لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب بُنيَة الثورات العلمية pdf تأليف توماس س. كُون




معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : بُنيَة الثورات العلمية.


تأليف : توماس س. كُون.


ترجمة : د. حيدر حاج اسماعيل.


الناشر : المنظمة العربية للترجمة.


توزيع : مركز دراسات الوحدة العربية.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).







مقتطف من الكتاب :


"دور للتاريخ


إذا ما نظر إلى التاريخ على أنه مخزن لأكثر من حكاية لحدث مثير أو لسلسلة حوادث، حالتئذ يمكنه أن ينتج لنا تحوّلاً حاسماً في صورة العلم التي تستحوذ علينا الآن. وكانت تلك الصورة قد استمدت، رئيسياً، وحتى من قبل العلماء أنفسهم، من درس الإنجازات العلمية التي تمَّت، حيث إن هذه الإنجازات مسجلة في الأعمال الكلاسيكية، ومؤخراً في الكتب المدرسية التي يتعلم منها كل جيل علمي جديد ممارسة اختصاصه المهني. ومن المؤكد أن يكون هدف مثل تلك الكتب إقناعياً وتربوياً. أما تصوّر العلم المستمد منها فلا يتناسب مع المشروع الذي أنتجها أكثر من كونه صورة عن الثقافة القومية المستفادة من كتيب في السياحة أو من كتاب مدرسي في اللغة. محاولتنا إن هي إلا مسعى لتبيان أنها أعطتنا انطباعاً خاطئاً من نواح أساسية. وهدف محاولتنا يمثل في عرض مختصر لتصوّر مختلف تماماً للعلم منبثق من السجل التاريخي للنشاط البحثي ذاته.


غير أن ذلك التصوّر، حتى من التاريخ، ليس في متناول اليد إذا استمر طلب المعطيات التاريخية وتمحيصها للإجابة أساساً عن أسئلة من وضع المألوفية النمطية اللاتاريخية المستمدة من النصوص العلمية. فعلى سبيل المثال غالباً ما ألمحت تلك النصوص إلى أن محتوى العلم في الملاحظات والقوانين والنظريات الموصوفة في صفحاتها، ليس إلا وقد قرئت الكتب ذاتها وبانتظام، قراءة تفيد القول إن المناهج العلمية هي ببساطة التقنيات الناجحة المستخدمة في جمع معطيات الكتب المدرسية مضافاً إليها العمليات المنطقية المستعملة عند ربط تلك المعطيات بالتعميمات النظرية للكتب. وكان الحاصل تصوراً للعلم ذا نتائج عميقة المعاني تختص بطبيعته وتطوره. 


غير أننا إذا افترضنا أن العلم هو منظومة من الوقائع والنظريات والمناهج مجمعة في الكتب الراهنة، يصبح العلماء أولئك الأشخاص الساعين بجد، سعياً ناجحاً أو مخفقاً، للإسهام بعنصر أو آخر في تلك المنظومة الخاصة. ويصير التطور العلمي عملية أجزاء تضاف إفرادياً ومجموعياً، إلى المخزن الذي لا يتوقف نموه، والذي يؤلف التقنية والمعرفة العلميتين. كما يصبح تاريخ العلم الفرع العلمي الذي يسجل تلك الأجزاء المتتالية والعقبات التي منعت تراكمها. ويبدو المؤرخ المهتم بتطور العلم ذا مهمتين رئيستين. فمن ناحية، عليه أن يحدد الإنسان الذي تم على يده اكتشاف أو اختراع كل حقيقة علمية معاصرة، وقانون، ونظرية، وزمان حصول ذلك. ومن ناحية أخرى، يجب عليه أن يصف ويشرح مجموعة الأخطاء، وما له علاقة بالأسطورة والخرافات التي منعت التراكم الأسرع لمكونات النصّ العلمي الحديث وهناك بحث كثير اتجه لتحقيق هذه الأهداف، وبعضه لا يزال جارياً.


ومع ذلك، فقد عانى نفر قليل من مؤرخي العلم صعوبات متزايدة في سبيل القيام بالوظائف التي يعينها لهم تصوّر التطور بفضل التراكم وقد اكتشفوا بوصفهم مسجلين لعملية إضافة الأجزاء، أن تقدم البحث يجعل الإجابة عن مثل الأسئلة التالية أكثر عسراً، وليس أكثر يسراً متى تم اكتشاف الأوكسجين؟ ومن هو أول من فكر بمبدأ حفظ الطاقة؟ ويزداد اعتقاد عدد قليل منهم بأن هذه الأسئلة هي ببساطة، من النوع الخاطئ طرحه. فقد لا يتطور العلم عن طريق تراكم اكتشافات واختراعات واحدة بعد الأخرى. وفي الوقت عينه، يواجه هؤلاء المؤرخون أنفسهم صعوبات متنامية في عملية فصل المكوّن العلمي» للملاحظة والاعتقاد الماضيين عمّا وَسَمَه أسلافهم بأنه «خطأ» و«خرافة». وكلما ازدادت عنايتهم بدرس الديناميكا عند أرسطو أو الكيمياء الفلوجستية (*) أو الديناميكا الحرارية، تيقنوا من أن وجهات نظرهم التي كانت شائعة في زمن، لم تكن عموماً أقل علمية أو من صنع طبيعة المزاج البشري أكثر من وجهات النظر المتداولة اليوم. وإذا عُدَّت هذه المعتقدات التي عفا عليها الزمان بمثابة الأساطير، فهذا معناه أن الأساطير يمكن إنتاجها بواسطة المناهج عينها ويكون التمسك بها للأسباب نفسها التي توصل الآن إلى المعرفة العلمية. إنما إذا دعيت علماً من جهة ثانية، فستكون النتيجة أن العلم يشتمل على معتقدات لا تتفق تماماً مع المعتقدات التي لنا اليوم. وأمام هذين الخيارين، لا بد للمؤرخ من أن يختار الخيار الثاني. ومن الوجهة ،المبدأية لا تعد النظريات القديمة نظريات غير علمية لمجرد الاستغناء عنها. وخيارنا ذاك، يُصَعب اعتبار التطور العلمي مجرد عملية تراكم والبحث التاريخي الذي يعرض لنا صعوبات فصل الاختراعات والاكتشافات الفردية، هو ذاته الذي يقدم لنا المبرر لشكوك عميقة حول عملية التراكم التي جرى عبرها الاعتقاد بأن هذه الاسهامات الفردية في العلم قد تم تركيبها.


وقد نجم عن هذه الشكوك والصعوبات كلها ثورة تاريخية بيانية في مجال دراسة العلم مع أنه لا يزال في مراحله الأولى. وبصورة تدريجية ومن دون وعي ما يفعلون شرع هؤلاء لطرح أنماط جديدة من الأسئلة وتتبع خطوط علمية تطورية مختلفة، هي أقل علاقة بالاتجاه التراكمي. فبدلاً من البحث عن الإسهامات الثابتة لعلم مضى في نظرتنا الحالية، يحاولون أن يقدموا عرضاً لوحدة ذلك العلم التاريخية في زمانه فهم لا يسألون على سبيل المثال، عن علاقة أفكار غاليليو بالعلم الحديث، بل نراهم يطرحون أسئلة عن علاقة أفكاره بأفكار جماعته أي أساتذته ومعاصريه وخلفائه المباشرين في العلوم. وزيادة على ذلك، فهم يصرّون على ضرورة دراسة آراء تلك الجماعة وقرين تلك الآراء من وجهة النظر - المختلفة عادة عن وجهة نظر العلم الحديث - التي توفر لتلك الآراء أقصى درجات التماسك المنطقي الداخلي وتجعلها تبدو أقرب ما يمكن إلى الطبيعة. ومن خلال الأعمال الكتابية التي نشأت عن ذلك، والتي يمثلها خير تمثيل كتابات ألكساندر كويريه لم يعد العلم بمجمله مماثلاً لمشروعه الذي دارت حوله مناقشات الكتاب المنتمين إلى التقليد التاريخي الجغرافي القديم. أما النتيجة التي تتضمنها هذه الدراسات التاريخية، فهي، في الحد الأدنى فكرة إمكانية صورة جديدة للعلم. ومحاولتنا هذه تهدف إلى تحديد تلك الصورة عن طريق توضيح بعض النتائج التاريخية البيانية الجديدة."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب