لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

النوازل وطبيعة مصادرها وحدود توظيفها في الكتابة التاريخية - د. محمد أستيتو pdf

 تحميل وقراءة مقالة النوازل وطبيعة مصادرها وحدود توظيفها في الكتابة التاريخية للدكتور محمد أستيتو -  أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF







معلومات عن المقالة :


العنوان : النوازل وطبيعة مصادرها وحدود توظيفها في الكتابة التاريخية.


المؤلف : د. محمد أستيتو.


المصدر : مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية.


الناشر : جامعة محمد الأول - كلية الآداب والعلوم الإنسانية.


سنة النشر : 1995.


صيغة المقالة : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF 

 





مقتطف من المقالة :



"لقد واكب الطفرة التي شهدتها الدراسات والأبحاث في تاريخ المغرب في العقدين الأخيرين توسع ملحوظ في تنويع المصادر المعتمدة، وفي مقدمتها كتب النوازل الفقهية، ويعزى ذلك لاعتبارين على الأقل، أولهما الفراغ الوثائقي الذي يعاني منه عادة معظم الباحثين في تاريخ المغرب نتيجة لقلة اهتمام المعاربة في الماضي بالتدوين، لاسيما تدوين الاخبار والوقائع والمساند، وهي ظاهرة انتبه إليها المغاربة أنفسهم كالحسن اليوسي (ت 1102هـ). وثانيهما يرتبط بالتجاوز الذي حصل منذ مدة لمرحلة الطريقة الكلاسية في الكتابة التاريخية، والتي لم تكن تخرج عادة عن مجرد تحديد تسلسل كرونولوجي للاحداث والوقائع التاريخية السياسية والعسكرية، الى الاهتمام بجوانب متعددة، لاسيما المتعلقة منها بالتاريخ الاجتماعي والاقتصادي وبتاريخ الذهنيات وما الى ذلك من ميادين البحث التاريخي، التي استوجبت ذلك التنويع في المصادر خاصة كتب النوازل الفقهية، حتي لقد بات ينعت بالقصه و وبالنقصان كل بحث أو دراسة في مثل هذه الجوانب التاريخية لم تعتمد هذا النوع من المصادر.


ويظهر ان المستشرقين كانوا سباقين الى التنبيه الى اهمية كتب النوازل الفقهية في الدراسات التاريخية وفي الاعتماد عليها في أبحاثهم، وذلك منذ مطلع القرن العشرين، ان لم يكن قبل ذلك، بل ان المستشرق الالماني ج. شخت J. SCHACHT. ذكر في أحد أعماله عن تاريخ التشريع الاسلامي، ان النوازل الفقهية منجم بكر لابد من دراسته للاستفادة من مادته التاريخية الخام لكل من يريد فهم المجتمع الاسلامي.


ويرجع اهتمام المستشرقين بكتب النوازل الفقهية لسببين أولا، للنجاح الهام الذي توصل إليه المهتمون بتاريخ المجتمعات المسيحية في الافادة من الانتاج الديني المسيحي ومن السيل الضخم جدا لوثائق المؤسسات الدينية، وثانيا، لكثرة ما وصلنا من انتاج نوازلي هائل، ظهر أنه فعلا غني بمادة تاريخية متنوعة على جانب كبير من الاهمية، يكاد ينفرد بالكثير منها ، اذ ان المؤلفات النوازلية تميط اللثام عن العديد من القضايا والمسائل التي تناولتها بعفوية وتلقائية والتي أغفلتها المصادر التقليدية أو تحاشت التطرق اليها أو تعمدت التغاضي عنها لسبب من الاسباب.


ومعلوم ان علماء بلاد المغرب والاندلس بصفة عامة كانوا ولوعين بهذا النوع من العلوم الدينية القاء وتاليفا أو جمعا . ويعتبر عيسى بن سهل (ت 486هـ)، وابن رشد الجـــد (ت.520هـ)، ومحمد السبتي ابن القاضي عياض (ت.575هـ ) من بين من سبقوا الى التأليف في النوازل الفقهية في هذا القطر من العالم الاسلامي الوسيط، وتعاظم في العصور اللاحقة بعدهم الإنتاج في هذا الباب من أبواب الفقه بشكل يدعو للاستغراب، قد لا يوجد تفسيره الا في دينامية وحركية على مستوى معين للمجتمع تبلورت في كثرة انشغالاته وقضاياه التي كان يعبر عنها بأسئلته وتساؤلاته الكثيرة والمتشعبة المواضيع من شعائر دينية، وقضايا الاحوال الشخصية ، والمعاملات والجنايات والمواريث، وبكل ما يتصل بحياة الناس وبشؤونهم اليومية، وبالاوضاع السياسية وغير ذلك من الاهتمامات.


والواقع ان الاستفادة من كتب النوازل الفقهية ومن نصوص الفتاوي ليس عملا جديدا بالنسبة للمؤرخين والاخباريين المغاربة، بل انهم اعتمدوا على هذا النوع من المصادر في كتاباتهم منذ ازمان، واذا لوحظ قلة الاهتمام بها في بعض الفترات، خاصة في فترة الحماية، فذلك راجع لظرفية تاريخية غلبت فيها الكتابات ذات الطابع السياسي والنزعة الوطنية والميول الاديولوجية والرد على كتابات المستعمر، في الغالب بلغته أو بمناهجه وأسلوبه، وبالاقتصار على مواضيع ضيقة لم تكن الحاجة الى معالجتها تدعو الي هذا التنويع في المصادر بالشكل الذي تستدعيه الضرورة اليوم.


 لهذا، ما أن مرت هذه المرحلة حتى عاد اهتمام المؤرخين المغاربة بكتب النوازل واستغلالها كوثائق تاريخية. لكن هذه المرة بقراءتها من منظور مغاير، وتوظيفها توظيفا جديدا، بطريقة تختلف كثيرا عن طريقة المؤرخين التقليديين، وذلك بما يسمح ما أمكن بتغطية النقص الحاصل في المادة التاريخية وتلبية حاجات الاهتمامات الجديدة للبحث التاريخي.


ومما يدل على الحيز الكبير الذي اصبحت تحتله النوازل الفقهية - بصفة عامة في مجال التوثيق التاريخي، هو كثرة ما يكتب في شأنها وكثرة النقاشات التي لم تعد تتمحور حول مدي امكانية اعتماد كتب النوازل الفقهية وتوظيفها في الكتابة التاريخية - فهذه المسألة أصبحت متجاوزة وانما من اجل الوقوف على ما تحقق من تراكم وتقدم معرفي في هذا المجال، وعلى كيفية تجاوز العوائق والمآخذ والعيوب التي بدأت تظهر منذ مدة كنتيجة للاستغلال المكثف لهذا النوع من المصادر، والتعسف - أحيانا - في عمليات استنطاقها لاستخراج اقصى ما يمكن من المعلومات التاريخية منها، وقراءتها بعيدا عن الاطار الذي وضعت فيه ومن اجله، مما ترتب عنه في بعض الاعمال السقوط في التعميم أو في مزالق ترتب عنها الخروج باستنتاجات وتصورات واسقاطات مجانبة للواقع. ويدل هذا على أن هناك فعلا العديد من المشاكل المنهجية التي تتعدد مستوياتها وتتفاوت كلما توسع الاهتمام بالنوازل وبالقضايا النوازلية بصفة عامة، وهو ما سنحاول ابرازه ولو في حدود معينة، انما قبل ذلك، لنبدأ بقضية التعريف اللغوي لمعني النوازل.


لغويا، يعرف ابن منظور "النازية (ج) نوازل بالشدة أو الشدائد التي تنزل بقوم، وفي هذا المعنى كتب رضوان الجنوي (ت 991هـ) مستشفعا السلطان عبد الملك السعدي في اطلاق سراح الفقيه عبد الواحد الحميدي (ت 1003هـ) هذين البيتن:


ما للنوازل والخطوب تنبهوا     الا الزعيم ومن يقول انا لها


فالو العنان ببابه مستشفعا     وات البيوت أخي من أبوابها


ومن الناحية الفقهية، فالنوازل هي ما يلتبس على الناس من أمور ومسائل وقضايا يبتلون بها فرادى أو جماعات في حياتهم اليومية العادية، أو في مواسم أو فصول معينة، أو في ظروف استثنائية خاصة، فتشكل لهم هما أو هاجسا أو بالاحرى اشكالا أو لغزا محيرا لا يعرفون كيف يواجهونه أو يتصرفون نحوه أو يتعاملوون معه من جهة نظر شرعية ودينية، خاصة بالنسبة لمجتمعات متدينة، فيستفتون في شأنه ذوي الاختصاص من فقهاء وعلماء للنظر فيه والاشارة عليهم بموقف الشرع منه وبما ينبغي فعله. 


وتستنبط الاجوبة أو المواقف / الاحكام من القرآن والسنة النبوية ومن القياس والاجماع والاجتهاد والعرف ... وكثيرا ما تتغلب الميول والاقتناعات الشخصية للمفتين في اصدار الاحكام " مما يؤدي في أحيان غير قليلة الى اختلافات حول بعض المسائل والمواقف من بعض الظواهر وتسمى عملية رفع المسألة أو القضية أو المشكلة على أنظار المختصين "الاستفتاء" أو "الفتى" (بضم الفاء)، وكلها معان تفيد الاجابة عن القضية موضوع السؤال، أي عن أمر غير محسوم أمره بالنسبة للسائل فيه.


يستخلص من هذا اذن ان النازلة تتكون من شقين القضية / السؤال، ثم الفتيا / الجواب. وقد وصلتنا معظم هذه الاسئلة والردود مدونة في ما يعرف بكتب النوازل الفقهية، كما نعثر على نصوص وآثار لها في المظان المختلفة، فقهية وغير فقهية.


واللافت للانتباه ان القضايا المطروحة للسؤال، ليس من المفروض ان تكون وقعت في زمن المفتي، بل قد تكون وقعت قبله، وقد تكون مجرد أسئلة نظرية افتراضية مبنية على التخمين، يرجى منها حصول الفائدة أو درء ما قد يقع. وقد نقف علي فتاو حول مسائل وظواهر المفتين من غير أن تطرح عليهم كقضايا أو ترفع اليهم للبت فيها ، ومنها ما يدخل في اطار رغبة المفتي في المشاركة في مناقشة مسائل عقدية أو أخلاقية نظرية في معظم الأحيان، وفي الحالتين، فالامر يتعلق في الغالب بمفتين نوي كفاءة عالية، أو بفقهاء يتمتعون بجرأة كبيرة تجعلهم لا يخافون لومة لائم في التعبير عن مواقفهم وتبليغها الي الرأي العام والحكام.


ومن غير شك فان ما وصلنا من نوازل مدونة، يبقى - على كثرته - ضئيلا بالقياس مع ما لم يصلنا وما لم يدون من أسئلة كانت تطرح يوميا على المفتين في منابر المساجد والجوامع وفي غيرها من الاماكن كانوا يجيبون عنها شفاهيا، ولا سيما المتعلقة منها بمجال المعاملات وبالانشغالات اليومية لعامة الناس، وليس فقط بمجال العبادات الذي يطغى عادة على كتب النوازل الفقهية، والذي - ربما اعتبر من بين الاسباب التي حجبت لبعض الوقت، عن المهتمين بتاريخ المغرب - وغيره من شعوب العالم الاسلامي - ما تزخر به تلك المؤلفات من مادة تاريخية متفرقة ومتناثرة بين صفحاتها العديدة، زد على ذلك صعوبة جمع تلك المادة واستغلالها وجردها وما يتطلبه ذلك من جهد وتقنيات وأدوات منهجية."




رابط التحميل


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب