لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب المهدي بن تومرت حياته وآراؤه وثورته الفكرية والإجتماعية وأثره بالمغرب - عبد المجيد النجار PDF

كتاب المهدي بن تومرت حياته وآراؤه وثورته الفكرية والإجتماعية وأثره بالمغرب للمؤلف عبد المجيد النجار أونلاين بصيغة PDF.







معلومات عن الكتاب :


(الكتاب في أصله أطروحة دكتوراه بجامعة الأزهر).


العنوان : المهدي بن تومرت حياته وآراؤه وثورته الفكرية والإجتماعية وأثره بالمغرب.


المؤلف : عبد المجيد النجار.


الناشر : دار الغرب الإسلامي.


الطبعة الأولى : (1403هـ-1983م).


حجم الكتاب : 9.69 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).




مقتطف من الكتاب :


أثر دعوة ابن تومرت في العلوم العقلية :


لا نجد من بين مؤلفات ابن تومرت ما هو متمحض للعلوم العقلية كالفلسفة والمنطق وغيرهما، ولكننا نعثر في بعض مؤلفاته على مشاركة في بعض هذه العلوم، خاصة تلك التي تصلح مسائلها مقدمات لقضايا عقدية كمسألة الجواهر والأعراض والجزء الذي لا يتجزأ. وتدل مشاركته في هذه المسائل مع ما طبعت به مؤلفاته عموماً من طابع عقلي وحجاج منطقي، على أنه كان أيام طلبـه العلم بالمشرق قد حصل طرفاً من العلوم العقلية من استاذه الغزالي، أو من غيره ممن لم تحفظ لنا أسماؤهم من اساتذة الفلسفة والمنطق وعلوم الحساب، فتكونت له بذلك عقلية فلسفية منطقية لئن لم تظهر آثارها في تأليف مختصة في هذا المجال، فإنهـا ظهرت في المنهج العام لتآليفه، والصبغة العامة لتفكيره القائم على المحاجة والجدل.


وقد كان لهذه العقلية التي حملها ابن تومرت تأثير في الحياة الثقافية العامة بالمغرب، حيث حرك في أهله العلوم العقلية، وكانوا أهل بادية ليس لهم عهد بهذه العلوم، وكانت الثقافة العامة تقوم على العلوم النقلية المتمثلة في الفقه خاصة كما بيناه سالفا. ويمكن أن نتبين بوضوح هذا الأثر الذي أحدثه ابن تومرت في مجال العلوم العقلية في ثلاثة مظاهر : نماء الفلسفة بالمغرب، وانتشار المنطق ، وانتشار الجدل والمناظرة، مؤكدين ما كنا قد أشرنا اليه من أن هذا التأثير وان لم يكن تأثيراً مباشراً لمؤلفات المهدي ، فإنه من نتاج المنهج العقلي العام الذي كان يلتزمه ويبشر به، والذي تبناه من بعده خلفاؤه ووضعوه منهجاً للسياسة الثقافية العامة.


1 - نماء الفلسفة بالمغرب :


لم يكن للفلسفة وجود يذكر بالمغرب قبل عهد الموحدين ، ذلك لأن الثقافة الفقهية القائمة هناك كانت شديدة العداء لهذا اللون من الفكر، ولكن الأندلس كانت أكثر انفتاحاً للتيارات الفلسفية بما تهيأ فيها من مناخ جدلي فرضه الاحتكاك بين المذاهب والأديان المختلفة التي تعايشت هناك، وقامت بينها المناظرات التي اضطرت كل طرف للاقتباس من الفلسفة ما يقوي به الحجاج والرد، فكان ذلك منفذاً لعلوم الأوائل.


فلما ظهر ابن تومرت بمنهجه العقلي النقدي المقارن، وصار هذا المنهج سياسة للدولة من بعده، انفتحت الأذهان لتقبل العلوم الفلسفية، وصارت هذه العلوم عنصراً من عناصر الثقافة المغربية.


وقد كان أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن من أكثر الموحدين تعلقاً بالفلسفة وتشجيعاً على انتحالها، وذكر المراكشي في ذلك أنه بعد تعلم العلوم الشرعية والتبريز

فيها « طمح به شرف نفسه وعلو همته الى تعلم الفلسفة، فجمع كثيراً من أجزائها وبدأ بعلم الطب، فاستظهر من الكتاب المعروف بالملكي أكثره مما يتعلق بالعلم خاصة دون العمل، ثم تخطى ذلك الى ما هو أشرف من أنواع الفلسفة، وأمر بجمع كتبها، فاجتمع له منها قريب مما اجتمع للحكم المستنصر بالله الأموي.


والى جانب اشتغاله بالفلسفة وجمعه لكتبها، حرص أيضاً على جلب الفلاسفة الى حاضرته مراكش من مختلف الأنحاء، وبالغ في اكرامهم وتشجيعهم، وحثهم على التأليف في علوم الفلسفة وشرح غامضها، وتذليل صعابها، ومن بين من جلب من الفلاسفة الفيلسوفان الشهيران أبو بكر بن طفيل، وأبو الوليد بن رشد، وقد أخبر ابن رشد بأول لقاء له مع أبي يعقوب يوسف بما يفيد تضلع هذا الأخير في الفلسفة واطلاعه على دقائقها حيث قال كما رواه المراكشي : لما دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب وجدته هو وأبو بكر بن طفيل ليس معهما غيرهما، فأخذ أبو بكر يثني علي بأشياء لا يبلغها قدري، فكان أول ما فاتحني به أمير المؤمنين بعد أن سألني عن اسمى واسم أبي ونسبي، أن قال : ما رأيهم في السماء ؟ - يعني الفلاسفة - أقديمة أم حادثة ؟ فأدركني الحياء والخوف، فأخذت أتعلل وأنكر اشتغالي بعلم الفلسفة، ففهم أمير المؤمنين مني الروع والحياء ، فجعل يتكلم على المسألة التي سألني عنها، ويذكر ما قاله أرسطو طاليس وأفلاطون وجميع الفلاسفة، ويورد مع ذلك احتجاج أهل الاسلام عليهم، فرأيت منه غزارة حفظ لم أظنها في أحد من المشتغلين بهذا الشأن المتفرغين له.


وقد كان ما كتبه ابن رشد من تلخيص لمؤلفات ارسطو وشرح لها نتيجة لاهتمام يوسف بالفلسفة، فقد اشتكى الى ابن طفيل من قلق عبارة أرسطو، أو عبارة المترجمين عنه، فطلب هذا الى ابن رشد أن يلخصها ويقرب أغراضها من أفهام الناس متعللاً في صرف الأمر عنه بكبر سنه وانشغاله بخدمة الأمير، فكانت نتيجة ذلك شروح ابن رشد على أرسطو : الأكبر والأوسط والأصغر، تلك التي كان لها بالغ الأثر في الفكر الفلسفي الأوروبي خصوصا، وفي الفكر الفلسفي عموما.


ولما جاء أبو يوسف يعقوب المنصور سار في أول أمره على نهج أبيه في انتحال الفلسفة وتشجيع علمائها وتقريبهم منه، الا أنه طرأ عليه بعد ذلك حال من مجافاة هذا الفكر، فهجر علوم الفلسفة، وكتب الى الناس في مختلف البلاد بترك هذه العلوم جملة واحدة، وأمر باحراق كتبها سوى ما كان في الطب والحساب والنجوم، وأبعد عنه ابن رشد لوشايات بلغته عنه تظهر ابتعاده عن الشريعة في أجزاء من تأليفه الفلسفية، فأمر باخراجه على حال سيئة من المهانة.


الا أن هذه الأزمة لم تطل بأبي يعقوب، فأعاد سالف عهده بالفلسفة وعلمائها، وجنح الى تعلمها من جديد، وأرسل يستدعي ابن رشد من الأندلس الى مراكش للاحسان اليه والعفو عنه، فحضر اليها، ولم يبق طويلاً حتى توفي بها.


إنه ليمكن القول بتأكيد ان الثورة الثقافية التي اعلنها ابن تومرت قائمة على التحرر العقلي والمنهج النقدي ونبذ التقليد، كانت المناخ الصالح الذي نما فيه فكر فلسفي مغربي متميز الملامح ابتدأ بأبي بكر بن الصائغ المعروف بابن باجه (533 هـ / 1138 م ) الذي شهد الثورة التومرتية، وقضى جزءاً من حياته بالمغرب حيث توفي بفاس سنة 533 هـ، وألف مجموعة من الرسائل في الفلسفة أشهرها « تدبير المتوحد »، ثم تدعم هذا الفكر بابن طفيل الذي عاش في بلاط الموحدين وكان أحد مستشاريهم الثقافيين فدفعهم من هذا الموقع الى تشجيع الفلسفة وأهلها، ثم بلغ أوجه عند ابن رشد الذي عاش هو أيضاً في البلاط الموحدي وأنتج ما أنتج من الشروح الفلسفية بتكليف منهم كما مر بيانه.


ولم يكن ابن رشد متأثراً بالمناخ الفكري الموحدي فحسب، بل إنه كان له تأثر بمنهج ابن تومرت وبعض آرائه مباشرة كما يبدو واضحاً في التقريب بين العقل والشرع، وفي نقد المنهج القائم على قياس الغائب على الشاهد وقد بلغ ولع ابن رشد بآراء المهدي أنه كتب شرحاً على عقيدتـه بـقـي ذكره ولكـن فقــد نصه، وأعتبر العهد الثقافي الجديد الذي أحدثه ابن تومرت ودعمه خلفاؤه من بعده عهداً رفع الشرور والجهالات التي خنقت الفكر الجامع بين الحكمة والشريعة، وفسح المجال لهذا الفكر ووفّر له سبل النمو والازدهار كما أكد ذلك في فصل المقال قائلاً : « وقد رفع الله كثيراً من الشرور والجهالات، والمسالك المضلات، بهذا الأمر الغالب، وطرق به إلى كثير من الخيرات، وبخاصة على الصنف الذين سلكوا مسلك النظر، ورغبوا في معرفة الحق، وذلك أنه دعا الجمهور إلى معرفة الله من طريق وسط ارتفع عن حضيض المقلدين، وانحط عن تشغيب المتكلمين» "


رابط تحميل الكتاب :


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب