لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تكويني كمؤرخ - فيرناند بروديل pdf

مقالة تكويني كمؤرخ - فيرناند بروديل - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF






معلومات عن المقالة :


إسم المقالة : تكويني كمؤرخ.

تأليف : فيرناند بروديل.

المصدر : مجلة أمل.

ترجمة : محمد حبيدة.

صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 

 


مقتطف من الكتاب :

 
"كيف تشكل، يوما عن يوم تكويني كمؤرخ وكيف يجوز لهذا التطور الذي يتقاطع مع تاريخ مدرسة الحوليات أن يكون تجسيدا لخصوصيات الاسطغرافيا الفرنسية المعاصرة ؟ ذلك هو السؤال المزدوج الذي طرحه علي ويليام ماك نيل Neil ) سنة 1972 ، عن جريدة التاريخ الحديث » Journal of) (Modem Hostory. أعترف أنني تظاهرت الصّمم وقتا طويلا أمام هذا الاقتراح الذي يجبرني أن ألقي على نفسي نظرة شاذة، أن أعتبر نفسي، إذا صح القول، موضوعا للتاريخ وأن أدخل في أسرار لا يمكن أن تتموضع، من أول وهلة، إلا تحت تأثير المحاباة، بل الغرور. لقد فكرت كثيرا في هذه العوامل، لكن ويليام ماك نيل أصر بشدة : فإذا لم أكتب بنفسي هذا المقال، علي أن أتفضل بتقديم المراجع الضرورية لشخص آخر من أجل كتابته أخيرا تنازلت وسأحاول الإجابة بكل نزاهة على السؤال المزدوج المطروح معترفا أنني لست متأكدا أن يكون هذا العرض الشخصي ذو الفائدة المريبة، فاصلا في النقاش حقا.

لنبدأ إذا بالشاهد. ولدت عام 1902 بقرية صغيرة بين شامبانيا وباروا، تضم اليوم مائة من السكان، والتي كانت تحتوي زمن طفولتي على ضعف العدد تقريبا. إنها قرية متأصلة منذ قرون، ذلك أن موقعها المركزي في ملتقى ثلاثة طرق ومسلك قديم قد يكون مطابقا في اعتقادي، لساحة ضيعة غالو رومانية قديمة. إنني لم أزدد بها فقط من باب صدفة العطلة الصيفية التي قادت والدي إلى هناك، بل عشت بها وقتا كافيا لدى جدتي الأبوية التي شكلت شغف طفولتي وشبابي حتى اليوم لا أزال أستحضر بارتياح هذه السنوات الأولى التي ظلت واضحة جدا في ذاكرتي. إن المنزل الذي سكنته، والذي شيد عام 1806 ، استمر كما هو عليه، أو تقريبا، إلى غاية 1970 ، وهو رقم قياسي جميل بالنظر لمسكن ريفي بسيط. أظن أن هذا التدريب القروي الطويل المتجدد مرارا، كانت له أهميته بالنسبة لتكويني المستقبلي كمؤرخ. فما تعلمه الآخرون من الكتب، أدركته من منبع حي منذ الصغر. لقد كنت منذ وقت مبكر ولا أزال مؤرخا من أصل فلاحي مثل غاسطون روبنيل (G. Roupnel)، مؤرخ البوادي البورغينية، ومثل لوسيان فيقر رجل الفرانش كونتي قبل كل شيء. لقد عرفت عبر ذلك نباتات وأشجار هذه القرية الواقعة شرق فرنسا، عرفت كل واحد من سكانها ، شاهدت كلا من الحداد ونجار العربات والحطابين والصيادين ، وهم لازالوا يمارسون أعمالهم بالقرية، شاهدت التغير السنوي لحدود مشارات التناوب الرزاعي التي لم تعد تحمل اليوم سوى منتجعات مخصصة للرعي؛ شاهدت دوران عجلة طاحونة قديمة قد تكون شيدت في الماضي من طرف أسلاف آبائي لفائدة سينيور الجوار. وككل فرنسا الشرقية الفلاحية والمليئة بالذكريات العسكرية، كانت أسرتي تقف بجانب نابليون في أوستيرليز وبيريزينا. ومن باب المفارقة غير الفريدة، أن تسير هذه المنطقة سنتي 1793 و 1794 وراء الجيوش الثورية، وهي تساهم في الإخلاص للثورة وانقادها، ثم تظهر في وقت لاحق بموقف مخالف غير ثوري.

 كان أبي معلما بباريز، حيث أنهى حياته القصيرة (1878 - 1927) كمدير لمجموعة مدرسية. والحال أني حظيت، من 1908 إلى 1911 ، بالسكن في الضاحية الكبرى لباريز، تلك الضاحية التي كادت تكون في ذلك الوقت بادية بالتمام. إنها ماربيل، تلك القرية الكبيرة ذات المنازل الثقيلة المبنية من الحجر، والبساتين المسيجة بالحيطان المليئة بالمشمش والكرز والتي تزول كل ربيع تحت الليلج المزهر. كان نهر اللوار الذي يجاورها شمالا يجلب إليها مواكب الزوارق البلجيكية التي تجرها السفن من ورائها. ومن وقت لآخر كان أخلاف الماريشال لان (Lannes) الحاملين لاسم مونتيبيلو ينظمون صيدا رائعا بالكلاب المطاردة. 
 ‏
 ‏في المدرسة التي دخلتها في وقت متأخر كان لدي معلم هائل، ذكي ويقض، مستبد، يسرد تاريخ فرنسا كما تقام صلوات القداس. 
 ‏
 ‏ثم تابعت دراساتي بثانوية فولتير بباريز 1913 - 1920 ). وقد استفدت أنا وأخي من التعاليم اللبقة لأبي الذي كان رياضيا بطبعه، بحيث أن دراساتنا في هذا المجال كانت في غاية السهولة. قرأت كثيرا اللاتينية وشيئاً من الإغريقية. أحببت التاريخ وأنا أتمتع فضلا عن ذلك بذاكرة قوية. كتبت أشعارا ، بل الكثير من الأشعار وإجمالا كانت دراساتي جد موفقة. كنت أريد أن أكون طبيبا، لكن أبي عارض هذا التوجه الذي لم يكن مؤكدا بالشكل الكافي. فوجدت نفسي محيرا سنة 1920 التي كانت كئيبة بالنسبة لي. وأخيرا بدأت في السوربون دراسات في التاريخ. وها أنذا مجاز، حامل لشهادة، مبرز دون صعوبة ولكن دون رغبة حيّة. لقد كان لدي إحساس أنني أرخصت حياتي بعض الشيئ أنني اخترت السهولة. إن توجه المؤرخ لم يأتيني إلا في وقت لاحق.
 ‏
 ‏ من السوريون الحبيبة التي لم تكن مكتظة آنذاك، لا أحتفظ إلا بذكرى واحدة طيبة : دروس هنري هوسير Hauser .. لقد كان يتكلم لغة متميزة عن الأساتذة الآخرين، لغة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي؛ إن هذا الشخص، ذي الذكاء الرائع، كان يعرف كل شيء ويقدمه دون فخفخة. كان يتكلم أمام عدد قليل من المستمعين ستة سبعة أشخاص إنها علامة ذلك الزمن. ولنكن عادلين : لقد كنت أرغب أيضا في تتبع دروس موريس هولو (M. Holleaux)، المتخصص البارع في التاريخ الإغريقي، والذي كان يتكلم هو كذلك لثلاثة أو أربعة مستمعين منهم المؤرخ الروماني كانطاكوزين (Cantacuzène)، والعميد اللاحق للسوربون أندريه إيمار (A. Aymard).

انتهت دراساتي في رمشة عين بحيث أصبحت أستاذا للتاريخ بثانوية قسطنطينة (الجزائر) وعمري 21 سنة. كنت آنذاك مؤرخا متدربا كمئات من المؤرخين الآخرين. ألقن كآلاف الآخرين تاريخا حَدَثِيَا يُسليني لأنني كنت أتعلمه وأعلمه في نفس الوقت. لقد كنت منذ البداية ما يمكن أن نسميه أستاذا جيدا يتبادل مع تلامذته وداً كبيرا. أكرر مرة أخرى أنني كنت مؤرخا للحدث، للسياسة للشخصيات الجسام. لقد كانت برامج التعليم الثانوي ملزمة. فالبحث الذي أنجزته في إطار ديبلوم الدرسات العليا : «بارلو دوك خلال السنوات الثلاث الأولى من الثورة الفرنسية ككل طالب يساري في تلك الفترة كانت ثورة 1789 تجذبني وتشدني كان واجبا ضميريا، باختصار، كانت ساعتي تدق على إيقاع الجميع، وعلى النحو الموافق لأساتذتي التقليديين. لقد عملت جاهداً أن أكون مثلهم بحاثة نزيها ومرتبطا ما أمكن بالأحداث. ديبلومي يثبت هذا الإخلاص، شأنه في ذلك شأن مقالتي الأولى المنشورة عام 1928 («الإسبان وإفريقيا الشمالية» أو مداخلتي في ندوة العلوم التاريخية المنعقدة بالجزائر سنة 1930 والتي كنت فيها كاتبا مساعدا - وهي بالنسبة لي فرصة لأرى أساتذتي من جديد ولأتعرف على هنري بير (H. Ber) أكثر الأشخاص القادمين وداً وكرما ، والذي كان همه الوحيد هو إقناع الآخرين وفتنهم.

إن إقامتي بالجزائر استمرت إلى غاية 1932، وهي مدة لم تقطعها إلا الخدمة العسكرية التي منحت لي سنتي 1925 و 1926 الفرصة لأجوب كل منطقة رينانيا، لأعرف ألمانيا وأحبها.

كانت لدي إذا إمكانية العيش الرغيد في مدينة بديعة، وذلك تحت شعار المتعة والزيارة الجدية لكل بلدان إفريقيا الشمالية، حتى الصحراء الساحرة."

رابط التحميل

عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب