لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب إبستيمولوجيا العلم الحديث PDF تأليف سالم يفوت

كتاب إبستيمولوجيا العلم الحديث - تأليف سالم يفوت - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : إبستيمولوجيا العلم الحديث.


المؤلف : سالم يفوت.


الناشر : دار توبقال للنشر

 ‏

الحجم : 3.6 ميجا بايت.


عدد الصفحات : 140.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"العلم والعلم الموازي


يصادف المرء في أدبيات عصر النهضة وفنونها التصويرية ميلا إلى تشبيه الله بالشس ومماثلته بها مماثلة رمزية. وفي هذا الصدد يطالعنا نص شهير لأحد أبرز وجوه النهضة الإيطالية المنضوين تحت لواء التيار الأفلاطوني المحدث بفلورنسا في القرن الخامس عشر، وهو (مرسيليو فيشينو Marsilion Ficino الذي ألف رسالة أطلق عليها (في الشمس) ومن بين ما جاء في هذه الرسالة قوله: » لا شيء يبين لنا طبيعة الخير الأسمى الذي هو الله تبيينا بليغا وكاملا أفضل من الشمس؛ فهي أولا تبعث بأنوار ساطعة وهاجة لا يضاهيها وهج الأشياء المحسوسة؛ وثانيا لا شيء أسرع من الضوء في انتشاره وانتقاله ؛ وثالثا تخترق الأنوار الأشياء بلطف بمجرد لمسها لمسا خفيفا؛ ورابعا يساعد دفء الشمس الذي تنشره في سائر الأشياء، هذه الأخيرة على التغذي والتوالد».


 كذلك الخير الأسمى، إنه ينتشر في كل الأمكنة، يبعث اللطف في كل الأشياء ويجلبها إليه. وهو إذ يفعل ذلك لا يجذبها إليه كرها بل يستميلها إليه بالحب الذي يشيعه فيها مثلما يشيع الدفء والحرارة من النور؛ يجذب هذا الحب كل الموضوعات إليه جذبا يجعلها في شوق فينقاد إلى الخير الأسمى طوعا (...) ولعل النور هو ذاته الحاسة الإلهية العلوية لحياة الروح، أو هو الفعل الذي به ترى وتبصر وتؤثر عن بعد رابطة سائر الأشياء بالسماء دون أن تبرحها قيد أنملة ودون أن تخالط الأشياء الخارجية (...) حدقوا في السماء، استحلفكم الله يا مواطني المقام العلوي، ولا تنظروا إلى شيء آخر سواها (...) فالشمس قد تعني بالنسبة لكم الله نفسه ومن ذا الذي بمقدوره أن يطفئ الشمس؟ من ذا الذي بمقدوره أن ينكرها؟.


واضح إذن ما في مثل هذه القولة من ابتعاد عن العلم وعن روحه ومن نكوص إلى فلسفات وجدت في العلم الحديث مناسبة لبعث نفسها من جديد ولانبعاثها متخذة منه ذريعة للتبرير وباحثة فيه عن دلائل وأدلة وحجج على صحتها كفلسفات. وحتى وفاة كوبرنيك، ظلت عبادة الشمس وتقديسها مقترنة بتقديس الأعداد المنحدر من الفيثاغورية ممزوجا بفكرة البحث عن الانسجام الرياضي الكوني هي المبادئ ونقط التماس الرئيسية والصريحة بين الأفلاطونية المحدثة لعصر النهضة وبين علم الفلك الجديد لاسيما مع كبلر الذي صرح في . سر أسرار الكون قائلا: «إن الشمس ثابتة في مكانها وسط الكواكب، لكنها رغم عدم حراكها ذلك، فإنها هي التي تبعث الحركة في كل شيء؛ فهي تشبه الباري تعالى الذي عنه تصدر سائر المخلوقات دون أن يكون مخلوقا، فهي تبعث الحركة في كل الكواكب دون أن تكون متحركة»؛ كما صرح في الطبعة الثانية لذات الكتاب، وقد صدرت سنة 1621 ملخصا المنحى العام لأفكاره بالقول: «لو استبدلنا لفظ (نفس) بلفظ (قوة) الحصلنا بالضبط على المبدأ الذي يعتبر مفتاح الفيزياء السماوية كما عرضتها في كتاب علم الفلك الجديد Astronomia nova.


وحينما نبحث عن المبررات التي حدت بكبلر إلى كتابته، والاعتبارات التي يعتبرها مسوغا كافيا؛ نجده يجملها في الرغبة في مواصلة السير على طريق التقليد الفيثاغوري الأفلاطوني القائم على اعتبار العدد (كنسبة وتناسب) مصدر الانسجام الكوني ومصدر تناسب الحركات السماوية. وقد اعتقد أن هذا التناسب يتجلى في كون الكواكب البعيدة عن الشمس، تتحرك بحركة بطيئة؛ بينما تلك القريبة منها تتحرك بحركة سريعة، ومرد ذلك إما لأن النفوس أو الأرواح المتحركة تكون أضعف كلما بعدت عن الشمس، أو لأن ثمة نفسا أو روحا وحيدة متحركة وسط سائر المدارات ومركزها هو الشمس، تمنح الكواكب القريبة منها قوة أكبر مما يجعل هذه الأخيرة تتحرك بسرعة، بينما لا تمنح الكواكب البعيدة منها إلا قوة أصغر مما يجعلها تتحرك ببطء؛ إذ لا تصلها القوة اللازمة الآتية من الشمس نظرا لبعد المسافة. فمثلما أن مصدر النور هو الشمس وأن هذه الأخيرة تحتل مركز العالم ونقطة التقاء المدارات، كذلك الشمس هي مصدر الحياة والحركة وروح العالم. وضمن هذا النظام الكوني نجد أن النجوم الثوابت عاطلة عن الحركة، بينما الكواكب يظل نشاطها قاصرا على أن يبلغ نشاط الشمس الذي هو أول الأنشطة وأهمها، لا تضاهيه أنشطة سائر الأشياء، فعظمة مظهرها وضخامة شكلها وفعالية قوة ،نورها تفوق بكثير كل ما يمكن تصوره.


ويميل كبلر، بطبيعة الحال إلى الإمكانية الثانية التي ترى أن لا قوة محركة في الكون إلا تلك التي تصدر عن روحه المتجسدة في الشمس التي يخفت تأثيرها في الكواكب كلما كانت هذه الأخيرة بعيدة عنها، ويقوى كلما كانت قريبة منها.


ويعتقد الأستاذ (ألكسندر (كوريري أن مفهوم كبلر للعالم اكتمل منذ صدور الكتاب الأنف ذكره، سنة 1595 . ورغم بعض التغييرات الطفيفة التي أدخلها عليه، فقد ظل خطه العام هو هو. ومما لا شك فيه أنه تصور يماثل كرة الكون في علاقة أجزائها ببعضها البعض، بنظرية التثليت المسيحية وتصورها للخلق ولعلاقة الناسوت باللاهوت كما أن تأملاته الصوفية قادت تفكيره إلى جعل الشمس مركزا حركيا وهندسيا للكون».


إن الميتافيزيقا التي سندت العلم الكبلري وشكلت فلسفته الموازية، ميتافيزيقا صوفية تعتبر العالم تجل الله وللثالوث الإلهي إذ ثمة تطابق بين الأشياء الثابتة والتثليث المسيحي: وهو تطابق يتخذ شكل تناظر بين الشمس والله - الأب وتناظر بين النجوم الثوابت والله - الابن وتناظر بين الفضاء والروح القدس، وعليه فإن الانسجام الكوني انسجام إلهي؛ وكمال الصنعة دليل على كمال الصانع. والله عندما خلق العالم كان رياضيا، لذا فإن التمكن من الرياضيات فيه إتقان للغة التي من شأنها أن تكشف لنا أسرار الصنعة والخلق، وتمدنا بمفاتيح فهم ألغاز الملكوت.


واضح إذن أن فكرة التناظر هذه بين الله والعلم، والتي أقام عليها كبلر صرحه النظري العلمي، لم يستعرها من فلسفات الطبيعة السائدة في عصر النهضة بل استنبطها من التقليد الفلكي الكوبرنيكي ذي الأصول الفيثاغورية والأفلاطونية المحدثة، ومن آراء (نيقولا الكوزي) 1464-1401) de Cues ( العالم الفيلسوف المتصوف الذي شبه الألوهية بدائرة وكرة، تلك ثلاثة وهذه ثلاثة: التثليث الألوهي أي الأب والابن والروح القدس، يناظره تثليث الكون الدائري أو الكروي، المتجسد في المركز والمحيط والسطح، فالعالم نفسه في نظر نيكولا الكوزي شمس تحتل المركز ، ونجوم ثوابت محيطة به وفضاء يعمره.


ولقد ظل وفاء كبلر لفيثاغوريته وأفلاطونيته المحدثة قائما هو هو لم يتغير حتى في المؤلفات التي أعقبت سر أسرار الكون وعلى الخصوص كتاب «المختصر» Epitome (واسمه الكامل هو: المختصر في علم الفلك الكوبرنيكي (Epitome Astronomia Copernicanie) وكتاب التناسق الكوني Harmonie Mundi إنهما كتابان يستعيدان ذات الأطروحة المسيحية الوحدوية الوجود، حيث التأكيد على إن الخلق تجل وللأقانيم الثلاثة، مع ميل إلى عقلنتها استلهاما من نظرية العلل الأرسطية، فالشمس التي تناظر الله - الأب، علة فاعلة، وكرة النجوم الثوابت، علة صورية، أما ما بينهما فهو موضوع، أي ما يتحرك من قبل الشمس، كما يعتبر كرة النجوم الثوابت ما يشكل الفضاء الذي لولاه لاستحال تصور الحركة توجد الشمس في وسط الكون، وهي علة حركات الكواكب التي تدور حولها باستمرار. ولأجل أن يفسر الحركة الدائرية للكواكب حول الشمس، وحركة الشمس نفسها باعتبارها تدور حول ذاتها، قال كما سبقت الإشارة بأن الشمس تمنح الكواكب القوة على ذلك لكنه أضاف إلى هذا الدليل دليلا آخر استقاه هذه المرة من فيزياء الاندفاع : وهو دليل يذهب إلى القول بأن الله عندما خلق الكون بعث في الأجرام السماوية وكذا في جرم الشمس، قوة ما على الاندفاع ظلت على أثرها تتحرك بحركة دائرية. إلا أن كبلر انتبه إلى ما قد يتضمنه هذا الرأي من عدم وجاهة، لاسيما وأن نظرية الاندفاع تؤكد أن قوة الاندفاع التي يكتسيها الجسم تخفت بالتدريج عندما تنبعث فيه في شكل قوة يتحرك بها، وهذا ما أدى به، ضرورة، إلى أن يتصور أن بالكواكب والشمس روحا هي التي تمنحها القدرة على الحركة الدائمة التي لا تعرف انقطاعا أو توقفا."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب