لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب سوسيولوجيا الهوية؛ جدليات الوعي والتفكك وإعادة البناء pdf تأليف د. عبد الغني عماد

كتاب سوسيولوجيا الهوية؛ جدليات الوعي والتفكك وإعادة البناء - تأليف د. عبد الغني عماد - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF







معلومات عن الكتاب :


 إسم الكتاب : سوسيولوجيا الهوية؛ جدليات الوعي والتفكك وإعادة البناء.

 ‏

 ‏المؤلف : د. عبد الغني عماد.

 ‏

 ‏الناشر : مركز دراسات الوحدة العربية.


حجم الكتاب : 11.71 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"التعصب والهوية كمنظومة تمييز ثقافي


كان عصر التعصب العنصري وما رافقه من تمييز عنصري مقنن ومنظم يمثل ذروة التوحش الاستعماري. تغير الزمن، فهل زالت العنصرية وسقطت منظومتها إلى غير رجعة في عالم اليوم؟ أم أنها عادت تطل برأسها مقنعة بأطروحات جديدة؟ يحمل التاريخ وقائع مذهلة يندى لها ضمير الإنسانية لممارسات تفوق التصور حيث أبادت شعوباً وحضارات لأسباب عنصرية. يكفي أن نقرأ القليل عن الذي جعل غزو القارة الأمريكية مشروعاً. والمبررات التي قدمت لإنجاح هذا الغزو الاستيطاني وما ارتكبه الأوروبيون كأول إبادة جماعية بشرية في التاريخ.


استخدمت ثلاثة عناوين الدين والتبشير النقاء العرقي التفوق العنصري؛ لتبرير غزو العالم والسيطرة عليه في ذلك الزمان. لكن المفارقة أن الذين قاموا بفعل الإبادة والغزو هم الذين يتقدمون الصفوف للتبشير بحقوق الإنسان بين الضحايا في عالم اليوم.


تغير منطق العصر وسقط كثير من المفاهيم وغادر الاستعمار بصيغته القديمة المتوحشة كثيراً من المناطق في عالم اليوم، لكن العنصرية التي لازمته لا تبدو متراجعة على المستوى المعرفي والذهني، فقد تبدلت صيغتها ومنظومتها، فبعد أن كانت تقوم على العرق (البيولوجيا) أصبحت مرتكزة على (الثقافة). في الصيغة الأولى - القديمة يقف اللون والدم والمورثات (الجينات) خلف أشكال التباين والتمييز) كمضمون لتبرير التفوق الحضاري واعتبار الآخرين من طينة أقل إنسانية. 


الصيغة الثانية - الحديثة، عنصرية القرن الحادي والعشرين مختلفة من حيث المفهوم والمدلول فهي تعبر عن نفسها من خلال منظومة جديدة تتأسس تحت أعيننا معتمدة مفاتيح مفهومية:


تقر بأن الأعراق لا تؤلف وحدات حيوية بيولوجية للتمييز بين الشعوب والأفراد.


وهي تسلم أيضاً بأن سلوك الأفراد وقابلياتهم ليست نتاج دمائهم ومورثاتهم (جيناتهم)، بل هي مترتبة على انتمائهم إلى ثقافات مختلفة محددة تاريخياً وبالتالي فالتباينات والفروقات ليست ثابتة أو غير قابلة للتغيير، بل هي آثار مترتبة على التاريخ الاجتماعي والثقافي.


تكاد مقولات عنصرية القرن الحادي والعشرين تقول الكلام نفسه الذي كانت تقوله حركات معاداة العنصرية التي نشأت في القرن العشرين، وهذا ما يمكنها من أن تتقنّع» وتقدم نفسها وكأنها بريئة تماماً من العنصرية، وبالتالي يسمح لها بتوظيف مقولات حقوق الإنسان بشكل انتقائي. 


يطلق إيتيان باليبار على عنصرية القرن الحادي والعشرين الجديدة اسم العنصرية التفاضلية»، عنصرية دونما عنصر أو عرق، بحيث يجري تمكين الثقافة من الاضطلاع بالدور الذي كانت البنية الحيوية (البيولوجيا) تضطلع به ليس الموقف (الثقافي) كنظرية تباين اجتماعي أقل «جوهرية» من نظيره الحيوي (البيولوجي)، وهو يؤدي عملياً إلى إرساء أساس نظري لا يقل رسوخاً لعملية الفصل والعزل العنصريين. وهذا ما يجعل على سبيل المثال جدار الفصل العنصري الذي تبنته إسرائيل لعزل الفلسطينيين وفصلهم، مفهوماً ومقبولاً في أمريكا، ذلك أن العنصرية الجديدة «الهوياتية» والثقافية هي نظرية عزل وفصل بقدر ما هي نظرية ترتيب أو تسلسل إنها تعتمد على الإقصاء وتعمد دوماً إلى إلباس ثوب الآخر» لشخص أو جماعة معينة. لا تبادر العنصرية التفاضلية الجديدة إلى طرح التباينات العرقية كاختلاف في الطبيعة، بل تسوقها دائماً على أنها تعبير عن اختلاف في درجة التطور والاندماج في منظومة القيم المعولمة.


عبرت عن هذه الرؤية بوضوح مقولة صدام الحضارات أواخر القرن الماضي: «إن الفروق بين الحضارات ليست فروقاً حقيقية فحسب، بل هي فروق أساسية أيضاً». يتنبأ هنتنغتون «نبي القرن» كما في بعض الأدبيات الأمريكية، صاحب هذه النظرية بأن صراعات جديدة ستنشب على الصدع الجديد وسيكون التقسيم بين شرق وغرب أساساً لحروب المستقبل بين المجتمعات الغربية والآخرين. ولا يتردد في تصنيف الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية بأنها حضارات «متحدية» للغرب. فهي ترفض الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان في هذا الخطاب يجري إلباس ثياب الآخر» للإسلام" بوصفه دين السيف الذي يثمّن القيم والفضائل العسكرية ويطرح الحرب والجهاد ضد الكفار حيث يتحدث باستفاضة عن الحدود الدامية للإسلام حيثما حلّ وتوطن. المشكلة إذا ليست بتلك الحفنة من الحركات الأصولية بل في الإسلام نفسه.


 إذاً، العنصرية بصورتها القديمة المتوحشة على مستوى العالم كأبرز صورة من صور التعصب، تراجعت لمصلحة صيغة أخرى ناعمة مع العولمة، والفارق أن آليات إنتاج العنصرية والتعصب في عالم اليوم تغيرت ومحور ارتكازها انتقل من العرق واللون إلى الثقافة والحضارة. التمييز والتعصب في عصر العولمة قد يتقنَّع ويتجمل ويخادع في مكان ويبدو بشعاً متوحشاً في مكان آخر؛ هو يتخذ صوراً شتى، لذلك لا ينبغي أن ينظر إلى أشكالية التعصب والتطرف في عالم اليوم بشكل تجزيئي لأن الترابطات المغذية للفاعلين واللاعبين على مسرحه (دولياً ومحلياً) متقاربة، فثمة منطق واحد يسري في منظومة القيم المولدة للتعصب والتطرف وآليات اشتغاله، وكل طرف منه، يتغذى من الطرف الآخر.

 ‏

 ‏ المشكلة أن المقاربة المنهجية التي قدمها الغرب لدراسة التطرف والتعصب في عالم اليوم بقيت في هذا الإطار، ولم يكن منتظراً على أي حال أن يقدم غيرها، وهي تركزت تحت عنوان «مكافحة الإرهاب والتيارات الإسلامية المتطرفة، وقد عانت هذه المقاربة منذ إطلاقها مطلع القرن الحالي من إخفاق منهجي بالأساس، انعكس على كل الاستراتيجيات المحلية والدولية التي تبنتها، ذلك أن الوعي بالمشكلة لا يتمثل بالمقاومة المباشرة لمظاهرها، وإنما باستقراء هذه المظاهر واعتبارها مؤشرات ينبغي تحليلها للوصول إلى أصل الداء وأسبابه، وآليات اشتغاله وتغذيته لاستنباط العلاج الصحيح والملائم. إن الإخفاق في طرح المشكلة ودراستها علمياً واختزالها في شعار «مكافحة الإرهاب» ليس إلا وصفة سريعة للمزيد من التطرف والتعصب في عالم اليوم.


اختصر نعوم تشومسكي المشكلة في كتابه الذي أثار له المتاعب والمعنون بـ «قراصنة وأباطرة» بقصة صغيرة معبرة، يقول فيها: وقع أحد القراصنة في أسر الإسكندر الكبير، الذي سأله «كيف تجرؤ على إزعاج البحر، كيف تجرؤ على إزعاج العالم بأسره أيها اللص؟». فأجاب القرصان: لأنني أفعل ذلك بسفينة صغيرة فحسب أدعى لصاً، وأنت الذي يفعل ذلك بأسطول ضخم، تدعى إمبراطوراً». بهذه القصة التي تلتقط بدقة معينة إشكالية العلاقة الراهنة بين اللاعبين الكبار واللاعبين الصغار على مسرح . السياسة والعنف الدوليين، يفتتح تشومسكي مناقشته قضية الإرهاب ليبين ومعه عدد كبير من الباحثين اليوم في الغرب كيف أصبحت هذه القضية صناعة وأيديولوجيا بكل معنى الكلمة."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب