لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المجال الحرفي بالمغرب خلال العصر المرابطي - د. إبراهيم القادري بوتشيش pdf

مقال " المجال الحرفي بالمغرب خلال العصر المرابطي " للأستاذ إبراهيم القادري بوتشيش - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF










معلومات عن المقال :


العنوان : المجال الحرفي بالمغرب خلال العصر المرابطي.


المؤلف : الدكتور إبراهيم القادري بوتشيش.


المصدر : دراسات تاريخية – مركز البصيرة للبحوث والاستشارات والخدمات التعليمية – الجزائر.


المجلد/ العدد : ع3.


عدد الصفحات : 15 ص.


حجم المقال : 0.5 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 


 



مقتطف من المقال :


"أوضاع الحرفيين :


يستشف من بعض النصوص أن وضعية الحرفيين كانت أحسن حالا في المرحلة الأولى من الحكم المرابطي بفضل الأمن الذي عم المغرب الأقصى، وحاجة الدولة إلى الصناعات الحربية. لكن ذلك لا يعني أنهم لاقوا التشجيع والحماية من طرف الأمراء المرابطين كما ذهب إلى ذلك بعض الدارسين. وحسبنا أن نوازل الفترة لم تبخل عن ذكر المضايقات التي تعرضوا لها من قبل المحتسب)، حتى أن بعض الحرفيين أظهروا لصاحب الأحكام ((عقدا بأذاه لهم وإضراره بهم وتسلطه عليهم)).


ومن البديهي أن تزداد وضعيتهم سوءا خلال المرحلة الثانية من الحكم المرابطي، فالأمير علي بن يوسف في السنوات الأخيرة من حكمه أهمل الرعية غاية الاهمال) لذلك بات طبيعيا أن ينحط مستواهم المعيشي ويخيم الفقر عليهم حتى أصبح الحصول على وثائق العدم)) من الأمور المألوفة في تلك الفترة، وهو ما جعل المحتسب ابن عبدون يسعى الى تقنينها ويطالب بأن لا تسلم الا لمن يستحقها.


مع ذلك من الإنصاف القول إن السلطة المرابطية خصصت لأصحاب الصنعة الواحدة حيا خاصا، فضلا عن "أمين" جعلته على رأس كل حرفة حددت مهمته في السهر على مصلحة الحرفيين، والحسم في الخلافات الواقعة بينهم. وكان يتم تعيينه من قبل القاضي أو المحتسب وتجلت مهمته في حل المشاكل الطارئة بين الحرفيين واكتشاف من تسول له نفسه القيام بعمليات الغش والتدليس في الصنائع. بيد ان مثل هذه التنظيمات لا تعني وجود النقابات بمفهومها المعاصر لأنها لم تكن قائمة على تكتل مطلبي أو حقوقي.


 ورغم أن الحرفيين عاشوا تحت رحمة أرباب المهن المالكين لوسائل الإنتاج من أرجاء ومعادن ومعاصر، فإنهم لم يتعرضوا لاستغلال بشع بحكم الوضع الطبقي لرب المصنع، إذ ظل الطرفان معا يتعرضان لجشع السلطة التي أثقلتهم بالضرائب لذلك غالبا ما ظلت العلاقة بين رب الحرفة والأجير علاقة تعاضد وتماسك أكثر مما هي علاقة استغلال، باستثناء بعض الحالات


وجرت العادة احيانا أن يمضي الجانبان عقدا يذكر فيه العمل الذي يقوم به المستأجر لصالح رب الصنعة، والآلة التي يستخدمها، مع الواجب الذي يؤديه له. وفيه يتعهد بالاجتهاد فيما تولاه وأداء الأمانة، وإن مرض المتعلم لم تنفسخ إجارته إلا إذا كانا قد اتفقا على ذلك في العقد.


وعلى العموم، كان هناك ثلاثة أنواع من الحرفيين: الحرفي الخاص الذي يعمل بمفرده ويقدم انتاجه للسوق، وغالبا ما تكون آلة الصناعة في ملكيته أو يقوم بتأجيرها لشخص آخر وهناك الحرفية المشترك الذي يجلس للعمل ويخدم كل من يقدم اليه حاجته. بالإضافة الى الصانع المتجول مثل صانع الأواني والأطباق والسكاكين الخ، وعادة ما يتنقل هذا الصانع من مكان لآخر حسب العرض والطلب.


واعتمادا على نوازل الفترة المرابطية أمكن لأحد الباحثين حصر ثلاثة أنواع من كراء الآلة التي كان يجتاج اليها أحيانا الصانع أو الحرفي: الأول أن يكون الأجر معلوما والأجل معلوما كذلك. والثاني أن يفرض رب الآلة على الحرفي مبلغا معينا من المال على كل قطعة تنسج أو كمية تعصر أو تطحن أما النوع الثالث فيتمثل في أن تكون أجرة الكراء تتناسب مع نصف المدخول أو ثلثه أو ربعه.


وكان الحرفي " المتعلم " يبدأ في تعلم الصنعة منذ الصغر. فأبو العباس السبتي أخدته أمه وهو لا يزال صبيا إلى معلم الحياكة لتعليمه الحرفة، وذلك في السنين الأخيرة من العصر المرابطي. كما شهد السقطي بأم عينه الأطفال الصغار وهم يشتغلون في الأراحي وكان أطفال مكناسة يتعلمون الحياكة داخل منازلهم.


ويلاحظ من خلال كتب السير والتراجم ظاهرة توريث الحرفة من الآباء للأبناء ونسوق بعض النماذج التي أفادتنا بها المادة المصدرية في هذا الصدد، فمحمد بن سيدراي (ت 538هـ) ورث عن أبيه حرفة الوراقة. كما ورث الشاعر الرصافي عن أبيه صناعة الرفو التي كان قد دربه عليها إبان حياته. وقد عكست أمثال العامة هذه الظاهرة، فحضت على التمسك بحرفة الآباء ولو كانت متواضعة لذلك لا عجب أن سمي بعض الأشخاص بأسماء الحرف التي زاولوها أو مارسها آباؤهم فمحمد بن ابراهيم بن خيرة (ت 564هـ) عرف بابن المواعيني حرفة أبيه)). كما ورد في ترجمة عتيق بن محمد بن علي الغساني الجنان أنها ((حرفته التي كان يتلبس بها ويتعيش منها بينما سمي أحدهم بأبي جعدون الحناوي لأنه ((كان ينخل الحناء بالأجرة)).


ويبدو أن أجور الحرفيين لم تكن كافية لسد نفقات لزوميات المعيشة، لذلك اضطروا إلى الغش والتماطل في إنجاز ما وعدوا بصناعته، أو الجمع بين مهنتين بل ثمة من الحرفيين من مارسوا أكثر من حرفتين لتعويض قلة المدخول. ومما ينهض دليلا على وضعيتهم المزرية أن بعضهم عجز عن كراء الحوانيت لمزاولة حرفهم، مما اضطر البعض إلى ممارسة صنائعهم داخل المنازل.


وازدادت وضعية الحرفيين سوءا في المرحلة الأخيرة من العصر المرابطي حيث لم تتح لهم الاضطرابات السياسية والفتن التي ذرت بقرنها في المغرب والأندلس ظروف السلم الملائمة للإنتاج. وهو ما يؤكد مقولة ابن خلدون التي تربط بين ضعف أحوال المصر ودخوله مرحلة  الهرم، وانتقاص عمرانه. وانعكس ذلك على الأعراف الخاصة بالحرفيين، فأصبح الصانع المشترك الذي نصب نفسه لخدمة الناس يجبر على ضمان ما تلف من السلع. لكن الخليفة الموحدي عبد المومن بن علي فطن إلى أهمية هذا القطاع البشري المنتج، فأمر بالحفاظ على أرواحهم أثناء فتحه مراكش.


بقيت الاشارة - ونحن بصدد معالجة أوضاع الحرفيين - الى ذكر الاستغلال الجبائي الذي تعرضوا له دون رحمة.


لقد بات بديهيا أن يتعرض الصناع لابتزاز ضرائبي في ظل دولة بنت اقتصادها على الضرائب والموارد الحربية، وهو ما سبق أن أسميناه بنمط اقتصاد المغازي" فما هي أنواع الضرائب التي فرضت على الرعية بما فيهم الحرفيون ؟


ذكر ابن أبي زرع أن المرابطين لم يفرضوا أي ضريبة حاشا الزكاة والعشر، غير أن هذا المؤرخ ابتعد عن جادة الصواب بتعميمه لهذا الحكم وحسبنا أنه ذكر في موضع آخر ما يكشف أن حكمه هذا لا ينطبق إلا على عهد يوسف بن تاشفين الذي تجمع معظم الروايات أنه لم يفرض سوى الضرائب الشرعية مما ((أوجبه حكم الكتاب والسنة من الزكوات والأعشار وجزية أهل الذمة وأخماس الغنائم) وانساق وراء هذا الحكم معظم الدارسين المحدثين.


ويخيل إلينا أن العمل الجهادي ليوسف بن تاشفين أعمى المؤرخين، فخلطوا بين إلغائه بعض المغارم الجائرة التي سادت في عصر الطوائف والمرحلة الزناتية وما قام به من محاولات لإرجاع تلك المغارم نفسها، وإن لم تكن بالحجم نفسه الذي ساد سابقا، فرغم ما وصف به من ورع وتقوى، ثمة نصوص تؤكد أنه فرض مكوسا جديدة غير شرعية، وما محاولته إجبار الرعية على أداء ضريبة المعونة إلا دليل على ما نذهب إليه.."


رابط التحميل


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب