لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب مفهوم التاريخ - الألفاظ والمذاهب والمفاهيم والأصول pdf - عبد الله العروي

 كتاب مفهوم التاريخ - الألفاظ والمذاهب والمفاهيم والأصول تأليف عبد الله العروي - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF






معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : مفهوم التاريخ - الألفاظ والمذاهب والمفاهيم والأصول.


مؤلف : عبد الله العروي.


الناشر : المركز الثقافي العربي.


الحجم : 7.02 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 


 



مقتطف من الكتاب :


"الاستشراق


 الآن، والآن فقط يمكن أن نجيب عن السؤال المتعلق بالاستشراق بعد أن أثبتنا أن المحدث هو الذي عندما يتكلم على تاريخ الإسلام لا يعني تاريخ المجتمع بما فيه الأمور غير الخاضعة للشريعة، وإنما يعني فقط تاريخ الحفاظ على نص الشريعة. هذا الاختزال هو حدّ موقف المحدث. فإذا عرفنا الاستشراق بهذا الموقف نفسه، وقلنا إن المستشرق هو أيضاً يختزل تاريخ المجتمع الإسلامي في تاريخ العقيدة، وجب ضرورة أن نجري عليه حكم المحدثين على أنفسهم وغيرهم من مسلمي الدار. أما إذا وسعنا التعريف، وقلنا إن تاريخ الإسلام هو تاريخ المجتمع في أوسع معانيه، وقلنا إن الاستشراق بالمعنى المعاصر غير التقليدي، يدرس هذا الموضوع الواسع، فيجب الحكم عليه من المنطلق الذي نحكم منه على مشروع ابن خلدون. فالحكم على الاستشراق يختلف باختلاف تعريفنا له.

 ‏

تميز الاستشراق التقليدي [القرن التاسع عشر بتحقيق النصوص، وتفوق في عمله هذا على التحقيق القديم وعلى من لا يزال يمارسه بين المحدثين. لكن هذا تفوق نسبي وموقت، إذ قد يوجد بين القدامى والمحدثين من يكون في المستوى نفسه. والتحقيق على أي حال صناعة تكتسب بالدربة والمثابرة، ولا يحوم حوله جدال نظري. إذا أخذنا اغناتس غولدزيهر ممثلا على هذا الاتجاه، أدركنا في الحال أين يكمن الإشكال. لقد أقدم على دراسة تمحيص، الحديث دون أن يتقيد بمنهجه، ظناً . منه أنه في حل منه، وأن طريقته النقدية أشمل وأدق من مسطرة الجرح والتعديل. إلا أن هذا الموقف هو بالضبط ما رفضه مبدأ الحديث أي ما تأسس الحديث كعلم وصناعة بدحضه وتفنيده نص الإمام مسلم والخطيب البغدادي]. إذا كان المحدث الحافظ يرفض رواية المبتدع ويقول: كما يستوي في الكفر المتأول وغير المتأول يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول ابن الصلاح ص (114) فكيف يتصور أن يقبل رأي غولدزيهر في سند أو متن أي حديث؟ أثبتنا أن الحفاظ لا يضمون إلى جماعتهم، لا يعتبرون حافظاً مؤتمناً على نص الشرع، إلا من تقيد بالشروط المتفق عليها منذ تأسيس العلم، ومن زاد شرطاً واحداً فلا يقبل منه ويبعد من الجماعة المعتبرة من يتشدّد ومن يتساهل في تطبيق الشروط، وإذا ما تمسك بموقفه وأراد أن يكون مذهباً لوحده عد سفيها.


بما أن غولدزيهر لم يفهم منطق الحديث فإنه لم ينتبه إلى أنه حول مادته إلى مجموعة معلومات تاريخية لا فرق بينها وبين سائر المعلومات. يظن أنه يتكلم على الحديث في حين أنه يتكلم على الآداب فيحتج بكتاب الأغاني على كتب السنة (ص 57 وما بعدها). إن المستشرق التقليدي من طراز غولدزيهر، يحشر نفسه ضمن أصحاب التعديل ويريد أن يفعل اليوم بوسائله الخاصة وبمنهجه الخاص، ما فعله أصحاب الصحاح، كما لو كان يجوز له أن يقوم هو بعملية إصلاح وتصحيح بتأليف كتب صحاح جديدة. نعبر على الفكرة نفسها على مستوى المنهج ونقول إن غولدزيهر يحول المادة الحديثية إلى مادة أدبية لكي يستطيع أن يبدي فيها رأيه، ثم بعد ذلك يعارض برأيه ذاك رأي الحفاظ الخطأ المنهجي واضح ليس في التحويل الأول، لأنه ممكن ومشروع بل في الانعطاف والعودة على الأعقاب هذا الأمر يرفضه بالطبع المحدث الحافظ، ويرفضه كذلك غيره في ميادين أخرى، لأن الإشكال يمس منهج العلوم الإنسانية، بعدم التمييز بين الإيمانيات والعلمانيات أو بعبارة أخرى الوصفيات والحكميات [ الإنشائيات بتعبير ابن خلدون ). يلتقي الاستشراق التقليدي، من جهة مع الحديث إذ يلخص مجموع التاريخ في تاريخ الحفظ، ومن جهة ثانية مع الآداب إذ يطبق منهج الحديث على مادة يكون قد حولها إلى أخبار ونوادر كما لو كان مقصود الحديث هو تعليم الناس آداب الدنيا وكما أن الحافظ لا يرضى على الأديب فإنه لا يرضى على المستشرق، والرفض في الحالتين خاضع لاعتبارات منهجيّة، لا لدوافع ملية أو سياسية بالأساس.


ما القول الآن في مشروع آخر يهدف إلى دراسة المجتمع الإسلامي» بكل تفريعاته - وضعنا كلمة إسلامي بين مزدوجتين للتنبيه على أن المعنى أوسع بكثير من الإسلام المحدّد بطرق الحفظ على نص الرسالة ؟ والمشروع يتجاوز في منهجه استثمار الشهادات، أي الأسطوغرافيا الإسلامية التقليدية إلى استنطاق الأشياء بتوظيف مختلف العلوم المعاصرة، تلك التي فصلنا مسالكها في الصفحات السابقة. هل نسمي هذا المشروع استشراقياً، لا لسبب إلا لأن غالبية القائمين به أو الداعين إليه من الغربيين، دون الالتفات إلى أنه يتفق في العمق مع المشروع الخلدوني المتولد عن أغراض ومقاصد الفقهاء الأصوليين؟ إذا أسميناء استشراقياً فهو بالطبع غير استشراق غولدزيهر. الحكم على هذا غير الحكم على ذاك.


يمكن اعتبار الاستشراق الثاني تطويراً لخط عريق في التأليف الإسلامي ذاته. لقد أوضحنا ذلك بما فيه الكفاية إلا أن ما كان عند ابن خلدون ومدرسته مجرد أمنية، أو مخطط نظري، أو مسألة تعريف أصبح اليوم مسلكاً دقيقاً ومكتملاً يقوم على الفحص والتحليل والمقارنة والإشكال الذي كان يواجه غولد زيهر لم يعد مطروحاً. إن الانتماء القومي أو الملّي أو السياسي لا يزال يؤثر في المواقف والأقوال، لكن هذه الظاهرة لا تخص مجتمع المسلمين ولا تمس بحال جوهر القضية الذي هو كما قلنا مراراً، منهجي.


لا يمكن إذاً تعريف الاستشراق بمنهج واحد إنه يحتوي على منهجين متعارضين، تماماً كما هو حال التأليف الإسلامي وأكبر خطأ ،نرتكبه قبل الحكم عليه، هو عدم التمييز بينهما الأول مبني على شهادة الرجال فهو قوي وقويم في أيدي المحدثين الحفاظ المسلمين، وهو ضعيف متهافت في أيدي غيرهم بين المسلمين من أدباء ووعاظ وكتاب دواوين وهو متناقض مشوّه في أيدي المستشرقين التقليديين. ظن البعض أن هذا المنهج خاص بتمحيص الرواية الشفوية أياً كان مصدرها، فيمكن تطبيقه خارج إطاره الأصلي، مثلاً لنقد الأخبار الإفريقية [3.1.5]. هذا الاستنتاج سليم في ظاهره فقط، ويقال فيه ما قلناه في منهج الإخباريين الأدباء. صحيح أن مسلك المحدثين على مستوى الرواية، لا ينفصل عن مفهوم الحديث بمعناه اللغوي [أي الرواية الشفوية، وأحاديث الرسول قيدت في كنانيش منذ عهد الرسالة، لكن هذا لا يعني أن مقصود الرواية الحديثية هو الرواية بذاتها راجع كلام الخطيب البغدادي ضد طلاب الخبر لمجرد الخبر، فهي رواية حديث منسوب إلى نبي يخشى الراوي تحوير معنى وتحريف لفظ حديثه. كل ما يمكن أن يقال والحال هذه هو أنه إذا وجد في المجتمع الإفريقي جماعة تشبه في هيئتها ودورها جماعة الحفاظ، وكان لها ضابط يضمن استمرارها، فلا بد أن يكون ذلك الضابط شبيهاً بمنهج المحدثين المسلمين. أما تطبيق المنهج على المجتمع الإفريقي بالسحب والتعميم، لأنه مجتمع أمي كما كان المجتمع العربي إبان الرسالة، فإن ذلك يولّد معرفة لا تتعدى ما نقرأ في كتب الآداب الإسلامية.


لكل هذه الاعتبارات نحكم على المستشرق الذي يروم تجاوز منهج الحديث في دراسة الحديث أنه يقول برأيه ورأيه لا وزن له لدى الحفاظ لأنه بذلك ينفي من الأساس مفهوم الحفظ.


أما المنهج الثاني فإنه مبني على دلائل الأشياء [شهادة الشواهد، إلا أنه عكس الأول، لا يستقر على حال بل يتطور باستمرار بحسب تعدّد وتجدّد المسالك المؤدية إلى استنطاق الأشياء. لا مسوغ للقول إن أحداً من المؤرخين المسلمين أو من المستشرقين التقليديين قد أتقنه فهو من أصله ومبدئـه قابل للتعميم داخل وخارج المجتمع الإسلامي، لأنه يرصد الثوابت في المجتمع كمجتمع أي في المجتمع البشري بدون تخصيص. ولذلك استنبط في آن من أصول الفقه ومن مدارك الحكمة ومن تجارب الأمم. ليس غريباً ولا دخيلاً على التأليف الإسلامي، لكن يجب على من أراد تطبيقه أن يأخذه على حاله الآن في شكله المتكامل المتطور لا على صورته الأولى عندما كان مجرد تخمين وتطلع. وفي الوقت نفسه لا يجوز أن يحل محل منهج الحديث لدراسة الحديث لأنه يجعل ضمنياً من الحديث مادة أدبية."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب