لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الجيش المغربي وتطوره في القرن التاسع عشر PDF تأليف د. ثريا برادة

 كتاب الجيش المغربي وتطوره في القرن التاسع عشر - تأليف د. ثريا برادة - أونلاين بصيغة إلكترونية  ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : الجيش المغربي وتطوره في القرن التاسع عشر.


المؤلف : د. ثريا برادة.


الناشر : كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.


عدد الصفحات : 522 صفحة.


حجم الكتاب : 11.8 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).







مقتطف من الكتاب :


"القبائل البعيدة عن السلطة المركزية


وتظهر سياسة المرونة والتغاضي في سياسة المخزن إزاء القبائل القوية بعددها والمنيعة لبعدها، سواء الريفية أو الأطلسية، فهو يتلافى كل مواجهة بينه وبينها، مادامت تحترم القاعدة السابقة تاركا لها استقلالها، الذي يظهر من خلال احتفاظ هذه القبائل مؤسساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسة.


فالقبائل الموجودة في قمم الجبال أو الأودية والفجاج، أي التي تشكل التضاريس حائلا بينها وبين نفوذ المخزن تحتفظ بنظام جماعي، بخلاف القبائل التي تقترب من السفوح والسهول والتي يشجع فيها المخزن قيام أمغار. ونلاحظ هذا مثلا في قبائل الجنوب الأطلسي حيث يختلف نظامها حسب قربها أو بعدهـا مـن سهل سوس الذي كان خاضعا لخليفة السلطان في تارودانت، ففي قمم الجبال نجد "مجموعة مستقلة" يسيرها مقدم أو مجلس يختار لمدة محدودة، وعلى السفوح مجموعات "تدشرت" تسيرها جماعة من ثلاثة أو أربعة من الأعيان، وبمحاذات السهل مباشرة "تدشرت" خاضعة لأمغار على علاقة مع المخزن.


 فالنظام السياسي للقبائل البعيدة جغرافيا عن المخزن أو حالتها الاقتصادية ونزاعاتها الخاصة بها مهما بلغ عنفها لم تكن تهم المخزن في شيء. بل أن علاقته مع بعض القبائل الأكثر بعدا والأقل غنى كانت نوعا من التعايش السلمي، فهو لا يطالبها بأي نوع من الضرائب لا شرعية كالزكاة والاعشار، ولا غير شرعية من نايية ومكس، ولا يطالبها بإعطاء إدالات مستمرة داخل المخزن ولا المشاركة في وقت الحركات الداخلية العادية، ولكنها تشارك عسكريا برجالها وسلاحها حينما ينادي للجهاد.

 ‏

 ‏ فارتباط هذه القبائل بالمخزن كان ارتباطا دينيا بشخص السلطان الذي هو أمير المومنين الذي يخطب باسمه في المساجد ويتبركون به ويكتسي لدى بعض القبائل صفة "أكليد". ولكن لا يظهرون ارتباطهم به إلا إذا صار الدين في خطر على إثر هجوم أجنبي، فحينذاك، يكونون ملزمين بالتطوع وإمداد السلطان بإعانة عسكرية، وهذه القبائل من جهتها لاتطالب المخزن بأي شيء، فهي تقوم بشؤونها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية بواسطة مؤسساتها من آيت الأربعين وانفلاس والمقدّم أو الشيخ وأمغار أو جماعة القبيلة التي تقوم بالتسيير الذاتي الاجتماعي والاقتصادي والديني فتتكلف "بأكدير" أو أغرم الذي يعتبر محور الحياة الاقتصادية والاجتماعية في القبيلة فهو خزينها في وقت السلم، يحتفظ فيه بحبوب كل أعضائها وملجؤها في وقت الحرب. كما يؤسس بيت مال القبيلـة مـن الغرامات التي تفرض على المجرمين والزكاة والاعشار وفي بعض الأحيان. من قسم صغير يقتطع من الإرث ومن بيع الغبار والزطاطة وحق النزالة. ومن بيت المال هذا ينفق على حاجات القبيلة : الزوايا والفقراء والطلبة والمساجد والسلاح في وقت الخطر الخارجي، كما تتكفّل هذه المؤسسات بالزواج والطلاق والإرث والمياه التي يخصص لها في بعض المناطق شخص خاص تظهر بركته "انفلـس المـاء "وامـزال أو "انفلس الصغير". وتدير هذه المؤسسات كذلك الشؤون الفلاحية المشتركة، فعل   ‏أن الأراضي الفلاحية في المناطق الجبلية هي أراض ملكية خاصة، إلا أن هناك المرافق المشتركة كالغابة والمراعي والتين والغبار. كما تقوم الجماعة بالدفاع عن القبيلة في وقت الخطر الخارجي، إذ تكوّن مجالس تجمع كل الرجال القادرين على القتال (أكروو) وتشتري الأسلحة وتعين رئيسا للحرب "أمغار" أو "انفلــس البارود" أو " أمغار تيريت" تعطي له مؤقتا كل السلط.


وإذا كانت القبيلة صغيرة لا تستطيع الدفاع عن نفسها فإنها تنظـوي تحت "علام" إحدى القبائل المجاورة وتؤدي لها ضريبة مقابل الحماية. 


فالعلاقة إذن بين المخزن وبين القبائل البعيدة هي نوع من العلاقات السياسية التي يؤخد فيها بعين الاعتبار المعطيات الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ويوفّر فيها الطرفان على أنفسهما جهودا ونفقات لا فائدة من ورائها.


 ولكن القبيلة تبقى مهما بلغت درجة استقلالها وحدة سياسة لا تتجزأ من المجموعة السياسية المغربية وداخلة في الاعتبار السياسي للمخزن الذي لا يظهر اهتمامه بها إلا إذا بدأت تخرج عن حدودها الجغرافية لتتحكم في الطرق وتضرّ بالقبائل التي تحت حماية المخزن، أو عن حدودها السياسة بالدخول في أحلاف والقاف "أمكون" مع قبائل أخرى عن طريق تبادل السلهام أو البلغة أو إنزال العار، أو الذبيحة أو تبادل المزراك إلى آخره، فتكتسب بذلك قوة سياسة تنطلق من داخل القبيلة لتنتشر شيئا فشيئا خارجها، على منوال الطريقة القبلية المغربية التي أدت في بعض الأحيان، إلى اجتياح القبيلة التي تنضوي تحت علمها قبائل أخرى، لما حولها ووصولها للحكم. فعهد الموحدين مثلا ابتدأ بحلف بين قبائل خمسة احتفظ داخلها بالزعامة قبيلتا ارغن (هرغة)، وتنملل اللتان ينتمي. لهما والد المهدي وأمه ). والفاطميون وصلوا لإفريقيا وصقلية ومصر وسوريا بنفس الطريقة : ابتداء بحلف بين قبائل كتامة ففي هاته الحالة فقط تصبح القبيلة عاصية ويظهر المخزن اهتمامه بها ويستعمل لإرجاعها لحدودها المعقولة و"للطاعة"، الوسائل الحاسمة التي يراها مناسبة من حركات أو أحلاف أو زوايا.


وقد اعتمد المخزن في تفوقه على القبائل زيادة على السلطة الدينية والتفوق العسكري المتمثل في الأسلحة التي يحتكر استيرادها وخصوصا المدافع، على استغلال نقطة الضعف الكبيرة للقبائل وهي النزاعات والأحقاد التي بينها ليستعين بقبيلة لإخضاع أخرى. 


وهذه الخلافات الأبدية من جهة، و الظرفية من جهة أخرى، كان المخزن يستغلها لتوطيد السلطة المركزية و لم تكن بالضرورة ناتجة عن الاختلاف بين القبائل ذات الأصل العربي والأخرى ذات الأصل الأمازيغي.


 فحتى لو فرضنا ان القبائل العربية التي قدمت إلى المغرب في هجرات متعددة ومتفرقة وفي أعداد قليلة لم تنصهر داخل القبائل الأصلية البربرية رغم حركة النقل والتجزئة والجمع التي سلكتها السلطة المركزية ازاء كل القبائل، وأنـه كـان لازال يوجد في القرن التاسع عشر قبائل عربية وبربرية محض، فإن التركيب العسكري للحركات المخزنية في هذه الفترة يفنذ هذا التفسير.


فإذا كان المخزن يقابل أحيانا ثوارتزمور البربرية بقبائل بني حسن العربية فإنه في نفس الوقت كان يواجه "ثورات" زيان بقبائل زمور وجروان وآيـت ادراسن، وكلها من أصل بربري كما كان يحارب جروان بأيت ادراسن، كما أننا نجد من بين القبائل التي قامت بثورات نعتها المؤرخون المغاربة كالزياني والناصري بأنها فتن بربرية، وأحلاف بربرية كحلف أبي بكر مهاوش الذي نخر ملك المولى سليمان قبائل عربية كالصفافعة والتوازيط من بني حسن وزعير وعرب تادلا. فالخلافات التي استغلها المخزن لتوطيد السلطة المركزية، لم تكن خلافات عرقية بين قبائل عربية وأخرى بربرية، بل خلافات بين قبائل مغربية، تجمع بينها أحيانا مصالح مشتركة اقتصادية واجتماعية وسياسية لتكون صفا أو لقا، وتفرّقها نفس المصالح أحيانا أخرى لتدخل في تنافس أو حرب، فمثلا المولى عبد الرحمان لم تبايعه قبائل أيت إدراسن إلا لنقض حلف بينها وبين زمور، ولم يبسط نفوذ المخزن على الجنوب الأطلسي إلا بسبب المنافسة بين متوكة وحاحة، ونفوذ المخزن كان بإمكانه أن يصل إلى القبائل الموجودة في أقصى الجبال عن طريق اللف الذي يضم عدة قبائل من القمة إلى الدير والتي تربط بينها علاقات اقتصادية مهمة، فالمراعي الصيفية وأشجار الجوز توجد في القمة في حين توجد في الديـر الـذي يوجد مباشرة تحت حكم المخزن الحبوب والمواد المصنعة كالسكر التي صارت تظهر ضرورية في القرن التاسع عشر."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب