لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب التداوي بالفلسفة pdf تأليف د. سعيد ناشيد




معلومات عن الكتاب : 


إسم الكتاب : التداوي بالفلسفة.


المؤلف : سعيد ناشيد.


الناشر : دار التنوير.


حجم الملف : 2.38 ميجا بايت.


عدد الصفحات : 177 صفحة.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"ما التفكير؟


لنترك الإجابة جانبًا ولو لبعض الوقت أو إلى حين – مع أننا سنترك شيئًا لا نملكه - ولنكتف الآن بمساءلة السؤال من حيث هو سؤال. غير أن سؤالا آخر يعترضنا: هل يكفي أن نضيف ما الاستفهامية إلى كلمة تفكير» حتى نصبح أمام سؤال فلسفي؟ لو كان الأمر كذلك لكان السؤال الفلسفي مجرّد إجراء تقني على طريقة ما «س»؟ بحيث نكتب مكان «س» أي مصطلح نريد! 


حسنًا، ثمة تدقيق قد يقترحه البعض، يجب أن تدلّ «س» على المفاهيم حصرًا من قبيل مفاهيم الإنسان والدولة والوجود والزمان وما إلى ذلك. لكن ما المفهوم؟ قد يكون المفهوم في منشأه مصطلحا أو شخصًا أو حدثًا، ثم تحوّل في ما بعد إلى أداة نظرية للتفكير. مثلا، لقد تحوّلت كلمة الدولة من مصطلح في العصر الوسيط إلى مفهوم في الزمن الحديث؛ وأصبح المسيح في الأزمنة الراهنة أقرب إلى المفهوم منه إلى الشخصية التاريخية؛ وكذلك انتقل الهولوكوست خلال النصف الثاني من القرن العشرين من مجرد حدث تاريخي بمعزل عن وقائعه، إلى مفهوم نظري؛ إلخ.


كيف يتم هذا التحوّل؟


إن كانت وظيفة الفيلسوف هي إنتاج المفاهيم كما يرى جيل دولوز، فالأمر لا يتعلّق في الغالب بخلق المفاهيم من لا شيء، بل عملية تحويلية تتخذ اسم المفهَمَة. المقصود بها تلك العملية النظرية التي بموجبها يقوم الفيلسوف أو مجموعة من الفلاسفة بتحويل بعض المصطلحات أو الشخصيات أو الحوادث إلى مفاهيم نظرية توجّه العقل وتؤطر التفكير. لكن لا يكفي أن يقوم أي شخص بإضافة ما الاستفهامية إلى أحد المفاهيم حتى يكون قد طرح سؤالا فلسفيا. ثمة مرحلة لا يمكن القفز عليها، يحتاج السؤال الفلسفي إلى بناء فلسفي للسؤال.


فما المقصود بالبناء الفلسفي للسؤال؟ 


المقصود ألّا يبقى السؤال مجرّد موضوع للتفكير، وإنما يمثل أفقًا جديدًا للتفكير. مثلا، لا يكفي أن أطرح الآن سؤال «ما الزمان؟» حتى أكون أمام سؤال فلسفي بالفعل. ليست الفلسفة مجرد قدرة على طرح السؤال طالما أن طرح السؤال مسألة تقنية، لكن الفلسفة هي القدرة على بناء السؤال بناء فلسفيا بحيث يصبح فاتحا لأفق جديد للتفكير. إذا ما توخينا الدقة فالسؤال الفلسفي ليس مجرد سؤال تقني، بل تساؤل تأمّلي. بهذا المعنى يكون السؤال «ما التفكير ؟ سؤالا مركبا سؤالا يجعل من التفكير نفسه أفقًا للتفكير، ما يعني التفكير في التفكير. غير أننا قد نكتشف بسهولة أن التفكير في التفكير هو الموضوع الأساسي للفلسفة. هذا ما يجعل من السؤال الفلسفي ليس مجرد تفكير في موضوع خارجي محدد، وإنما بالأولى تفكير في طريقة تفكيرنا في ذلك الموضوع، أي تفكير في المفاهيم التي بها نفكر: الوجود، الزمان العقل، التاريخ، إلخ.


سؤال ما التفكير ؟ هو السؤال الذي تبناه الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر في أحد عناوينه الشهيرة. التبني يعني إعادة البناء أيضًا، يعني في مقامنا هذا تحويل السؤال من سؤال لا مفكّر فيه، أو لا يفتح أفقا للتفكير، إلى سؤال هو أقرب ما يكون إلى سؤال الأسئلة إذا ما استلهمنا الأسلوب الهايدغري نفسه.


ما التفكير ؟ سؤال يختزل تاريخ الفلسفة برمته. وهل كان تاريخ الفلسفة شيئًا آخر غير تاريخ التفكير؟ ثم إننا بقليل من التأمل الهادئ قد نراه المدخل الأساسي إلى إعادة كتابة تاريخ الفلسفة.


 المفارقة أننا ما إن نطرح السؤال ما التفكير؟ حتى نكون بصدد ممارسة ليس التفكير وحسب وإنما ممارسة التفكير في التفكير، أي الفلسفة بهذا المعنى نفهم كيف أن موضوع الفلسفة هو الفلسفة نفسها، ولا موضوع آخر للفلسفة غير الفلسفة. بمعنى أن الفلسفة هي المجال الذي يكون فيه موضوع التفكير هو التفكير نفسه، سواء تعلق الأمر بالتفكير السياسي، أو التفكير العلمي، أو التفكير الديني، أو غير ذلك.

 ‏

دعنا نوضح بمثال أقرب ما يكون إلى الأفهام - وهل تكون الفلسفة شيئًا آخر غير القدرة على التوضيح؟ - قد أفكر في الحياة مثلا، بل كلنا نفكر في الحياة ولو في بعض الأوقات، لكن قد لا يكون الأمر دائما وبالضرورة تفكيرًا فلسفياً. التفكير الفلسفي في الحياة هو التفكير في كيفية التفكير في الحياة، بمعنى أنه التفكير النقدي في آليات إنتاج الحقيقة» التي تؤطر كلامنا عندما نتكلّم عن الحياة. كذلك القول عن التفكير في الزمان، أو الإنسان، أو الموت، أو الجسد، أو العدالة، أو غير ذلك. لا تبدأ الفلسفة عندما نقرر أن نتأمل في بعض الأمور، لكنها تبدأ في اللحظة التي نقرر فيها أن نتأمل في طريقة تفكيرنا في الأمور. وإذا علمنا بأن نمط تفكير الشخص يحدّد طبيعة سلوكه وأسلوب حياته أدركنا بأن إصلاح نمط التفكير هو المدخل الأساسي إلى إصلاح نمط الكينونة. بهذا المعنى يمكننا إعادة التفكير في مسألة الكوجيتو الديكارتي على النحو التالي: إن عبارة «أنا أفكر» ليست مجرد دليل منطقي على عبارة «أنا كائن، وإنما هي محدد وجودي لها، بحيث إنني كما أفكّر أكون بمعنى أن نمط التفكير هو المحدّد الأساسي لنمط الكينونة. ذلك أن التمثلات التي أحملها في ذهني سرعان ما تصبح محددًا لسلوكي وتصرفاتي.."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب