الذى يقضى على كل «تواصل» حقيقي بين بني الإنسان. وربما كان من بعض أفضال الانهيار» الذي تصل إليه معظم الأنظمة العقلية الصارمة والأنسقة الفلسفية المغلقة، أنه يرد الإنسان إلى نفسه، فلا يلبث أن يتحرر من طغيان تلك الأفكار، لكي يدرك قصور قواه العقلية، وتناهى وجوده الزماني، وعندئذ ينبثق فى نفسه ذلك الشعور بالذات هو دعامة «كل وجود أصيل». ويسيرز يفيض في الحديث عن عصر هام من عصور التاريخ البشرى يطلق عليه اسم العصر المحورى، وهو ذلك العصر الذى استمر في الفترة ما بين عام ۸۰۰ ق. م وعام ۲۰۰ ق. م، وفيه ظهر الحكماء والأنبياء الذين أخذوا على عاتقهم مهمة التفكير في الوجود البشرى، والواقع أن أهم الأحداث التاريخية التي حددت مصير الإنسانية قد تركزت في هذه الفترة : فقد ظهر فى الصين آنذاك كونفوشيوس ولاوتسی Lao-tzse وشتی مدارس الفلسفة الصينية، كما ظهرت في الهند الأوبانيشاد و حكمة بوذا، مع كل ما ترتب عليها من نزعات ارتيابية، ومادية، وعدمية وغير ذلك؛ وظهر في بلاد الفرس زرادشت بنظريته الجديدة فى العالم من حيث هو صراع بين الخير والشر، وشهدت فلسطين ظهور الأنبياء العبرانيين من أمثال إيليا، وأشعياء، وأرميا... إلخ، وعرفت بلاد اليونان كلا من هو ميروس، وتيووسيديوس، وأرشميدس، والفلاسفة من أمثال : يرمنيدس، وأفلاطون، وهرقليطس.. إلخ. وهكذا شعر الإنسان ـ لأول مرة فى تاريخ الفكر البشرى ـ بالوجود ككل، وأدرك ذاته بوصفه موجودًا متناهيا له حدوده، وكان من آثار إحساسه بالهول والفزع أمام العالم أن راح ينشد التحرر والخلاص، كما مضى يثير في الوقت نفسه الكثير من المشكلات الميتافيزيقية حول معنى وجوده. وعلى الرغم من اختلافات الإجابات التي قدمها مفكرو تلك الحضارات لحل أمثال هذه المشكلات، إلا أننا نلمح لديهم جميعا إدراكا واعيا لتلك الحقيقة الهامة ألا وهي أنه لا سبيل إلى إدراك معنى الوجود البشرى اللهم إلا من خلال عملية الصراع الشاق التي يقوم بها الإنسان في سبيل الوصول إلى وعى إنسانى ناصع مقترن بشجاعة أدبية كافية لمواجهة هذا الصراع. وحينما ثار فى عقل الإنسان هذا السؤال: «ماذا عسى أن يكون معنى وجودى؟»، فهنالك بدأ فجر الحرية ينبثق، وهنالك ظهرت إمكانية التحرر من أسر القضاء والقدر. أيا ما كانت الإجابة التي استطاع الإنسان أن يقدمها لهذا السؤال، فقد اتضح للإنسان من خلال عملية التساؤل نفسها أنه هو الموجود الوحيد الذي يستطيع أن يقرر أو أن يصمم ما إذا كان يود أن يتقبل (أو أن يرفض معنى وجوده. وهكذا انبثقت الإنسانية من خلال هذا الفعل الحر الذي بمقتضاه أخذ الإنسان على عاتقه مسئولية وجوده، وكان ظهور «الشعور بالذات » بمثابة المحور الذى أصبح على كل التاريخ البشري أن يدور حوله.


والواقع أن التاريخ – فيما يقول يسيرز ــ لم يظهر إلا حينما قام الإنسان بالخطوة الأولى في السبيل المؤدى إلى الوجود البشرى الأصيل، كما أن استمرار التاريخ ــ بكل ما انطوى عليه من عوائق وعثرات وتوترات ـ لم يكن سوى - مجرد سعى أليم أو صراع حاد على الطريق المؤدى إلى المزيد من «الأصالة». وليس من شك في أن الحضارة الحديثة قد حققت للإنسان الكثير من أسباب «التقدم »، فضلا عن أنها قد وفرت له قسطا غير قليل من التنوير»، ولكن الملاحظ أن التنظيم الحالى للعالم قد أصبح يتهدد اليوم إمكانيات «الأصالة» اللازم توافرها للفرد. ويسيرز يضم صوته هنا إلى أصوات غيره من نقاد «المجتمعات الجماهيرية الحديثة، فيقول إنه لا بد من محاربة شتى النزعات العدمية الهدامة التي نجمت عن انحلال القيم التقليدية، ولكنه يرى أننا أصبحنا نشهد اليوم (ربما لأول مرة في تاريخ العالم) «وحدة» حقيقية للبشرية جمعاء تتجلى بصفة خاصة في اهتمام الناس على اختلاف أجناسهم وألوانهم وحضاراتهم بكل ما يحدث في أية بقعة من بقاع العالم. والواقع أن العصر التكنولوجي قد أسهم إلى حد كبير في خلق ضرب من الشعور بالجماعية» (أو الكلية لدرجة أن أوروبا في المستقبل القريب لن تكون هي أوربا، كما أن الأوروبيين لن يكونوا فى الغد هم الأوروبيين ! ويسيرز يتوقف طويلا عند مفهوم «وحدة التاريخ لكى يحدثنا عن وحدة التكوين البشرى، ووحدة العنصر الكلى في الإنسان، ووحدة الموجود البشرى في المكان والزمان، ووحدة التقدم الإنسانى، ثم يخلص إلى القول بأن الوحدة ليست واقعة بل هدفًا. فما يسميه الفلاسفة باسم وحدة التاريخ رهن بمدى قدرة الإنسان على فهم أخيه الإنسان، ومدى قدرة البشر جميعا على الانتماء إلى عالم واحد مشترك، ألا وهو «عالم الروح» أو «عالم الحقيقة وليس التاريخ سوى عالم لا متناه مفتوح من «العلاقات المعنوية التى قد تتلاحم وتتشابك، لكي تكون معنى واحدا مشتركا. صحيح أنه لا يمكن لوحدة البشرية أن تتحقق على الوجه الأكمل، وإلا كانت هذه الوحدة التامة نهاية التاريخ نفسه، ولكن من المؤكد أن فكرة «الوحدة» تعمل عملها باستمرار في صميم مجرى التاريخ. ولا بد للتاريخ من أن يبقى دائما حركة مستمرة تعمل تحت هدى الوحدة، وتقترن دائما بأفكار الوحدة ومعانى الاتحاد، ولكن وحدة التاريخ لن تكون يوما أكثر من مجرد مهمة شاقة لا بد لنا من العمل على تحقيقها إلى ما لا نهاية ! وما دامت البشرية قد انبثقت عن أصل واحد، ثم تطورت بعد ذلك على سبيل الانقسام في اتجاهات مختلفة، فلن يكون من العبث أن نطالبها بإعادة توحيد نفسها من جديد، حتى تقطع الطريق من «الواحد» إلى «الواحد» وقد تكون الوحدة الحقيقية أشبه ما تكون بفكرة دينية أو مثل أعلى روحى، خصوصا وأن «المتعالى وحده هو الذي يوصف بأنه الواحد، ولكن ربما كانت حركة التاريخ بين نقطة البداية ونقطة النهاية أحوج ما تكون إلى فكرة الوحدة ؛ لأنها هي وحدها التي تخلع المعنى، على تلك الصيرورة التاريخية."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب