لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب كانط والحداثة الدينية pdf تأليف أم الزين بنشيخة المسكيني








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : كانط والحداثة الدينية.


تأليف : أم الزين بنشيخة المسكيني.


الناشر : مؤسسة هنداوي.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).








مقتطف من الكتاب :


"لماذا كانط والحداثة الدينية؟

 

لماذا العودة إلى كانط في زمن العودة إلى الدين، وأي معنى لهكذا عودة؟ أهي عودة نقدٍ أم عودة تأويل أم عودة تفكيك؟ ألا يتوفر العقل الفلسفي الحالي لعصور ما بعد الحديثة، وقد طلَّق بعدُ كل أدوات فلسفة الذات الكانطية، ما به يُسدِّد مهمة التفكير في الدين أو بالأحرى ما به، ويُعالج الثقوب السوداء التي تزجُّنا فيها الأصوليات المعاصرة باسم الدين أحيانًا وباسم الحداثة أحيانًا أخرى؟


نحن نفترض أن الغرب قد انخرط في ضربٍ من الحداثة الدينية مُواكِبة للحداثة العلمية والسياسية، أي في استعمالٍ مدنيٍّ حديث للدين. نجد في كتاب الدين في حدود مجرد العقل (١٧٩٣م) لكانط عبارته التامَّة، وفيه يقترح معالجة عقلية طريفة للدين قائمة على مكاسب العقل الحديث وصورة المجتمع المدني وبخاصة مبدأ الحرية وأخلاق المواطنة الكونية.


ولذلك نحن هنا نعود إلى كانط بعد قرنَين كاملَين من العودات المُتلاحقة إليه وهي عودات تراوحَت بين البحث فيه عن تحليلية للحقيقة (القراءة الإبستمولجية) أو عن مشروع الأنطولوجيا الأساسية (القراءة الهيدجرية) أو عن رومانسية العبقرية، أو عن إعادة تأهيل للفلسفة العملية والسياسية عمومًا (غادامير (Gadamer)، حنا آرندت، هابرماس)، أو أخيرًا بحثًا عن خطوط إفلات، أو عن تخوم تفكيك عن بوادر مجيء الإنسان ومعاني موته مع آخِر الفلاسفة (دولوز، فوكو، دريدا)؟ ونحن إذ نعود مرة أخرى إلى كانط إنما من أجل أن نبحث في فلسفته عن دربٍ إضافي للاقتراب أكثر من أنفسنا أو ممَّن يقومون مقام أنفسنا طالِبين اللجوء هذه المرة إلى ذات كتاب لم يعرف بعدُ الطريق الملكي إلى الثقافة العربية الإسلامية. وهي أكثر الثقافات اليوم تضررًا من جهة احتمالها لأنطولوجيا دينية أصبحت محل توجُّسٍ وخيفة من طرف الجميع.


نحن نفترض في هذا المقام الذي نحن فيه أن خير إحياءٍ لذكرى كانط بعد مائتي عامٍ من رحيل جسده، ولنقل خير احتفال فلسفي ليس بنقد كانط للعقل ولا بنظريته في الأخلاق أو بفلسفته في التاريخ أو بجماليات الذوق لديه، بل بفلسفة الدين لدَيه مثلما صمَّم ملامحها النهائية كتابٌ كتبَه كانط على عجلٍ وعلى كبَرٍ وبفن كتابة خاص بعصر الرقابة وفي مدينة لا تسمح لفلاسفتها بالاشتغال الفلسفي الحُر على عقائد الأمة وثوابتها، هو كتاب الدين في حدود مجرد العقل (١٧٩٣م).


إن غرضنا من هذا القول هو تقديم كتاب كانط الدين في حدود مجرد العقل في لغة ثقافة وإن كان مخيالها يزخر بالدين في حدود العقل وخارجه في آنٍ، وإن كان تراثها ينعم بزخم مؤلَّفات الفلاسفة في الدين، فإننا نراها لا تزال بحاجةٍ ملحَّة إلى ضرب من الحداثة الدينية، نعني من الاستعمال العقلي للدين، أو استعمال الدين في حدود مجرد العقل. وهي حداثة إن كان الغرب المسيحي قد أتقن بناءها والسير فيها فإن الشرق الإسلامي ما زال بعد يتعثَّر في تصور ملامحها الدنيا. وإن تسنى لنا التعبير في لغة المجاز الكانطي نقول لئن وجد العرب اليوم، إلى حدٍّ ما، الدرب الآمن إلى الحداثة العلمية والتقنية، ولئن انخرطوا بمعنًى ما كرهًا أو طوعًا في طريق الحداثة السياسية، فإنهم لم يسلكوا بعد الدروب الآمنة السليمة إلى الحداثة الدينية.


ونحن نرى أن كانط قد رسم على طريقته وبفنِّه الفلسفي الخاص الطريق إلى الحداثة الدينية في كتاب «الدين في حدود مجرد العقل».


فإن كان فيلسوف كونجسبرج قد انشغل في نقد العقل الخالص (١٧٨١م) بفحص شروط إمكان الحداثة العلمية، وإن كان قد شرع في نقد العقل العملي (١٧٨٨م) لمبادئ حداثة أخلاقية، وإن كان قد خصص نقد ملكة الحكم (١٧٩٠م) لرسم ملامح حداثة إستطيقية، فهو يبدو لنا في كتاب (١٧٩٣م) عاكفًا على تعيين الدرب الآمن نحو حداثة دينية، أي فهم واستعمال الدين «في حدود مجرد العقل».


إن الأمر يتعلق عنده بالخروج بالدين من فضاء الملَّة إلى أفق المواطنة الكونية. كيف ينقلنا كتاب الدين في حدود مجرد العقل من دين مِلل ونِحل، أو دين عبادة إلى دين عقل محض، أي دين حرية؟ ذلك هو معنى الحداثة الدينية التي تنقلنا من دين الاستبداد الروحاني القائم على الأوهام الدينية من جنس الحماسة والخرافة والإشراق والخوارق، إلى دين الجماعة الإتيقية الكونية القائم على العقل الأخلاقي المحض وعلى حُسن تدبير للحرية الأصلية في الإنسان نفسه.


إنه من أجل أن نتبيَّن معالم الحداثة الدينية التي نفترضها ثاوية في كتاب الدين في حدود مجرد العقل لكانط، سوف نقف في لحظة أولى على إحصاء شروط إمكان هذه الحداثة، مثلما تُصرِّح بها أو تُضمرها حرفية نص الكتاب المُحرجة بتوتر دائمٍ ما بين رقابة العقل النقدي ورقابة القائمين على تدبير المدينة، وهو توتُّر مضاعف تُضمره استراتيجية التسمية: «الدين في حدود مجرد العقل»؟ ما دلالة هذا الاسم؟ هل هناك دين خارج حدود العقل؟ ثم نقف عند معماريات الكتاب وهي القائمة أيضًا على توترٍ صارخ ما بين الشر الجذري في أبعاده المُختلفة والخير الأصلي في الإنسان الذي عليه أن ينتهي بحُسن تدبير للحرية في أفق جمهورية الفضيلة أو الجماعة الإتيقية الكونية. وتكتمل معماريات الدين العقلي عند كانط بفضح لاذع للاستبداد الروحاني بوصفه مبدأً لكل دين ْخارج حدود العقل، مَوقِّعًا نظرية فريدة في نقد الوْهم الديني داعيًا إلى دين حرية ضد دين استبداد ووهم.


لكن لن نتوقَّف عند معالِم هذه الحداثة الدينية السعيدة التي يُبشِّر بها كانط والتي، وإنْ تجعل المسيحيين بما لدَيهم فرحين، فقد لا تكون في حجم الحرَج الميتافيزيقي الذي تُعاني منه ديانات أخرى كالإسلام واليهودية. أين يقوم فعلًا اليوم مدار الصراع التاريخي الرَّهيب. ذلك هو المدخل الذي تُوفِّره لنا تفكيكية دريدا كاشفةً في كتاب كانط عن الدين أكثر ثقوبه إثارة للفزع الفكري، أي ما يعتبره دريدا أطروحة الكتاب نفسه، والتي تقول بأن «المسيحية هي الدين الأخلاقي المحض الوحيد من بين جميع الديانات الأخرى (…) بل قد لا تكون الديانات الأخرى دياناتٍ عند كانط. فاليهودية عنده مثلًا ليست دينًا … وإنما هي عبادة أو عقيدة …»


ودريدا يُبدي استياءً فلسفيًّا مريرًا من هذه الأطروحة الكانطية: إذ يسأل: أين الإسلام واليهودية إذن من مِثل هذا الكتاب؟ وهل «الدين في حدود مجرد العقل» هو الدين في حدود المسيحية المجردة؟ كيف تستقيم عندئذٍ حداثة دينية قائمة على المواطنة الإتيقية الكونية مع مسيحية جذرية تُقصِي بقية المِلل والنِّحل؟"


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب