لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب ثقافتنا في ضوء التاريخ - عبد الله العروي pdf

 كتاب ثقافتنا في ضوء التاريخ - عبد الله العروي - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF






معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : ثقافتنا في ضوء التاريخ.


مؤلف : عبد الله العروي.


الناشر : المركز الثقافي العربي.


الحجم : 18.68 ميجا بايت.


 صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).  


 



مقتطف من الكتاب :


"معوقات التقدم العلمي في الوطن العربي:


لم يكن هدفي الوصول إلى قواعد تضمن في كل الأحوال والظروف تأسيس علم تجريبي، إذ الموضوع، كما قلت آنفاً صعب ومتشعب إنما حاولت، اعتماداً على فحص تجارب المجتمعات المتقدمة، أن أحدد يقدر الإمكان بعض الظواهر الاجتماعية الملازمة لكل تطور حديث.


- هل اخترت المنهج الصحيح ؟


- ما فائدة المحاولة ؟


- ما هي الظواهر الاجتماعية الملازمة لحركة التحديث ؟


فيما يتعلق بالمنهج المتبع، قد يقال إنني اعتمدت أساساً على التجربة الغربية التي لم تعد مثالاً يقتدى لأن معالم العلم تتغير في كل عقد بحيث عادت كل خلاصة ناتجة عن دراسة حالة من الحالات التاريخية عقيمة بالضرورة. قد يقال إني رفضت استخلاص العبرة من التجربة العربية السابقة لأستخلص عبراً من التجربة الغربية اللاحقة، أوليس هذا تناقضاً ؟ أعتقد أن الوضعين مختلفان، وأن بين العلم القديم والعلم الحديث قطيعة منهجية لا توجد بين هذا الأخير والعلم المعاصر لنا، لكنني لا أنكر بحال فائدة هذا النقد إذ يلفت أنظارنا إلى أخطار التفكير بالمثل يجب اللجوء إلى القياس والمماثلة في حدود ما تسمح به الظروف ومع اعتبار ما يكنه التاريخ باستمرار من ابتكار ومفاجأة. غير أنه لا يجب التمادي في هذا المنطق، إذ لو ذهبنا إلى غايته لا نتهى بنا إلى نوع من العدمية المنهجية تجعلنا نحجم عن أي عمل وتخطيط. إني لم اعتمد على تجربة واحدة بل قارنت بين تجارب مجتمعات متغايرة ثقافياً واجتماعياً وسياسياً واستخلصت ما يجمع بينها من سمات. فلا أتصور منهجاً غير هذا.


أما فائدة المحاولة فهي كالتالي: إذا وجدنا بالفعل سمات اجتماعية في كل مجتمع عرف تطوراً علمياً، ألا يجوز لنا، في حدود، أن نستعملها كمؤشرات المعرفة حظوظ تأسيس علم حديث في أي مجتمع آخر؟ نريد أن نعرف هل المجتمع العربي مستعد اليوم لتشييد مؤسسات تستوعب، تنشر و تحمي العلم الحديث وتعمل على الاستفادة منه. كيف الوصول منهجياً وموضوعياً إلى ما تريد في غياب ما ذكرنا ؟ المؤشرات لازمة لفحص المجتمع ولتخطيط سياسة علمية.


ما هي تلك الظواهر الاجتماعية الملازمة لكل تطور علمي أصيل. قد ذكرنا بعضها في عرض تحليلاتنا السابقة، وهي كثيرة، متولدة بعضها عن بعض، بحيث يصعب الفصل بين أصولها وفروعها بين ما هو سبب فيها وما هو نتيجة ما يهمنا هنا هو أن تركز الاهتمام على بعضها متسائلين هل هى متوافرة الآن في مجتمعنا أم لا ؟ 


أ - تتعلق السمة الأولى بنوعية المثقف. واضح أن مجتمعاً يعرف العلم التجريبي الحديث يعرف في نفس الوقت مثقفاً يتميز عن غيره بالاحتكام في كل ما يقول إلى التجربة كما يفهمها علماء الطبيعة من الصعب جداً الإجابة على السؤال التالي: هل العلم الحديث هو الذي يخلق الذهنية الجديدة أم العكس؟ على كل حال يبقى تلازم بين الظاهرتين بقدر ما ينتشر منطق العلم الحديث بقدر ما تغزو التجريبية الفكر العمومي، وذلك في الماضي وفي الحاضر وليست مسألة نوعية المثقف مسألة ثانوية إذ تطرح حتى بالنسبة لدول متقدمة صناعياً وعلمياً مثل إنجلترا. أحرى بنا أن نطرحها بالنسبة لمجتمعنا. المثقف يعبر عن الفكر الجماعي، يتأثر به ويؤثر فيه، والمشكلات التي يناقشها هي التي تشغل بال أغلبية الناس. إذا كانت لفظية، عقيمة، اجترارية، فإنها تربط لا محالة المجتمع بماضيه دون أن تفتح له أي باب على المستقبل، والنتيجة لا تختلف إذا كانت منسوخة عن أقوال مثقفين أجانب، متوغلة في التجريد والعمومية. 


بما أن العلم الحديث هو في الأساس النظر في قوانين الطبيعة، يبدو من البديهي أن لا يتوغل في مجتمع لا يقيم وزناً للملموسات بينا يوظف كل طاقاته الذهنية لحل مشکلات موروثة بعيدة عن اهتمامات الناس اليومية قبل أن تتساءل: ما حظ العلم الحديث عندنا يجدر بنا أن نتساءل: ما حظ الواقعية (أي الارتباط بالواقع الملموس) عند قادة الفكر عندنا ؟ ما قدر اطلاعهم على، وتأثرهم، بعالم الإنتاج (عالم اتصال الإنسان بالطبيعة. في مجتمع تغلب عليه اللفظيات والمجردات تصبح العلوم الملقنة في المدارس ذاتها مادة للعب والزخرفة. 


ب - سمة أخرى تمس الحياة العمومية. لقد أوضحنا فيما سبق كيف أن المدينة الكبرى تشكل مجالاً لانتشار الذهنية العلمية. أي مدينة وأي ذهنية؟


لنا بالطبع مدن مكتظة بالسكان هل هي فعلاً تجمعات مدينية؟ المدينة التي تساعد على انتشار العلم مؤسسة (حرة)، لها كيان،جماعي، روح جماعي، يضمن لها استقلالاً نسبياً إزاء السلطة السياسية المركزية هي مدينة منتجة، أي تسعى في مقدمة ما تسعى إليه إلى تحسين أحوال السكان الاقتصادية والاجتماعية، تجمع سكاني يسمو عن أن يكون فقط مركز سلطة سياسية أو نفوذ ديني. إذا تحققت فيها هذه الصفات فإنها تتقبل الاختراعات، بل تدفع الأفراد دفعاً إلى الانغماس في مغامرات التجارب العلمية. هل المدينة العربية الحالية من هذا النوع ؟ على الباحث الاجتماعي أن يجيب بموضوعية وتجرد.


نذكر القارىء بملاحظة واحدة: إن الإعلاميات تحطم اليوم الصفات المدينية. إن التلفاز يفكك الفكر الجماعي المديني ويدفع الناس إلى الانكماش على حياتهم العائلية، يشجع الذهنية الترفيهية على حساب الذهنية الإنتاجية. هذه نتائج سلبية تعم الدول المتقدمة والمتخلفة. غير أن بين الأولى والثانية فرقاً هائلاً: الدول المتقدمة تملك مؤسسات علمية عتيدة لا يستطيع التطور الحالي أن يقضي عليها وإن هو عطل بعض فعالياتها، في حين أن الدول المتخلفة تفتقد المؤسسات العلمية، تحاول أن تتمرن عليها فتواجه صعوبات تتكاثر بسبب الاختراعات العلمية ذاتها، كأن الغرب وجد وسيلة لا تمنعه هو من التقدم وتمنع غيره من اللحاق به إذا لم تنتبه لهذه الأخطار رجعنا القهقرى وعشنا من جديد تجربة العلم الترفيهي، علم السلاطين. تعتمد الدولة على خبراء أجانب لتوظيف العلم في مجال التسلية فقط. ستزيد مدننا ضخامة واتساعاً، دون أن تنتشر فيها ذهنية مدينية. تكثر فيها اللعب العلمية بينا تبقى الذهنية العمومية استهلاكية خرافية توكلية.


ج - نجد سمة ثالثة في مفهوم الانتاج الذي يكتسي أهمية كبرى في جميع ميادين الحياة العصرية الملاحظ في مجتمعنا، قديماً وحديثاً، هو أن ما يقود تفكيرنا عامة هومفهوم الاستهلاك : الذهنية التجارية هي المتغلبة على اقتصادياتنا والذهنية الترفيهية هي المتحكمة في اجتماعياتنا. هذا لا أن مجتمعنا لا يخضع للقانون العام ويعيش على غير إنتاج، بل إن تفكيرنا لا يعي واقعياً، لا نظرياً فقط ) هذه الحقيقة التي هي أساس علم الاقتصاد الحديث. 


لا أحد ينكر أن ما نسميه قطاع الإنتاج هو في الواقع استهلاكي - بصرف النظر عن المواد الخام المصدرة في غالبها إلى الخارج - وأن خبرتنا لا تعدو في مجملها أن تكون خبرة استعمال ما يصنعه الغير من الات ومصنوعات. وهكذا العلم ذاته حول عندنا إلى علم خدمات إن عدد الأطباء والصيادلة والمهندسين يتكاثر بين أظهرنا ولا نلمس انتشاراً للذهنية العلمية. السبب هو أن هؤلاء تعلموا كيف يستفيدوا من إبداعات الغير، وفي غياب مؤسسات تشجعهم على الابتكار، فإنهم يتحولون بسرعة إلى دعاة للعقلية الاستهلاكية. فيتغلب الفكر القديم على العلم الحديث. لا عجب إذا وجدنا بينهم عدداً لا بأس به من أنصار التصوف.


 لهذه الوضعية أثر مباشر على مستوى التعليم العام المثقف بعيد عن عالم الإنتاج، مفهوم الإنتاج ذاته غريب عن فكرنا العمومي، فيبقى التعليم مستقلاً عن المنطق الابتكاري يمتص التعليم قسماً كبيراً من مصاريف الدولة ولا يساهم في تنمية مداخيلها. والإصلاحات التي تدخل عليه من حين إلى آخر تفرضها محاكاة عمياء أو اعتبارات سياسية، فهى بالتالي غير مضمونة النتائج."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب