لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب محطات في تاريخ المغرب الفكري والديني pdf تنسيق د. محمد العيادي




معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : محطات في تاريخ المغرب الفكري والديني.


تنسيق وتقديم : محمد العيادي.


الناشر : كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء.


المطبعة : مطبعة فضالة - المحمدية - سنة 1996.


عدد الصفحات : 323.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 







مقتطف من الكتاب :


"المرينيون والمناصب الدينية لجامع القرويين:


يشكل الصراع الذي دار بين السلطة المرينية وفقهاء فاس حول المناصب الدينية لجامع القرويين إحدى أهم مظاهر الصراع الحضاري" الذي طبع علاقات الطرفين. فقد كانت السلطة ترى في تحييد فقهاء القرويين عن تسيير شؤون الجامع أسلوبا فعالا لضبط مجتمع المدينة والتحكم في السياسة الدينية والتعليمية بالبلاد.


 لقد سبقت الإشارة إلى أن أهل فاس خلال المرحلة المرابطية والموحدية كانوا يتمتعون بحرية كبيرة في تسيير شؤون الجامع وباقي مؤسسات المدينة. والظاهر أن البعد الجغرافي لحاضرة الدولتين المرابطية والموحدية عن فاس قد شكل إحدى الأسباب الأساسية التي دفعتهما إلى تفادي الدخول في صراع مع أهــــل فـــاس حول المناصب الدينية للجامع. فقد حرص المرابطون والموحدون على الإبقاء على الخطباء الذين عينهم أهل فاس على جامع القرويين، ولو مكثوا مدة طويلة بمناصبهم. وبفعل تلك الاستقلالية التي حظي بها فقهاء المدينة في تعيين القائمين بشؤون الجامع، تكونت شيئا فشيئا نخبة من العناصر يسميها صاحب القرطاس "بالفقهاء والأشياخ"، وهذه العناصر أصبحت مسؤولة مباشرة على تعيين الإمام والخطيب وناظر الأحباس بجامع القرويين. ومما يؤشر على حرية القرار التي تمتع بها فقهاء فاس في تنصيب القائمين على الجامع، أن الفقيه محمد بن يسكر الذي عين من طرفهم كإمام على القرويين، مكث بمنصبه أربعين سنة دون أن يسجل تدخل من السلطة الموحدية في شؤونه.


غير أنه بوصول المرينيين إلى السلطة، تغيرت هذه الوضعية، وخاصة بعد بناء فاس الجديد كحاضرة للدولة. فقد غدت السلطة المرينية معنية مباشرة بتعيين إمام وخطيب وناظر أحباس القرويين، وخصصت لهم المرتبات بشكل حولهم إلى مجرد مأجورين لدى السلطة. ولم تعد معايير تقلد هذه المناصب الدينية تخضع كثيرا للاستحقاق العلمي بقدر ما أصبحت ترتبط بمدى موالاة أصحابها للتوجه السياسي المريني . ويبدو أنه منذ بناء فاس الجديد لم تعد علاقة السلطة بفقهاء فاس قائمة على قوة السيف، إذ أصبحت تقوم أساسا على محاولة احتواء مؤسسات المدينة وخاصة منها رمزها جامع القرويين، وذلك من خلال تنصيب فئة جديدة من العناصر لتقوم بشؤون الجامع، والتي كان معظمها من أسر زناتية.


وقد بلغ الصراع بين المرينيين وأهل فاس حول المناصب الدينية لجامع القرويين صفة التحدي لما عين أهل فاس أو من يسميهم الجزنائي بوجوه المدينة أبا العباس أحمد بن أبي زرع إماما وأبا القاسم بن مسونة خطيبا بالجامع، لكنهما لم يمكثا بمنصبهما أكثر من سبعين يوما، إذ بادرت السلطة المرينية عن طريق ظهير إلى تنحيتهما وتعويضهما بأبي عبد الله محمد ابن أبي الصبر الجاناتي، وهو من قبيلة نفزة الزناتية.


صحيح أن السلطة المرينية لم تقم بإقصاء الأسر الفاسية كلية من المناصب الدينية بالمدينة، فقد نصب أبو يوسف يعقوب - بعد الانتهاء من بناء جامع فاس الجديد - الفقيه مـحـمـد ابن أبي زرع خطيبا بهذا الجامع، كما نصب أبو يعقوب الفقيه أبا عبد الله بن مسونة خطيبا وإماما على جامع الأندلس، لكن لا تتحدث المصادر على ما يبدو عن تبوء فقهاء أهل فاس المناصب دينية بجامع القرويين منذ أن أصبح قرار التنصيب بيد السلطة المرينية. والغالب على الظن أن مثل هذا الإجراء يكشف عن نوع من الموقف المسبق الذي اتخذته السلطة المرينية لتحييد فقهاء فاس عن سياستها الدينية والتعليمية بالقرويين، كوسيلة لضبط هذه الفئة التي لم تخف تبرمها من المرينيين منذ دخولهم إلى المدينة.


ويبدو أن هذا الإجراء لا تبرره أبعاد سياسية فقط، بل تحكمت فيه كذلك اعتبارات اقتصادية ترتبط مباشرة بالسياسة الجبائية لبني مرين، وبطبيعة الموارد الاقتصادية التي بنوا على أساسها توازنات حكمهم بالبلاد.


لقد تأسست السلطة المرينية منذ بدايتها على أسلوب عقد التحالف والتعاقدات مع أطراف عديدة ساهمت في تعضيدها مقابل جملة من الامتيازات المادية الكبيرة والمتنوعة ومن أجل ضمان استمرارية ولاء تلك الأطراف لجأت السلطة إلى احتكار تجارة بعض المواد المربحة مثل الحبوب والجلود، وإلي الإشراف بشكل مباشر على العائدات الجمركية، بالإضافة إلى سن سياسة ضرائبية على المستوى الداخلي استهجنها عدد من الفقهاء والمتصوفة. والأدهى من هذا أن المرينيين لم يلبثوا أن تطاولوا على الأوقاف ومردوداتها من خلال " الاستعانة بأموال محرمة لا ينبغي أن تصرف إلا في الوجوه التي هي موقوفة عليها ". وقد كانت أوقاف جامع القرويين من أهم أنواع الأوقاف التي أسالت لعاب المرينيين بحكم أهمية مردوداتها، فقد بلغ مبلغها في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري عشرة آلاف دينار فضية في بعض الأعوام.


وكان الوزان على تأخره النسبي قد أشار إلى أن ملوك فاس قد اعتادوا أن يقترضوا مبالغ ضخمة من إمام الجامع دون أن يردوها إطلاقا.


 على أنه تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة التطاول على مردودات القرويين لم تسجل إلا مع مرحلة ما بعد اغتيال أبي عنان حينما تأكلت السلطة المرينية، وهو ما تؤكده عدة نوازل تعود إلى هذه المرحلة، وعلى العكس من ذلك أوقف سلاطين مرحلة القوة المرينية على جامع القرويين عددا كبيرا من المرافق.

 ‏

ذلك فإن تورط بعض رجالات الحكم المريني أثناء مرحلة قوته في مسألة ومع . التطاول على أوقاف القرويين أمر لا يمكن إنكاره. ذلك أن بعض المصادر تتحدث عن حدوث تجاوزات في هذا الصدد . ولعل من أهم تلك التجاوزات ما قام به إمام القرويين أبو الفضل المزدعي الذي تصرف في مردودات الأوقاف لحسابه الخاص، وبذرها " حتى غرقت ذمته وزاد الأمر إلى أن وقف وخاف على نفسه الافتضاح ونظرا المضاعفات هذه "الفضيحة المالية" على مصداقية النظام المريني، خاصة وأن ظرفية حدوثها صادفت ضم أبي الحسن لتلمسان واستعداد المرينيين للدخول في تجربتهم الأولى لتوحيد بلاد المغرب، فإن السلطان المريني بادر إلي عزل الفقيه المزدغي، وأمر بتعويض ما ترتب على ذمته.


وثمة وجه آخر قد يؤشر على تطاول رجالات الحكم المريني على أوقاف القرويين ويتمثل في حرص بعضهم على البقاء طويلا كإمام للجامع للاستفادة على ما يبدو ماديا من ذلك المنصب، ولو بطرق ملتوية. فقد أصبحت الرشوة مسألة عادية في الوسط المريني، وأصبحت تقنع باسم "الهدية" وهذه الممارسة كانت موضع إدانة من جانب بعض الفقهاء الذين اعتبروا المخزن المريني مستغرق ذمة. وتتحدث بعض المصادر في هذا الشأن عن التجاوزات التي قام بها على عهد أبي الحسن إمام القرويين محمد بن علي عبد الرزاق. غير أنه بفضل " الهدايا" المقدمة حافظ الإمام المذكور على منصبه إلى حدود عهد أبي عنان."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب