لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب التاريخ والحقيقة PDF

 كتاب " التاريخ والحقيقة " أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : التاريخ والحقيقة.


المؤلف : مجموعة من المؤلفين.


عدد الصفحات : 116 ص.


حجم الكتاب : 5.44 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"يتقدم الفكر والفعل الإنساني عامة في التصورات التاريخانية، باعتباره إنتاجاً تاريخياً خالصاً؛ فلا اعتبار لشيء إلا برده «للشروط التاريخية التي أنتجته»، بيد أن هذه الرؤية التي رسختها فلسفات القرن التاسع عشر، والتي ارتقت منذ هيغل - وخصوصا ماركس - إلى أن تصير «مسلمة» نظرية ليست بالوضوح ولا الطابع البديهي الذي تبدو عليه، ولا نريد هنا أن نسوق الاعتراضات الشهيرة للنقد البنيوي على هذه «المسلمة»، بل نريد أن نتعرض لنقطة واحدة دقيقة في هذه الرؤية، وهي نوع التصور الذي تقدمه عن الزمن، ومن ثمة نوع التصور الذي تقدمه عن الحقيقة، وهو تصور، كما سيتضح ذلك مسكون بخلفيات «أخلاقية» كثيرة، وأما المستند الذي سنعتمده في بيان هذا الأمر، فسيكون أقدم من البنيوية، وإن كان أحد روافدها الكبرى، نقصد فلسفة الألماني فرديريك نيتشه.


تقدم التاريخانية، في كل لويناتها، تصورا خطيا تقديميا عن التاريخ، على أن لهذا التصور عينه «تاريخ»؛ فبدايته لم تكن كما يظن مع العصور الحديثة، إذ هو تصور عائد في جذوره إلى الثقافة اليهودية - المسيحية، بل قد نجازف ونقول إن كل «الإبدال التاريخاني الذي زرعت بذوره في القرن السابع عشر، وتوضحت معالمه بجلاء في القرن التاسع عشر قد نحت وصيغ في العهدين القديم والجديد، وهو ما قد ينسف من ناحية مبدئية، وهم القطيعة الجذرية الذي نتصور بين الفكر الأنواري الحديث والفكر المسيحي الوسيط. بيد أن بيان هذه المسألة يحتاج إلى بعض التفصيل.


يتفق الدارسون المختصون في الفكر اليوناني على أن هناك ثابتا مشتركا بين مجموع اتجاهات هذا الفكر ألا وهو تصوره الدائري عن الزمن؛ فاليونان هم شعب «الدائرة»، فالدائرة أكمل الأشكال، لهذا كان العالم نفسه، من حيث هو كوسموس (ومن معانيها الأصلية زينة العروس ولباسها)، دائرة والعالم الدائري يحتاج زمنا دائريا وهذا ما اجتهد في صياغته والدفاع عنه غالبية المفكرين اليونان، ليس فقط في النصوص الفلسفية المؤسسة، بداية بأفلاطون وانتهاء بالهيلوويزم» الرواقي، حيث العالم «حيوان» كبير يحيا وفق عود أبدي، بل وأيضا أساطير القرن التاسع للميلاد وتراجيديات القرون التالية، وقد أظهر هولدرلين هذه المسألة بجلاء؛ ففي كل التراجيديات نجد الزمن يتقدم، باعتباره دورا في الأوديسا مع عوليس الذي يلاقي بينيلوبي في إيتاكه itahaque بعد أن يسيح في بحر بوسايدون عقدا من السنين، كما مع أوديب الذي ينفى عن طيبة طفلا قبل أن يعود إليها شابا، ليلاقي قدره الذي ابتعد عنه لوهلة الزمن الأسطوري هو زمن القدر الذي يعود إذن ، لهذا فهو زمن تراجيدي، ومن هنا نفهم الطابع «التراجيدي» للنظام القيمي اليوناني، فبما أن الزمن دور والقدر عود والعالم دائرة؛ فطموح الإنسان اليوناني، لن يكون «اختراق» العالم، بل فقط إيجاد المكان الأنسب له في هذا الكوسموس - الدائرة، المكان الذي حدده له القدر قبلا. ولأن تاريخ الفكر محكوم دائما بعناصر سابقة عليه هي التي تجعله ممكناً؛ فإن تحول العناصر السياسية والحضارية في القرون التالية وانتهاء الأمر إلى المسيحية باعتمادها عقيدة رسمية للدولة الرومانية، سيؤدي إلى إرساء تصور آخر عن الزمن، تصور خطي هذه المرة ، تصور «تقدمي»، يتحول معه إيقاع الزمن واتجاهه من كونه دورا يسري في هذا الحيوان الأعظم الذي هو العالم - النظام، إلى أن يصبح خطا يتقدم من بداية ومبدأ نحو نهاية وغاية ؛ أي أن يصير بمعجم المسيحية نفسها «تيها» في انتظار «الخلاص».


سبق لبعض الباحثين الكبار أن بينوا أن بين العصور الوسطى والزمن الحديث من التلاقيات أكثر مما نتصور ولعل هذا الأمر يبدو بأفضل ما يكون في المفهوم الحديث عن الزمن حتى أنه من الممكن أن نقول إن هذا التصور ليس أكثر من «علمنة» للتصور المسيحي. صحيح أن هناك تحولا مركزيا حصل، إذ أن الفاعل يصير هو الإنسان وليس الإله، والأداة تصير هي العقل وليس النص (مع استحضار كل النسبية اللازمة لمثل هذه الأحكام) لكن القالب والصيغة تظل هي نفسها، فكرة الآرخي ph و التيلوس Téos تظل هي عينها؛ فالتاريخ تراكم وتحصيل ومجال لتحقيق المشروع الإنساني وبسط لمطوي ممكناته الطبيعية، لكنه بسط في إطار «منطق» عام هو عينه التصور الخطي - العقدي. على أن هذه الخلفية الثيولوجية التي تسكن التصور الحديث عن الزمن والتاريخ لا تبدو في هذه الرؤية الخطية فقط، بل تظهر أيضا في العنصر القيمي الخفي الذي يسكنها ويعمل فيها؛ أي في العلاقة التي تبني «أخلاقيا» مع الذاكرة.


يقترح الكتاب المقدس بعهديه تصوراً «تذكريا» عن الزمن؛ فللزمان بداية هي الخلق، يوم ما قرر الإله بناء العالم وسطر له مسارا ووضع لهذا المسار غاية هي البعث، وبين هذا الخلق والبعث يحيا الإنسان تاريخه وقدره الذي يكون كله محكوما بهذه الذكرى» وهذا الموعد؛ فلا قيمة للتاريخ البشري إلا من حيث هو سعي «مستقيم لغاية هي البعث التاريخ ،إذن، تحقيق للخطة الإلهية»؛ فالرعاية الإلهية هي التي تقود «على أتم الأوجه كل الأشياء» كما يقول أغسطين «الأجيال منذ آدم حتى آخر الزمان، تماما كما رجل ينمو من طفولته إلى شيخوخته». بهذا المعنى يكون التاريخ الإنساني كله تحقيقا لعنصر آخر يتجاوزه، ويمنحه معناه هو خطة الإله ووعده الأول.


لا نعتقد أننا نبالغ إذا ما قلنا إن أصول «فلسفة التاريخ»، على الأقل في صورتها الكلاسيكية الهيغلية كلها موجودة هنا؛ ففضلا عن الرؤية الخطية التي ذكرناها سابقا، حيث يتقدم العالم كفضاء لعقل ينمو ويتقدم وفق مراحل ليبلغ أوجه، عند هيغل نفسه، في الفلسفة المثالية ( فكريا) ثم في الدولة البروسية (سياسيا) والديانة المسيحية (دينيا)، فضلا عن كل ذلك؛ فإننا نجد الخلفية الأخلاقية عينها؛ فالمسيحية هي التي أرست كون التاريخ الإنساني «بسطا» لتاريخ آخر هو ما يمنحه معناه كما قلنا، وهو وعد الإله وخطة خلاصه المنتظر، وفي هذا الرهان وحده تأخذ الحقيقة قيمتها بهذا المعنى تصير المراحل الفاصلة في التاريخ والمفسرة له والمانحة لقيمته «عقدية» في العمق، لأنها قائمة على ذكرى العهد الإلهي.


على أنه إن كان هناك من فيلسوف «تشمّم» بـ خياشيمه» هذا العبق الثيولوجي القوي الذي يفوح من الرؤية التاريخانية فهو نيتشه، فما ينبغي أن نفهمه، وكما بين كثير من مؤرخي الفلسفة، هو أن رهان نيتشه الفلسفي لم يكن ضد الأفلاطونية فقط، باعتبارها الفلسفة التي أرست الحقيقة «غاية» للفكر، بل إنه كان، وعلى الأخص رهانا ضد هيغلية، وفي هذا الإطار ينبغي أن نفهم موقفه من التاريخانية، بل ومن التاريخ كمعرفة، فلا ينبغي أن نرد هذا النقد إلى التشهي الفكري والنزوع الشاعري كما يعنّ لكثير من المؤرخين المحترفين أن يقولوا، بل ينبغي أن نفهم بأن هناك رهانا معرفيا وقيميا خفيا يبرر هذا الموقف، إنه موقف يتأسس على وعي عميق بالعناصر التي تقوم عليها الرؤية التاريخانية وبالبعد الأخلاقي الذي يدثر العلاقة التي تبنيها مع الزمن والماضي، مهما تخفى هذا التقديس وراء مفاهيم الموضوعية والعقلانية."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب