لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب حوارات من أجل المستقبل pdf تأليف د. طه عبد الرحمن

 كتاب حوارات من أجل المستقبل - تأليف د. طه عبد الرحمن - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : حوارات من أجل المستقبل.


تأليف : دكتور طه عبد الرحمن.

 ‏

 الناشر : الشبكة العربية للأبحاث والنشر.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"ليس من العجيب أن ينزل «الحوار منزلة «الحقيقة». فكما أن الأصل في الكلام من جهة مضمونه هو الحقيقة، فكذلك الأصل فيه من جهة قائله هو الحوار ؛ وكما أنه على المتكلم الشاهد، خصوصاً أن يقول الحقيقة، فكذلك على المتكلم المعادي عموماً، أن يمارس الحوار؛ وكما أنه على الأول أن يقول الحقيقة وحدها، فكذلك على الثاني أن يمارس الحوار وحده؛ وكما أنه على الأول أن لا يقول شيئاً غير الحقيقة، فكذلك على الثاني أن لا يمارس شيئاً غير الحوار؛ وبيان هذه الحقيقة الحوارية من الوجوه الثلاثة الآتية:


أولها، إن طريق الوصول إلى الحق ليس واحداً لا ثاني له، وإنما طرق شتى لا حد لها، لأن الحق هو نفسه، على خلاف الرأي السائد ليس ثابتاً لا يتغير، بل أصله أن يتغير ويتجدد، وما كان في أصله متجدداً، فلا بد من أن يكون الطريق الموصل إليه متعدّداً ؛ وحيثما وُجد التعدد في الطرق فثمة حاجة إلى قيام حوار بين المتوسلين بها.


والوجه الثاني، إن تواصل الحوار بين الأطراف المختلفة، فئات أو أفراداً، يُفضي مع مرور الزمن إلى تقلص شقة الخلاف بينهم، وذلك لدخول هذه الأطراف في استفادة بعضها من بعض، حيث إن هذا الطرف أو ذاك قد يأخذ في الانصراف عن رأيه متى تبيَّن ،له عند مقارعة الحجة بالحجة، ضعف أدلته عليه، ثم يتجه تدريجياً إلى القول برأي من يخالفه، أو يأخذ، على العكس من ذلك، في تقوية أدلته متى تبيَّنت له قوة رأيه مستجلباً مزيداً من الاهتمام به من لدن مُخَالِفه، حتى ينتهي هذا المخالف إلى قبوله والتسليم به، وهكذا؛ فإذا أنزل الخلاف منزلة الداء الذي يفرق، فإن الحوار ينزل منزلة الدواء الذي يُشفي منه.


الوجه الثالث، إن الحوار يُسهم في توسيع العقل وتعميق مداركه بما لا يوسعه ولا يعمّقه النظر الذي لا حوار معه؛ إذ إن الحوار هو بمنزلة نظر من جانبين اثنين؛ وليس النظر من جانب واحد كالنظر من جانبين اثنين؛ فمعلوم أن العقل يتقلب بتقلب النظر في الأشياء، وأنه على قدر تقلبه، يكون توسعه وتعمقه؛ والعقل الذي لا يتقلب ليس بعقل حي على الإطلاق، والعقل الذي يبلغ النهاية في التقلب، فذلكم هو العقل الحي الكامل؛ وإذا كان الأمر كذلك، لزم أن يكون تقلب العقل في حالة النظر من جانبين ضعف تقلبه في حالة النظر من جانب واحد، فيكون عقلاً أوسع وأعمق، وإلا فإن تقلبه أكثر من هذا متى علمنا أن أدلة الجانبين لا يجتمع بعضها إلى بعض فحسب، بل يزدوج بعضها ببعض ؛ ومعلوم أن في الازدواج من الكثرة ما ليس في الاجتماع بحيث تزداد سعة العقل وعمقه درجات كثيرة في حالة الازدواج عنهما في حالة الاجتماع.


 ولكل هذه الاعتبارات التي تجعل من الحوار حياة العقل، كان اهتمامي به منذ أكثر من عقدين، وبادرت إلى تأليف كتاب في أصوله يوم أن كانت فئات المجتمع لا تتحاور ولو مع نفسها، فمضى كتابي فيها كما لو لم يكن، وربما يكون قد أتى الآن زمانه.

 ‏

وإذا كانت الساحة السياسية المغربية قد أخذت تستأنس في الآونة الأخيرة ببعض أساليب الممارسة الحوارية، فإن الساحة الفكرية ما زالت تنأى بنفسها عن هذا الفضاء الحواري الجديد؛ فالواحد من أهل الفكر المغاربة لا يحاور غيره، فهو إما يعتزل في برجه العاجي، ظاناً أن قوله هو القول الفصل في كل شيء، وإما يتعمّد الشذوذ في أقواله، مُطَبقاً القاعدة السارية: «خالف تُعرَف»، وإما أنه إذا اعترض على غيره أبهم اسمه وأخفى عنوانه كما لو أن التصريح بالاسم أو ذكر العنوان تنقيص من منزلته، وإما أنه إذا اعترض عليه غيره، أعرض عن الجواب وحثّ أصحابه على الإعراض عنه كما لو أن في الرد على الاعتراض قدحاً في علمه.


والحال إن الذي يُغلق باب الحوار أو يُخل بأدبه يُميت في نفسه روح العقلانية النافعة والعقلانية النافعة هي تلك التي تكون ثمرة الامتحان بواسطة الأدلة من جانبين اثنين على الأقل، ومن يُميت هذه الروح يقطع الأوردة التي تحمل إليه هذه المعرفة الممتحنة، فيحرم نفسه من إمكان تصحيح آرائه وتوسيع مداركه، فيضيق نطاق عقله ويتسع نطاق هواه؛ وحينئذ، لا يفيده علمه وإن سولت له نفسه أنه يستفيد منه، ولا بالأولى يفيد غيره، بل إنه يضره ويضر غيره؛ وليس هذا فحسب، بل إنه يُميت في نفسه وفي غيره روح الجماعة الصالحة، والجماعة الصالحة هي تلك التي يكون أمرها على هدى من الشورى القائمة بین أفرادها ولو كانوا لا يزيدون عن اثنين، ومن يُميت هذه الروح يسد المسالك التي تنقل إليه العمل المشترك، فيحرم نفسه من تقويم أفعاله وتهذيب أخلاقه، فتقوى دواعي الاستئثار في نفسه، وتضعف دواعي التعاون فيها؛ وحينئذٍ لا يُصلحه عمله وإن تَوهَّم أنه يصلح به، ولا بالأولى يُصْلِح غيره، بل يفسده ويفسد غيره."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب