لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الذاكرة والتاريخ pdf تأليف د. إبراهيم بوطالب

مقالة "الذاكرة والتاريخ" تأليف د. إبراهيم بوطالب - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن المقالة :


العنوان : الذاكرة والتاريخ.


تأليف : د. إبراهيم بوطالب.


المصدر : البحث التاريخي.


عدد الصفحات : 22.


حجم الملف : 0.5 ميجا بايت.


صيغة المقالة : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من المقالة :


"الذاكرة


نعتمد في التعريف بالذاكرة على ما ذهب إليه بيركسون في كتابه المادة والذاكرة مكتفين بالنتائج، متغافلين عن دقائق التحليل السكولوجي الذي لا حاجة لنا بها. وننطلق مع الفيلسوف من أن المعرفة تتم بالإدراك الحسي perception الذي هو عنده إحساس وانفعال، ذلك بأن:" الإدراك الحسي في مجمله، على ما قال لا يحصل أصلا إلا من توقان الجسم إلى الحركة ". ويقول أيضا : " لا سبيل إلى الإدراك الحسي بدون انفعال". ولذلك ففي رأيه: "إن الإدراك الحسي الواعي معناه الاختيار، والضمير هو قبل كل شيء تمييز عملي". بيد أن الإدراك الحسي لا يتصور مجردا مما هو مشبع به لزوما من الذكريات. قال بيركسون "لا وجود لإدراك حسي غير مشوب بالذكريات ". وإذن ليست الذكريات إلا مجموعة من الإدراكات الحسية المختزنة. يقول بيركسون: "إذا وقفنا على الذاكرة ، وهي بقايا من مشاهد سابقة، فإن هذه المشاهد تختلط باستمرار بما ندركه حسا من الحاضر، وبوسعها أن تحل محلها. ثم يقول ما لم يفتأ يردده في كتابه بأن: "الإدراك الحسي ليس في نهاية الأمر سوى مناسبة للتذكر ". وليست الذاكرة إلا وظيفة من وظائف النفس أو الفكر.


لكن الذاكرة ذاكرتان واحدة تتصور وأخرى تكرر القول. فأما التي تكرر القول، فهي التي تمكننا من ترداد ما نحفظه من أبيات الشعر مثلا، أو ما يمكن الحيوان من معرفة ولي نعمته، وهي أقرب إلى العادة المكتسبة منها إلى شيء آخر، ولا يعنينا شيء منها هاهنا. أما الذاكرة المتصورة ، فهي مبنية على التلقائية، وتبدي من النزق في التجلي، حسبما قال بيركسون، مثلما تبدي من الإخلاص في الحفظ. ولذلك فإن الذكريات الذاتية: "مبنية على التشرد بالأساس، فلا تتبلور إلا بالصدفة إما لأن موقفا عرضيا مضبوطا من مواقفنا الذاتية يجتذبها، وإما لأن انعدام الانضباط في مواقفنا الذاتية يتيح أمامها فرصة التجلي بحسب نزقها. فهناك تفاعل بين الإدراك الحسي والتذكار ، يقول عنه بيركسون: "فمن جهة حقا لا ينحد الإدراك الحسي تمام الحد ولا يتميز إلا بالتحامه مع صورة تذكار نرميه بها. ولا سبيل إلى الانتباه دون ذلك، وبدون انتباه، فليس ثمة إلا سلسلة من الأحاسيس السلبية المبنية على الانفعال الآلي. لكن من جهة أخرى [...] من شأن الصورة التذكار، كلما وقفت عند مجرد الذكرى الخالصة، أن تكون غير ذات جدوى ذلك بأن هذه الذكرى لا يمكن أن تستحضر إلا من خلال ما يجتذبها من الإدراك الحسي فكأنها من عجزها لا تستمد الحياة والقوة إلا من الإحساس الآني الذي يمكن من بلورتها. وهل التفاعل بين الإدراك الحسي والتذكار إلا تفاعل بين الماضي والحاضر، علما بأن ما بينهما أكثر من فارق في الدرجة. قال بيركسون: "هناك بين الماضي والحاضر أكثر من فارق في الدرجة. فحاضرنا هو ما يعنينا وما فيه إحياؤنا، وهو بعبارة أخرى ما يحملنا على العمل، بينما ماضينا مطوي أصلا على العجز. ولكن ما معنى الحاضر عند بيركسون؟ يقول: ما معنى اللحظة الحاضرة بالنسبة إلينا؟ إن الزمان من طبيعته يجري وما جرى من الزمان هو الماضي. ونطلق لفظ الحاضر على اللحظة التي يجري فيها، علما بأن هذه اللحظة ليست لحظة ماطيماثيقية، وبأن هناك ولا شك حاضرا مثاليا، مدركا في الجوهر، محصورا منفردا يفصل بين الماضي والحاضر. لكن الحاضر الواقعي الملموس المعيش، والحاضر الذي نعنيه عندما نتكلم عن إدراكنا الحسي الحاضر، حاضر له بالضرورة شيء من الامتداد الزمني وأين توجد هذه الديمومة؟" الجواب فيما يلي حسب بيركسون من البديهي أنها تمتد إلى ما قبل وإلى ما بعد في آن واحد، وأن ما نسميه حاضرنا يتطاول في آن واحد على ماضينا وعلى حاضرنا [...] ولا بد إذن للحالة السيكولوجية التي نسميها حاضرنا من أن تكون في آن واحد إدراكا حسيا للماضي القريب وكشفا عن المستقبل القريب بيد أن الماضي القريب، إحساس، بصفة كونه مدركا حسيا، لأن كل إحساس إنما هو متوالية طويلة من الذبذبات البسيطة. كما أن المستقبل القريب عبارة عن فعل أو حركة، بصفة كونه منكشفا فحاضرنا إذن إحساس وحركة [...] حاضرنا إحساس محرك ". والمعضلة هي أننا: "عندما نتصور الحاضر على أنه سيكون، فإنه لم يكن بعد. وعندما نتصوره كائنا حالا، فإنه يكون قد تحول ماضيا ". ذلك بأن الحاضر لا وجود له بصفة الحاضر، وإنما يوجد على سبيل الاستحضار . قال بيركسون: "مادة الحاضر في مجملها ماض قريب. ذلك بأن الجزء من الثانية التي يمتد فيه ما يتأتى لنا من إدراكه حسيا من الضياء، ما هو إلا عبارة عن ملايير الملايير من الذبذبات يفصل الأولى عن الأخيرة فاصل شديد التجزؤ. ومهما كان من فورية إدراكنا الحسي فإنه مركب من عدد لا يحصى من عناصر التذكر، بحيث ليس الإدراك الحسي في الحقيقة سوى ذاكرة. والحالة هذه، فإننا لا ندرك حسيا إلا الماضي، لأن الحاضر الخالص، إنما هو زحف الماضي في خفاء للنيل من المستقبل ". ويتساءل الفيلسوف في هذا المقطع أيضا قائلا: " و الذي يدعو إلى التساؤل هو معرفة ما إذا كان الماضي لم يبق له وجود أم أنه فقط لم يبق له فائدة". ثم يضيف قائلا: " نقول عن الحاضر إنه ما هو كائن، بينما الحاضر إنما هو ما نفعل فقط". وإذا كانت الذاكرة من جنس المدركات الحسية، فهي من الأمور الطبيعية ومن المحسوسات ومن الذاتيات ومما نريده من الجزئيات المفردات التي ترمي إلى أغراض وأفعال أنانية. إنها مما نستحضره لحاجة في أنفسنا . وهي إذن أقرب إلى الرواية منها إلى الدراية، وأشد انتسابا لما يسمى واقعة منها إلى ما يسمى في التاريخ عاملا وأنصع دليل على ذلك قصة الفرنسي مارسيل بروست Marcel Proust بعنوان" النفوذ إلى الزمن المفقود. إنها قصة ممددة ممططة يستحضر فيها الكاتب ماضيه بالانفعال مع ما تستثيره في ذهنه المدركات الحسية الحاضرة، فيتجرع مثلا جرعة من الشاي مصحوبة بقطعة من الكعك، فيغمره نوع من الوحي يبدي في ذهنه مشاهد مفصلة من الماضي، فيسود بها الصفحات."


رابط التحميل


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب