لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الجسد الأنثوي في أواخر العصر الوسيط وبداية الحديث؛ واقع وصور وتمثلات pdf تأليف د. الهلالي م. ي.

 مقالة "الجسد الأنثوي في أواخر العصر الوسيط وبداية الحديث؛ واقع وصور وتمثلات" تأليف د. الهلالي م. ي. - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن المقالة :


العنوان : الجسد الأنثوي في أواخر العصر الوسيط وبداية الحديث؛ واقع وصور وتمثلات.


تأليف : د. الهلالي م. ي.


المصدر : أعمال ندوة : الجسد في مجتمعات المتوسط من

القرن السادس عشر إلى اليوم - تمثلات - معارف وممارسات.


الناشر : جامعة تونس - كلية العلوم الإنسانية والإجتماعية.


تاريخ النشر : 2010


صيغة المقالة : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من المقالة :


"الجسد الفتنة / الجسد المُهدّد


 لعل اعتناء المرأة بجسدها كان من بين العوامل الأساسية التي جعلت المجتمع الذكوري يفكر في حجب هذا الجسد وحمايته، وقد تأتى هذا الأمر للشرائح الميسورة أكثر من غيرها؛ ينهض قرينة على ذلك طبيعة معمار منازل الأثرياء الذي تميز بنوافذه المفتوحة على الداخل، ووجود ممر يفصل باب المنزل عن وسطه، وهذا ما أثبتته الدراسة الأركيلوجية التي قام بها (Boris MASLOW) و (Henri TERRASSE) لأحد المنازل الواقع بدرب الشراطين بالقرب من جامع القرويين في مدينة فاس، يعود إلى منتصف القرن الثامن هـ منتصف القرن XIVم. ويبدو أن وجود الممر المذكور وضع في التصميم الهندسي تحسبا لدخول ضيوف رجال، ورغبة في عدم انكشاف نساء المنزل، كما أن جعل النوافذ مفتوحة إلى الداخل، كان للغرض نفسه. ذلك أن المسلم وأسرته وممتلكاته كانت تعتبر من المقدسات التي لا يحل انتهاكها، فالمفهوم الإسلامي للأسرة هو الذي حدد أكثر من أي عامل آخر شكل محل السكنى لتحقيق الخلوة المقدسة للأسرة المسلمة.


في مقابل هذا التوجه من المرجح جدا أن الجسد الأنثوي في العائلات الغنية كان أكثر تفتحا داخل المنزل؛ فمن المعروف أن هذه العائلات عاشت تحت سقف بيت واسع واحد حيث الأب وزوجته أو زوجاته ومحظياته وأبناؤه وزوجاتهم وأولادهم وأحيانا إخوانه وزوجاتهم وأولادهم مما خلق جوا من الاختلاط بين الجنسين لم يكن ليتحقق في الأسر الفقيرة ذات المسكن الضيق هذه الأسر، الممتدة منها خاصة، التي عانى فيها الجسد من جراء الاختلاط بين الجنسين.


 اعتناء المرأة بجسدها جعل النظرة إليها محاطة بالشك الذي يلمس عبر عدة مستويات : الإثارة العورة، الإغواء، الفتنة، وعدم الثقة، ثم مستوى العار. وتتقاطع هذه المستويات لتصب في صورة واحدة ملؤها الشك تجاه الجسد الأنثوي. ولا غرو إن نبعت هذه الصورة، في جزء منها، من مخالطة المرأة لعالم الرجال خارج بيتها من حرفيين وتجار. لذا، تعالت أصوات الفقهاء لمنعها من الخروج لاسيما إذا كانت بادية الوجه والأطراف، وحجبها في البيت لأنها في نظر بعضهم ليس لها إلا ثلاث خرجات؛ خرجة لبيت زوجها حين تهدى إليه وخرجة لموت أبويها، وخرجة لقبرها. ولما كان الواقع عكس ذلك، تحول الخطاب إلى الرجل محذرين إياه من التعامل معها لأن صوتها عورة ،، ومخالطتها عن طريق البيع والشراء مؤدية للفتنة. والخوف من الفتنة جعل البعض ينبه على اختلاط وتزاحم النساء بالرجال في الأعراس والمناسبات.

 ‏

 ‏ تجلت صورة الشك عمليا في كثرة النوازل التي أبرزت النزاعات المتكررة بين الأزواج في شان خروج المرأة من بيتها إلى مكان ما. ويبدو أن هذه النوازل تنتمي إلى المجال « الحضري »، عكس بعض المجالات « الريفية » التي كان الرجل يحتاج فيها إلى تشغيل زوجته أو زوجاته خارج البيت للعمل في الحقل أو للاحتطاب أو حمل الماء... إلخ .. وزعم ألفرد" بيل" (Alfred BEL) أن نساء البوادي كن كن يخرجن متحجبات حين قضائهن للأعمال المنوطة بهن، وهذا رأي فيه كثير من العمومية، فندته مجموعة من المصادر، ليس بالنسبة لبعض المجالات « الريفية » فحسب، ولكن حتى بالنسبة لبعض المجالات «الحضرية » أيضا.


زادت صورة الشك ترسخا بفعل لباس بعض النساء للضيق والقصير من الثياب ، الذي كان يجعلهن مصدر إثارة بكشف تفاصيل من أجسادهن، ويزيد من فتنتهن. وعليه، نُصح الخياط بتجنب تفصيل أو خياطة الملابس الضيقة والقصيرة لأن في ذلك إعانة على الزنا (...) وعلى الحرام.


 لم تقبل الذهنية الفقهية السائدة الخائفة من فتنة الجسد الأنثوي حتى خروج النساء لزيارة القبور، أو حضور هن الصلوات في المساجد .. وتم الحث خاصة على منع شواب النساء الممثليات لحما من اللواتي اللواتي تخشي منهن الفتنة من مساجد الجمع والجماعات، لأن ذلك مؤد إلى منكر يعظم خطره ويهيج شره، فيجب قطعه بما أمكن. كما أوصى أبو محمد صالح مريديه بتجنب مجالسة النساء حتى المريدات المريدات منهن، وعضد تحذيره بقوله : وما كانت فتنة هاروت وماروت إلا بسبب امرأة حتى كان من أمرها ما كان، وفي الحكمة : المرأة فخ منصوب وداء معطوب لا يقع فيه إلا من اغتر به. واعتبر الماجري، الذي دون كرامات هذا الشيخ هذه الوصية جليلة، تدعو إلى التمسك بالشريعة.

 ‏

 ‏ ومع الحرص على إجبار النساء على عدم الخروج لأي سبب كان خشية فتنة أجسادهن، وإزاء عدم تحقيق ذلك، سعى المحتسب إلى منعهن من إبداء وجوههن وزينتهن . وهو ما طبقه عمليا أبو الحسن الصغير (ت 719هـ) و حين كان قاضيا على فاس، فبعد أن لاحظ كثرة خروج النساء، جعل أعوانا لمنعهن من ذلك، ثم خص جزءا من مداخيل الأحباس لتلطيخ أكسية النساء فانتهين عن الخروج] وفي السياق ذاته وللحفاظ على المرأة وجسدها لا يعدم الباحث خطابا موجها للرجل في شخص المحتسب الذي كان عليه جزر الجالسين في خلوات الأزقة تفاديا لتعرضهم للنساء.

 ‏

 ‏ ويمكن فهم السعي الحثيث لمحاربة خروج النساء بما كان يتركه من انعكاس سلبي على محيطها إما بجلبه للعار، أو منع الإمامة على الزوج الذي تخرج زوجته متبرجة، وعدم الاعتراف بشهادته، بل أفتى فقهاء العصر بحرمانه من الزكاة إذا احتاج لها. فخروج المرأة إذن، لم يكن خوفا عليها من جسدها وإثارته، بقدر ما كان خوفا على سمعة الرجل ذاته، بما أن خروجها كان ينعكس سلبا على صورته في المجتمع، ووضعيته فيه.


إن صورة الشك التي لفت الجسد الأنثوي حين خروجه من البيت، وتعامله مع أصناف الحرفيين والتجار، استفحلت أكثر بفعل استقباله للحرفيين والباعة المتجولين داخل المنزل، لما في الأمر من خلوة بالرجل الأجنبي. لاسيما أن النساء في مثل هذه الحالات اعتبرن غير مأمونات والنفوس كمائن. لذا، لذا، شدد فقهاء العصر على منع هذا النوع من الخلوة، متعللين بفساد زمانهم.


لم تطل صورة الشك الجسد الأنثوي في تعامله مع أصناف الحرفيين والتجار خارج المنزل وداخله، بل ظهرت عبر مستويات أخرى عديدة ومتنوعة؛ كمنع النساء من السكنى على البحر، لأنه مكان لكشف عورات الصيادين وأصحاب المراكب والمغتسلين ومكان للكلام الفاحش ونهيت ذوات الفروج من ركوب السروج. كما تمت الدعوة إلى عدم السلام على الشابة، وتجنب الغيبة عن النساء لمدد طويلة خشية الضيعة والفساد. ونصح المحتسب بمنع النساء من الغناء في ظل إنصات الرجال . .. إلخ. 


رابط التحميل


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب