لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

من التاريخ السلطاني الى تاريخ المهمشين نظرات في تجديد الادوات المنهجية للمؤرخ - إبراهيم القادري بوتشيش PDF

 مقال من التاريخ السلطاني الى تاريخ المهمشين نظرات في تجديد الادوات المنهجية للمؤرخ - إبراهيم القادري بوتشيش أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF







معلومات عن المقال :


العنوان: من التاريخ السلطاني الى تاريخ المهمشين نظرات في تجديد الادوات المنهجية للمؤرخ.


المؤلف : بوتشيش إبراهيم القادري.


المصدر :  دراسة المجالات الاجتماعية المهمشة وتاريخ المغرب.


الناشر : كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن امسيك - مختبر المغرب والعوالم المغربية.


عدد الصفحات : 27.


حجم الملف : 0.9 ميجا بايت.


صيغة المقالة : PDFelement  (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).





مقتطف من المقال :


"مكونات منهج التهميش في الكتابة التاريخية العربية في العصر الوسيط


إذا استثنينا بعض الإنتاجات التي كانت رائدة في استحضار فئات المهمشين والمنبوذين في التاريخ العربي ولو في صيغة تندرية كما يعكس ذلك نموذج ابن الجوزي ( ت سنة 597هـ) الذي صنف كتابا حول أخبار الحمقى والمغفلين، وأبو القاسم بن محمد بن حبيب النيسابوري (ت سنة 406هـ) الذي ألف بدوره مصنفا حول عقلاء المجانين، وكتابات الجاحظ باعتبارها إنتاجا تاريخيا أيضا، وما صنف في أحوال العشق والحب، فضلا عن إشارات ابن خلدون حول المتسولين والسحرة والكنزيين وجملة من صانعي وسائل المعاش، فإن معظم الإنتاج التاريخي العربي نحا نحو تهميش هذه الفئات المهمشة أصلا.


فكيف نفسر منهجية التهميش المهيمنة في الكتابة التاريخية العربية الوسيطية؟


تتشكل هذه المنهجية من مجموعة من المكونات التي تفسر ما تعرضت له فئات العامة من تهميش في المتون التاريخية ويمكن صياغتها على النحو التالي:


1. الطمس والتعتيم المتعمد:


إن السعي لطمس أخبار فئات العامة قاعدة استمدت حضورها في المنهج التاريخي العربي من خلال بعدين أساسين:


أولهما يمكن اختزاله في المكون الثقافي للمؤرخ الذي ظل ينظر إلى التاريخ على أنه مجموعة ترسبات متتالية للأحداث والأشخاص والدول والعائلات الوجيهة، وأن دور المؤرخ يقتصر على الجمع بينها عن طريق عملية كولاج“ (collage)، دون أن يكلف نفسه عناء إدراك عمق تلك الترسبات ودون مستوى قراءة فاحصة ممتدة عبر مساحات معرفية متنوعة، ومساءلة لتلك الأحداث بغية اكتشاف علائقيتها وتفاعلاتها الجدلية التي تنتظمها لتشكل منها ظاهرات شمولية وبذلك نظر إلى التاريخ نصف نظرة بدل نظرة كاملة، مؤسسا بذلك قاعدة للتاريخ المنظور إليه من الأعلى، تاركا ضبابية مفرطة في تفاعله مع الأسفل، وهذا ما يفسر إقصاءه للجماعات الهامشية في كل ما كتب، باستثناء تلميحات باهتة وإشارات محتشمة وردت بكيفية عفوية لم تستطع ضوابط الرقابة الذاتية أن تحول دون تسربها إلى إنتاجاته.


أما البعد الثاني فهو بعد سياسي اجتماعي، يكمن في عدم قدرة المؤرخ العربي على الانفلات من سياج الإيديولوجية الرسمية للدولة التي تحتضنه ومن ثم فان كتابته عكست كل ألوان إيديولوجية الحاكم، فطبيعة الدولة العربية - الإسلامية من حيث هي جهاز سياسي عسكري فكري مجبول على الاحتوائية والشمولية جعلت الحاكم يتدخل في الإنتاج التاريخي، ويملي شروطه على المؤرخ وهذا ما يفسر النعوت القدحية التي وصم بها هذا الأخير الجماعات الهامشية كالرعاع والسفلة والأوباش والهمج وغير ذلك من المصطلحات التي تفوح برائحة الحقد والعداء السافر للمؤرخ لهم من الأسفل. وبما أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم ظلت عبر مسار التاريخ الإسلامي علاقات يشوبها التوتر ونظرا لأن الجماعات الهامشية ظلت خلال معظم تاريخها تنأى تحت وطأة الأنظمة الاستبدادية فإنها تبنت في سبيل تحررها إيديولوجيات مناهضة للإيديولوجية المهيمنة، فتلونت بإيديولوجيات مضادة ذات مسوحات خوارجية أو مهدوية أو اعتزالية أو تصوفية، لذلك فان المؤرخ لم يتجرأ عن مغادرة موقعه الراسخ في عدائه للطرف المحكوم، وحاول فرض دسائسه على العقل الجمعي وتجريم كل حركة رفعت شعار التمرد والخروج عن سياج الطاعة فجعل كل خارج عن إيديولوجية الحاكم من تلك الفئة في خانة المنحرفين الذين يصبح تهميشهم من مسؤولياته . بل إن حتى الجماعات الهامشية الأخرى التي لم تكن تشكل إزعاجا سياسيا للحاكم، لم يكن لها صوت مسموع في إنتاجات المؤرخين لأن البعد الاجتماعي غاب عن مخيال المؤرخ العربي الذي كان يختزل صورة المجتمع في أهل السيف" و"أهل القلم، وما دونهما فغثاء لا يستحق الاهتمام، باعتبارهم مجرد سوقة ورعاع يعيشون في عالم له أبعاده الفكرية والاجتماعية التي تتدنى عن مستوى عالم النخبة، ومن ثم تم طي صفحتهم ليصبحوا نسيا منسيا. دون إغفال أن الخلفية النفعية للمؤرخ جعل بواعث إنتاجه خادمة لمكاسبه الشخصية ووسيلة لتحقيق الثروة والجاه بواسطة الهبات الملوكية السخية.


2. الرقابة والاستيعاب


من المتعارف عليه أن التدوين التاريخي العربي بدأ خلال العصر العباسي. وقد سعت السلطة العباسية إبان ذروة ازدهارها إلى سن سياسة توافقية بين الفرق الإسلامية حفاظا على استقرار الدولة وبناء أمنها الداخلي، وذلك عن طريق امتصاص أحزاب المعارضة وإشراكها في السلطة، ومنحها حصتها في استغلال الثروة والنفوذ، حفاظا على الوحدة وتجنبا للسقوط في فخ في التفتت والتشرذم الذي لا يخدم مصالحها الاقتصادية. وبذلك أصبحت الوحدة هاجسا مهما في بنية عقل المؤرخ الذي كان يسعى بدوره إلى المحافظة على مصالحه التابعة لمصلحة الحاكم نفسه، لذلك لم يتردد في تبني مبدأ تماسك وحدة الأمة التي ظلت المنظومة المرجعية ومفتاح الرقابة الدينية التي تتحكم في كتاباته وهي رقابة اكتسبت قانونيتها من خلال استنادها على الخلفية الشرعية الدينية ومن القيم المجتمعية، لذلك كان يرى في كل حركة مناوئة للسلطة - والتي غالبا ما كانت تأتي من جانب الفئات المهمشة - متا بقداسة مبدأ وحدة الأمة، لذلك سعى إلى فرض رقابة حول نصوص الرواة المعتمدين وأحكامهم، من خلال تبني معيار خاص لقبول تلك النصوص، وهو عدم التطرف في الآراء، واتصاف الروايات المعتمدة بالاعتدال، لذلك كان يتعمد انتقاء النصوص الصادرة من أفواه "رجال الاعتدال" الذين لا يسبون ولا يلعنون ولا يفسقون ولا يكفرون، أي كل الذين ليس لهم مواقف متطرفة مضادة للتيار الحاكم. وبما أن الشرائح المهمشة في المجتمعات الإسلامية كانت تنتفض بين الفينة والأخرى احتجاجا على السلطة، أو طلبا لتحسين مستواها المعيشي فإن المؤرخ العربي حشرها ضمن الذين يفسقون ويكفرون“، أو الذين يندرجون بشكل أو بآخر في عداد المغضوب عليهم، فكانت هذه الصيغة من المراقبة والضبط واستبعاد ما له صلة بسخط الجماهير تتحكم في كتاباته، بل أصبح هذا النمط من الخطاب التاريخي يشكل "سلطة على المخاطب كتابة

وفكرا.


3. الارتداد نحو التفسير الغيبي:


تستهدف هذه الصيغة الانتقائية في اعتماد روايات رجال الاعتدال إبعاد فكرة الصراع الاجتماعي من دائرة التاريخ وهو ما يتولد عنه ارتداد المؤرخ نحو الإيديولوجية الدينية التي تفسر التاريخ بقوى غيبية، فتعلل أحداثه بمقولة العناية الإلهية مستبعدة العقلانية والفعل البشري وإبداعات جمهور الناس - وهم السواد الأعظم من المهمشين - من حركية التاريخ. لذلك غالبا ما تم تغییب هؤلاء تحت الغطاء الديني باعتبارهم يشكلون حسب مقاييس المؤرخ العربي فئة خارجة عن الشرع، أو جماعات شاردة تحلق خارج سرب المألوف الاجتماعي الديني، مما يستوجب الحظر والمنع من دخول دائرة التاريخ.


4. الإعراض والتناسي:


نستعير هذا التعبير الذي نحته المفكر عبد الله العروي للتعبير عن شكل الخيط الذي أمسك به مؤرخو المعارضة في سياق استراتيجية التوافق مع السلطة التي تستلزم تقزيم أخبار الجماعات الهامشية في مؤلفاتهم، إذ لم يخرج أحد من مؤرخي فرق المعارضة عن هذه الاستراتيجية التي تحكمت في إنتاجاتهم. وحسبنا أن كل ما بقي من تلك الإنتاجات، هو عبارة عن سير وتراجم لأعلام مذاهبهم أو مناظرات كلامية Polemic بين هذه الفرقة أو تلك، دون الغوص في المشاكل الحقيقية التي عاشها من انخرطوا في حركتهم وأعلنوا الثورات والاحتجاجات الاجتماعية باسمهم، بل اقتصر مؤرخو المعارضة علىعرض وجهات نظرهم الكلامية التي هي في معظمها أدبيات“ بعيدة عن رسم لوحة لرجل الشارع وظروف فقره وآلامه إنها استراتيجية سياسية ذكية، ولكنها ملتوية ومخادعة، أسفرت في نهاية المطاف عن طمس جزء من فعاليات السلوك البشري وتجلياته الحضارية.


5. التماهي مع الشخصية الكاريزمية:


لقد استطاع الحاكم في ظل الأنظمة الطاغية أن يفرض نفسه كشخصية كاريزمية على عقلية المؤرخ العربي الذي رأى في "سيده" تجسيدا لرمز الرجولة والبطولة والقدرة على صنع مسار التاريخ لذلك تبنى التفسير الفرداني لوقائع التاريخ اعتقادا منه أن الحاكم هو القوة المحركة للتاريخ لذلك فإن كتاباته لم تبتعد قيد أنملة عن هذا التصور الذي يجعل التاريخ مجرد سجل منقبي للخلفاء العظام . فالخليفة عند المؤرخ السني هو "ظل الله في الأرض والشخص الوحيد القادر على صنع التاريخ والإمام عند الشيعة هو الذات المعصومة من الخطأ التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وهو الشخصية الوحيدة المؤهلة لقيادة الإنسانية إلى النور بعد أن هوت. أما الفئات الاجتماعية المهمشة فلا مكان لها في التاريخ، لأنها خارجة عن الإلهام البطولي. إن هذا الاحتكار الفردي للتاريخ هو ما شكل نقطة انتقاد المؤرخ الاقتصادي "سيميان "للتاريخ الأوروبي أيضا، فأشهر مقولته التي عبر عنها بعبادة الصنم الفردي ضمن ثلاثية الأصنام التي انبهر بها مؤرخو المدرسة التاريخية للقرن 19."


رابط التحميل :


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب