لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب العلم في منظوره الجديد pdf تأليف روبرت م. أغروس وجورج ن. ستانسيو




معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : العلم في منظوره الجديد.


المؤلف : روبرت م. أغروس وجورج ن. ستانسيو.


ترجمة : د. كمال خلايلي.


الناشر : عالم المعرفة.


حجم الملف : 0.49 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).





مقتطف من الكتاب :


"الماضي


ما هو الموقف الذي يتخذه أنصار النظرة القديمة من أسلافها ؟ إن تطوير العلم التجريبي الحديث في أواخر عصر النهضة استهل النظرة القديمة. وأسلافها إذا هم مفكرو العالم القديم ومفكرو العصور الوسطى. وهؤلاء المفكرون وقفا للنظرة القديمة، لا يكادون يستطيعون أن يسهموا إلا بقدر نزر من معارف عن الطبيعة لأنهم جمعيا عاشوا قبل مجيء عصر التجارب والآلات المعقدة والرياضيات الحديثة. ومعنى ذلك أن العلم الحديث لا يمكن أن يبنى على أسس قديمة . وهذا ما يفصح عنه بيكون في عرضه لموقف النظرة القديمة بقوله: «من العبث توقع إحراز تقدم هام في العلوم بتطعيم الجديد بالقديم. فلا بد لنا من أن نبدأ مرة أخرى بداية جديدة كل الجدة».


والنظرة القديمة تغريها فكرة حلول العلم الحديث محل كل شيء آخر. فهي تعتقد أن التقدم العلمي يأتي بالقطيعة مع الماضي لا بمواصلة السير على هديه . وقد اتخذ الفيزيائي أيرن ست ماخ (Ernst Mach) في عام 1903 موقفا متشددا يذكرنا بموقف بيكون . فهو يقول : لقد نالت حضارتنا بالتدريج استقلالا ،تاما، محلقة بأجنحتها إلى أعلى بكثير مما بلغته العصور القديمة وهي تسير الآن في اتجاه جديد كل الجدة، وتركز على التنويرين الرياضي والعلمي. أما بقايا الأفكار القديمة التي لا تزال عالقة بالفلسفة وعلم القانون والفنون والعلوم فهي تشكل عوائق لا مزايا، وهي على المدى الطويل لن تصمد أمام تنامي آرائنا نحن. وعند ماخ أن الماضي الذي سبق عصر العلم هو في المقام الأول مستودع أخطاء وافتراضات لا تقوم على أساس ولا اعتراض عنده على إبداء اهتمام تاريخي محض بالماضي، ولكن ينبغي للمرء ألا يعتبر العصور القديمة مصدرا من مصادر التنوير الفكري.


وهذا الموقف ذاته من الماضي نجده في فلسفة النظرة القديمة. وديكارت هو أول من سلم بأن دراسة آثار القدماء قد تفيد في أغراض معينة، ولكنه يحذر من أن هناك خطرا كبيرا إذا نحن انغمسنا انغماسا مفرطا في دراسة تلك الآثار أن نصاب بعدوى أخطائها». وديكارت في تطويره لفلسفته ينحي أسلافه جانبا، ويتكل على ذاته فقط وبعد طول دراسة وسفر كتب دیكارت يقول: «لم أكن قادرا على أن أختار لنفسي شخصا بعينه يبدو رأيه جديرا بالإيثار، ولذلك لم يكن أمامي اختيار إلا أن ألتمس الهداية من ذاتي».


والنظرة القديمة تشجع الفنان على رفض أسلافه والتخلي عن الاستمرارية مع الماضي، ذاهبة إلى أن الاتكال على الفنانين السابقين يشكل عائقا يحول دون الأصالة والإبداع الحر. وقد أعد أمبيرتو بوتشيوني ( Umberto Boccion في عام 1910 بيانا رسميا باسم الرسامين المستقبليين يعبر عن هذا الموقف تعبيرا جيدا إذ يقول : نريد أن نحارب بلا هوادة دين الماضي المتعصب وغير المسؤول والمتغطرس الذي يغذيه وجود المتاحف المقيت. ونحن نأبى الإعجاب الذليل باللوحات القديمة والتماثيل القديمة والتحف القديمة، والتحمس لكل ما أكلته العبث ولكل قذر وبال، ونعتبر الاحتقار المألوف لكل ما هو حديث وجديد ونابض بالحياة عملا جائرا وإجراميا . ونحن بموالاتنا الحماسية للمستقبلية نعتزم تحطيم عبادة الماضي واستحواذ القديم علينا، والتحذلق، وتمسك المعاهد بالشكليات، والازدراء التام لكل محاكاة، وتمجيد كل شكل من أشكال الابتكار مهما بلغ من الجرأة والعنف، وأبعاد كل الموضوعات التي سبق تناولها في مجال الفن، وتصوير وتمجيد الحياة المعاصرة التي تمر بتحول متواصل وعنيف بفضل انتصار العلم».


إذا فموقف النظرة القديمة من الماضي واضح في ميادين العلم والفلسفة والفنون. فما موقف النظرة الجديدة من الماضي ؟ يحسن بنا أن نبدأ بإلقاء نظرة على الموقف الذي تتخذه النظرة الجديدة من النظرة القديمة. 


النظرة الجديدة، قبل كل شيء، لا ترفض النظرة القديمة جملة وتفصيلا. فهي تحتفظ بجميع ما اكتشف من حقائق عن المادة في ظل المذهب المادي بوصفها حقائق صالحة على الدوام. هكذا يلاحظ هايزنبيرغ «أن الفيزياء الحديثة لم تغير شيئا في ميادين العلم الكلاسيكية العظيمة كالميكانيكا والبصريات والحرارة كذلك تحتفظ النظرة الجديدة بجميع المبادئ السليمة « للمنهج الذي استحدثه رواد النظرة القديمة، بما فيها ضرورة التجارب والآلات والرياضيات المتطورة في دراسة الطبيعة.


أما العنصر الوحيد الذي لا تتمثله النظرة الجديدة من عناصر النظرة القديمة فهو منهجها المادي فالنظرة الجديدة تأخذ عن بيكون منهجه التجريبي، ولكن دون تشكيكه الجذري في ملكات الإنسان، هذا التشكيك الناجم عن نموذجه المادي للإحساس والفهم. كما تتبنى نظرة غاليليو القائلة بمحورية الرياضيات في إحراز التقدم في العلم الطبيعي، ولكنها ترفض دعواه بأن لا حقيقة إلا في الخواص الرياضية.


والنظرة الجديدة تقبل جميع المكتشفات الحقيقية التي تمت في ظلال المذهب المادي، ولكنها لا تقبل الدعوى القائلة إن تلك المكتشفات تضفي الشرعية على المذهب المادي. وبمثل أكلس موقف النظرة الجديدة حين يقول: «إنني بالطبع أؤيد كل التأييد البحوث العلمية عن السلوك وردود الفعل الشرطية، بل جميع البرامج الحالية لعلم النفس السلوكي. وفضلا عن ذلك أوافق على أن جزءا كبيرا من السلوك البشرى يمكن أن يفسر تفسيرا شافيا بالاستناد إلى المفاهيم المستحدثة بصدد هذه التجارب على أنني أختلف اختلافا جذريا مع السلوكيين في دعواهم بأنهم يقدمون تفسيرا كاملا لسلوك الإنسان في حين أعلم أنها لا تفسر ذاتي لذاتي لأنها تتجاهل تجاربي الواعية أو تسند إليها دورا مجردا من المعني. وهذه التجارب تشكل في نظري -أنا ومن غير شك في نظر كل واحد منكم أعزائي القراء الحقيقة الأولى» 


ويتخذ كارل روجرز الموقف نفسه من علوم النفس في النظرة القديمة فيقول: « لكل تيار في علم النفس فلسفته الضمنية الخاصة به عن الإنسان. وهذه الفلسفات، وإن كانت في الأغلب لا تطرح بصراحة، تمارس نفوذها بأساليب خفية هامة. فالإنسان عند السلوكي مجرد آلة آلة معقدة ولكنها مع ذلك قابلة للفهم، وفي وسعنا أن نتعلم كيف نؤثر فيه بمهارة متزايدة إلى أن يفكر الأفكار، ويتحرك في الاتجاهات، ويتصرف بالطرائق التي نختارها له. والإنسان عند الفرويد بين كائن غير عقلاني، رهين ماضية بلا فكاك وحصيلة ذلك الماضي، أي عقله اللاواعي وليس من الضروري أن ننكر اشتمال كل من هذه المناهج على حقائق لكي نعترف بان هناك وجهة نظر أخرى».


والابتكار في النظرة العلمية الجديدة، لا يعني تسخيف المتوارث من المعتقدات والأعراف. فبناء نظرية جديدة لا يستلزم هدم النظرية السابقة من أساسها . حتى الثورات العلمية تبقى على استمرارية مع الماضي. ومن ذلك مثلا أن أينشتاين يقول في معرض شرحه لنظريته في الجاذبية ومقارنتها بنظرية نيوتن : لا يظنن أحد أن ابتكار نيوتن العظيم يمكن أن تطيح به بأي معنى من المعاني هذه النظرية أو أي نظرية غيرها . فأفكاره الواضحة وواسعة المدى ستحتفظ بأهميتها إلى الأبد بوصفها الأساس الذي قامت علية تصوراتنا الحديثة لعلم الفيزياء».


على أن لفظة ثورة قد تكون مدعاة للتضليل. فالنسبية قد أطاحت بفيزياء نيوتن كنظام عالمي. غير أن قانون نيوتن للتربيع العكسي لا يزال كافيا كل الكفاية لتفسير التجربة العادية ويمكن في الواقع استنتاجه من النسبية العامة على سبيل المقاربة. يقول ليوبولد انفلد : «ليس صحيحا كل الصحة أن يقال إن أينشتاين أثبت عدم صلاحية ميكانيكا نيوتن للتطبيق بل الأصح أن يقال إنه بين أوجه قصورها. غير أن النطاق الذي تصلح فيه للتطبيق لا يزال واسعا. ومن الضروري إدخال دقة نظرية النسبية فقط عند التحدث عن حالات خاصة، كحالة السرعات التي تقترب من سرعة الضوء. ولقد كانت معادلات نيوتن كافية كل الكفاية لأن توصل الإنسان إلى القمر ثم تعيده إلى الأرض سالما."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب