لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الدولة و المجتمع في العصر الموحدي 518 - 668 هـ / 1125 - 1270 م - الحسين أسكان pdf

كتاب الدولة و المجتمع في العصر الموحدي 518 - 668 هـ / 1125 - 1270 م - الحسين أسكان - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF







معلومات عن الكتاب :


عنوان الكتاب : الدولة و المجتمع في العصر الموحدي 518 - 668 هـ / 1125 - 1270 م.


المؤلف : الحسين أسكان.


الناشر : المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).  


 



مقتطف من الكتاب :


"المنهج التربوي والتعليمي للرباطات : نموذج رباط عبد الله بن ياسين 


من المعلوم أن هذه الرباطات عملت على نشر الإسلام بطريقتين: طريقة الجهاد المسلح ضد عدو الإسلام، وطريقة التربية الروحية للأتباع أي جهاد النفس وتطهيرها.


كان من بين المبادئ والأدوار الأساسية للرباطات، منذ ظهورها، مبدأ الجهاد المسلح للدفاع عن دار الإسلام، شأن الرباطات المبنية على سواحل شمال إفريقيا، ومحاربة أصحاب المذاهب المنحرفة عن المذهب السني، مثل الرياطات المحيطة ببرغواطة شمالا وجنوبا، كرباط شاكر على نهر تانسيفت الذي كان يحتفظ فيه، إلى سنة 627هـ / 1132م، بطبل بانيه يعلى بن يمصلين الرجراجي والذي حارب برغواطة، أو رباطات شالة شمال برغواطة، وأما المحاربون لها فسموا ركراكة، ومنها اسم نهر بوركراك المشتق من البركة. المهم أن عددا من ربط المصامدة تبنت هذا المبدأ، منها رباط عبد الله بن ياسين، لذا أولت حركتهم عناية كبرى للجهاد، سواء الداخلي أو الخارجي.


كان لها، إلى جانب ذلك، دور تعليمي تربوي، إذ شكلت الرباطات مركزا لنشر الإسلام والتعليم الديني، يجتمع فيها العاملون على ترسيخ مبادئ الإسلام سواء بتعليم العلوم النظرية كالفقه، أو التربية الصوفية عن طريق القدوة الحسنة التي يعطيها الشيخ أو بواسطة وعظ المريدين والعامة ومعلوم أن الطريقة البيداغوجية في الرباط، مخالفة لطريقة تدريس العلوم في المساجد والمدارس التي ظهرت بعد القرن 12م، لأنها بيداغوجية تطبيقية عملية تستهدف تغير السلوك والأخلاق أكثر من الاعتماد على نشر المعرفة النظرية فقط. ولكي نتعرف أكثر على الخصائص التربوية والتعليمية للرباطات نأخذ مثال رباط عبد الله بن ياسين المنظم على طريقة رباط أستاذه وجاج بن زلو على ساحل البحر بالقرب من مدينة تزنيت الحالية والذي بناه لطلبة العلم ولكن كذلك للدعاء إلى الخير. فقد اتخذ ابن ياسين رباطا في جزيرة غير آهلة ببلاد كدالة وتتفرغ فيه للعبادة مع يحيى بن عمر وسبعة رجال من كدالة، بعد ثورة القبائل الصنهاجية عليه، بسبب ثقل شرائع الإسلام عليهم. وقد حذا في تنظيم حياة نزلائه وأغلبهم من الراشدين حذو ربط المغرب وإفريقية في هذا المجال، فوضع شروطا للانخراط في الرباط، تطبق على كل من انخرط فيه طوعا أو كرها، كما وضع قوانين وقواعد يخضع لها جميع النزلاء لضمان التسيير الجيد للرباط قصد تربية المريدين وتغيير سلوكهم فمن شروط الانخراط إعلان التوبة والتوبة، كما هو معلوم، من المفاهيم الأساسية لدى الصوفية وهي أول مراتب التصوف ومقاماته، ولا يكفي الإعلان الشفوي عنها بل على المنخرط أن يطهر نفسه وذاته من الذنوب التي اقترفها في الماضي، بأن تقام عليه حدودها، فيجلد 100 سوط على الزنا، وما يجب على شرب الخمر، وعلى الافتراء وغير ذلك من الحدود الشرعية. وعليه كذلك أن يطهر ماله المختلط من المال الحرام بإخراج ثلثه ليحل له الباقي. وهذه كذلك قاعدة متعارف عليها لدى بعض الصوفية المغاربة طيلة العصر الوسيط، وقد انتقد الفقهاء عبد الله بن ياسين في هذه المسألة لأن حكمه فيها مخالف للمذهب المالكي واتهموه بالجهل.


ومن الشروط أيضا فرض أداء صلاتين إذا دخل وقت كل صلاة من الصلوات الخمس والهدف من ذلك أن يتمكن المنخرطون من أداء الصلوات التي تكون قد فاتتهم قبل توبتهم. 


ويتضمن القانون الداخلي للرباط فرض عقوبات مختلفة، أغلبها عقوبات جسدية عن المخالفات التي يرتكبها النزلاء منها ما يتعلق بالتأخر عن أداء الصلاة في وقتها مع الجماعة، وتتمثل العقوبة في 5 سياط عن كل ركعة مما يعني 20 سوطا لمن تأخر عن صلاة بكاملها، مما جعل الكثير منهم يصلي بغير وضوء إذا حان الوقت وأعجلهم الأمر خوفا من الضرب، وعدد معين من السياط لمن رفع صوته في مسجد الرباط، وغير ذلك من المخالفات. أما من ارتكب جريمة القتل فعقوبته القتل، وذلك لخلق الانضباط داخل الرباط.


ويشترط على النزلاء التزام الزهد والتقشف والورع قدوة بشيخهم عبد الله بن ياسين الذي كان يتجنب أكل طعام قبائل صنهاجة فكان طول إقامته فيهم لا يأكل شيئا من لحمانهم ولا يشرب من ألبانهم، فإن أموالهم كانت غير طيبة لشدة جهلهم"، واكتفى بالصيد.


أما التعليم، فهو مقتصر في أغلبه على تعليم الأساسي من أركان الإسلام، كالصلاة والزكاة ومعرفة الحلال والحرام، وحفظ ما تصح به الصلاة كالوضوء والفاتحة وبعض الآيات القرآنية والاستماع إلى التذكير والوعظ باللغة الأمازيغية، لأنه نعلم أن "يوسف بن تاشفين لا يعرف اللسان العربي رغم أنه كان من المريدين الأوائل الملازمين لهذا الرباط.


ويمكن أن يستخلص من هذه النظم ومن نوعية التعليم أنه كان تعليما صوفيا، كما هو معروف، في القرن 5هـ / 11م وما بعده. فعبد الله بن ياسين يعد شيخ تربية أكثر منه فقيها مالكيا، وليس من قبيل الصدفة أن يتهمه الفقهاء المالكيون بالذات بجهل أحكام الفقه في عدة أمور منها تطييب المال المختلط بالكسب الحرام عن طريق إخراج ثلثه السابق الذكر. والدليل الآخر على تصوفه وولايته هو طاعة أتباعه المطلقة والعمياء، لا فرق في ذلك بين أمير وغيره. فقد أدب الأمير يحي بن عمر، يوما، بجلده عشرين سوطا لأنه باشر الحرب بنفسه، وبلغت طاعتهم له إلى درجة أنه لو أمرهم بقتل آبائهم لفعلوا. وهذه الطاعة المطلقة للشيخ من العادات الراسخة لدى المتصوفة والدليل الثالث على صلاح وولاية عبد الله بن ياسين أنه كانت له مجاهداته مثل كثرة الصوم؛ لكن أذكاره وأوراده وأدعيته لم تصلنا. وكانت له كرامات شبيهة بكرامات أغلب الأولياء قبله وبعده، ذكرت منها اثنتان. الأولى، استخراج الماء لشرب أصحابه بدعائه، وإسكات نقيق الضفادع ببحيرات المناطق التي يمر بها. وقد أطلق اسم المرابطين على أتباعه للزومهم الرباط الذي بناه.


يصف المؤرخون المتعلمين بالجنوب حيث تسود تربية الرباطات بالفضائل والكرامات، أكثر من وصفهم بالعلم وكثرة الاطلاع، مثل علماء الشمال المغربي الذين تعلموا في مساجد مدن الشمال، كفاس وغيرها. وقد أدى إختلاف طرق التعليم بين المنطقتين إلى اختلاف بين التيارات الصوفية في شمال المغرب وجنوبه، فقد لاحظ أحد الباحثين انقسام تيار التصوف المغربي، خلال القرن 13م، إلى اتجاهين: اتجاه شمالي غربي مسالم شاذلي النزعة، وجنوبي منظم في إطار طوائف مناوئ للسلطة القائمة. 


هكذا دشنت الرباطات ببلاد المصامدة، دينامية دينية وسياسية استطاعت أن تحارب المنحرفين : كبر غواطة. وأثمرت بعد ذلك قيام الدولة المرابطية المعتمدة على أهم وأول مبادئ الرباط وهو جهاد عدو الإسلام والدعوة إلى السنة أو إلى ما يسمى في المعجم اللغوي للرباطات بالحق والقيام به أو الدعاء إلى الخير. ونلاحظ هذه الدينامية في سلسلة شيوخ هذه الرباطات، أولهم عبد الله بن تيسييت متزعم الحرب ضد برغواطة الذي كان شيخا لوجاج بن زلو، وكان هذا الأخير شيخا لابن ياسين. وقد انتقد ابن خلدون ما كانت تدعيه قبيلة كدالة في عصره، من أنهم ينحدرون من رباط ماسة أو قائمون بدعوته، وأكد أن ذلك زعم لا مستند له، لكن الأحداث ومصادر أخرى تؤكد ذلك. 


وتأثرت الأندلس بدورها نسبيا بهذه الدينامية التي خلقتها الرباطات، وظهر ذلك في حركة ابن قسي شيخ الصوفية وصاحب كتاب خلع النعلين في غرب الأندلس التي اعتمدت نفس المبادئ، بل وسمى كذلك أتباعه بالمرابطين" حسب ابن خلدون، أو بالمريدين حسب مصادر أخرى مثل ابن صاحب الصلاة فهل للرياطات الجنوبية تأثير ما على الدعوة الإصلاحية لابن تومرت أم لا ؟ خصوصا إذا علمنا أن مهد حركة ابن تومرت هو هرغة المشهورة برباطها بإيكلي، والقريبة جدا من رباط ماسة، ومن رباط وجاج؟"



رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب