لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب نقد نقد العقل العربي؛ إشكاليات العقل العربي pdf تأليف جورج طرابيشي

 كتاب نقد نقد العقل العربي؛ إشكاليات العقل العربي - تأليف جورج طرابيشي - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : نقد نقد العقل العربي؛ إشكاليات العقل العربي.


المؤلف : جورج طرابيشي.


الناشر : دار الساقي.


عدد الصفحات : 205.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 






مقتطف من الكتاب :


"إشكالية اللغة والعقل


الازدراء «الإبستمولوجي» الذي يتعامل به ناقد العقل العربي مع كلّ ما يمت بصلة إلى الحساسية الأدبية، لا يمنعنا من استهلال هذا الفصل باقتباس من لغة أبي العلاء المعرّي. فتماماً كما حد شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء سجنه المزدوج، كذلك يتبدّى العقل العربي، من خلال الإشكالية اللغوية التي يسجنه فيها ناقده، وكأنه رهين ،محبسين فهو من جهة أولى أسير اللغة العربية؛ واللغة العربية نفسها، من الجهة الثانية، أسيرة الأعرابي وعالمه الصحراوي الحسي واللاتاريخي». وهذا الازدواج للحبس داخل الحبس هو ما حمل ناقد العقل العربي، كما يبدو على المزاوجة بين عنوانين لفصلين شبه متطابقين نشر أولهما في التراث والحداثة تحت عنوان: خصوصية العلاقة بين اللغة والفكر في الثقافة العربية»، وثانيهما في تكوين العقل العربي تحت عنوان: «الأعرابي صانع العالم العربي». وإذا كنّا غير معنيين هنا بإبراز التطابق الحرفي والمعنوي بين فقرات بكاملها من هذين الفصلين، فلنا أن نلاحظ مع ذلك أن عنوان أولهما يسمّي الإشكالية الحابسة الأولى، بينما يسمي ثانيهما الإشكالية الحابسة الثانية، والمحبوسة في الوقت نفسه في الأولى. فـ «خصوصية العلاقة» تظهر أنّ اللغة العربية هي من أوّل مكوّنات العقل العربي، و«الأعرابي صانع العالم العربي» يبين أن من أوّل مكونات هذه اللغة المكوّنة هو البدوي.


وبدون مزيد من التوسع في جدلية تكوين التكوين هذه، لنترك لناقد العقل العربي أن يحدّد، بقلمه معطيات الإشكالية الأولى والحكم النهائي والقطعي الذي يتوخى قبلياً أن يستنبطه من حيثياتها: «ثمة معطيات كثيرة يمكن أن تبرّر إعطاء الأولوية للغة العربية في دراسة مكوّنات العقل العربي. فالعربي يحب لغته إلى درجة التقديس، وهو يعتبر السلطة التي لها عليه تعبيراً، ليس فقط عن قوتها، بل عن قوته هو أيضاً. ذلك لأن العربي هو الوحيد الذي يستطيع الاستجابة لهذه اللغة والارتفاع إلى مستوى التعبير البياني الرفيع الذي تتميز به. أما الباقي فهم «أعاجم» و«الأعجم: الذي لا يفصح ولا يبين كلامه ومنه الحيوانات العجمي. ومن هنا يمكن القول إنه كلما كان العربي أقدر على التعامل مع اللغة العربية، تعبيراً واستجابة، كان أكثر امتلاكاً لما به الإنسان هو الإنسان فالعربي «حيوان فصيح»؛ فبالفصاحة، وليس بمجرّد «العقل»، تتحدد ماهيته. 


إن أخطر ما في هذا النص هو، بطبيعة الحال، غائيته التي تفصح عنها ـ لكم باتت هذه الكلمة مشبوهة بعد أن سؤدها الجابري! - الجملة الأخيرة فيه. ولكن هذه الخطورة لا تلغي القفزة المنطقية التي أباحت للجابري أن ينتقل إلى تعريف العربي بأنه حيوان فصيح»، كما لا تلغي على الأخص التلاعب المنطقي الذي استباح الجابري بموجبه أن يقيم علاقة تفارق، بل تناف، ما بين الفصاحة (أي اللغة في نهاية المطاف والعقل في تحديد ماهية الإنسان العربي. 


والغرض من تلك القفزة ومن هذا التلاعب المنطقي لا يخفي نفسه فناقد العقل العربي يعيدنا هنا مرة ثانية، وبصورة مضمرة، إلى الضدية المزعومة لهذا العقل مع العقل اليوناني، وهي الضدية التي كنا كرسنا الفصل الثالث بكامله من نظرية العقل» لتفكيكها. 


وبالفعل، إنّ المسكوت عنه في النص - ولكن الحاضر فيه بقوة بالتداعي الإضماري - هو التعريف الأرسطي للإنسان بأنه حيوان عاقل والمضاربة التبخيسية هنا على الإنسان العربي بوصفه محض حيوان فصيح»، بالمقابلة مع الإنسان اليوناني الذي لا تعريف له إلا بمجرد العقل، لا تحتاج إلى بيان. ولكن عيبها، الذي يبطلها من أساسها، أنها لا تفلح في إتيان مفعولها نفسياً إلا بقدر ما تقوم على مغالطة منطقية. فمعلوم أنّ الناقل العربي القديم قال في ترجمته لحد أرسطو المشهور: «الإنسان حيوان ناطق». ولقد دلّل بذلك على ذكاء، كما على تضلّع بعيد الغور في اللغة اليونانية. وصحيح أنه شاع في الأزمنة الحديثة، ونتيجة للترجمة عن اللغات الغربية المعاصرة، تعبير «الإنسان حيوان عاقل كمقابل لـ L'Homme est un Animal asonable. ولكن الترجمة العربية القديمة تبقى أقرب إلى روح اللغة اليونانية وعبقريتها الخاصة. فاليونانية تميّز في معنى العقل، بين اللوغوس" و"النوس"، وهو تمييز تضيع معالمه في لفظة Raison الفرنسية أو Reason الإنكليزية. والحال أن العودة إلى مفردات أرسطو والمنطق اليوناني بأسره تفيدنا أن حد الإنسان هو حیوان لوغوسي" ، لا حيوان نوسي . ولوغوس في اليونانية لا تعني عقلاً فقط، بل كذلك لغة وبياناً ومقالاً، وحتى حساباً، كما كنا رأينا في نظرية العقل. وعلى هذا الأساس، فإن العلاقة الاشتقاقية بين لو غوس اليونانية ولغة السامية تغدو شبه بديهية. وعلى هذا الأساس أيضاً يكون الناقل العربي القديم قد أبدع عندما قرن بدوره بين معنيي العقل واللغة في لوغوس، فحدَّ الإنسان بأنه حيوان ناطق ووقع اختياره على كلمة المنطق" ليترجم بها "لوجيكه اليونانية، المشتقة بدورها من "لوغوس" . ومن الكندي إلى الفارابي إلى ابن سينا إلى ابن رشد، فإنّ القوة الناطقة تعني على الدوام في الفلسفة العربية الإسلامية القوة العاقلة بدون أن تنفي في الوقت نفسه ما تتضمنه من معنى القدرة على الكلام التي هي من أولى خصائص قوة العقل في الإنسان. وعلى هذا النحو تلتقي عبقرية اللغة العربية مع عبقرية اللغة اليونانية في اتصالية لا يتأتى لناقد العقل العربي أن يشتبه في وجودها، وهو الذي يصعد الانفصالية ما بين العقلين اليوناني والعربي إلى مستوى الضدية المحدّدة للهوية بموجب المبدأ القائل: بضدها تتميز الأشياء.


 وما دام ناقد العقل العربي يكنّ إعزازاً وإعجاباً خاصين للفكر الألماني اللغوي ممثلاً وهمبولت كما سنرى، فإننا لا نستطيع أن نمتنع هنا عن استباق الأشياء والاستشهاد بقولة مشهورة ليوهان جورج هامان، أستاذ هردر : إنما العقل أيضاً لغة لوغوس". هذا القرآن بين العقل واللغة هو ما جعل المدرسة اللغوية الألمانية تطلب تجلّي اللوغوس لا في النتاج النظري للفلاسفة، بل في آداب الشعوب وأساطيرها ومأثوراتها الشعرية والفولكلورية والحال أن الجابري رغم انتصاره المعلن كما سنرى للمدرسة الهردرية - الهمبولتية، يعمد في المحاكمة التي يقيمها للعقل العربي، إلى التفريق بين ما تجمعه، ويؤسس تفارقاً حيث تؤسس هي تقارناً. فعنده أنّ الماهية، أي ما به الإنسان هو إنسان"، تتحدّد إما بالعقل وإما باللغة وبالمقارنة مع ذلك الحيوان العاقل الذي هو اليوناني، فإن العربي هو محض "حيوان فصيح". وهذا التحديد بالفصاحة ، لا بمجرد العقل ، الذي أملته رغبة مسبقة في المضاربة التبخيسية على العقل العربي، ينطوي من وجهة النظر المعرفية الخالصة على حكم قيمة سالب لا مماراة فيه: ففي زمن التحول، بله الانقلاب في الإبستميات التاريخية الذي هو زمن الحداثة، فإن العقل لا يرجح الفصاحة وزناً فحسب، بل يتقدم عليها بإطلاق في عالم العلم والتقدم التقني الذي هو العالم الحديث: فالعقل يتبدى كوسيلة فاعلة للسيطرة على عالم الأشياء، على حين أن الفصاحة، الفائت زمانها لا تعدو أن تكون وسيلة للسيطرة على عالم الخطاب. وإضمارياً . وهنا تظهر النية الهجائية - فإنّ الفصاحة ما عادت مرادفاً إلا للجعجعة بلا طحن في عالم تتجه فيه الفاعلية التاريخية إلى الطحن بلا جعجعة."

 ‏

 ‏رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب