لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الإصلاح والمجتمع المغربي في القرن التاسع عشر pdf




معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : الإصلاح والمجتمع المغربي في القرن التاسع عشر.


الناشر : كلية الآداب والعلوم الانسانية - جامعة محمد الخامس بالرباط.


حجم الملف : 11.78 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"عند الحديث عن الإصلاحات في القرن التاسع عشر، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو البرنامج الذي قدمه السفير الانجليزي درومندهاي Drumond Hay إلى كل من سيدي محمد بن عبد الرحمن ثم المولى الحسن، والذي اشتمل على ثلاثة جوانب رئيسية : الجانب العسكري، والإداري، والمالي.. لكن، بجانب هذا البرنامج العام، الذي كرست له بعض الدراسات، هناك برنامج آخر لم ينل بعد كل ما يستحقه من عناية، على الرغم من أهميته، وأعني به مشروع الإصلاحات الأوربية الخاصة بالحياة الحضرية في مدينة طنجة.


لا يخفى أن هذه المدينة عرفت منذ القرن الماضي وضعا خاصا بحكم تواجد الهيئة الدبلوماسية من جهة، ومن جهة أخرى بحكم تواجد أكبر جالية أوربية في المغرب، تلك الجالية التي تجاوزت ألفي مستوطن منذ 1876. وقد تجلت بواكير هذا الوضع الخاص حينما بدأت الهيئة الدبلوماسية وجاليتها الأوربية تتدخلان في الحياة الحضرية بالمدينة لمحاولة تجهيزها بنواة إدارية دولية. ومن هذه الزاوية، فإن المدينة تقدم لنا أحسن نموذج لدراسة المؤثرات الخارجية المتسربة إلى المجتمع التقليدي المغربي، ورصد ردود الفعل التي أثارتها على الصعيد الرسمي، وعلى صعيد مختلف الفئات الاجتماعية. وهذا هو الموضوع الذي اقترحته كمساهمة في هذا اللقاء.


المرافق الحضرية في طنجة، كما هو الشأن بالنسبة لباقي المدن المغربية الأخرى، لم تكن منعدمة تماما في مغرب ما قبل الاستعمار. فقد كانت كل مدينة تتوفر على نواة للتنظيم البلدي متمثلة في تواجد ثلاث سلط تتقاسم جانبا من الاختصاصات التي تقوم بها اليوم المجالس البلدية، وهي العامل والقاضي والمحتسب، وكان هؤلاء يعينون جميعهم مباشرة من طرف السلطان.


هذا الجهاز وفر للمدن المغربية في القرون الماضية كثيرا من الخدمات الاجتماعية الضرورية في مجال التنظيف والإنارة ومراقبة الأسواق والأمن العام ومواساة المنكوبين. إلا أن التدهور الاقتصادي والسياسي الذي أصاب الدولة المغربية أدى إلى تدهور آخر في مجال تقديم مثل هذه الخدمات، بحيث أصبح الجهاز الحضري في القرن الماضي جهازا عتيقا غير قادر على الاستجابة للحاجيات المتزايدة، وهو يعكس بذلك خصائص الإدارة المغربية التي بقيت إلى حدود القرن 19 إدارة قروسطية بسيطة التركيب ومحدودة المهام. ويبرز لنا أحد المعاصرين هذا التخلف بقوله :


لم تكن الخدمات التي تقوم بها اليوم في المدن والقرى مجالسها البلدية والقروية شيئا معروفا في مغرب أمس باستثناء بعض الخدمات ذات المقاصد الدينية مما حبس عليه المحجبسون أحباسا كالسقايات والحمامات والمياضي والمقابر والمجازر، وبعض الخدمات التي تدخل في خطة الحسبة كمحاربة الغش وتسعير السلع المباعة بالتقسيط، وقليلة هي المدن التي كانت تتوفر على شبكة من قواديس المياه الشربية أو قواديس المياه المستعملة، أما المستشفيات والمستوصفات، والإنارة الليلية والنظافة العمومية، وتنظيم المرور، والحدائق، والمطافئ، والتجميل المعماري، وتقييد المواليد والوفيات وغيرها، فلم يكن لها وجود».


هذا التدهور في تقديم الخدمات العمومية للسكان وانعدام كثير من المرافق الضرورية، اشتدت وطأته بصفة خاصة في المدن الشاطئية، وفي مقدمتها طنجة ففي هذه المدينة الأخيرة أدَّى التطور التجاري إلى تزايد سريع في عدد السكان وتقاطر عدد كبير من الأوربيين، هذا في الوقت الذي كان فيه كثير من القطاعات الحضرية تعاني من النقص أو من الاهمال. وهناك نصوص كثيرة تتحدث عن مشاكل نقص الماء الصالح للشرب، وعن عدم كفاية قنوات الماء الحار، فضلا عن تراكم النفايات في مختلف جهات المدينة.


هذه هي الظروف التي أدت إلى تدخل الهيئة الدبلوماسية في الحياة الحضرية بمدينة طنجة، لتنظيمها حسب المناهج الأوربية. ولكن، بجانب هذا الهدف الذي يبدو تمدينيا محضا، هناك هدف آخر، وهو تسهيل حركية الاستيطان الأوربي وبالتالي توفير الأجواء المناسبة أمام التسرب الأجنبي. وليس غرضنا هنا أن نأتي على ذكر جميع الأنشطة والمنجزات التي قام بها الأجانب في المدينة بقدر ما نريد ابراز أهمية هذا النشاط ورصد ردود الفعل المغربية والتغيير الذي أحدثه في المجتمع التقليدي.


لقد بدأ تدخل الهيئة الدبلوماسية أولا في مجال التنظيف، وكان يقتصر على التوجيه والنصائح ثم اتخذ شكل التدخل المباشر منذ الستينات حيث أصبح كل قنصل مكلفا لمدة شهرين بمراقبة النظافة في المدينة. بعد ذلك اتسع مجال التدخل ليشمل ميادين جديدة. ففي نفس الفترة التي قدم فيها السفير الانجليزي هاي برنامجه الإصلاحي إلى المخزن، كانت الهيئة الدبلوماسية تقوم بالضغط على السلطان لانجاز اصلاحات خاصة بطنجة تتعلق بترصيف طرقها وتزويدها بالماء الصالح للشرب وبناء مجزرة عمومية بها. وقد ازدادت هذه الضغوط في نهاية حكم المولى الحسن بحيث أن جميع السفراء الأجانب الذين زاروا العاصمة المغربية في بداية التسعينات من القرن الماضي قدموا ملتمسات إصلاحية خاصة بطنجة.


وأمام هذه الضغوط المتواصلة، أصدر المولى الحسن ثلاثة ظهائر تنص على انجاز هذه المشاريع. الظهير الأول مؤرخ في 22 أكتوبر 1892، أصبحت الهيئة الدبلوماسية مفوضة بموجبه من قبل المخزن في بناء مجزرة عمومية بالمدينة ثلثها يختص به المسلمون، والثلث الثاني يختص به النصارى والثلث الثالث يختص به اليهود.


الظهير الثاني يحمل نفس التاريخ، وقد نص على تفويض الهيئة الدبلوماسية مهمة تنظيف ثغر طنجة من تشطيب أزقته وإصلاح أودية مراحضها وجعل الأودية التي يتوقف عليها المراحض ).


الظهير الثالث مؤرخ في 4 نوفمبر 1892، تكلفت بموجبه الهيئة الدبلوماسية ب ادخال الماء لطنجة على يد المهندس الذي يتفقون (السفراء الأجانب) على ادخاله على يده»."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب