لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب المنطق: نظرية البحث pdf تأليف جون ديوي

 تحميل وتصفح كتاب المنطق: نظرية البحث تأليف جون ديوي - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF 







معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : المنطق: نظرية البحث.


تأليف : جون ديوي.


ترجمة : د. زكي نجيب محمود.


الحجم : 22.75 Mo.

 ‏

عدد الصفحات : 763.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF 





مقتطف من الكتاب :


"جذور البحث تنبت في الوجود الفعلى


الجانب الثقافي


ليست البيئة التي يحيا فيها بنو الإنسان ويعملون ويبحثون، مادية فحسب، بل هى ثقافية كذلك؛ فالمشكلات التي تبعث على البحث إنما تنشأ من علاقات الناس بعضهم ببعض؛ وليست تقتصر الأعضاء التي تختص بهذه العلاقات على العين والأذن؛ بل إن من أدواتها كذلك تلك المعاني التي تطورت على مر الحياة، مضافاً إليها طرائق تكوين الثقافة ونقلها، الثقافة بكل مقوماتها من عدد وصناعات ونظم  اجتماعية وتقاليد ومعتقدات سائدة.


١ - فالأساليب التي يرد بها بنو الإنسان على ظروفهم الطبيعية نفسها، هي إلى حد كبير متأثرة ببيئتهم الثقافية؛ فالنور والنار حقائق طبيعية؛ لكن المواقف التي يستجيب فيها الناس للأشياء على أساس كونها طبيعية صرفاً، فيستجيبون لها بأساليب طبيعية خالصة، نادرة الحدوث بالقياس إلى سواها؛ ومن أمثال هذه المواقف أن يتقفز الإنسان إذا ما سمع صوتاً مفاجئاً، وأن يسحب يده إذا ما مست جسما ساخناً، وأن يغمض الجفن حين يزداد الضوء زيادة مفاجئة، واصطلاء أشعة الشمس الدافئة بصورة تشبه ما يستلقى بها الحيوان إلخ؛ وكل هذه ردود أفعال على المستوى البيولوجى، لكن هذه الأمثلة وأشباهها لا تصور حالات السلوك الإنسانى بمعناه الدقيق؛ وإنما يمثل النشاط الإنساني المتميز بإنسانيته « استخدام » الصوت في الكلام وفى الإنصات للكلام، وتأليف الموسيقى والاستمتاع بها، وإشعال النار ورعاية ذبها لنضهو أو لنصطلى دفتها وإحداث الضوء للقيام بأعمالنا ولهونا الاجتماعي. ثم تتنظيم تلك الأعمال وهذا اللهو.


ولكي تتبين المدى الكامل الذى تعمل العوامل الثقافية في حدوده لتشق لمسالك الحياة مجراها، فعليك أن تتعقب سلوك فرد واحد خلال يوم واحد على الأقل، سواء أكان ذلك اليوم يوماً فى حياة عامل أجير أم رجل من أرباب المهن أم فنان أم عالم، ثم يستوى الأمر كذلك إن كان الفرد المختار وليداً ناشئاً أو والداً؛ فالنتيجة في كل هذه الحالات هى أن ترى كيف يجيء السلوك مشبعاً من أوله إلى آخره بظروف وعوامل ثقافية فى منشها وفى مضمونها؛ ولك أن تقول عن السلوك المتميز بإنسانيته إن البيئة الطبيعية بأضيق معانيها إنما تتداخل في البيئة الثقافية تداخلا يجعل تفاعلنا البيئة الطبيعية ومشكلاتنا التي تنشأ متعلقة بها مع وأساليبنا في تناول تلك المشكلات، متأثرة كلها تأثراً عميقاً بتداخل هذه البيئة الطبيعية فى البيئة الثقافية.


إن الإنسان كما لاحظ أرسطو - حيوان « اجتماعی »، وهذه الحقيقة تدخله في مواقف وتحدث له من المشكلات ومن وسائل حلها ما ليس له نظير سابق فى الحياة العضوية على مستواها البيولوجى؛ وذلك لأن الإنسان اجتماعي بمعنى آخر غير الذى نراه فى النحل والنمل؛ إذ تحاط مناشطه ببيئة يمكن نقلها بأدوات ثقافية، حتى لتصبح أفعال الإنسان وكيفية أدائه لها غير متأثرة بتكوينه العضوي وتراثه الجسدى فحسب، بل تتأثر كذلك بمؤثرات تراثه الثقافي المنبث في التقاليد والنظم الاجتماعية والعادات والغايات والمعتقدات التي تحملها هذه الوسائل في طيها أو توحى بها؛ حتى الأجهزة العصبية العضلية عند الأفراد يصيبها التحوير بسبب تأثير البيئة الثقافية على ما تؤديه تلك الأجهزة من أوجه النشاط؛ فتحصيل اللغة وفهمها والمهارة فى الفنون الصناعية ( التي لا يعرفها غير الإنسان من صنوف الحيوان يمثلان كيف تتدخل آثار الظروف الثقافية خلال البناء الجثماني للكائنات البشرية، تدخلا يبلغ من العمق حدا يجعل أوجه النشاط المترتبة عليه مباشرة و طبيعية » في ظاهرها كأنما هی في ذلك شبيهة بردود الأفعال التي يقوم بها طفل رضيع؛ وما القراءة والكلام وممارسة أي فن من الفنون - صناعياً كان أو سياسياً أو فنياً من الفنون الجميلة - إلا أمثلة لصور التحوير التي تتم « داخل » الكائن العضوى فى نشاطه البيولوجي، بسبب البيئة الثقافية. 


وهذا التحوير الذي يطرأ على السلوك العضوى في البيئة الثقافية وبسببها، يفسر لنا، بل قل إنه هو نفسه تحويل السلوك العضوي إلى سلوك متميز بخصائص عقلية هي التي نعني بها فى هذا البحث؛ فالسلوك الذي هو بيولوجي 

في نوعه يرسم سلفاً طريقة إجراءاتنا الفكرية، وهو الذي يمهد لها الطريق؛ لكن رسم الطريقة سلفاً ليس معناه أنه النموذج الذي يحتذى، وتمهيد الطريق ليس معناه أنه هو الذي يقوم بالأداء؛ فعلى أية نظرية مرتكزة على مصادرة مفروضة من المذهب الطبيعى، أن تواجه المشكلة الناشئة من قيام فروق بعيدة تميز مناشط الكائنات البشرية وروائع أعمالهم من المناشط والأعمال الأخرى التي تتخذ الصورة البيولوجية الخالصة؛ وإن هذه الفروق لهي التي أوحت بفكرة أن الإنسان منفصل انفصالاً تاماً عن بقية أنواع الحيوان، بما له من خصائص جاءته من مصدر غير مصادر الطبيعة؛ والفكرة التي سنتناولها بالإيضاح المفصل في هذا الفصل هي أن نشأة اللغة ( بأوسع معانيها ) عن مناشط بيولوجية سابقة -- وفي صحبتها عوامل ثقافية أوسع منها مدى هي مفتاح هذا التحول في طبيعة الإنسان؛ فإذا نظرنا إلى المسألة من هذه الزاوية، لم تعد مسألة قوامها انتقال السلوك العضوى إلى شيء آخر لا يتصل به بأى وجه من الوجوه كما يفعل - مثلا - أولئك الذين يلجأون إلى « عقل » أو إلى « حدس » أو إلى ملكة « قبلية أولية ( ليفسروا بها اختلاف الإنسان عن الحيوان؛ بل تصبح المسألة مسألة فرعية لمشكلة عامة؛ وهي مشكلة استمرار التغير ونشوء ضروب جديدة من النشاط – أو هي مشكلة التطور في كل درجاته.


 إذا نظرنا إلى المشكلة من هذه الزاوية، أمكن أن نرد عناصرها إلى رءوس معينة، سنذكر منها ثلاثة، أولها أن السلوك العضوى متمركز في كائنات عضوية جزئية » ( أى فردية )، وهذه حقيقة تصدق على عمليات الاستدلال والتدليل العقلى باعتبارهما ضربين من النشاط القائم فى الوجود الفعلى؛ لكن إذا أريد لهذه الاستدلالات التي يستدلها الأفراد، والنتائج التي ينتهون إليها، أن تكون سليمة، وجب أن تكون مادة الموضوع المبحوث والعمليات المستخدمة في بحثه، من نوع ينتج نتائج بعينها لا تتغير بتغير الأفراد الذين يستدلون أو يدللون؛ أما إذا كان شاهد معين مؤدياً بشخصين إلى نتيجتين مختلفتين، فإما أن يكون الشاهد ليس واحداً في كلتا الحالتين إلا بمظهره المضلل، أو أن تكون النتيجة التي انتهى إليها أحدهما ) أو كلاهما ) باطلة؛ ذلك أن البنية ( الخاصة » للكيان العضوى عند فرد معين، إن كان لها خطرها فى السلوك البيولوجى، فهى ليست بذات شأن في عملية البحث الخاضعة للضوابط، حتى لينبغى إسقاطها من الحساب والإمساك بزمامها."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب