لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الرحامنة: القبيلة بين المخزن و الزاوية - د. عبد الرحيم العطري pdf

 كتاب الرحامنة: القبيلة بين المخزن و الزاوية للدكتور عبد الرحيم العطري - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : الرحامنة: القبيلة بين المخزن و الزاوية.


المؤلف : د. عبد الرحيم العطري.


الناشر : دفاتر العلوم الإنسانية - الرباط.


الطبعة : الرابعة - 2013.


عدد الصفحات : 136.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


 



مقتطف من الكتاب :


"زاوية تمصلوحت:


في استدعاء انتفاضة الرحامنة لسنة 1895، يظهر كيف أن الزاوية لم تكن بمعزل عن الحركية السياسية للقبيلة، فعلى طول اشتغال هذه الانتفاضة تظهر ثلاثية "القبيلة، الزاوية المخزن" کعناصر مركزية في تدبير الصراع، منذ بدايته وإلى منتهاه مع لجوء متزعم الانتفاضة إلى ضريح سيدي علي بن إبراهيم بتادلة.


فقبل اللجوء إلى آلية تفريق القبائل التي انضوت تحت لواء القائد مبارك بن الطاهر بن سليمان، اعتمد المخزن على وساطة زاوية تمصلوحت التي كانت حينها تمارس نفوذا روحيا على الحوز المراكشي، فقد تمكن الشريف المصلوحي الذي سيصير بعدا من "المحميين" البريطانيين، من الاجتماع بوفد من أبرز رجال الزوايا ومن بعض أعيان مراكش ومحتسبها، وذلك بتنسيق مع القائد ويدا للتوجه عند الرحامنة والقبائل المؤازرة لها، تمهيدا لعقد الصلح معها.


و لأن الزاوية تمتلك رساميل الشرف والبركة والصلاح والعلم، فإن تدخلاتها تلقى في الغالب القبول من القبائل، فالشريف الحائز على الشرف والبركة لا يمكن رفع اللاءات في وجهه، خصوصا إذا استثمر هذا الشريف آلية العار الذي لا يمكن رده، فالعار"ثقل أو حمل معنوي يرمى به على الفرد أو الجماعة، ولا يمكن التخلص من ذلك الحمل أو الثقل إلا بالاستجابة للطلب المرافق للعار فعندما يتقدم الشريف إلى القبيلة حاملا معه "لعلام" و"الكساء" الموضوع على قبر الجد المؤسس، فإن ذلك يعني ري العار، الذي يتطلب الاستجابة، وإلا ستكون عاقبة الرفض كارثية بالنسبة للجميع، فثمة اعتقاد راسخ لدى الرحامنة وغيرهم أن هناك انتقاما أو عقابا غيبيا يلحق بأولئك الذين لا يستجيبون بكيفية مرضية للطلبات التي ترفق بالعار".


لكن تدخل الزاوية المصلوحية في "قضية" الرحامنة لم يكن بهدف الوساطة المجردة من كل بعد مصالحي، فالتوتر الذي كان يعرفه الحوز آنئذ بسبب تمرد الرحامنة، يهدد في الأصل مصالح كبير الزاوية المصلوحية، ومصالح صديقه وصهره الغنجاوي، فقد كانا معا يتوفران على أراض خصبة بالحوز و معاملات تجارية مهمة في هذا المجال، وبالطبع فكل توتر بهذا المجال، لا بد وأن ينعكس سلبا على مصالحهما، لهذا كانت هذه الوساطة.


لكن هل تدخل الشريف المصلوحي في فتنة ،الرحامنة، كان بإيعاز من المخزن المركزي؟ أو من المفوضية البريطانية؟ أم هو بكل بساطة من أجل حماية مصالحه ومصالح صهره؟


يشير خالد بن الصغير إلى أن المصلوحي طلب فعلا مشورة ساتو البريطاني بطنجة، مجيبا إياه بأن أخبار فتنة حوز ،مراكش، وخاصة في الرحامنة وصلت إلى طنجة، ومفادها أن قبائل الرحامنة والسراغنة وغيرها تنوي التخلص من قوادها المخزنيين، نظرا لما مارسوه عليها من تسلط وابتزاز.


وحذر ساتو المصلوحي من عواقب استمرار هذه الفتنة، ليس على حوز مراكش وما إليه من الأراضي الممتدة جنوبا فحسب، بل على مصير المغرب قاطبة، فطلب منه استعمال نفوذه في المنطقة للمساهمة في إخماد الفتنة المشتعلة وإخضاع القبائل المتمردة لنفوذ السلطان الجديد.


كما أن السلطان مولاي عبد العزيز دخل بدوره على الخط آمرا الشريف المصلوحي، على عادة أسلافه، بأن يوظف نفوذه الروحي، ويحاول تحقيق صلح بين قبيلة الرحامنة وقبائل السراغنة ومسفيوة المؤازرة لها، لاستتباب الأمن في المنطقة وتمكينه من الدخول إلى مراكش في أمن وسلام.


و بذلك فقد استجاب الشريف المصلوحي للتوجيه البريطاني والأمر المخزني معا، ودونما تناس بالطبع لاعتبارات مصالحه، فحاول أن يجمع وفدا من أبرز رجال الزوايا ومن بعض أعيان مراكش ومحتسبها، وذلك بتنسيق مع القائد وبدا للتوجه عند الرحامنة والقبائل المؤازرة لها تمهيدا لعقد الصلح.


لهذا لم يكن الشريف المصلوحي ليفشل في مهمة الوساطة، بالرغم من كل العراقيل التي وضعت أمامه بمراكش، فقد توجه بمفرده إلى الرحامنة، ليعود ومعه عدد من أعيان القبيلة إلى مراكش، فقد ذهب المصلوحي لوحده عند الرحامنة، وعاد إلى مراكش ومعه خمس وستون نفرا من أبرز رجال القبيلة، ثم سلمهم رسالة توصية إلى السلطان في فاس طلبوا فيها الأمان على أنفسهم وذويهم.


لقد استبشر خليفة السلطان مولاي العباس والقائد ويدا بهذه النتيجة، فاتجه أعيان الرحامنة في طريقهم إلى فاس إلا أن مبعوثين سريين سخرهم عامل مراكش بن داوود، تمكنوا من تخويفهم ومن زرع الشك بين ظهرانيهم، حين ذكروا لهم أن المخزن يستعمل وساطة المصلوحي للإيقاع بالرحامنة وتسميمهم فور وصولهم إلى فاس، وترتب عن هذا رجوع وفد الرحامنة إلى قبيلتهم " ليستمر التمرد ويفشل الشريف المصلوحي في مسعاه.


لكن أعيان الرحامنة فطنوا إلى أنهم كانوا ضحية مؤامرة من صنع بن داوود، لهذا فقد توجهوا من جديد إلى فاس، وعادوا منها إلى مراكش يحملون معهم رسائل سلطانية تؤكد أن مولاي عبد العزيز يصفح عنهم ويسمح لهم بأن يختارو بأنفسهم قوادا صغارا لتدبير شؤون منطقتهم. وحين علم بن داوود بعودتهم، أمر بأن يغلق أحد أبواب المدينة في وجوههم، فاضطروا إلى استعمال باب آخر للدخول منه على خليفة السلطان مولاي العباس الذي كان مجتمعا مع المصلوحي ومولاي عبد الملك عم السلطان ومع القائدين السوسي وويدا وعرض وفد الرحامنة الرسائل التي حملوها معهم من فاس على الخليفة السلطاني، إلا أن بن داوود رفض بلهجة شديدة أن يأخدها بعين الاعتبار، فأعلن عزمه على رفض المصالحة والاستمرار في مقاتلة الرحامنة بصفتهم لصوصا وقطاع طرق.


و أمام هذا الوضع الجديد لم يكن أمام الرحامنة سوى الرفع من إيقاع تمردهم وطلب الدعم من باقي القبائل الأخرى، اقتناعا منهم بعدم وجود جهاز مخزني يمكن الاطمئنان إليه والاعتماد عليه، لتشتد حدة التوتر بالحوز، وهو ما جعل الشريف المصلوحي يتدخل مرة أخرى ويكاتب السلطان محملا بن دواوود مسؤولية ما يقع بالرحامنة والحوز عموما، لكن رسالة المصلوحي هاته ما كان لها أن تؤثر في السلطان، ما دام قريب بن داوود، أي الصدر الأعظم باحماد، هو "السلطان الفعلي".


و بالطبع فإن بن داوود لما توصل بفحوى الرسالة التي كتبها المصلوحي عنه، لم يجد بدا من إعلان الحرب عليه بمساعدة قبائل أولاد بوسبع وأيت يمور، حيث هوجم يوم الثامن من ماي 1895 بمقر إقامته التي تعرضت للنهب والتخريب. مما اضطره إلى الفرار إلى الصويرة ومنها إلى طنجة، لرفع تظلمه لدى المفوضية البريطانية باعتباره من محمييها. لكن عامل مراكش بن داوود لم يكتف بمهاجمة المصلوحي ،وحده، وإنما وجدها فرصة سانحة للانتقام أيضا من صهره الغنجاوي، الذي يعد أيضا من كبار محمي بريطانيا.


و في ظل الاتهامات التي تبودلت بين الصدر الأعظم باحماد وبن داوود من جهة والمصلوحي والغنجاوي من جهة ثانية، والتي بلغ صداها إلى بريطانيا، كانت الرحامنة الأكثر حضورا في المراسلات، فباحماد يتهم المصلوحي والغنجاوي بأنهما دعما تمرد الرحامنة، وأنهما مسؤولان عن الفتنة التي يتزعمها القائد مبارك بن الطاهر بن سليمان، فيما يردان بأن مهمتهما تنحصر في الوساطة لا غير.


و عموما فالرحامنة وجدوا في الزاوية المصلوحية السند الروحي القوي، الذي يمكن الاعتماد عليه في مواجهة المخزن، بل إنهم كانوا خلال هذا التمرد يترددون على زاوية المصلوحي ويودعون مواشيهم وممتلكاتهم أمانة لديها، وحتى في اللحظة التي تمكن فيها المخزن العزيزي من إنهاء انتفاضة بن الطاهر، وفرض غرامات قاسية عليهم، فإن الفارين منهم لم يجدوا غير عزائب المصلوحي والغنجاوي ملاذا للاحتماء بها، خصوصا وأن الغنجاوي وجه رسالة إلى المخزن "تتضمن لائحة طويلة بأراضيه وعزائبه في المنطقة، ريحذر فيها من مغبة مسها أو مس اللاجئين إليها بسوء.



و بما أن الغنجاوي كان من أكبر محمي بريطانيا فإن الصدر الأعظم باحماد سيطلب من الجهات البريطانية أن تأمره بأن يسلم اللاجئين من الرحامنة إلى المخزن، والذي قدرهم باحماد بأنهم يشكلون ثلث مجموع أفراد القبيلة، وأن من بينهم بعض أراذل القبيلة وأجلافها" حسب تعبيره. إلا أن خالد بن الصغير يعترف بأن الوثائق لم تسعف في معرفة كيف توصل الطرفان إلى حل قضية اللاجئين من قبيلة الرحامنة إلى أراضي الغنجاوي.


و مهما يكن من أمر فإن المخزن حينها كان قد تمكن فعلا من إنهاء تمرد الرحامنة، وأثقل كاهلهم بالغرامات وساقهم نحو سجون مراكش والصويرة "مسلسلين في الأعناق"، وبدا واضحا لكثير من آل الرحامنة أن الزاوية المصلوحية يمكن التعويل عليها فعلا، ولهذا لم يكن مستغربا أن نكتشف خلال التحري الميداني أن عددا مهما من المبحوثين يصرون على زيارة زاوية تامصلوحت من حين لآخر."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب