لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الأيديولوجيا العربية المعاصرة pdf تأليف عبد الله العروي

 تحميل وتصفح كتاب الأيديولوجيا العربية المعاصرة تأليف عبد الله العروي - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF






معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : الأيديولوجيا العربية المعاصرة.


المؤلف : عبد الله العروي.


الناشر : المركز الثقافي العربي.


الحجم : 6.5 Mo.

 ‏

عدد الصفحات : 276.


 صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF 





مقتطف من الكتاب :


"التاريخ الوضعي


كيف نحكم على هذه التصورات التي تؤول التاريخ أو تجعل منه صنماً يعبد؟


 إن الغرب، على لسان المستشرقين يرفض أن يوليها أي اهتمام ويدعو إلى استبدالها بطريقته هو، التي تتقصى الأخبار بصبر وأناة وتحل ألغاز الماضي بكثير من التواضع والحيطة، وهي الطريقة التي أرسى قواعدها الغرب الحديث الصناعي أثناء القرن الماضي وتسمّى إما نقدية وإما وضعية، إن لم نقل وضعانية.

 ‏

يقول كانترل سميث إن علم التاريخ في الثقافة العربية المعاصرة سلاح دفاعي أكثر منه منهج بحث وتقصي الوقائع الإسلام) في العالم الحديث، ت.ف.، باريس 1962، ص 159). وقبله كتب المستشرق الإنجليزي الشهير هاملتن جيب في خاتمة كتابه الاتجاهات الحديثة في الإسلام لن يتصالح الإسلام مع العصر إلا إذا أعاد النظر في موروثه الفكري في ضوء قواعد المنهج التاريخي. ت.ف، باريس 1949، ص 171). وفي كتابه تفسير المنار الذي سبقت الإشارة إليه يقول الباحث الفرنسي جان جوميه محذراً قارءه: «بما أن كتاب المنار لا يفهمون من كلمة تاريخ ما يفهمه الغرب منذ قرن فإن القارىء سيندهش بدون شك عندما يقرأ الصفحات الأولى من هذا المؤلف». نستخلص من هذه الأقوال، ومثلها كثير جداً، أن القضية درست من جميع جوانبها وتم الفصل فيها: إن العرب لا يفقهون معنى التاريخ لا يرجع هؤلاء الدارسون المعروفون برصانتهم وإنصافهم هذه الظاهرة إلى عجز فطري أو إلى طبيعة المعتقد الإسلامي، بل يفسرونه بمجرى التاريخ نفسه. إن العلوم التاريخية لم تتطور وتبلغ سن الرشد إلا في القرن 19 م، فيتعين إمهال المجتمعات العربية حتى تتدرب على قواعدها الصعبة. هذا تبرير وجيه في ظاهره لولا أنه لا يتناول لبّ المسألة.


لا يجد المستشرقون أية صعوبة لتقويض أركان التمثلات الأدلوجية السابقة. يتكلم الكتاب العرب المعاصرون على الرسول كزعيم ثورة اجتماعية، وعلى علي بن أبي طالب كأول داعية للاشتراكية وكضحية بورجوازية مكة، وعلى الديمقراطية الفطرية العربية ومناقضتها للاستبداد الفارسي وعلى معارضة الإسلام للتمييز العنصري وانتصاره لحقوق المرأة وتقديمه مصلحة الجماعة على منفعة الفرد.. كل هذه التأويلات المحببة إلى نفوس القارىء العادي في البلاد العربية، والتي تملأ كتب محمد الغزالي والسيد قطب وخالد محمد خالد ،وغيرهم تعتمد على أخبار ضعيفة غامضة. فيسهل على أي مستشرق أن يعارضها بأخبار أخرى معاكسة. بيد أن هذا النقد، الوجيه في أغلب الحالات، لا يمس أبداً البناء في مجمله، إذ يمكن دائماً إبدال دليل ضعيف بآخر أقوى يتم اختياره بكيفية أدق. وبالفعل نلاحظ تحسناً مطرداً في فن كتابة التاريخ عند العرب المعاصرين دون أن يطرأ أي تغير جوهري على التمثلات الأدلوجية. 


علينا قبل أن نحكم على انتقادات المستشرقين أن نرى إنجازاتهم في الميدان إذ لا يتصور حكم منصف إلا بمقارنة نتائج الفريقين. والمقارنة تظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن المستشرقين، عندما يطبقون على وقائع الإسلام القواعد المستقرأة من دراسة التاريخ الغربي ينتهون برسم تاريخ عكسي أو سلبي، قابل بدوره لكل استغلال أدلوجي.


إن الطريقة الوضعية التي يسير عليها المستشرقون، تستلزم وفرة الوثائق المحايدة، تلك التي أنشئت أصلاً لغرض اجتماعي بعيد عن مجرد الإخبار، كسجلات الحالة المدنية والأوفاق التجارية والمحاسبات والمعاهدات والرسائل الملكية والنقود، إلخ. يتلخص عمل المؤرخ الوضعي في جمع مواد تاريخ قد يؤلفه وقد لا يؤلفه (انظر مارك بلوك مهنة المؤرخ، باريس ،1964 ص 24 و 52 وما بعدها). يتهيب الباحث الوضعي دائماً مرحلة التأليف. كلما انتهى من البحث عن الوثائق في موضوع ما ودقت ساعة التأليف ترك الموضوع وتوجه إلى غيره يستقصي دقائقه وينقب عن وثائقه الدفينة. لذا نرى المؤرخين الوضعيين لا يتعاملون بنفس الحماس مع كل العهود، منها ما يوافق منهجهم ومنها ما لا يوافقه نراهم يتهافتون على أحداث ثورة القرن 17 الإنجليزية، على حركة الاكتشافات الكبرى، على سياسة إسكندر الثاني في روسيا.


ونراهم بالعكس من ذلك يتقاعسون عن موضوعات أخرى أو لا يقاربونها إلا بخجل، كتاريخ بيزنطة، أو الإصلاح الديني أو حركة الراسكول".


إن التاريخ العربي الإسلامي لسوء الحظ هو قبل كل شيء مجموعة أخبار. الوثائق المحايدة، الأصلية أو الأولية. حسب اصطلاح كل فريق، قليلة، وحتى إذا وجدت فإنها لا تملك سوى قيمة تأشيرية تمكن الدارس من معرفة معقد المشكل دون أن تمده بوسائل الحل. يعثر الباحث من حين لآخر على موازنة دولة الخلافة لسنة واحدة، على رسالة تنظم الجباية في مقاطعة واحدة من مقاطعات الامبراطورية، على قطع نقدية غير منتظمة، على نوازل أو أجوبة فقهية متناثرة.. استعمل مثل هذه الوثائق كل من آدم ميز، روبن ليفي، كلود كاهن ليفي - بروفنصال، إلا أنها لا تفي بالغرض. فينتهي التحليل النقدي إما إلى تخطيط برنامج بحثي لا يطبق أبداً بسبب انعدام الوثائق اللازمة وإما إلى الإقرار بالعجز.


نجد مثالاً. على الحالة الأولى في دراسة الظروف التي نشأ وانتشر الإسلام فيها، كما تصورها مونتغومري واط في كتابه محمد في مكة، ت.ف.، باريس 1958). ماذا نجد؟ سلسلة الافتراضات والتخيلات والاستنتاجات المنطقية التي تقودنا إلى خلاصة جذابة فعلاً ولكنها بادية التعسف. كتب في هذا الصدد مكسيم رودنسون : إن المؤلف يستخرج من أخبار غير مؤكدة أو قابلة لشتى التأويلات خلاصات عليها فيما بعد تصورات جديدة كما لو كانت الأولى حقائق مسلمة. اجتهادية يبني . (المجلة التاريخية باريس، مجلد 221 1963، ص (201). هذا حكم صارم رغم التحفظ الشكلي. مثال آخر في هذا الاتجاه هو ما كتبه برنارد لويس عن الثورة العباسية في الطبعة الجديدة من الموسوعة الإسلامية تبدو الفكرة الأساسية في المقال المذكور بديهية غير مستبعدة نظرياً. من المحتمل جداً أن تكون الدولة العباسية قد قامت في ظروف تغير فيها ميزان القوى بين مكونات الامبراطورية وكذلك تغير نوع موارد الخزينة، حيث أصبحت أرباح التجارة البعيدة البرية والبحرية، تعوض غنائم الحرب والريع العقاري. لكن هذا مجرد تخمين لا بد لإثباته من الكشف عن حجج ملموسة مأخوذة من وثائق أصلية. عوض هذه الحجج نجد فراغاً تملأه افتراضات جزافية واعتبارات منهجية.


أما الحالة الثانية، أي الاعتراف بالفشل، فنجد مثلاً واضحاً عنها فيما يكتبه تلاميذ أغناطس غولدزيهر عن معركة بدر بعد تمحيص المصادر، بعد العديد من المقاربات والتخريجات، ينتهي بهم الأمر إلى نفي الواقعة عملياً مع الحفاظ على الاسم فقط. يواصلون الكلام عن المعركة أنهم يقررون أنهم يجهلون أين وقعت مع بالضبط، من شارك فيها، عدد القتلى أو الجرحى، بل حتى من خرج منها منتصراً. ولماذا لا يقولون صراحة أنها من نسج الخيال مما قد يؤدي إلى إنكار السيرة برمتها وضمنها الرسالة المحمدية؟ الواقع هو أن هذه النزعة إلى الشك والنفي هي النتيجة المنطقية لكل تحليل انتقادي لا يبرح حيزه الضيق، لا يتخيل أي انفتاح على منهج آخر، وهو يصر على دراسة موضوع لا يلائمه.


لا تنفك مدرسة غولدزيهر تكتب تاريخاً سلبياً تعطيلياً)، أي أنها لا تعمل سوى إثبات استحالة كتابة التاريخ على النهج الذي ترتضيه ولا تقبل بأي وجه بديلا عنه. لكن، لسوء حظها، لا يوجد تاريخ سلبي إلا بالمقابلة مع تاريخ إيجابي مهما كان إن انتقادات أتباع غولدزيهر لا تهدم الرواية التقليدية، كما تتمنى ذلك، بل بالعكس تضمن لها البقاء لكي تتمكن هي من نقدها. ومن هنا يأتي طابع الاستخفاف والسخرية وفي النهاية عقم كل ما أنتجته تلك المدرسة من دراسات. كيف يحق لها بعد كل هذا أن تتشكى من كون المسلمين لا يلتفتون إليها؟ إن النقد الاعتباري النظري لا يكشف عن التاريخ ذاته وإنما يمهد لذلك، وهل يلزمنا أن نقف عند المقدمات إلى ما لا نهاية؟


 ظن البعض أنهم يستطيعون التخلص من هذا العقم إذا أبدلوا النقد الفيلولوجي (اللغوي) الغالب على منهج غولدزيهر بنقد أثنولوجي (تاريخي اجتماعي). فبدلاً من رفض كل خبر لم يزامن الحدث الذي يرويه بدعوى أنه غير محقق، فإنهم يتساهلون، فيقبلون بعض الأخبار المتأخرة على اعتبار أ المجتمعات القبلية تمتاز بقوة الحافظة. إلا أنهم إذا بدأوا بقبول جزء من الرواية التقليدية انتهوا بتزكية كل ما جاء فيها. بين إنكار كل المرويات أو قبولها على علاتها لا يوجد حل وسط يتذرع به الباحث الذي يسير على هدي المدرسة النقدية الوضعانية."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب